IMLebanon

لماذا فكر بري بالاستشارات النيابية ثم عدل عن اجرائها حالياً؟

لماذا فكر بري بالاستشارات النيابية ثم عدل عن اجرائها حالياً؟ الاستحقاق الرئاسي في ثلاجة الانتظار.. وقانون الانتخابات مغيّب

ما الذي جعل الرئيس نبيه بري يفكر في اجراء استشارات مع الكتل والنواب حول الاستحقاق الرئاسي والانتخابات النيابية؟ ولماذا تريّث او عدل عن هذه الخطوة في الوقت الحاضر؟

يعرف الجميع ان الرئيس بري حاول منذ ما قبل الوقوع في الشغور الرئاسي من خلال سلسلة مشاورات ولقاءات اجراها على هامش جلسات انتخاب الرئيس الجديد والجلسات التشريعية، ان يدفع باتجاه بلورة مقاربة ايجابية تؤدي الى حسم الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي تقول مصادر نيابية الدفع باتجاه المزيد من الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، خصوصاً ان تشكيل حكومة الوفاق الوطني خلق مناخاً إيجابياً كان يمكن ان يعوّل عليه من انجاز هذا الاستحقاق.

وبعد انتهاء ولاية الرئىس ميشال سليمان كثف رئيس المجلس جهوده على غير محور لا سيما على صعيد العمل لانتخاب الرئىس في اسرع فترة ممكنة، وكذلك على مستوى تعزيز العمل التشريعي بموازاة تفعيل عمل الحكومة لمواجهة ومعالجة كل الملفات المهمة.

والمعلوم ايضاً تقول المصادر ان الحوار الذي كان يدور بين العماد ميشال عون ورئىس «تيار المستقبل» سعد الحريري اخذ فترة لا بأس بها من دون التوصل الى نتيجة إيجابية، وبطبيعة الحال فان هذه المفاوضات ساهمت في تأخير انتخاب الرئىس كونها لم تنته الى توافق يحل لغز هذا الاستحقاق.

ورغم دعواته المتكررة لعقد جلسات انتخاب متتالية بقي الوضع على ما هو عليه، تضيف المصادر النيابية لا بل ان التطورات الخطيرة التي سجلت مؤخراً في العراق بعد «الاجتياح الداعشي» لمساحات واسعة من الاراضي العراقية ساهمت في اضافة تعقيدات خارجية في وجه انتخاب الرئىس، لا سيما انها عكست وتعكس الخلاف والتأزم في العلاقات الايرانية ـ السعودية، وما زاد الطين بلّة تقول المصادر توقف العمل التشريعي للمجلس بسبب مقاطعة 14 آذار تارة تحت شعار «عدم التشريع في ظل الشغور الرئاسي» وطورا تحت عنوان الاتفاق على سلسلة الرتب والرواتب مسبقا وقبل الذهاب مرة اخرى الى الهيئة العامة.

وبسبب الخلافات التي دارت حول آلية عمل مجلس الوزراء تجمد اداء الحكومة لفترة قبل التوصل الى الصيغة الاخيرة، التي يمكن القول بأنها تضع اطارا لهذا العمل بحيث تحولها الى حكومة تصريف أعمال.

ويقول مصدر نيابي مقرب من رئيس المجلس ان التحديات الامنية الخطيرة والفراغ السياسي القاتل دفعا الرئيس بري الى التفتيش عن اسلوب او عمل ما يمكن ان يؤدي الى حسم الاستحقاق الرئاسي، والافراج عن التشريع في المجلس لا سيما اننا مقبلون على الاستحقاق الانتخابي النيابي في الخريف، ويفترض ان نسارع الى درس واقرار قانون انتخابات جديد، هذا عدا عن الحاجة الى حسم ملفات حيوية اولها سلسلة الرتب والرواتب والموازنة.

ويضيف المصدر ان الرئيس بري استبعد فكرة عقد جولة جديدة من الحوار الوطني بسبب الاوضاع الامنية التي تحول دون حضور ومشاركة العديد من القيادات السياسية، لا بل رأى ان اجراء استشارات مع رؤساء الكتل النيابية والنواب يؤدي الغرض في جوجلة الافكار والاراء حول الاستحقاق الرئاسي، وكذلك حول قانون الانتخابات الذي كان موضع درس ونقاش مستفيض في مرحلة سابقة.

ولكي لا تكون الدعسة ناقصة عكف الرئيس بري في درس هذه الخطوة من خلال متابعة الاراء والمواقف وعملية جس نبض قام بها بعيدا عن الاضواء، لكن النتائج جاءت مخيبة للآمال الامر الذي جعله يتريث او يعدل عن هذه المبادرة.

وحسب المصدر النيابي المقرب فان الرئيس بري لمس ان المواقف من الاستحقاق الرئاسي هي هي، ولا سبيل الى فتح ثغرة في جدار الازمة بسبب الانقسام الحاد حول هذا الموضوع، وعدم بروز اية معطيات ايجابية على الصعيد الداخلي بعد فشل مفاوضات الحريري – عون، وكذلك على الصعيد الخارجي لا سيما في ضوء انهماك الجهات والدول المؤثرة في الحدث الابرز اي في ما يجري من احداث وتطورات خطيرة في العراق.

وكذلك بدا واضحا لرئيس المجلس ان الاسباب التي حالت في السابق دون اقرار قانون جديد للانتخابات ما زالت قائمة، على حد قول المصدر لا بل ان الاندفاع الذي كان سائدا عند البعض في السابق لم يظهر حتى الان على الرغم من قرب الاستحقاق الانتخابي.

وقد حاول الرئيس بري التنبيه الى ضيق الوقت فاشار امام زواره اكثر من مرة الى ان الوقت يضيق، مشددا على ضرورة الانصراف الى العمل من اجل اقرار قانون جديد للانتخابات قبل دعوة الهيئة الناخبة في النصف الثاني في اب المقبل، غير انه لم يلق او يلمس الاهتمام المطلوب، ما عزز اعتقاده بان هذه الاستشارات اذا ما جرت لن تؤدي الغرض المطلوب، اي الدفع باتجاه انتخاب الرئيس، واقرار قانون جديد للانتخابات.

وعدا عن ذلك يضيف المصدر النيابي ان الرئيس بري لم يجد لدى بعض الكتل الحماس اللازم والمطلوب لهذه الاستشارات والمشاورات، ما جعله يكرر امام زواره ان لا طائل في هذه الخطوة في ظل هذا الواقع السياسي والمواقف التي لا تدل على اي تغيير ايجابي في اتجاه حسم هذين الاستحقاقين.