IMLebanon

كيري في بيروت للقاء رئيسَي المجلس والحكومة والبطريرك: حرص رئاسي ودعم حكومي

كيري في بيروت للقاء رئيسَي المجلس والحكومة والبطريرك: حرص رئاسي ودعم حكومي

سلام يحضّ على حسم «الآلية»: للصبر حدود

بينما شارفت مسرحية الانتخابات الرئاسية السورية على إسدال ستارتها بعدما أدى كل من شارك فيها بدوره المرسوم والموصوم بدماء الشعب السوري، لا تزال الساحة اللبنانية تجهد لصد تداعيات الحرب التي يخوضها النظام السوري ضد شعبه، أمنياً، اقتصادياً واجتماعياً. فعلى مستوى ضبط ملف النزوح كان تأكيد من مجلس الأمن المركزي على أهمية قرار وزارة الداخلية باعتباره «خطوة أولى جدية» على طريق تنظيم ملف النزوح، في حين برزت على المستوى الاقتصادي المالي زيارة هي الأولى من نوعها منذ 14 عاماً لرئيس البنك الدولي إلى بيروت بغية تأكيد الحرص على مساعدة لبنان في تحمّل الأعباء المتراكمة على كاهله ربطاً بالأزمة السورية ضمن إطار آلية الصندوق الائتماني المخصص لدعم الدولة اللبنانية. أما حكومياً، فآلية إدارة مرحلة الشغور الرئاسي لا تزال تراوح بانتظار ولادة التوافق الوزاري حولها، الأمر الذي دفع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام إلى دق ناقوس «وضع الأمور في نصابها» بدءًا من الأسبوع المقبل إذا ما استمرت المراوحة الحاصلة على طاولة مجلس الوزراء، مع إبداء تصميمه وحرصه على التوافق في إدارة المرحلة إنما على قاعدة «للصبر حدود»، حسبما نقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» عن سلام خلال جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في السرايا الحكومية أمس.

كيري

وإلى بيروت، يصل اليوم وزير الخارجية الأميركية جون كيري في مهمة تؤكد «حرص واشنطن على انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت، بالتوازي مع إبداء دعمها لحكومة المصلحة الوطنية باعتبارها ضامنة للاستقرار اللبناني ريثما يصار إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد» وفق ما أوضحت مصادر ديبلوماسية لـ«المستقبل»، كاشفةً في هذا الإطار أنّ كيري يعتزم إجراء مباحثات في بيروت مع كل من رئيس الحكومة والبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي (ربما خارج بكركي) مع ترجيحها أن يلتقي كذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري للتعبير أمامهم عن مواقف الإدارة الأميركية حيال الإستحقاقات والمستجدات في لبنان والمنطقة، حيث تفيد المعلومات الديبلوماسية بأنّ كيري سيطلق من لبنان موقفاً واضحاً حيال الانتخابات الرئاسية السورية يكرر فيه اعتبار واشنطن أنّ هذه الانتخابات تشكل «وصمة عار» في ظل الإجرام الذي يرتكبه نظام الأسد بحق الشعب السوري.

كيلي

أممياً، أكدت ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان نينت كيلي لـ«المستقبل» إلتزام المفوضية «العمل مع الحكومة اللبنانية وضمان حصر صفة اللاجئين بالمدنيين الذين يواجهون خطر الاضطهاد أو العنف المعمّم»، مضيفةً: «نحن نتفهم قلق الحكومة وسعيها لضرورة حصر صفة اللاجئ بمن هم بحاجة إلى حماية دولية»، مع إشارتها في الوقت عينه إلى أنّ «عودة بعض اللاجئين السوريين إلى وطنهم لا تعني بالضرورة أنّ الشخص العائد لم يعد خائفاً أو مضطهداً أو لم يعد يواجه خطراً جدياً على حياته».

مجلس الوزراء

بالعودة إلى مجريات جلسة مجلس الوزراء أمس، فقد استهلها سلام بإطلاع أعضاء المجلس على مباشرة خلية النازحين عملها «بجدية تامة» واتخاذها «إجراءات ستظهر نتائجها قريباً» وسط عدم إبداء أي من وزراء قوى 8 آذار أي اعتراض على قرار نزع صفة النزوح عن السوريين الداخلين إلى بلدهم، كما أطلعهم على الاجتماع «الناجح» الذي عقده مع رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم الذي أبدى رغبةً «في دعم لبنان وتقديم المساعدة في شتى المجالات». ثم استؤنف البحث في «آلية تطبيق المجلس للمواد التي تحدد الصلاحيات التي منحها الدستور في المادة 62 للمجلس وكالةً عن رئيس الجمهورية»، وخلص النقاش إلى الاتفاق على معالجة هذا الموضوع في جلساته المقبلة «بروح المسؤولية الجماعية»، وفي هذا السياق، أوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ «النقاش الذي تخلل الجلسة لم يخرج عن دائرة الإيجابية وإن لم يصل إلى نتائجة المرجوة لناحية التوافق على آلية العمل في مجلس الوزراء، تصويتاً وتوقيعاً، على القرارات المتخذة في ظل مرحلة الشغور الرئاسي»، لافتةً إلى أنّ «المواقف التي سُجلت خلال الجلسة أظهرت حرصاً على إبقاء النفَس الإيجابي في مناقشة القضايا المطروحة غير أنّ الآراء لا تزال متضاربة لا سيما في ما يتعلق بكيفية ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً».

مداخلات

وفي إطار المداخلات ذات الصلة التي أدلى بها الوزراء، نقلت المصادر أنّ «الوزير محمد فنيش أبدى تمسكاً بأن يتم التوقيع على القرارات التي تتخذها الحكومة من قبل كل الوزراء، وعندما سئل عن مصير أي من القرارات في حال عدم توقيع وزير معيّن عليه، أكد فنيش إلزامية توقيع كل الوزراء على كل قرار يتخذه المجلس»، كما أشارت المصادر إلى أنّه في خضم المناقشات التي حصلت حول هذا الموضوع «ذكّر الوزير نبيل دو فريج بأنّ الدستور ينص على أنه يصبح نافذاً أي مرسوم إذا لم يوقعه رئيس الجمهورية خلال 15 يوماً من إحالته إليه، ما يعني أنّ عدم توقيع الوزراء في ظل الشغور الرئاسي لا يحول دون اعتبار المراسيم نافذة، مشدداً على وجوب احترام الدستور حتى ولو كان على المستوى الشخصي لا يوافق على مضمون هذه المادة».

إلى ذلك، كشفت المصادر الوزارية أنّ «وزير المالية على حسن خليل نبّه خلال الجلسة إلى إمكانية الوقوع في مشكلة كبرى في حال لم تدفع الدولة اللبنانية مبلغ 800 مليون دولار تسديداً لمستحقات الدين العام بحلول 2 تموز المقبل من خلال إصدار اليورو بوند، وسأل: إذا أقر مجلس النواب هذا الإصدار فمن سيوقع على القانون وكالةً عن رئيس الجمهورية في حال استمرار الاختلاف حول الآلية الواجب اعتمادها في هذا الإطار؟، محذراً من أنّ عدم الاتفاق على هذا الموضوع سيدفع لبنان لأول مرة في تاريخه إلى عدم الإيفاء بتعهداته الدولية ما يجعله ينضمّ إلى نادي باريس للدول الفاشلة بشكل يجعل العالم يفقد الثقة به ويحجم عن تقديم أي قروض له».

أما وزير الخارجية جبران باسيل، فأشارت المصادر إلى أنه «كرّر موقف تكتل «التغيير والإصلاح» لجهة عدم جواز أن تكمل السلطات عملها بشكل طبيعي في ظل غياب المكوّن المسيحي عنها، مطالباً باتخاذ كل القرارات بالتوافق في مجلس الوزراء»، بينما نقلت المصادر عن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس إشارته إلى أنّ «توقيع الوزراء على محاضر الجلسات يُعتبر موافقة من قبلهم على كل القرارات المتخذة في المحضر، داعياً في الوقت عينه إلى تحييد المسائل الخلافية عن جداول أعمال الحكومة في هذه المرحلة والاتفاق على إقرار المواضيع المتفق عليها».

وإذ تقاطعت معلومات وزارية عند الإشارة إلى كون وزراء قوى 8 آذار بدوا غير موافقين على طروحات باسيل الحكومية، وإن كانوا مستمرين في الوقوف إلى جانبه بوصفه ممثلاً لتكتل حليف لهم، مع ملاحظة أنّ وزراء جبهة «النضال الوطني» إلتزموا النأي بالنفس حيال النقاش الدائر خلال جلسة الأمس، أشارت المصادر الوزارية إلى أنّه «بعدما تبيّن أنّ النقاش بلغ مرحلة من المراوحة في المواقف، أخذ الرئيس سلام المبادرة وتوجّه إلى الوزراء بالقول: أنا أضع الجميع أمام مسؤولياتهم، يجب أن نحزم أمرنا ونحسم موضوع الآلية الواجب اعتمادها. الوضع الاقتصادي لا يحتمل ولا نستطيع الكذب على الناس»، ولفتت المصادر إلى أنّ «الوزير دو فريج طلب الكلام متوجهاً إلى سلام بالقول: كما قلت لك دولة الرئيس في آخر جلسة للبيان الوزاري إحسم الموضوع، أقول لك اليوم أيضاً إحسم أمرك في المواضيع المطروحة أمامنا»، فتابع سلام قائلاً: «أنا رجل توافقي، كنت كذلك قبل التأليف وخلاله وسأبقى توافقياً، لكن إذا لم نتفق على الآلية لإدارة المرحلة فسنكون مضطرين إلى أخذ القرار المناسب كالتصويت على عمل هذه الآلية وإلا فلنعلن فشلنا ونذهب الى مجلس النواب ويصبح البلد بلا رئيس للجمهورية وبلا حكومة»، منبهاً أنه «في حال لم نتفق ربما نضطر إلى اتخاذ قرار غير شعبي».

وبحسب المصادر الوزارية أنّ «عدداً من الوزراء فهم من كلام رئيس الحكومة أنه يضع سقفاً زمنياً لحسم نقاشات «الآلية» خلال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء التي لم يتحدد موعدها بعد بسبب سفر عدد من الوزراء المسيحيين، كالوزيرين سجعان قزي وباسيل الذي غادر بعد انتهاء جلسة الأمس إلى الصين للمشاركة في الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون العربي – الصيني.

دو فريج

ولاحقاً، أعرب الوزير دو فريج لـ«المستقبل» عن أسفه لكون «رئيس البنك الدولي الذي زار بيروت خلال الساعات الأخيرة بدا أكثر حرصاً على لبنان من بعض السياسيين اللبنانيين»، وقال: «بينما نحن عاجزين عن الاتفاق في الحكومة، أتى رئيس البنك الدولي ليقول لنا حددوا لنا احتياجاتكم كي نساعدكم»، مذكراً بأنّ «هناك 3 قوانين مساعدات من البنك الدولي عالقة في مجلس النواب منذ العام 2006 بحجة أنها صادرة عن حكومة «مبتورة» في حين أنّ البلد بات في وضع اقتصادي دقيق يقتضي السعي إلى الحصول على مثل هذه المساعدات الدولية وليس تعطيلها».