IMLebanon

ماذا تُخبئ حرب الحدود لـ«حزب الله»؟

 

لطالما كانت حسابات الحقل لا تنطبق على حسابات البيدر، هكذا هو واقع «حزب الله» في القلمون، معارك يخوضها فعلياً يروّج له إعلامياً، راصداً ميزانيات بشرية ومالية كبيرة، والغاية حماية «المقدّس» لديهم بشار الأسد. أمّا الوقائع فتكشف زيف ادعاءات «النصر»، عشرات القتلى والجرحى وجثث محتجزة وحديث عن أسرى. لا يمانع حزب الله من المغامرة بالشباب، يطوّعهم تحت شعارات واهية ويغريهم بمال «حلال» فإذا بأبطال «المقاومة» الذين كان يحكي التاريخ حكاياتهم، مجرد عناصر تستجر إلى أرض ليست أرضهم وبين شعب ينبذهم ولا يسكت عن احتلاله أرضه أو القبول بمناصرة حكم جائر وحاكم ظالم.

تدل تطورات المعارك التي حصلت في القلمون خلال الأيام القليلة الماضية وتصاعدت بطريقة دراماتيكية، وحيث من المتوقع حصول مفاجآت بالنسبة إلى «حزب الله» وربما تدفعه إلى مراجعةٍ ما. في المقابل ثمة توجس من جرّ لبنان إلى ما هو أعظم في ظل التهديدات التي توجهها «جبهة النصرة» في ظل عمليات بيع وشراء المعلومات من العناصر التابعة للنظام التي تتم تحت أعين «حزب الله» ويتلقى نتائجها قتلى وإصابات، وتعبّر عنها الفوضى الكبيرة الموجودة بين صفوف مقاتليه والأسئلة الكبيرة التي باتت تراود أهلهم حول مصيرهم والتي تطرح في كل بيت شيعي، حيث إن المبررات التي قدمها قادة الحزب لم تعد تنفع وحيث إن المستجدّات تشير إلى أن القناعات بدأت تهتز وأن الحزب لا يقف على أرض صلبة وإنما يغرق في الرمال المتحرّكة السورية.

يتوقع متابعون لسير المعارك التي تجرى في القلمون أن تحدث تطورات مخيفة تؤثر على الجانب اللبناني إذا لم يسحب «حزب الله» مقاتليه من القلمون ويكفّ عن محاولات سيطرته العسكرية نيابة عن النظام الأسدي على الحدود اللبنانية السورية التي تمتد عشرات الكيلومترات، بحجة القضاء على التكفيريين.

ويتخوّف أهالي بلدة عرسال من محاولة «حزب الله» الانتقام منها بأساليبه المعروفة، لا سيما وأن هناك كلاماً إعلامياً يروّج في وسائل إعلام الحزب عن اتهامات غير صحيحة من أجل توريط البلدة بالمشكلات الأمنية وبصراعه مع المسلحين على الحدود، في ظل توارد المعلومات عن عمل كبير قد يطال الأراضي اللبنانية ويؤدي إلى ما لا تحمد عقباه من تداعيات مثل هذا الحدث. ولذلك كان تأكيد من رئيس بلدية عرسال امس على رفض تحويل اراضي عرسال الى ميدان تتغلغل فيه مجموعات مسلحة بذريعة الثورة وتشكل خطراً على الأهالي والنازحين».

في وقت حذرت في 14 آذار من تحول الحدود الشرقية الى ساحة قتال بين حزب الله والمعارضة السورية، داعية الى «وضع الحدود تحت سيطرة الشرعية اللبنانية والدولية».

ويرى مدير مركز القلمون الإعلامي عامر القلموني أن «حزب الله» يحاول منذ فترة اقتحام مناطق ومواقع يسيطر عليها الثوار في القلمون من الجهة اللبنانية، ولم يعد بالإمكان التغاضي عن هذه المحاولات، وما جرى هو لتلقين الحزب درساً يبدو انه لم يستفد منه حتى الآن وهو يواجه بأسلوب عسكري جديد، يتكبّد من خلاله خسائر فادحة، ومعارك عسال الورد والمعرة أكبر دليل على ذلك، إذ وصل الثوار إلى مشارف بلدة نحلة في الداخل اللبناني وهذا الأمر بداية لأمور أعظم، وقد اندلعت اليوم (أمس) اشتباكات عنيفة في جرد عرسال وجرود نحلة وبلدة الفاكهة وتكبد «حزب الله» خسائر كبيرة حيث شوهدت سيارات الإسعاف في المناطق اللبنانية تنقل القتلى والجرحى». ويوضح أن «الثوار قادرون على اعتماد تكتيكات مختلفة ونقل المعركة مع حزب الله من الأراضي السورية إلى الأراضي اللبنانية في نقاط التماس بشكل مفاجئ».

ويؤكد أن «المعارك في جرود بريتال المحاذية لجرود عسال الورد لا تتوقف، فبعد أن احتل الحزب جرود «حوش عرب» وبلدة الطفيل وهو بذلك عزل جرود رنكوس عن باقي جرود القلمون وحاول عزل جرود عرسال عن باقي جرود القلمون معتمداً سياسة القضم إلا أن الثوار لا يمكن أن يتخلّوا عن هذه النقطة لذلك تحصل مواجهات واسعة وتستمر عمليات الكر والفر هناك».

وعن الهدف من تحريك الطيران الحربي السوري للقيام بغارات يفيد بأن ضحايا هذه الغارات غالباً ما يكونون من الأطفال والنازحين الأبرياء في عرسال إذ إن هناك 20 لاجئاً سورياً سقط بهذه الغارات ضد المدنيين. وأول من أمس سقط عشرة جرحى بصواريخ من مواقع حزب الله في جرود نحلة تمت تغطيتها بغارات من الطيران السوري وفق تنسيق محكم بين الطرفين، واعتقد أن «حزب الله» يريد الانتقام من عرسال نتيجة استقبالها للنازحين، وعلى أي حال فإن خطوط الإمداد العسكرية للثوار لا تصل من عرسال، وعندما يتهم «حزب الله» عرسال بذلك فإنما يكون يبحث عن تبرير لممارساته ضد البلدة ولكونه يريد دخولها لاستخدام جرودها لحصار الثوار وهو أمر يرفضه العراسلة».

وبتقديره أن الحزب لن يتراجع رغم خسائره سريعاً، ولكن إذا استمرت وتيرة خسائره في تصاعد فإنه قد يشكل ذلك ضغطاً كبيراً عليه، وقد يعيد النظر بكل الوضع على الحدود، وعليه الا يستخف بقدرات الثوار وإمكانياتهم. وهو نتيجة تفكيره واستسهال معركته يجني على شبابه وعليه ان يعرف ان قرار دخول سوريا قرار جنوني سيقضي عليه وهو مكلف وسيدفع ثمنه باهظاً».

ويؤكد أن «لدى الثوار أوراقاً عديدة قادرين على اللعب عليها، فالسيطرة على الأرض ليست- نصراً دائماً، فهناك مفاجآت منتظرة ولن تكون بعيدة وسيكون لها صدى عالمي، فالقلمون منطقة لم تخسر أهميتها الاستراتيجية بالنسبة إلى الثورة».