IMLebanon

عندما يدعو غبطته جعحع وعون الى التنحّي

سُجّل تطور نوعي في موقف بكركي. فالكلام البطريركي على الفراغ الرئاسي إتخذ منحى جديداً عندما جاهر صاحب الغبطة مار بشارة بطرس الراعي بما كانت تضمره مواقفه السابقة. قال: إن «فريق 14 آذار لا يريد رئيساً من فريق 8 آذار، وإن فريق 8 آذار لا يريد رئيساً من فريق 14 آذار، فيجب الذهاب نحو إختيار رئيس من خارج الفريقين». طبعاً لم يفت نيافة الكاردينال بشارة الراعي أن يتحدث عن «المهم إنتخاب رئيس يكون على مستوى حاجات البلاد وتحدياتها الداخلية السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية».

الموقف البطريركي يعني الآتي:

أولاً – أن لا حظوظ لوصول العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع الى رئاسة الجمهورية، وانه بالتالي يفترض بالإثنين أن يعلنا معاً أو منفردين إنسحابهما من المعركة… ان يتنحيا!

وفي هذه النقطة قالت أوساط عليمة إنه لا يكتَفَى بأن يكون الجنرال عون لم يعلن ترشحه رسمياً بعد… فالكل يعرف أنه مرشح جدّي جداً وأن فريقه يدعمه دعماً كاملاً سواء أفي حزب الله أم في حركة أمل أم في  تيار المردة وسائر الأطراف الحليفة.

ولا يكتفى بأن يعلن الدكتور جعجع أنه مستعد للتنحّي بينما هو يخوض المعركة فعلياً وحلفاؤه يصرّون على أنه مرشح 14 آذار… وهو يتصدّر الشاشات يوم الجلسات التي لا يكتمل نصابها، ثم يدلي بتصريحات تنطلق من كونه مرشح 14 آذار للرئاسة لحمتها وسداها الهجوم على عون.

لا يكتفى بهذا ولا بذاك، في تقدير تلك الأوساط يجب أن يرتقي عون منبر التيار، وأن يرتقي جعجع منبر معراب ويعلن كل منهما بالفم المليان شيئاً من هذا القبيل: إنني أعلن انني لست مرشحاً لرئاسة الجمهورية…. وأشكر الذين دعموني حتى الآن (الخ…)

ثانياً – وفي تقدير بكركي (وهذا واضح جداً من كلام البطريرك الراعي في عظة امس الأحد) انه إذا كان متعذراً وصول عون وجعجع الى سدة الرئاسة فمن باب أولى أن يكون متعذراً وصول الشيخ أمين الجميل والنائب سليمان فرنجية. واستطراداً يتعذّر وصول أي شخص آخر من هذين الفريقين.

ثالثاً واستطراداً – البحث عن شخصية «حيادية» تتمتع بالصفات التي حددها غبطته «يكون على مستوى حاجات البلاد وتحدياتها الداخلية السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية».

وفي تقدير بكركي (بل في يقينها) أن هناك غير شخصية، بل شخصيات غير قليلة العدد، تتمتع بتلك المواصفات يمكن التوافق عليها.

هل تكون هذه الدعوة المباشرة الصريحة بمثابة صرخة في واد، على غرار سابقاتها؟

ربّما، فالرجلان الأساس في المعادلة، عون وجعجع، لا يرضيهما هذا الكلام. وهذا أضعف الإيمان. والقوى الفاعلة وراء الرجلين قد لا تكون (فعلاً) متمسكة بهما ولكن «أصول اللعبة» تقتضي وضعهما في الواجهة لحسابات عديدة.

وقد يكون متعذّراً القبول بأنّ البطريرك عندما يدعو النواب الى الإنعقاد في «مشهد جميل» لانتخاب رئيس للجمهورية يكون غبطته واثقاً من قدرتهم على الإجتماع حتى ولو أرادوا… فهل أن أحداً في لبنان وخارجه يجهل أنّ هذا الإستحقاق لن يتم إلاّ في حال حصول نقطة تقاطع دولية وإقليمية على إجرائه. وعندئذ لن يكون مهماً إسم المرشح… فالنواب سيهرولون الى الإنتخاب، لأن التعليمة تكون قد أصدرت!