IMLebanon

ما هي الرهانات العميقة لـقوى 8 و14 آذار لإدارة لعبة الاستحقاق الرئاسي وما بعدها؟

حيال الغموض والضبابية اللذين يظللان مصير الاستحقاق الرئاسي ويفضيان الى نتيجة اساسية هي ان الثابت في معركة هذا الاستحقاق هو الفراغ الى اجل غير مسمى والاستثناء هو حصول معجزة تبدل هذا الاعتقاد، فإن السؤال المطروح بالحاح: علامَ يراهن الطرفان الرئيسيان في ادارة هذه المعركة؟ يوشك ان يكون القاسم المشترك في هذا الميدان هو “العجز” عن الفعل والمبادرة، اذ ليس بامكان اي من فريقي 8 و14 آذار منفردا او حتى اذا نال دعم الطرف الذي اتخذ مكانا وسطيا ان يضمن الاتيان برئيس من لدنه او على شاكلته.

لذا فـ”اللعبة” لدى هذين الطرفين تركز على امرين اثنين حتى الآن وحتى لحظة نضج التسوية التي تفتح ابواب قصر بعبدا امام ساكنه الجديد، وهما:
– ايحاء كل طرف لقاعدته العريضة ان في حوزته اوراقا قوية لـ”دحر” هجمات الخصم او قفل الابواب امام مرشحه المعلن للارتقاء الى سدة الرئاسة الاولى.
– ايحاء كل طرف ان ثمة رهانات مضمرة لديه على تطورات او تحولات ما ستأتي ساعتها ولو بعد حين وبقدر من التفصيل، فإن فريق 8 آذار يتكئ في ادارته لمعركته الرئاسية على العناصر الآتية:
– القول بصراحة انه ينتظر كلمة الفصل من زعيم تيار “المستقبل” في موضوع تسمية العماد ميشال عون كمرشح توافقي للرئاسة الاولى. والجلي ان فريق 8 آذار يعتبر ان هذه الكلمة لم تأت بعد على رغم ان رموزا في تيار “المستقبل” دأبوا على القول بأن الكلمة الموعودة قيلت مرارا وتكرار وهي سلبية.
– في غضون ذلك ينتظر فريق 8 آذار عروضا من الفريق الآخر، على غرار ما حصل في المرحلة التي تلت انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود، وهو على يقين من ان ساعته آتية لا ريب فيها. وفي المقابل يبدو جليا ان هذا الفريق لن يبادر اطلاقا الى الدخول في لعبة مساومة مع 14 آذار حول اسم او اسماء معينة، فمرشحه الحصري معلوم وقد تركت له هو طريقة ادارة اللعبة، واستطرادا تركت له اللحظة التي يراها مناسبة للانطلاق الى الخطة “ب” وساعتئذ لكل حادث حديث وبالتالي يبنى على الشيء مقتضاه.
– لا تخشى قوى 8 آذار امرين: الاول ان ينجح خصمها السياسي في لحظة ما في فتح ابواب قصر بعبدا لمرشحه هو، فتلك “لعبة” دونها عقبات كبرى. والثاني الفراغ، اذ ضمن بعض حساباتها يصير الفراغ عامل ضغط على كل من يعنيهم امر لبنان وامر استقراره والحؤول دون بلوغه مرحلة الانفجار، مما يتيح التقدم الى دائرة التسوية والتفاهم معها على اسم الرئيس المقبل، وذلك مهما طال الزمن، لا سيما ان فريق 8 آذار لم يعد يتصرف بضغط أن عامل الوقت هو لمصلحة خصومه وليس لمصلحته.
– الى ذلك فإن 8 آذار تتحدث بنوع من الثقة والاطمئنان الى أن الفريق الوسطي، ومهما كانت آماله وتطلعاته، فإنه يملك من الحكمة والحصافة ما يمنعه دون المضي في خيارات تصادمية.
– في كل الأحوال ما برحت قوى 8 آذار تتصرف على أساس أن خصمها تيار “المستقبل” لا يملك قدرة الفعل، بل هو يحمل خيار ترجمة التوجهات الخارجية.
ولكن ماذا عن حسابات فريق 14 آذار لإدارة لعبة الاستحقاق الرئاسي.
– يعتبر هذا الفريق نفسه في وضع أفضل كونه يملك مرشحاً واضح الإسم والعنوان بصرف النظر عن تبني ترشيحه وأمله بإيصاله الى سدة الرئاسة، وبالتالي فإن هذا الفريق سيظل طوال الفترة المقبلة يتهم خصمه بتعطيل جلسات الانتخاب وتطيير النصاب، لانه يريد الوصول الى الفراغ، ضارباً عرض الحائط بالرغبة العارمة في انجاز هذا الاستحقاق في المهلة الدستورية، واستطراداً ستجعل قوى 14 آذار الفريق الآخر في موقع المتهم خصوصاً إذا تكررت مسألة الجلسات الفاقدة للنصاب.
– ان فريق 14 آذار يشعر بأن الفراغ ليس عدواً له، فمنذ فترة استرد الحكومة، وبالتالي لم يعد خارج الحكم ولم تعد لديه أية هواجس من استئثار خصمه بصلاحيات الرئاسة الأولى.
– لا يخفي تيار “المستقبل” أنه محور لعبة الاستحقاق بصرف النظر عن مآلها، فهو في موقع المبادر والمالك لقدرة الفعل فيما خصومه محكومون دوماً بالعودة اليه بحثاً عن تسوية سيكون هو صاحب الورقة الأقوى فيها.
– ان تيار “المستقبل” يتصرّف منذ جلسة الانتخاب الأولى في الاسبوع الماضي على أساس انه نجح في استنفاد هجمة حلفائه من مسيحيي 14 آذار على الترشح، وعلى أساس أنه أسقط رهانات خصومه على أن يكون الاستحقاق الرئاسي وكثرة المرشحين في صفه “وصفة” منتظرة لبلوغ مرحلة تفككه وانفراط عقده، وبالتالي سيجد نفسه متحرراً من أية التزامات أو تعهدات أمام من يعنيهم الأمر عندما تحين لحظة التسوية المنتظرة.
– ان تيار “المستقبل” يتصرف منذ استرداده حقه برئاسة الحكومة على أساس انه صار لديه القدرة على إعادة التوازن الى ساحته وانهاء كل مظاهر الفلتان وحالات التمرّد التي خال كثر انها استحوذت على هذه الساحة، وهو يجد الفرصة الآن لإعادة وصل ما انقطع مع جمهوره وللاستغناء عمن ظنّ أنه صار صاحب الكلمة الأساس.
– من يراقب سلوك تيار “المستقبل” حيال الآخر يخرج باستنتاج فحواه أنه يتعمد سياسة الغموض البناء تجاه الآخر وتحديداً طالبي وده، وأنه فتح أبوابه لاستقبال العماد ميشال عون الا انه تعمد ألا يعطيه كلمة السر في موضوع ترشحه، في حين أن ثمة رموزاً من تيار “المستقبل” بدأت تتحدث عن رغبة لديها في أن تخضع عون “لامتحان” ما يعطي خلاله تعهدات حيال ملفات معينة حساسة.
وفي موازاة ذلك، فإن التيار عينه بادر الى الاعراب عن رغبته في الانفتاح على “حزب الله”، لكنه لم يقدم لاحقاً أية خطوات عملية من شأنها أن تضع العلاقة بين الطرفين على أسس واضحة تنطوي على وقائع جديدة تشي بالتطور والايجابية.
وفي كل الحالات يبدو أن كل فريق يتصرّف بالوقت الضائع وفق أهوائه وحساباته.