IMLebanon

مخاوف من فتح الأبواب لسوابق دستورية تتكرّس عبر أمر واقع حكومي وشغور طويل

ثلاثة او اربعة امور يتفاعل الحديث عنها في الاوساط السياسية بعضها يجد طريقه الى العلن فيما يرتفع منسوب القلق من تداعياتها جميعها. الاحدث بين هذه العوامل يتصل بالاقتراح الذي تقدم به العماد ميشال عون حول انتخابات رئاسية تجري على مرحلتين من الشعب ومطالبته بانتخابات نيابية على اساس القانون الارثوذكسي وحتى اصراره على انتخابات نيابية قبل الانتخابات الرئاسية. تجدر الاشارة الى ان الانتقادات الواسعة لاقتراح عون هي من الاوساط السياسية غير المسيحية ولو انها اكتفت علنا ببضع ملاحظات او بتعليق بسيط. بالنسبة الى المطالبة بالانتخابات النيابية قبل الرئاسية فانه يخشى ان يشكل الذهاب الى هذه الانتخابات على ما تعتقد هذه الاوساط نهاية المسيحيين في لبنان نظرا الى احتدام الصراعات داخل البيت المسيحي من اجل محاولة الحصول على اكثرية مسيحية يعتقد انها ستكون الباب المؤدي الى اكثرية في مجلس النواب تؤدي بدورها الى رئاسة الجمهورية. ومع ان الرئيس نبيه بري لمح الى النية ببدء البحث في الانتخابات النيابية فانه يعتقد انه لا يريد ان يتحمل موضوع التمديد لمجلس النواب مرة جديدة ويرغب في ان يأتيه ذلك من الافرقاء الآخرين. وعن رغبة عون في استعادة 17 نائبا مسيحيا يفوزون باصوات الطوائف الاسلامية يروى انه حين رفض ذلك نواب مسيحيون زمن الطائف كان الجواب ان هذا هو المقصود بالمناصفة التي نص عليها هذا الاتفاق ما لم يرغب المسيحيون في الذهاب الى العددية في ما يعني ان في ذلك استحالة عملانية. وتخشى هذه الاوساط تبعا لذلك ان يكون عون فتح بابا من اجل ان يتحصن آخرون لاحقا وراءه من اجل المطالبة بتعديلات في ظل صعوبة الذهاب الى اي تعديل دستوري تحت وطأة فتح بازارات لتعديلات اخرى قد لا تنتهي لمصلحة المسيحيين في ظل الوضع المتفجر في المنطقة. وتاليا تثار اسئلة حول الاسباب التي يقدم فيها عون اوراقا يستفيد منها الآخرون في وقت لاحق حين يحتاجون اليها فيما يتعذر ان يفيده اقتراحه نظرا للتوقيت في الدرجة الاولى وعدم توافر ظروف للمضمون وهو المدرك تماما ان ما تم اخذه في اتفاقات على غرار اتفاق الطائف يصعب العودة عنه خصوصا ان مناصب ومراكز اقل اهمية اخذت من المسيحيين ولم يستطع استعادتها حتى من حلفائه.

الانزلاق نفسه نحو فتح ابواب وتسجيل سوابق دستورية تخوفت منه هذه الاوساط من البحث الذي رافق آلية عمل مجلس الوزراء وتصرفه بصلاحيات رئيس الجمهورية. اذ ان الساعات التي استنفدت في البحث عن منهجية للتوقيع على المراسيم خلف استياء وانتقادات من ان ما يجري البحث فيه هو صلاحيات دستورية ويؤسس لامر جديد لن يكون سهلا تجاهله لاحقا الى حد ذهب البعض معه الى اعتبار ما جرى بمثابة تمهيد لمؤتمر تأسيسي يثير المخاوف فيما بدا ان مجلس الوزراء بدأ يخطو الخطوات الاولى التمهيدية على هذه الطريق. وذلك في الوقت الذي تعتبر فيه هذه الاوساط ان آلية عمل مجلس الوزراء في حال شغور موقع الرئاسة لم يكن يحتاج الى هذا البحث الدستوري التي لم تكن ثمة ضرورة له وعدم جواز البحث في امور قد تبدو للوهلة الاولى معبرة عن رغبة في ايجاد آلية للتوافق في مجلس الوزراء في حين ان الصورة الابعد لمسار الامور غير مريحة على هذا الصعيد. ولعل الباب الذي فتح البحث فيه في مجلس الوزراء معطوفا على ما اقترحه عون في هذا التوقيت يرسم علامات استفهام حول ما قد يرمي اليه البعض، ولو انه وليد ظروف معينة.

والطابع الخطر الذي اتسم به هذان العاملان قد يبررهما في رأي البعض منطق ان التغييرات التي يستشرفها البعض في المنطقة على وقع ما يجري في العراق ربما يسجل في اطار الحصول على موقع قدم يسمح ببعض المكتسبات الاضافية ان لم يكن تعزيز ما هو قائم فحسب. لكن ذلك لا يبدو مضمونا في السياق نفسه بل على العكس من ذلك. اذ على رغم الرسائل المطمئنة التي وجهتها السلطات اللبنانية من حيث المبدأ حول جهوزية الاجهزة الامنية واستعدادها لمواجهة المخاطر التي تحيق بلبنان، علما ان ثمة تناقضا في مواقف المسؤولين بين المطمئن والمحذر، فان المخاوف كبيرة من عمليات ارهابية وربما اغتيالات عطفا على ما يجري في المنطقة من جهة يضاف الى ذلك الاعتقاد من جهة اخرى بان موضوع الانتخابات الرئاسية ولو مؤجلة الى حين لن يتضح قبل معرفة مآل المفاوضات الغربية مع ايران حول ملفها النووي، فانه من غير المستبعد ان تحصل على الحامي ايضا بغية الدفع نحو خيارات محددة يعتقد انه لا بد ان تنعكس الارجحية فيه لمصلحة “حزب الله”.

وتاليا فانه باستثناء موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي لا يعتقد ان ثمة قلقا بالمقدار الذي تعبر عنه المواقف المعلنة حول شغور موقع الرئاسة الاولى مع وجود الحكومة وتلاقي المصالح حول بقائها وتحقيق الكثير مما لم يحصل سابقا بالنسبة الى البعض على صعيد التعيينات والحصص وما شابه ذلك. اذ ان هذا القلق لو وجد لكان حافزا نحو استعجال حصول الانتخابات في حين ان اداء قوى 8 آذار خصوصا اظهر ان الاستحقاق الرئاسي سيكون في ثلاجة الانتظار حتى يحين الوقت الملائم والذي يتيح وصول اشخاص معينين ويقبل بهم هذا الفريق ارجحية له تحديدا.