IMLebanon

سليمان يُغادر دون ترميم علاقته مع حزب الله بين 8 آذار والرئيس «لم تَعُدْ تجدي المحاولات»

 

يبدو رئيس الجمهورية الذي يحزم حقائبه بعد ايام لمغادرة قصر بعبدا في مرحلة من الهدوء التام وإجازة عن إطلاق المواقف باستثناء تلك التي تصب في خانة الاستحقاق الرئاسي والتي تحذر من الفراغ القادم على الموقع الأول للموارنة في الجمهورية اللبنانية والتي تحمل بشكل او بآخر فريق 8 آذار مسؤولية دخول البلاد في الفراغ بتعطيل النصاب خصوصاً ان رئيس الجمهورية يرى ضمناً وفي قرارة نفسه ان هذا الفريق هو الذي عطل التمديد له ومن هنا اندلعت الإشكاليات بينه وبين اركان واطراف اساسيين فيه على خلفية الملف السوري وسلاح حزب الله ومشاركته في الحرب السورية.

فالواضح ان رئيس الجمهورية بحسب مصادر مقربة من بعبدا والذي يترك بعبدا بعد اقل من اسبوعين ليس راغباً في افتعال المزيد من الخلافات وفي فتح النار على اي فريق، هو يعتبر انه «أدى قسطه للعلى» وعبر عما يفترض من موقعه كرئيس للجمهورية وحريص على امن ومستقبل البلاد ان يقوله، فلم يتردد من تأنيب حزب الله عندما شعر ان مشاركته في الحرب السورية أتت بالتفجيرات الى العمق اللبناني، واعتبر ذات يوم ان لا ضرورة لأي سلاح في حضور سلاح الدولة الأمر الذي سبب بالافتراق ونشوب حالة خلافية مع المقاومة، كما ان الرئيس كان قطع في وقت سابق خلافه مع حزب الله اي صلات له بالنظام السوري، عندما «المح الى ضرورة قيام النظام السوري بتوضيح ما جرى في قضية ميشال سماحة وعملية نقل المتفجرات من سوريا الى الداخل اللبناني»، وهو بقي على هذه الحال ينتظر اتصالاً لم يحصل ابداً من الرئيس السوري حتى تاريخه. وعليه فان رئيس الجمهورية لم يسع كما تقول المصادر الى ترميم او تجميل علاقته بفريق 8 آذار وتحديداً بالمقاومة او بالنظام السوري لعدة اسباب، فهذا الفريق عمل على إقصاء الرئيس وخاض حرباً في الكواليس ضد تمديد الولاية السليمانية، كما ان رئيس الجمهورية يرى اليوم بان لا حاجة لإصلاح الوضع مع هذا الفريق الذي لا يقدم او يؤخر في الاستحقاق الرئاسي، ولعل الرئيس يفضل ان يغادر وهو اقرب في المسافة الى فريق 14 آذار برصيد مسيحي من قبل الفريق الرافض لسلاح حزب الله ولانخراطه في الحرب السورية والساعي الى فصل الملف السوري عن اللبناني.

ولعل ما يفكر به رئيس الجمهورية تقول مصادر في 8 آذار ينطبق ايضاً ويصح على تفكير ونظرة حزب الله الذي تلقى الكثير من اللكمات على الوجه من رئيس الجمهورية بدون ان يستسلم، سواء ما صدر عن الرئاسة من كلام حول الخطاب الخشبي للمقاومة في حشرة الخلاف حول البيان الوزاري، او ما قيل ان لبنان يحكم من بعبدا وليس من حارة حريك، او ما ورد من انتقاد لتدخل الحزب في الحرب السورية. ومن وجهة نظر الحزب ، لم يعد ثمة حاجة لتحسين تلك العلاقة مع دخول البلاد العد العكسي في المهلة الدستورية لاستحقاق رئاسة الجمهورية ومع ادراك كل من الفريقين استحالة ترميم الجسور التي هدمها رئيس الجمهورية فوق رأس المقاومة، وفي ظل ما صار معروفاً حول الفيتو على ترشيح ميشال سليمان.

وبحسب المصادر نفسها فان حزب الله حاول دائماً تفادي الخلافات مع الرئاسة الاولى، وحاول الا يستعدي رئيس الجمهورية وان يحافظ على ماء الوجه معه حتى في احلك الظروف عبر الجلسات الكثيرة والخاصة التي كانت تحصل بين رئيس كتلة الوفاء للمقاومة ورئيس الجمهورية في محاولة لإزالة كل التباينات والخلافات السابقة، حتى الأشهر الأخيرة من الولاية التي جعلت الامور تصل الى لحظة الاحتضار السياسي بينهما، لكن المعلومات التي تحدثت عن لا حظوظ للتمديد وبان الفراغ يطل برأسه وبان ثمة فريق لبناني يقف ضد التمديد للرئيس سببت كما تقول الاوساط الفتور المعروف بينهما.

المؤكد ليست مسألة التمديد لرئاسة الجمهورية هي وحدها اسباب توتير العلاقة بين بعبدا وحزب الله في المرحلة الاخيرة من الولاية الرئاسية، فالرئيس سليمان تقول مصادر في 14 آذار اختار في نهاية ولايته ان يسلف من يعنيهم الأمر في الوسط المسيحي ولدى فريق 14 آذار مواقف «شجاعة» للرئاسة المسيحية ضد سلاح الحزب ومشاركته في الحرب السورية، بعدما وصلته اشارات ان التمديد لم يعد يصلح للمرحلة المقبلة، وبعدما بلغ بعبدا ان مرشح حزب الله سيكون رئيس تكتل الاصلاح والتغيير، خصوصاً وان الاخير أنجز الكثير من الخطوات وقطع الخطوط الحمراء التي كانت قائمة مع المستقبل وبات اسمه بعد تشكيل الحكومة لماعاً وبراقاً ومقبولاً من كل القوى المتخاصمة.

وإذا كان ما يقال في الكواليس أكثر مما هو معلن فالواضح ان رئيس الجمهورية كما تقول المصادر لم يعد لديه ما يخسره، فهو يدرك تماماً ان فرص بقائه في بعبدا صارت معدودة، وهو لذلك قرر ان يترك الكرسي مسجلاً «سكور» مسيحي في المواقف ضد حزب الله.

العتب لدى فريق 8 آذار يبدو واضحاً في تناقضات السلوك الرئاسي في الآونة الأخيرة، هو تناقض يظهر في الخط السياسي الجديد لسيد بعبدا وفي رؤيته ومقاربته لبعض المسائل الاستراتيجية والحساسة. فليس المطلوب ان يدافع رئيس الجمهورية ربما عن سلاح حزب الله، لكن من الأجدر لو بقي رئيس الجمهورية محيداً نفسه عن الصراع السياسي، فكان يمكن انتقاد التأخير او الخلاف الحاصل في شأن البيان الوزاري بدون العودة الى «اللغة الخشبية» وكان من الأفضل لو تأت الرئاسة الأولى في مرحلة عن انتفاد مشاركة حزب الله في القتال السوري من على المنابر وفي المحافل الدولية ايضا وفي مناطق معروفة الانتماءات والولاءات الخارجية.

في تقدير منتقدي الرئاسة، الكلام يتناغم مع ما يحصل في الساحة الداخلية من استعداد للانتخابات الرئاسية فالكلام الموجه ضد حزب الله يدغدغ مشاعر فئة واسعة من المسيحيين ويرفع من حظوظه المسيحية، وهذا ما بدا واضحاً في حملة الاصطفاف السياسي المدافعة عن موقف ميشال سليمان بعد بيان حزب الله.

لكن هل تكون الحرب الكلامية حول البيان الوزاري هي آخر الكلام بين بعبدا والحارة، تؤكد المصادر ان حزب الله يعتمد سياسة النفس الطويلة مع الأفرقاء في الداخل نظراً لانشغالاته واهتماماته الكثيرة، لكن الأمور خرجت عن السيطرة مؤخراً خصوصاً بعدما تقصدت الرئاسة ايصال رسالة ما الى حارة حريك بدون الأخذ بعين الاعتبار بالنتائج، فالموقف الرئاسي هذه المرة بدون شك هو مكلف ومكلف جداً.