IMLebanon

عبثاً.. بلا رئيس !

لم يسبق في تاريخ التجارب اللبنانية ان صاحب أزمة رئاسية او انتخابات رئاسية أفول دولي عن التدخل الخارجي الظاهري او المضمر او المقرر أولاً وأخيراً على غرار الأفول الحاصل في الازمة الراهنة، حتى لتكاد تأخذك كلبناني مفطور على التطبع التاريخي مع التدخلات الخارجية “نشوة” الشماتة بالطبقة السياسية المتروكة على غير هدى ومن دون بوصلة ولا خط بياني، فيما هي تتخبط خبط عشواء في الانتظارات على غير أفق زمني محدد. ولعله من باب تحصيل الحاصل الكف عن تلك الغنائيات الوجدانية والمبدئية التي لا مكان لها في واقع الطبقة السياسية الحالية برهان على اقتناص الفرصة الذهبية لاقتحام التجربة السيادية الاولى الخالصة بانتخاب رئيس عبر مبادرة لبنانية مئة في المئة، لأن الأشهر الثلاثة من عمر الأزمة اثبتت بما لا يقبل جدلا ان التصحر السياسي عندنا يفوق بجدبه لعنة التصحر الطبيعي.

يقودنا ذلك الى خلاصات لعلها تحمل، ولو من باب رهانات لا نجد أمامنا سواها كخيارات ممكنة، بعض التحفيز للقوى السياسية قاطبة على مراجعات حقيقية وعميقة آن الأوان لاثارتها كحصيلة لأشهر الأزمة حتى الساعة.

ثمة اولا انهيار غير مسبوق فعلا في الهالات السياسية تبدو معه صورة القوى السياسية والحزبية في ابشع ما آلت اليه طبقة من قبل. لا يفترض بأي فريق ان يعتد بقوته التمثيلية وسط تأكل أمسى الصفة الملازمة لسائر القوى بعدما انكشف مجلس النواب عن واقع عجز وفشل مصحوب بالتمديد المرجح تكراره قريباً. لا صورة اليوم في أذهان الناس والرأي العام الداخلي والخارجي سوى صورة البهتان الاصفر والاستهلاك المفرط للمصالح الخاصة وتوظيف الأزمات لتمديد السلطة والمنافع.

ثمة ثانياً انكشاف لعله الأقوى لخفة قاتلة في الاستهانة بالفراغ الرئاسي لولاها لما كان قصر بعبدا ينتظر سيده الجديد. لقد ثبت ان مظلة رئاسة الجمهورية اللبنانية هي المظلة الموصوفة الحصرية للبلاد والنظام اكثر من اي حقبة سابقة، وما انكشاف البلاد أمنياً وسياسياً واقتصادياً إلا الدليل القاطع على هذه الحقيقة المدوية. فأين المسيحيون تحديداً منها؟

ثمة ثالثاً ما يفوق الخطر على الكيان السياسي والدستوري للبنان ما دامت وسائل المواجهة مع موجات التطرف والإرهاب والتورطات في البراكين الاقليمية المتدحرجة لا تزال تحت الصفر السياسي. لن تجدي كل القدرات الامنية التي نصفق لها ونهلل وننحني إجلالا لشهداء القوى العسكرية والأمنية والاجهزة ما دام المستوى السياسي منعدماً ومشلولا ومعطلا. لن يكون مرجع قادراً على اطلاق الحوار الحقيقي والتفاهم التاريخي الذي ينقذ لبنان إلا رئيس الجمهورية اللبنانية، وعبثاً كل كلام آخر وملء وقت آخر بالسفسطة الجوفاء. وآخرها كما أولها عبثاً يراهن فريق على توظيف الفراغ من دون تحسس الخسائر الساحقة.