IMLebanon

ماذا تفعل أميركا في سوريا

 “اختارت ادارة الرئيس باراك أوباما وطبقت الاستراتيجية الأقل كلفة بالنسبة اليها من أجل انهاء حكم الرئيس بشار الأسد وهي احتواء الصراع في سوريا وترك النظام يواصل حربه المدمرة التي تستنزفه وتستنزف حلفاءه وقيادة تحالف عربي – اقليمي – غربي واسع يدير المواجهة العسكرية والسياسية والديبلوماسية الهادفة الى انهاك النظام وتقليص قدراته تدريجاً وتشديد الحصار القاسي عليه تمهيداً لتغييره، وتقديم دعم متنوع للمعارضة وتعزيز الروابط مع “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” والتعامل معه على أساس انه شريك أساسي وضروري في المعركة وانه ممثل شرعي للشعب ويستحق مع القوى المسلحة المعتدلة دعماً عسكرياً متزايداً مباشراً أو غير مباشر”. هكذا لخص مسؤول غربي بارز في باريس حقيقة الموقف الأميركي من الأزمة السورية وقال: “ان الادارة الأميركية ترفض التورط العسكري المباشر في هذا النزاع وتكبد خسائر بشرية ومادية كبيرة وهذا مرده الى العوامل الأساسية الآتية :

أولاً – ترى ادارة أوباما ان الأسد ينفذ في الواقع المهمة الأساسية التي تنهي حكمه وان الحرب في سوريا ليست حرب أميركا بل انها حرب حلفائها الذين يدعمون الشعب المنتفض على نظام متسلط تسانده ايران وروسيا، وهي تشارك في المعركة من غير التورط عسكرياً مباشرة فيها.
ثانياً: ترى ادارة أوباما ان سوريا ليست دولة حليفة أو مهمة بالنسبة اليها وليست لديها فيها مصالح حيوية واستراتيجية يجب الدفاع عنها والحفاظ عليها من طريق التدخل العسكري المباشر في القتال. والمرة الوحيدة التي خططت فيها واشنطن جدياً لاستخدام القوة المسلحة ضد منشآت عسكرية في سوريا كانت في الصيف الماضي من أجل معاقبة النظام على قصف مدنيين بالسلاح الكيميائي وارغامه على التخلص من أسلحته الكيميائية وليس من أجل انهاء الحرب. وقد تحقق ذلك من طريق انجاز اتفاق أميركي – روسي دعمه مجلس الأمن وقضى بتجريد النظام من سلاحه الاستراتيجي الوحيد دونما حاجة الى التفاوض معه كما يحصل مع ايران في ما يتعلق ببرنامجها النووي.
ثالثاً – ادارة أوباما على اقتناع بأن تدخلها العسكري المباشر يطيل الحرب ومعاناة السوريين ويدفع الروس والايرانيين الى تعزيز وتوسيع نطاق دعمهم للنظام ويحوّل الصراع أزمة اقليمية خطيرة يمكن أن تتورط فيها دول أخرى. وهذا التطور ليس لمصلحة سوريا والسوريين والمنطقة عموماً.
رابعاً – تمتنع ادارة أوباما عن اللجوء الى الخيار العسكري المباشر، ليس حرصاً منها على مواصلة المفاوضات مع ايران، بل لأنها تريد الاحتفاظ بخيار استخدام القوة المسلحة ضد منشآت نووية وحيوية ايرانية في حال فشل المفاوضات ومواصلة طهران نشاطاتها من أجل امتلاك السلاح النووي”.
وفي رأي المسؤول الغربي ان الحرب في سوريا حققت أهدافاً أساسية لأميركا اذ انها ألحقت بالنظام وحلفائه الهزائم الرئيسية الآتية :
أولاً – أظهرت التطورات ان النظام يخوض حرباً من أجل تحقيق مهمة مستحيلة هي القضاء على الثورة الشعبية وعلى مطالبها المشروعة التي يدعمها السوريون في غالبيتهم العظمى. لكن هذه الحرب قلبت الأوضاع على النظام وألحقت وتلحق بالبلد كوارث ودماراً وخراباً هائلين لم يعرفها في تاريخه وهي انهت سوريا التي عرفها العالم قبل العام 2011 وشطبتها من المعادلة الاقليمية وقضت على دورها في المنطقة من غير أي تدخل عسكري مباشر فيها.
ثانياً – هذه الحرب قضت، فعلاً وواقعياً، على النظام الذي لم يعد يملك من أدوات الحكم سوى القدرة على مواصلة عملياته العسكرية، اذ انه عاجز عن انقاذ بلده وحل أي من مشاكله الضخمة كما، انه عاجز عن الخروج من عزلته الاقليمية والدولية الواسعة غير المسبوقة. ولن يستطيع النظام، أياً تكن انجازاته العسكرية، أن يستعيد سوريا ويحكمها مجدداً.
ثالثاً – هذه الحرب أضعفت الدولتين الأساسيتين الحليفتين لسوريا وهما روسيا وايران اذ انها أظهرت ان دعمهما الكبير للأسد لم يسمح له بالانتصار بل ان البلد بات أنقاضاً وركاماً كما قال أوباما، وكشفت أيضاً عجزهما عن عقد أي صفقة مع الدول المؤثرة تؤدي الى حماية النظام وفشلهما في انجاز أي حل سياسي للأزمة يكون مقبولا لدى كل الأفرقاء ويحقق لهما مكاسب.
وخلص المسؤول الغربي الى القول: “حققت ادارة أوباما انجازاً مهماً من غير أن تتدخل عسكرياً في الصراع اذ ان روسيا وايران في مأزق لأن البلدين يدركان انه ليس ممكناً إنقاذ سوريا من غير التفاهم مع أميركا والدول الأخرى المؤثرة المعادية للأسد. وثمن هذا التفاهم العمل الجدي على نقل السلطة الى نظام جديد يحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري بكل مكوناته”.