IMLebanon

مجلس الوزراء أسير صلاحياته.. والتواقيع!

مجلس الوزراء أسير صلاحياته.. والتواقيع!

الحكومة ترتجل: تطيير الامتحانات.. وابتزاز النازحين

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم العاشر على التوالي.

الملفات تتراكم.. والضحايا يتزايدون، والارتجال سيد الموقف حتى إشعار آخر..

لبنان بلا رئيس. مجلس النواب معطل. مجلس الوزراء غارق في نقاش جنس الملائكة، والدولة تسير على بركة الله.

فجأة ومن دون أية مقدمات، تقرر الحكومة رسم «استراتيجيتها» للتعامل مع ملف النازحين السوريين. يختلط حابل الاعتبارات السياسية بنابل العناوين الإنسانية، فإذا بكتلة مليونية، برغم ما تشكله من أعباء على لبنان، تجد نفسها في مواجهة إجراءات متأخرة لا تمتّ بمعظمها إلى الواقع بشيء، بل تشي باعتماد معايير لا يمكن لأية مرجعية دولية أو عربية أن تغطيها.

كان يمكن للمسألة أن تقارب بطريقة مختلفة. يجوز لمشهد السفارة السورية أن يستفز «عتاة السيادة»، لكن ألا يستحق ذلك وقفة سياسية منهم، وبالتالي وضع تلك الأوهام التي عاشوها طويلا، جانبا، لكي يكونوا أكثر واقعية في مقاربة شأن حيوي وخطير لا بل مصيري بالنسبة لجميع اللبنانيين؟

فجأة ومن دون أية مقدمات، قرر الوزير «التغييري» الياس بو صعب تلقف كرة «سلسلة الرتب والرواتب»، على «طريقته الخاصة»، فاستعان بخبرته وعراقته في المضمار التربوي، ليهدد المعلمين بإجراء الامتحانات الرسمية «بطريقة غير مسبوقة»، فيما كان ينتظر منه أن يحاول تجيير موقعه للضغط على «التكتل النيابي» الذي يمثله في الحكومة، لحضور جلسة «السلسلة» وإنهاء هذه المأساة التي تهدد مصير أكثر من مئة ألف طالب لبناني بضياع امتحاناتهم الرسمية هذه السنة، وبالتالي تهديد مصير خمسين ألفاً منهم من المفترض أن يتقدموا الى امتحانات الثانوية العامة بفروعها كافة.

هذا الارتجال من هنا أو من هناك، سيجد صداه أيضاً اليوم على طاولة مجلس الوزراء الذي سينعقد عصرا في السرايا الحكومية، وعلى جدول أعماله مناقشة آلية دعوة مجلس الوزراء للانعقاد وتحديد جدول الأعمال وطريقة اتخاذ القرارات ومن ثم توقيعها.. في زمن الشغور الرئاسي.

وعشية الجلسة، أجرى رئيس الحكومة تمام سلام، أمس، مروحة كبيرة من المشاورات السياسية، بعيداً عن الأضواء، مع وزراء من أطياف الحكومة كافة، أبرزهم الوزيران علي حسن خليل ومحمد فنيش اللذان قدما رؤية شبه مشتركة قاعدتها الأساسية ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت ممكن، وفي انتظار ذلك، عدم تعطيل عجلة الدولة وبالتالي استمرار عمل المؤسسات لتسيير أمور الناس.

وأسفرت المشاورات عن تثبيت حق رئيس الحكومة بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد وتحديد جدول الأعمال بالتشاور مع جميع الوزراء (قبل 72 ساعة من الموعد المحدد)، كما حصل في أول جلسة، وكذلك تم تثبيت قاعدة التوافق واستبعاد العناوين الخلافية عن جدول الأعمال إلى حين التوافق عليها سياسياً خارج الجلسة، الأمر الذي يسهّل التفاهم على النقطة الوحيدة العالقة، ألا وهي إشكالية توقيع المراسيم العادية أو تلك الصادرة عن مجلس الوزراء مجتمعاً، فهل يجب أن يوقعها 24 وزيراً أم ثلثا الوزراء، وماذا اذا قرر أحد الوزراء عدم التوقيع؟ الخ..

وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«السفير» إن أغلبية الوزراء «تميل الى اعادة اعتماد القاعدة التي اعتمدتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بتوقيع جميع الوزراء المراسيم الصادرة عن الحكومة، بعد انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود، ما دامت القاعدة المتبعة هي اعتماد البنود التوافقية وتثبيت روحية الحوار والتفاهم والتعاون في هذه المرحلة الانتقالية الاستثنائية». ورفضت المصادر أية محاولة للخوض في جوهر الصلاحيات التي أقرت في «الطائف»، وقالت إن المطروح للحوار يندرج تحت عنوان تحديد الآليات وليس الصلاحيات.

الانتخابات السورية: يوم هادئ

على صعيد ملف النازحين السوريين، وغداة القرار الذي اتخذته وزارة الداخلية بإسقاط صفة النزوح عن كل سوري يدخل الأراضي السورية اعتباراً من الأول من حزيران، أقرت الخلية الوزارية لشؤون اللاجئين والنازحين السوريين خطة تنفيذية لمعالجة مشكلة تدفق النازحين وحصر أعدادهم وفرز النازح من غير النازح وفقاً لمعايير محددة، حسب عضو اللجنة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي أوضح لـ«السفير» انه تم تقسيم العمل بين اعضاء اللجنة بحيث تتولى وزارة الشؤون التدقيق في مستحقي الاعانات والمساعدات، وتتولى وزارة الداخلية تطبيق القرار الصادر عنها باسقاط صفة النزوح عن السوري الذي يعود الى سوريا لأي سبب كان، بينما تتولى وزارة الخارجية الاتصال بكل الجهات العربية والدولية المعنية بأزمة النازحين من اجل تحفيز الدعم للتصدي للازمة والبحث معها في اقامة مخيمات موحدة على الحدود مع سوريا سواء من الجانب اللبناني او الجانب السوري.

وعلمت «السفير» أن السفارة السورية في لبنان بعثت برسالة احتجاج على الإجراءات المتخذة، إلى وزارة الخارجية اللبنانية، فيما قالت مصادر ديبلوماسية سورية واسعة الاطلاع لـ«السفير» إن الإجراءات الانتقامية من الجانب اللبناني زادت التعاطف مع النظام، «ولو خيّرت الحكومة السورية بين خمسين ألف صوت لمصلحة الرئيس بشار الأسد أو غيره من المرشحين وبين ضمان أمن كتلة فرض عليها اللجوء الى لبنان بسبب الأعمال الإرهابية.. فإننا نفضل الخيار الثاني».

وأشارت المصادر الى أن السلطات السورية قدمت تسهيلات كبيرة لكل وسائل الاعلام اللبنانية والعربية والدولية التي ستتولى تغطية الحدث السوري، خصوصاً في منطقة الحدود اللبنانية ـ السورية.

وأكدت أنه تم إعطاء أوامر واضحة بتسهيل حركة الدخول والخروج عبر المعابر الأربعة التي وضعت فيها أقلام اقترع، وهي: المصنع والعبودية والعريضة والبقيعة. وأوضحت أن المراكز الحدودية السورية تلقت تعليمات واضحة بإعفاء المقترعين من رسوم الانتقال بين البلدين.

ورداً على سؤال، قالت المصادر السورية «إننا تلقينا معلومات عن تهديدات تعرضت لها مجموعات من اللاجئين، خصوصاً في منطقة الشمال». وأكدت أنه «لا يجوز تهديد الناس بكراماتهم لقاء ثلاثين دولاراً شهرياً (المبلغ الذي تقدمه المفوضية العليا للاجئين لكل نازح سوري مسجل في قيودها)».

وقال مرجع أمني لبناني واسع الاطلاع لـ«السفير» إن الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية، من جيش ودرك وأمن عام، عززت حضورها في الساعات الأخيرة، في المراكز الحدودية، وتم توزيع أكثر من 500 عنصر من الأمن العام بمعاونة أكثر من 25 ضابطاً، على المراكز الأربعة لتسهيل حركة الانتقال بين البلدين.

وتوقع المرجع نفسه أن يمر هذا النهار بهدوء وأن تسير حركة الانتقال بين البلدين بصورة منتظمة وآمنة، وقال إن قرار وزارة الداخلية سيقلص الأعداد التي كانت مقدرة سابقاً لنسبة المشاركة، وأعطى دليلاً على ذلك تراجع حركة تنقل النازحين عبر الحدود في الساعات الأخيرة، الأمر الذي يعني أن القرار اللبناني بدأ يعطي مفعوله!

واللافت للانتباه وفق مصادر رسمية لبنانية متابعة لملف النازحين، أن قرار وزارة الداخلية كان موضع اعتراض من قبل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي كانت قد اجتمعت بوزير الشؤون الاجتماعية وأعطت رأيها السلبي بالقرار اللبناني وبمعظم قرارات «خلية النازحين»، خصوصاً ربط قبول النزوح السوري بوجود معارك عسكرية في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية (…) وإقامة مخيمات آمنة داخل سوريا أو في المناطق العازلة على الحدود اللبنانية السورية.

وكشفت المصادر أن المفوضية ترفض حتى الآن منح الحكومة اللبنانية «داتا» اللاجئين الكاملة مخافة استخدامها في غير محلها، ولذلك تكتفي بتسليم بيانات حول محصلة اللجوء وتوزع اللاجئين مناطقياً. وسألت من سيدقق في بيانات العابرين و«هل يجوز نزع صفة اللاجئ عن كل شخص يغامر بحياته دورياً لأجل تفقد أفراد من عائلته أو منزله وأرضه وأملاكه، وهل يصح القول إن هذه العودة تعني أنه أصبح بأمان في بلد يشهد حالة حرب ودمار وقتل وتشريد لا تستثني أحداً؟»، وحذرت من أن قرار الحكومة اللبنانية «سيرتد عليها سلباً وهو بمثابة دعوة مفتوحة للنازحين لنسيان بلدهم وتثبيت حضورهم على الأراضي اللبنانية؟».

الامتحانات الرسمية تطير بعد «السلسلة»

من جهة ثانية، قرر وزير التربية الياس بو صعب تأجيل امتحانات الشهادة المتوسطة خمسة أيام (من 7 الى 12 حزيران)، وامتحانات شهادة الثانوية العامة لفرعي علوم الحياة والعلوم العامة من 13 الى 16 حزيران وفروع الاجتماع والاقتصاد والآداب والإنسانيات من 20 الى 22 حزيران.

وجاء القرار بعد سلسلة اجتماعات عقدها بو صعب، أمس، مع «هيئة التنسيق النقابية»، «اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة» و«لجان الأهل في المدارس الخاصة»، وعرض خلالها ما اعتبره «الحل الوسط»، ويتمثل بتقسيط الدرجات الست، على أن يتم تسويقه سياسياً، اذا قبلت به «هيئة التنسيق»، ويتوج بدعوة مجلس النواب للانعقاد والتصويت عليه ببند واحد.

وتحدث بو صعب عن ثلاثة خيارات، تتمثل في إجراء الامتحانات في موعدها، «وهذا أمر من الصعب حصوله، لكون الاتفاق على السلسلة غير متوفر»، والثاني، تأجيل الامتحانات. والثالث، في حال عدم التوصل الى اتفاق بالتواريخ الجديدة «إجراء إمتحانات بطريقة غير مسبوقة».

وقد أثارت جملة بو صعب الأخيرة لغطاً، في ظل ما رشح عن اجتماع اتحاد المؤسسات التربوية ولجان الأهل، من مطالبة بإعطاء إفادات للمرشحين، أو إجراء الامتحانات في المدارس الخاصة، أو اعتماد النتائج المدرسية للمرشحين، أو إجراء امتحانات لتلامذة الشهادات في المدارس، والأخذ بنتائجها.

ونفى بو صعب لـ«السفير» أن يكون قصد في «إجراء امتحانات بطريقة غير مسبوقة»، تسليمها للمؤسسات الخاصة، رافضاً الكشف عن هذه الطريقة.

في المقابل، نفذت «هيئة التنسيق» اعتصامات أمام المناطق التربوية في بيروت والمحافظات، واستغرب رئيس «رابطة أساتذة التعليم الثانوي» حنا غريب، القول بأن «هيئة التنسيق» أخذت التلامذة رهينة، وقال: «للذي يهددنا بإلغاء البريفيه (المتوسطة) ولبعض المؤسسات الخاصة التي تهددنا نقول ونتوجه الى وزير التربية: شهادة البريفيه خط أحمر». (ص 5)