IMLebanon

مصدر ديبلوماسي : لا شيء يقضي على الداعشيين سوى قطع التمويل عنهم والمقاومة الفرديّة في كلّ منطقة يدخلونها عنوة

أكثر ما يجعل تنظيم «داعش» يكبر ويتمدّد هو التمويل المادي والعسكري الذي يحصل عليه من الدول الداعمة له من جهة، فضلاً عن عدم مقاومته بالسلاح، أو عدم معاملته بالمثل من جهة أخرى، من قبل كلّ الذين يعتدي عليهم من دون أي أسباب.. فعندما يتوقّف إمداد هذا التنظيم بالمال والعتاد، على ما أكّد مصدر ديبلوماسي مطلع، تخفّ قدرته الإرهابية، وإن كان يستعيض عنها بخطف بعض الأشخاص وطلب فدية كبيرة مقابل إطلاق سراحه. في الوقت نفسه، عندما تتمّ مقاومة عناصره والقضاء عليها يخفّ وهج قوّته التي يُهدّد الجميع بها، على ما حصل أخيراً في سوريا حيث عومل الداعشيون بلغتهم من قبل إحدى العشائر.

فلا شيء يوقف هذا التنظيم الإرهابي في ظلّ الصمت الدولي والعربي يضيف المصدر ولا شيء يحدّ من جرائمه والمجازر التي يرتكبها بحقّ الأبرياء في دول المنطقة بهدف إقامة دولته الإسلامية المفترضة التي لا تمّت الى الدين الإسلامي الصحيح بأي صلة، سوى المقاومة الفردية في كلّ منطقة يدخل اليها ويُهدّد سكّانها. فما حصل في الموصل مع المسيحيين الذين فرض عليهم عناصر «داعش» أربعة خيارات هي: المغادرة، القتل، اعتناق الإسلام أو دفع الجزية الشهرية، لا يجب أن يتكرّر في مناطق أخرى، فلو قاوم مسيحيو الموصل، كما فعل السوريون في بعض المناطق الشمالية، لاندحر الداعشيون وخافوا بدلاً من أن يخيفوا هم سكّان المنطقة الأصليين ويهجّروهم من أرضهم ويستولوا على ممتلكاتهم وأموالهم وأرزاقهم.

ومن الإجراءات التي يجد المصدر الديبلوماسي نفسه أنّه بإمكانها الحدّ من إمكانات هذا التنظيم على الصعيد المالي، هو البيان الذي تبنّاه أخيراً مجلس الأمن الدولي بمبادرة روسية والذي يمنع إبرام صفقات نفطية مع الإرهابيين في سوريا والعراق. فهذا البيان يؤكّد أنّ شراء النفط من الإرهابيين هو أمر غير مقبول، ما من شأنه أن يحدّ من أحد الموارد التي يتكل عليها الداعشيون للمضي في مخططهم الإرهابي. فروسيا التي أبدت قلقها بشأن تحوّل التجارة غير الشرعية بالنفط الى أحد المصادر الرئيسية لتمويل جماعات متطرّفة، بما فيها «داعش» و«جبهة النصرة»، طرحت هذه المبادرة.

وأكّد المصدر ان مجلس الأمن بعث «إشارة واضحة» الى جميع الأطراف، مشدّداً على إمكانية قيامه بفرض عقوبات على من ينتهك حظر شراء النفط من الإرهابيين، وذلك بهدف الحدّ من نشاط الجماعات المتطرّفة فيما يتعلّق باستيلائها غير الشرعي والقانوني على ثروات البلدان الطبيعية. ويشير المصدر الى أنّ كلّ ما تقوم به هذه الجماعات في المناطق التي تدخلّها يدلّ بشكل واضح على رغبتها في وضع يدها على ثرواتها لا سيما منها النفط كونه مادة مطلوبة من دول الغرب التي تحاول بدورها الاستيلاء على النفط من دول منطقة الشرق الأوسط وسواها من الدول بأقلّ كلفة ممكنة.

ويعتبر المصدر الديبلوماسي أنّ خطوة مجلس الأمن الدولي تساعد على القضاء على «داعش» بطريقة غير مباشرة، خصوصاً إذا ما تمّ فعلاً فرض العقوبات المشدّدة على الدول التي تشتري منه النفط أو سواه، لا سيما وأنّ المجلس لا يستطيع، بحسب قول المصدر نفسه، استصدار قرار يخلّص العالم من شرّ الجماعات المتطرّفة ومن الإرهابيين بشكل مباشر، بل عليه السعي للقضاء عليهم بطرق غير مباشرة أبرزها الحدّ من إمكاناتهم المادية التي تساعدهم على شراء أنواع الأسلحة كافة.

ومن المعلوم أنّ «داعش»، و«جبهة النصرة» وسواهما من التنظيمات المتطرّفة تسيطر على حقول وأنابيب النفط في مناطق عدّة في سوريا والعراق للاستفادة منها في تمويل هجماتها على النظامين السوري والعراقي، ويُخشى كما يقول المصدر من أن تمدّد مخططاتها الى دول أخرى في المنطقة بهدف توسيع دائرة هذه الاستفادة. كما أنّ زيادة دخلها المادي يدعم جهودها في تجنيد مقاتليها من مختلف الجنسيات، بمن فيهم مقاتلون إرهابيون أجانب، وتقوية قدراتهم العملانية لتنظيم وشنّ الهجمات الإرهابية في أي منطقة يدخلونها، ولهذا يقوم مجلس الأمن بالحدّ من مشاريع هذه الجماعات التكفيرية عن طريق استصدار بيان الحظر هذا، وربما بيانات أخرى لاحقاً تقف لها بالمرصاد.

فلا يجوز التزام الصمت العالمي بحسب المصدر الديبلوماسي تجاه كلّ ما ترتكبه أيادي المتطرّفين في الموصل في العراق، أو في مناطق عدّة من سوريا، كما في مناطق عرسال والقلمون في شمال لبنان حيث يقيمون إمارات الخلافة، ويصدرون الأوامر ويخطفون وينكّلون ويقتلون أو يصفّون كلّ من لا يطيع أوامرهم. ولفت الى أنّ دولاً عدّة في مجلس الأمن ليست راضية عمّا تراه على شاشات التلفزة من ممارسات وجرائم المتطرّفين الفظيعة، ولهذا قرّرت التحرّك، وإحداث خرق في مجال ما. كما أنّ التجارة بالنفط يعتبر انتهاكاً لقرارات الأمم المتحدة، وعلى جميع الدول ضمان عدم تعامل مواطنيها أو أي شخص يقيم على أراضيها بالنفط مع هذه الجماعات.

ويشدّد المصدر على أنّه ليس من أي دولة في مجلس الأمن تستطيع السيطرة بشكل كامل على هذه الجماعات، وإن كان بعضها يعتقد ذلك، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية، ولهذا لا بدّ من أن يقوم المجلس بضبط تحرّكها تمهيداً للقضاء على وجودها وتخليص العالم من شرورها.