IMLebanon

فشل الراعي في جمع «الأربعة» فتح الباب على احتمالات جديدة لا انتخابات رئاسيّة قبل إنهاك المسيحيين لإجبارهم بأيّ تسوية

فشل الراعي في جمع «الأربعة» فتح الباب على احتمالات جديدة لا انتخابات رئاسيّة قبل إنهاك المسيحيين لإجبارهم بأيّ تسوية

صفقة 8 و14 آذار: الحكومة مُقابل المجلس أسقطت التحفّظات المسيحيّة

توحي المؤشرات المتجمعة بأن الانتخابات الرئاسية اللبنانية، اصبحت عمليا مجرّد معركة محسوبة النتائج في اطار الحرب الاقليمية المتعددة الساحات، رغم الاصرار المتكرر على لبنانية الاستحقاق، الذي لا يعدو كونه تقطيعا للوقت في انتظار السيناريو المرسوم في اللحظة المؤاتية. فالداخل تقول مصادر مواكبة للاستحقاق يتّجه نحو عناوين سياسيّة ودستوريّة ومطلبيّة توحي بتراجُع مرتبة انتخاب رئيس على جدول الاعمال، فيما الخارج مشغول بأولويّاته التي يبدو ان لا مكان فيها للملف اللبناني إلا من باب الحرص على الاستقرار سواء من زاويته الأمنية او لجهة ضمان انتظام عمل المؤسسات، في حين تبدي المصادر قلقها من امكان استخدام العنوان المطلبي توطئة لمشاريع سياسية تخدم جهات معينة في ملفات ساخنة، وسط توقعات بامكان حصول مفاجآت نوعية قبل موعد جلسة 10 حزيران، عبر اقدام احدى الشخصيات على اعلان ترشحها لقلب المعادلة الجامدة المتحكمة بالمشهد الانتخابي،مع اقرار الجميع بان شهر حزيران قد يكون مفصليا ،خصوصا ان عناصر الحث على خطوة مماثلة تتصاعد تدريجيا لا سيما على المستويات الامنية والاقتصادية اضافة الى الضغط المسيحي المتعاظم.

فمع انكفاء الاتصالات والمبادرات الاقليمية والدولية الجدية، المحصورة حاليا باحتمال ايفاد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند احد مستشاريه الى بيروت في مسعى لاخراج الاستحقاق من عنق الزجاجة، بات موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بحكم المؤجل حالياً على حد قول المصادر مع اقتناع معظم الكتل، ولو بشكل غير مباشر، بوجوب انتظار اشارات خارجية، وبضرورة تفعيل العمل الحكومي لسد ثغرات تعطيل مجلس النواب وشغور سدة الرئاسة، ما يستوجب استكمال البحث في الطريقة التي ستتبع والإجراءات القانونية للقرارات التي ستتخذها الحكومة في إطار عملها لتسيير شؤون البلاد، مع الأخذ بعين الاعتبار ان المهمة الاساسية لهذه الحكومة هي السعي لاجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت تفادياً لمزيد من الضغوط في هذه المرحلة الاستثنائية، في اطار حد ادنى من التوافق بين المكونات الوزارية من اجل تمرير المرحلة بأقل الخسائر الممكنة، بعيدا عن التوترات السياسية والامنية في ظل الملفات الضاغطة، وفي مقدمتها الملف الاجتماعي والمعيشي بشقيه اللبناني والسوري. رغم اقرار المعنيين بان تفاهما تم من تحت الطاولة، بين حزب الله وكتلة المستقبل، اسقط التحفظات المسيحية عند الفريقين، قضى بألا يطرح الفريق الأول موضوع الميثاقية في مجلس الوزراء، مقابل ألا يطرح الفريق الثاني مسألة حق مجلس النواب في التشريع.

فالتوجّس من المرحلة المقبلة التي تشي بتعقيدات بدأت طلائعها بحسب المصادر في تسليم الجميع بأن غياب الانفراج الايراني – الخليجي، والتعقيد الجدي مع تبلغ الرياض ممانعة طهران في التفاوض حيال الملف اللبناني، وسط تقديرات 8 آذار بانه لن يعود في امكان الرياض الا اسداء النصح لحلفائها في بيروت بالذهاب للتفاهم مع حزب الله لانهاء المأزق الرئاسي، في ظل ميل واضح،في نهاية المطاف، الى استعداد المسيحيين، المنهكين نتيجة معاركهم على موقع الرئاسة وتعذر توافقهم، للمشاركة في تسوية تنتج رئيساً جديداً بقوة التفاهم بين حزب الله وتيار المستقبل، دفع بالكاردينال الراعي، العائد من حجه الى الاراضي المقدسة على وقع الحملات التخوينية التي تطاله، الى اطلاق جولة مساع جديدة، سعيا لإحداث خرق في جدار الأزمة بدعم دولي، لجمع الاقطاب الموارنة الاربعة، قبيل جلسة الانتخاب المقبلة، بعد الانطباعات السلبية التي خرجت بها لجنة «الهيئات الثلاث»، وما رافقها من اخذ ورد، لافتة إلى أن العقبة الرئيسية التي تعترض انعقاد هذه القمة رفض رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الحضور إلا استناداً لأن يكون اللقاء للتباحث ببند واحد، وهو تحقيق توافق مسيحي على دعم وصوله لرئاسة الجمهورية.

وسط هذه الاجواء، توقعت مصادر كنسية ان يبادر البطريرك الماروني، الى تفعيل الحراك المسيحي على خطوط موازية، من خلال مجموعة خطوات يعتزم الاقدام عليها، واشارت الى مواقف مهمة ستصدر عن مجمع سينودوس الاساقفة الموارنة في بكركي على مدى خمسة ايام يتناول الاستحقاق الرئاسي وزيارة الاراضي المقدسة وقضايا وطنية عامة، على ان تسبقه الاثنين المقبل خلوة روحية تمتد خمسة ايام يشارك فيها مطارنة الانتشار عموما، ويتوقع ان يتم خلال الخلوة انتخاب مطران على بلدان اميركا اللاتينية والوسطى.

الى ذلك برزت المعلومات عن ان الحوار الجاري بين «الجنرال» و«الشيخ» انتقل من استحقاق الرئاسة الاولى الى ملف الانتخابات النيابية التي ذهب الاول الى حد التلويح باعتبارها اولوية، في محاولة للضغط باتجاه الاتفاق عليه كمرشح توافقي، وابداء بعض نوّاب التكتل رغبتهم الصريحة بحصول تمديد لمجلس النواب، تحت حجّة صعوبة إجراء الانتخابات النيابيّة فالمقربون من الرابية يؤكدون، رغم تأكيد الرابية ان عون لم يتبلغ حتى الساعة صعوبة الموافقة على انتخابه رئيساً، واعترافها بسوء تظهير حقيقة التواصل بين عون والحريري، حيث بدا للرأي العام ان العونيين يستجدون الرئاسة، وهذا غير صحيح إطلاقاً.

ويتبدى التباين الواضح في الموقفين الغربي والايراني تضيف المصادر في الهجمة الايرانية الدفاعية عن النظام السوري، خصوصا ان المعطيات المتوافرة تشير الى ان شهر حزيران الجاري مفصلي في تحديد توجه ازمات المنطقة وسط حركة دولية واقليمية ناشطة، قد يشكل اللقاء الذي يجمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو المرتقب الاحد في الفاتيكان للمشاركة في الصلاة من اجل السلام احد اوجهها الى جانب زيارة امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح الى طهران التي عاد منها بعد لقاءات شملت كبار المسؤولين في الجمهورية الاسلامية، ولقاءات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل. وفي هذا المجال اشارت مصادر في 14 آذار الى وجود مناورة ايرانية تهدف الى ابقاء الملف اللبناني مفتوحا على الازمات لاستخدامه حين تدعو الحاجة، معربة عن تخوفها من ان يبقى الافق الرئاسي مسدودا ما دامت ايران تحتاج الى ورقة لبنان، خصوصا ان هذا الاتجاه بدأ يترافق مع حملة مبرمجة لنقل الاهتمام من الملف الرئاسي الى التمديد للمجلس النيابي، فيما دول الغرب منكبة على معالجة الازمات الدولية وحرصها على استقرار الساحة اللبنانية راهنا لا اكثر، الى حين نضوج ظروف تفرغها لملف الرئاسة، بما يفسح المجال امام القوى المستفيدة من هذا الظرف لمزيد من المناورات والمزايدات السياسية.

تظهر المعطيات المتجمعة من حصيلة ما آلت اليه الامور لبنانيا، وجود عجز داخلي عن انجاز الانتخابات، في ضوء تمترس كل فريق سياسي خلف مواقفه ورفض رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون الانتقال الى المرحلة «ب» من الاستحقاق فارضا نفسه مرشحا توافقيا واعتبار فريق 8 اذار رئيس حزب القوات اللبنانية مرشح تحدي،فيما يوظف الخلاف المسيحي حول هوية الرئيس العتيد لمصالحها الذي تخدم جهات اقليمية.

هكذا اصبح الملفّ الرئاسي أسير لعبة انتظار مزدوجة لسلوك التقارب الايراني – السعودي، ولاقتناع الاطراف المحليين بان لا خروج من دوامة الفراغ الرئاسي الا بتسوية سريعة «على البارد» بأقل تكلفة مسيحية، وإما «على الحامي»، نتيجة إنهاك الأطراف الداخليين، مع تنامي الخشية من سعي بعض الاطراف في الداخل الى احداث تغييرات في معادلة الطائف القائمة على المناصفة، مع اتجاه الوضع الى مزيد من الاهتراء والاستنزاف لتأمين الارضية الصالحة للمطالبة بطرح هيئة تأسيسية جديدة على مستوى عام تمكن الطرف الساعي اليها من تحقيق غرضه القاضي بفرض نفسه سياسيا