IMLebanon

عندما يودع جنبلاط رئيس الجمهوريّة بحرارة .. ويُوجّه رسائل في اتجاهات عدّة مرحلة سليمان ووسطيّته أراحته والقلق يتسلّل الى المختارة

بكثير من المشاعر الجياشة والفضفاضة ودع الزعيم الدرزي رئيس الجمهورية قبل ان يغادر الاخير الى منزله في عمشيت وفي محطتين مميزتين من بلدة بريح الشوفية التي كرم فيها ميشال سليمان افضل تكريم، وفي القصر الجمهوري عندما رد له سليمان التحية مقلداً وليد بيك وسام الاستحقاق الوطني الذي يستحقه، فيما كان وليد جنبلاط غير مصدق ان الرئيس سيغادر وهو في الشهادة الجنبلاطية «من الذين حكموا في هذه الظروف الاستثنائية»، فالمشاعر التي فاضت فجأة من فم البيك تقول مصادرمتابعة لمواقف وتحركات جنبلاط ليست من الصدفة بل مخطط لها بعناية وذكاء جنبلاطيين، فجنبلاط الذي يلتقي مع فريق 14 آذار في تأييد المواقف الرئاسية وكل ما صدر عن ميشال سليمان الذي شهدت نهاية ولايته تباعداً فاقعاً في العلاقة مع حزب الله وفريق 8 آذار، فان الزعيم الدرزي وجد نفسه مضطراً لأن يعبر عن جزء من مكنونات صدره تجاه مرحلة سليمان، تلك المرحلة التي شهدت تناغماً غير مسبوق بين بعبدا والمختارة.

فالزعيم الدرزي تضيف المصادر لا «يعشق» سيد بعبدا المغادر للتو عن غير قصد، انما لأن الرئيس السابق للجمهورية كان في فترة حكمه أقرب الى وسطية وليد جنبلاط التي اطلقها الزعيم الدرزي، وجعلته «بيضة القبان» داخل المعادلة السياسية.

فالنائب وليد جنبلاط اراد ان يوجه من خلال اشاداته بميشال سليمان ومفادها انه يتمنى ان يأتي الرئيس الجديد على شاكلة ميشال سليمان وجوهره ومضمونه السياسي وعلى ليونته، وهو اراد ان يقول ان رئيساً يشبه ميشال عون غير مرحب به في القصر، او هو لا يرضيه، وكذلك رئيس يشبه سمير جعجع الذي لا يمكن ان تهضمه العقلية الباطنية للزعيم الدرزي.

فأسباب الكره الجنبلاطي لميشال عون بحسب المصادر نفسها تعود الى الحقبات السياسية الماضية والى المواجهة الصامتة والعلنية بين المختارة والرابية، والتي لم تنفع التفاهمات والاتصالات بين الجنبلاطيين والعونيين في إزالة التباساتها، ومؤخراً بدا التوجس الجنبلاطي في اعلى مرتباته بعدما لمست المختارة ان العلاقة بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» بدأت تتخذ اشكالاً ايجابية وغير متوقعة، وان الفريقين تمكنا فعلاً من انهاء حالة الخصومة السياسية الحادة مما يمكن ان ينعكس سلباً على القوى الوسطية وعلى مفعولها وتأثيراتها على الساحة، خصوصاً ان اي تقارب بين الرابية و«المستقبل» لا يمكن ان لا تكون حارة حريك على بينة منه او على اطلاع على جزء من مضامينه وعلى الخطوط العريضة له، فلا يمكن في الحسابات الجنبلاطية ان ينقلب ميشال عون بالكامل على تحالفه مع حزب الله وعلى تفاهم مار مخايل الذي اثبت جدارته وفعاليته، ولعل ما تردد على لسان بعض القوى التي تدور في فلك المستقبل حول اهمية العلاقة بين الرابية و«المستقبل» والزيارات المتكررة لنادر الحريري وغطاس خوري الى الرابية جعل وليد جنبلاط يعلن في نهاية العهد الرئاسي انه كان مرتاحاً لتموضعه الى جانب الرئاسة ضمن معادلة الوسطية التي جعلت جنبلاط اللاعب الأبرز على مسارح الآخرين وصاحب الكلمة الفصل في الكثير من المحطات الرئيسية.

ولكن الى اي مدى يمكن الأخذ بعين الاعتبار بما يريده ويسعى اليه زعيم المختارة او آخرون من القوى السياسية، وهل ان ما يقرره السياسيون في لبنان له دوره وتأثيره في الاستحقاق الرئاسي؟ بالطبع تقول المصادرلا يمكن الركون الى ما توصلت اليه التفاهمات السياسية والعلاقة بين المتخاصمين في السياسة للبناء عليها في تحديد مصير الرئاسة المقبلة، فما حصل في الموضوع الحكومي من تقارب بين الأخصام في السياسة الذين التقوا في تجربة ناجحة في الحكومة السلامية لا تنطبق بالضرورة على الاستحقاق الرئاسي المعطل الذي دخل الفراغ والتعطيل، فمصير الرئاسة له صلة بالتوازنات الدولية وبما يحصل على خط التقاهم الإيراني والسعودي.