IMLebanon

مصدر ديبلوماسي: نُحذّر من الفتنة بين النازحين السوريين واللبنانيين

مصدر ديبلوماسي: نُحذّر من الفتنة بين النازحين السوريين واللبنانيين ونرفض تحويل النزوح الى وجود ثانٍ يُمكن للبنان أن يُقرّر بمفرده إنشاء تجمّعات في المناطق الحدوديّة.. والمهمّ تقليص العدد

ما اتخذته الحكومة الحالية أخيراً من إجراءات للحدّ من أعداد النازحين السوريين في لبنان، والتي لا يُعرف حتى الآن مدى تطبيقها بحذافيرها، كان يجب أن تُتخذ، بحسب بعض المراقبين السياسيين، منذ بدء النزوح الى لبنان أي في ظلّ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة وإن كانت تعتمد مبدأ «النأي بالنفس عن الأزمة السورية»، وليس بعد أن تعدّى عدد هؤلاء المليونين بين مسجّلين وغير مسجّلين.

أمّا اليوم وبعد فوات الأوان، لم يعد بإمكان حكومة الرئيس تمّام سلام سوى العمل على وقف تفاقم عدد النازحين السوريين الى لبنان من جهة، وتشجيعهم على العودة الى بلادهم، من جهة ثانية، بهدف تخفيف بعض الأعباء عن كاهل الدولة في ظلّ تقاعس المجتمع الدولي عن حلّ أزمة النازحين السوريين، لا سيما أنّ بقاءهم واعتبارهم «لاجئين» من شأنه مع الوقت أن يتحوّل الى «توطين»، على ما حذّر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي عرض خلال مؤتمر صحافي عقده في الخارجية أزمة النزوح وكيفية تعاطي الحكومة معه.

ولبنان الذي لا يزال حتى اليوم يعاني من الوجود الفلسطيني فيه وتبعاته على الاجتماع والاقتصاد والأمن، عليه عدم السماح بتحوّل النزوح السوري، على حدّ مصادر متابعة للملف، الى وجود ثانٍِ، لأنّه لم يعد باستطاعته تحمّل «الغرباء» على أرضه الذين باتوا ينافسون اللبنانيين على لقمة عيشهم ومدارس أبنائهم والطبابة والاستشفاء، ولا يحصل في المقابل، من المجتمع الدولي سوى على مواقف الدعم والتشجيع وتثمين حسن الضيافة التي يتمتّع بها. أمّا الأموال التي وُعد بها لاستضافة هؤلاء فلم يحصل منها حتى الآن سوى على القليل القليل.

وإذا كان البعض يُعارض اليوم فكرة إقامة مخيمات شرعية للنازحين السوريين على الحدود اللبنانية- السورية، كأحد الحلول المؤقتة لهم، إمّا خشية من عدم ضمان أمن هذه المخيمات، أو خوفاً من أن تُصبح شبيهة بتلك التي يقيمها الفلسطينيون في المناطق اللبنانية كافة منذ تهجيرهم في العام 1948، فإنّ انتشارهم اليوم وتوزّعهم في المناطق كافة يُشكّلان، على ما أشار مصدر ديبلوماسي مطلع، خطراً أكبر خصوصاً أنّه لا يمكن ضبطهم. والأخطر أنّ من بينهم من يتسبّبون بالفوضى والسرقة، أو حتى يشاركون في التفجيرات الإرهابية، وهؤلاء يجب ترحيلهم الى بلادهم أكانوا مع النظام أو ضدّه.

أمّا المضاربات المهنية للبنانيين والتي يقوم بها بعض السوريين، فحذّر الوزير باسيل من أنّها قد تؤدّي الى فتنة حقيقية بين السوريين واللبنانيين، غير أنّ الحكومة تعمل على منعها، مشدّداً على ضرورة أن تطبّق الحكومة الإجراءات الفعلية من أجل تناقص عدد النازحين. والواقع أنّ شرارة الفتنة، بحسب المصدر نفسه، قد بدأت على صعيد بعض القطاعات التي دخلها السوريون من دون أن يواجهوا أي موانع من قبل الدولة، غير أنّ اللبنانيين باتوا يضيقون ذرعاً من بعض هؤلاء ويفتعلون معهم المشاكل، وقد تتطوّر مع الوقت، ما لم تحلّ الحكومة أزمة النزوح تدريجاً عن طريق قطع المساعدات عنهم خلال وجودهم في لبنان، وتشجيعهم على العودة الى بلادهم حيث سيحصلون على الإعانات والحياة الكريمة.

غير أنّ الذين لا يستطيعون العودة، بسبب فقدانهم لمنازلهم، أو لعدم توفّر الأمن والاستقرار في مناطقهم، أو لأي سبب آخر، فإنّ الحلّ المؤقت لهم يقول المصدر لا يمكن أن يتمّ إلاّ عن طريق إقامة مخيمات لهم عند المناطق العازلة بين لبنان وسوريا، أو في الداخل السوري. في ما يتعلّق بالمنطقة العازلة، فللبنان الحقّ بإنشائها، في حال قرّر ذلك، من دون الحاجة الى موافقة أي طرف آخر. لكن لا بدّ للحكومة اللبنانية من التفاوض مع الحكومة السورية، على ما أضاف المصدر، من أجل الحصول على موافقتها على إنشاء هذه المخيمات داخل الأراضي السورية. وفي هذا الإطار، نفى الوزير باسيل أن يكون سمع من السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي أي كلام عن رفض النظام السوري إقامة مخيمات للنازحين على الأراضي السورية.

وأشار المصدر الى أنّه لم يعد هناك من حاجة لنزوح المزيد من السوريين الى لبنان لا سيما مع توقّف غالبية المعارك هناك، ومع عودة الهدوء الى مناطق أخرى، الأمر الذي من شأنه مساعدة الحكومة اللبنانية على تطبيق سياستها التي تقضي بتقليص عدد النازحين وليس تزايدهم تدريجاً الى حين تحقيق عودتهم جميعاً.

علماً أنّ المجتمع الدولي لم يُصدر حتى الآن أي قرار يحلّ أزمة النازحين في لبنان ودول الجوار، كما أنّ الدول الأوروبية لم تتجاوب مع طلبات لبنان باستضافة عدد من هؤلاء النازحين باستثناء ألمانيا التي استقبلت نحو 30 ألف نازح، في حين لم يتعدّ الألف أو الخمسة آلاف في بعض الدول الأخرى.