IMLebanon

طريق عون إلى بعبدا تمر في الرياض.. ولكن

الرابية تتعامل بواقعية مع «صلاحيات» الحريري

طريق عون إلى بعبدا تمر في الرياض.. ولكن

ليس خافيا ان الحوار بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري قد استهلك على مدى شهور الكثير من «الوقود السياسي»، من دون ان يحقق النتائج المتوخاة منه، أقله رئاسيا.

كان واضحا ان هامش التحرك المتاح امام زعيم «المستقبل» يسمح له بلقاء عون او من يمثله، والخوض في «رياضة ذهنية» تشمل كل الملفات الخلافية، وصولا الى التعاون حيث أمكن في مجلس الوزراء، أما القرار في ما خص مستقبل عون الرئاسي، فليس شأنا حريريا فقط.

وقد جاء خطاب الحريري الاخير ليكرّس الانطباع بان الرجل ليس قادرا على الالتزام بخيارات تفوق طاقته على التحمل، وهذا ما ألمح اليه عندما أكد انه عنصر مساعد وليس مقررا في الاستحقاق الرئاسي، وانه مستعد للموافقة على اي اسم يمكن ان يحظى بتوافق مسيحي.

وإذا كان بعض العونيين قد خاب أملهم في موقف الحريري واعتبروه ردا سلبيا على «الجنرال»، إلا ان هناك في «التيار الحر» من يتعاطى بواقعية، على قاعدة ان الحريري ليس «سوبرمان»، وبالتالي فان هامش حركته محدد، ولا يمكن انتظار تحولات جذرية في موقفه من انتخاب عون رئيسا، ما لم تسبق ذلك انعطافة في الموقف السعودي، «فالرجل يستطيع الجلوس مع عون، لكن ليس بمقدوره اتخاذ القرار بدعمه، من دون موافقة القيادة السعودية التي يبدو ان بعض رموزها لا يزال مقيما بين جدران العام 1989، حين واجه «الجنرال» اتفاق الطائف».

وإذا كانت قناة اتصال قد فتحت في السابق بين عون والسعودية عبر سفيرها في بيروت علي عواض عسيري، إلا انه يبدو ان العلاقة الثنائية لم تتطور كثيرا منذ ذلك الحين، في ظل شعور العونيين بوجود «حلقة مفقودة» في هذه العلاقة.

لا يخفي العارفون في «التيار» ان التواصل مع أولياء الامر الفعليين، في الرياض أمر معقد، يكاد يقارب حدود «اللغز»، باعتبار ان منظومة صناعة القرار في المملكة مغلقة الى حد ما، وسط اجتهادات متباينة في تعريف أدوار المحيطين بالملك، وحجم تأثيرهم.

وما يجعل فرص التفاعل أصعب بين الطرفين ان «التيار الحر» يرفض التقيد بـ«تقاليد» بعض اللبنانيين في التواصل مع السعودية، «إذ لسنا مستعدين للانتظار أياما في الرياض حتى نحصل على موعد للقاء مسؤول هناك.. فهذا ليس من طباعنا ولا نجيد فعله».

ومع ذلك، يعتبر الواقعيون العونيون ان استمرار الحوار مع الحريري ضروري، برغم انه أثبت لغاية اليوم عدم جدواه رئاسيا. بالنسبة اليهم، لا يمكن إنكار حقيقة ان رئيس «المستقبل» يمثل مكوّنا لبنانيا أساسيا، يجب الانفتاح عليه في إطار الشراكة الوطنية، وهذه واحدة من الثوابت الراسخة التي لا تتغير مهما تبدلت موازين القوى في لبنان او المنطقة.

وما يعزز هذه «البراغماتية البرتقالية»، شعور عون بأهمية ان تكون الطائفة السنية شريكة بل طليعية في مواجهة الارهاب وحالات التطرف المتمثلة في «داعش» وأخواتها، ذلك ان ما يقوله الحريري او المفتي مالك الشعار على سبيل المثال ضد هذه الظواهر، وما يفعله الوزير نهاد المشنوق او الوزير أشرف ريفي في مواجهتها، يبقيان أشد تأثيرا في الساحة السنية مما يمكن ان يصدر عن أي قيادي في «التيار الحر» أو «8 آذار».

وإذا كان عون يحاول إبقاء الجسور ممدودة بينه وبين الحريري، من دون إفراط في التوقعات، فهو يتمسك بالمقابل بان يتعاطى الآخرون معه على اساس المساواة في الاحجام والحقوق، من دون زيادة ولا نقصان.

هنا، لا مجال للحلول الوسط في الرابية، فإما ان يكون المسيحيون فعلا «النصف الآخر» للبنان او لا.

ولئن كان التوجه الداعي الى مواصلة سياسة الانفتاح على الحريري يظل الراجح في الرابية، حتى إشعار آخر، إلا ان ذلك لا يمنع بروز أصوات داخل «التيار» باتت على قناعة بان هذا الحوار تحول الى مضيعة للوقت، مستشهدة بخطابه الاخير الذي يعكس محاولة الهروب الى الامام، من خلال التلطي خلف مقولة الاجماع المسيحي لتجنب اتخاذ قرار صريح بتأييد او رفض انتخاب «الجنرال»، في حين ان رئيس «المستقبل» يعلم جيدا بان هذا الاجماع مستحيل لان رئيس «القوات» لن يوافق على عون، حتى لو استمر الفراغ مئة عام.