IMLebanon

عيب

… ولا يرف لكم جفن، آلهة لامبالاة فريدة، ثقيلة بامتياز، وتحاولون الإيحاء إنكم أصحاب قرارات لا لبس فيها، ولكم حق رسم مصير وطن ومواطنين كما تشاؤون، وأنتم مثل كل من جاء قبلكم، من بدء خطوات لبنان الأولى بعد استقلال جعلتموه لعبة، طاقم يلي طاقماً سياسياً، بلا أفق، مذ اغتالت الدولة اللبنانية برأسيها المذهبيين، في نهاية الأربعينات، مواطناً لبنانياً لفت الى خطر المذهبية التي ستؤدي الى تفكك الأوطان العربية، كما يحدث اليوم تماماً، ونصح بفصل الدين عن الدولة كي تسلم المجتمعات: أنطون سعاده أعدمته الدولة اللبنانية ذات تموز، واستراح الفساد شاملاً كل الزوايا والأحزاب والتيارات الوطنية وغير الوطنية التي فككت لبنان وقطعت عنه ماء الحياة.

وكثر كلامكم عن لبنان ديموقراطي الجهل واللامبالاة والكذب، فيما أنتم تجهلون حتى تركيبة دستوره لمّا فضحت شاشات الإعلام مدى قصر نظركم وتحجر ضمائركم، وجهلكم أبعاد المسؤولية الملقاة على رؤوسكم، فتتصرفون كقصّار أيديهم تطال المسموح والممنوع، وها أنتم تنجزون اليوم تفكيك الجامعة اللبنانية، صرح المعرفة اللبناني الوحيد، حاشرين أهواءكم السياسية في اختيار أساتذتها وعمدائها وحتى تلاميذها، يا أصحاب الإنتفاخ الزائف الذي ما أدّى إلا الى تفكك المؤسسات.

أما أولئك الذين ينادون بمحاربة الإحتلال الصهيوني لأرضنا ولأرض فلسطين، ولا يهمهم إطلاقاً كما لا يهم غيرهم إحتلال مستأجرين قدامى لمنازل مواطنين لبنانيين، فيسعون جادّين كل مرة لقمع مطالب مالكين قدامى، أصحاب حق شرعي في بيوتهم، حق يحميه الدستور واعتدت عليه الدولة لعقود ظلم، فيمنعونهم من التصرف الحر التدريجي في أملاكهم مشرعين قوانين جائرة، مخالفة للدستور، ويحمّلون المالك ما على الدولة الفاشلة أن تحمل، متجاهلين الفارق بين الحق والباطل، جادّين في مسيرة “سلبطة” غوغائية، وما من يحاسب، حتى سارت الدولة على درب الإنحلال بلا “جميلة” إسرائيل، فلا فارق بين يهود الخارج ويهود الداخل فوق مساحات التنافس الإنتخابي وأمام المصالح المادية الخاصة.

ويذلوّن ويخدعون باستمرار المطالبين بتنفيذ بنود سلسلة الرتب والرواتب، فيقولون لهم هذا حقكم إنما الخزينة فارغة. هناك من ابتلع محتواها حتى بلغت ديون لبنان سبعين مليار دولار، فما من حراس لبلد اللبن والعسل، يحمونه من طمع مسؤولين أبدي، همهم إطالة زمن إقامتهم داخل ربوع يمدّون أيديهم الى حصاد غلالها، غلال شعب يكدّ في سبيل أجيال جديدة تبني الأوطان عادة، فيهجرّونها، ثم يطالبونها بعد زمن بالرجوع لانتخابهم وللإستثمار في الوطن لتظل أكياسهم عامرة. وينادون السائحين الى لبنان أُفرغ من قلبه، فقد أخذوه الى جفاف بلا ماء ولا كهرباء والى تلوّث أماكن وشواطىء. وقد يكون “داعش” على الأبواب، وما أدراك بأمن “داعشي”

يشبههم من حيث عشقهم لإذلال الشعب وللتسلط على حقوقه وللنوم في عسل كل باطل. يا عيب الشوم، فما رفّ لهم جفن بعد.