IMLebanon

ليس دفاعا عن البطريرك

لمناسبة الحملة الشرسة التي يخوضونها ضد غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والتي يقودها «حزب الله» ويشارك فيها عملاؤه بشكل غير مسبوق، لا بد لنا أن نذكّر بالأسباب الحقيقية التي دفعت بسكان المناطق المتاخمة لفلسطين المحتلة (الشريط الحدودي) الى أحضان العدو الإسرائيلي والتي كانت بالطبع «مختلطة»، من مسيحيين وشيعة ودروز مع قلّة سنّية.

علينا هنا أن نعود الى التاريخ يوم نشأت منظمة التحرير الفلسطينية وأُعلن أنّ العمل الفدائي هو السبيل الوحيد للتحرير، وهنا نتحدّث تاريخياً..

فقد ازدادت الأزمة تعقيداً بعد حرب الأيام الستة باحتلال إسرائيل سيناء والجولان بعد غزة والضفة، يومها كان جمال عبدالناصر والملك حسين، وكان حافظ الأسد وزيراً للدفاع في سوريا.

ونذكر أنّه عقدت في العام 1968 «قمة الرباط» التي اعتبرت منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد، كما خصّصت القمة مليارين من الدولارات لمصر، ومليارين لسوريا وملياراً للمنظمة… واستثنت لبنان!

وفي العام 1969 عقدت «قمة القاهرة»… ولاحقاً أجبروا لبنان على توقيع «اتفاق القاهرة» الذي سمح بالعمل الفدائي في الجنوب إقامةً وانطلاقاً… وتحوّلت منطقة العرقوب الى «فتح لاند»…

ونصّ «اتفاق القاهرة» على أنّ حماية المخيّمات تعود لمنظمة التحرير، أي أنّ العالم العربي قرّر تحويل لبنان الى «دولة مواجهة»… ما يعني قيام دولة فلسطينية ضمن الدولة اللبنانية، هنا بدأت الأزمة الحقيقية بالنسبة لأهالي وسكان المناطق الحدودية.

وفي العام 1978 حدث الإحتلال للمنطقة الحدودية الجنوبية وأُقيمت «دولة» سعد حداد… وسُدّت في وجه الأهالي!.. فاضطروا الى التعامل مع إسرائيل لتأمين لقمة العيش خصوصاً في غياب الدولة اللبنانية غياباً كاملاً عن مد يد العون لهم والقيام بالواجب تجاه شعبها…

ثم كان اجتياح 1982 وما رافقه من معاناة كبيرة ومن بعده كان التحرير في العام 2000.

المسيحيون

وكان واضحاً أنّ المسيحيّين لم يكونوا موافقين على «اتفاق القاهرة»… الأمر الذي أدّى الى تأخير تشكيل الحكومة سبعة أشهر برئاسة الشهيد المرحوم رشيد كرامي…

وبدأ شرخ في البلد أدّى، في ما بعد، الى الأحداث الكبيرة التي بدأت خلافاً على الوجود الفلسطيني المسلّح، وتواصلت حروباً ضمن الحرب!

ومن الضابط سعد حداد الذي كان هناك تحت إمرة قيادة الجيش أولاً، فقد كانت إسرائيل ترد على أي عمل فلسطيني تقوم به المنظمات الفلسطينية بقصف البلدات المتاخمة من دون أن تفرّق بين طفل وعجوز وامرأة ورجل… قصف شديد بالطيران وكذلك بالمدفعية من داخل فلسطين…

وكان الفلسطينيون يتوارون فيقع الأهالي تحت وطأة القصف.

يومها نشأت «دويلة» سعد حداد.

الدروز

نبدأ بالدروز: ليس في لبنان فقط في منطقة حاصبيا ولكن أيضاً في الجولان حيث الدروز يعيشون منذ 1948 حتى اليوم وهم تحت هيمنة الاحتلال الإسرائيلي… ماذا فعل العالم كله لأجلهم؟ من يساعدهم؟

لا نريد أن نقول للمقاومة: أنت وحدك مسؤولة عن ذلك، بل نقولها للعالم كله هذا الأمر دفع الأهالي الى التعامل مع الأمر الواقع.

الشيعة

كذلك كلما نفذت المقاومة الفلسطينية أي عملية ضد «إسرائيل» كان الرد يأتي على المناطق الشيعية فيحدث فيها ما يحدث مع المناطق المسيحية.

السنّة

وكذلك لم يكن القصف الاسرائيلي ليفرّق بين سنّي وشيعي ودرزي ومسيحي، ولم يكن حال أهل السنّة في مناطقهم مختلفاً عن «معادلة الأمر الواقع».

على ماذا ستحاكمونهم؟

والذين لجأوا الى إسرائيل منذ نحو أربعين عاماً منذ 1968… بعضهم مات هناك! وقد عايش هذه المرحلة جيلان جديدان… فعلى ماذا سنحاكم هؤلاء اللبنانيين؟

هل حميتموهم ورفضوا حماية الدولة؟

هل خففتم عنهم وطأة الإحتلال؟

رحلة البطريرك الراعي

اليوم عندما ذهب غبطة البطريرك الى القدس كان يعلم جيداً أنّها تعيش تحت الإحتلال الاسرائيلي، وهو يتمنّى طبعاً من قلبه وربّه ألاّ تكون تحت الاحتلال… والاحتلال بغيض كائناً من يكون المحتل، فكم بالحري إذا كان اليهودي صالب المسيح؟

نقول لأصحاب الحملة المغرضة على غبطته: كفى مزايدات، كفى بطولات وهمية، كفى شعارات تافهة.

ونذكّر هؤلاء الذين يحملون على غبطته أنّه منذ 1973 حتى اليوم لم تطلق طلقة واحدة من الحدود السورية على إسرائيل.

ونذكّر أيضاً المقاومين والممانعين أنّه منذ الـ 2006 حتى اليوم لم يطلقوا رصاصة واحدة على إسرائيل بل ذهبوا ليقتلوا الشعب السوري في السيّدة زينب وحمص وحماة وحلب وغيرها من المدن والمحافظات السورية…