IMLebanon

مصدر شارك في الطائف يتحدّث عن عبارة «مجلس الوزراء مُجتمعاً»: الكباش الخفي هو الصراع السني ــ الماروني في الفراغ !

التعطيل الذي يجري اليوم في المؤسسات الدستورية ما هو الا عبارة عن واقع حقيقي جاء مع اتفاق الطائف الذي في جوهره لم يرم الى احلال التوازن بين اللبنانيين بل جاء ليعزز الانقسام الوطني ويعطل الحياة الديموقراطية، ومهما دافعوا عن الطائف واي شخصية كانت تبقى الحقيقة ان الطائف لم يطبق واذا طبّق فأنه بالتأكيد سبب فساد البلد وخرابه كما انه سبب مباشر للمحاصصة والفساد في ادارات الدولة وسبب تجذر المذهبية والطائفية في البلد.

هذا ليس تحليلا بل هي لحظة صفاء يتحدث فيها احد المشاركين بفعالية في لجنة الخمسة عشرة او لجنة الصياغة في مدينة الطائف في المملكة العربية السعودية، حيث انجز اتفاق الطائف بأشراف اميركي مباشر من خلال حضور الديبلوماسي الاميركي ديفيد سترفيلد ورعاية سعودية مباشرة.

يضيف المصدر المشار اليه، ان حقيقة ما يجري ان الفريق المسيحي في البلد لا يقبل ان تبتدع آلية غير الواردة في الدستور في حال شغور سدة الرئاسة الاولى لأي سبب كان، وهو الآن عدم الوصول الى اتفاق حول اسم رئيس الجمهورية بسبب النزاع الداخلي والاقليمي والدولي، وان الفريق المسيحي يتمسك بصيغة توقيع الـ 24 وزيرا على اي مرسوم سيصدر عن مجلس الوزراء او المصادقة على اي قرار يخرج من هذا المجلس، وان هذا الاصرار المسيحي على رفض صيغة الثلثين التي اقترحها الرئيس تمام سلام، اي ان تؤخذ قرارات مجلس الوزراء بأكثرية النصف زائد واحد او كذلك رفض صيغة اكثرية الثلثين، كل ذلك لأن الفريق المسيحي لا يقبل التأويل والتفسير للنص الدستوري الذي في رأي هذا الفريق واضح وهي انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية في حال شغور سدة الرئاسة الى مجلس الوزراء مجتمعا.

يقول المصدر الذي شارك في الطائف وفي لجنة الصياغة، ان تعمد كتابة هذا النص هو بقصد التشديد على ان صلاحيات رئيس الجمهورية لا تنتقل الى رئيس مجلس الوزراء ولا الى اكثرية والوزراء ولا الى اكثرية الثلثين في مجلس الوزراء، وبالمناسبة جرى بحث هذه الاقتراحات كلها ولم يؤخذ بها، وكان الهدف ان يشارك الجميع من مختلف الطوائف اللبنانية في القرار في الدولة في حال غياب رئيس الدولة، كما ان الهدف الجوهري هو الحث على الشروع في انتخاب الرئيس في اقرب وقت كيلا يكون سهلا اتخاذ القرارات في ظل فراغ سدة الرئاسة الاولى، وللقول ايضا ان تحقق امكانية توافق 24 او ثمانية عشر وزيرا غير قابلة للتنفيذ في اي وقت، مما يشجع وفق رؤية من كان في الطائف للاسراع في انتخاب رئيس جديد، وهنا التدليل على اهمية وجود رئيس جمهورية من ناحية الاجراءات وكذلك من الناحية الميثاقية في لبنان.

في المقابل يشير المصدر نفسه الى ان الرئيس تمام سلام يتمسك بطائفيته من ناحية الصلاحيات ويريد القول امام طائفته انه متمسك بحقوقها الدستورية والمذهبية في بلد مثل لبنان قائم على المذهبية والتوزنات الطائفية، لذلك يسعى بشتى الوسائل الى اثبات قدرة الطائفة السنية في ادارة الحكم فيما يشعر السُنة وكأنهم غير قادرين على الحكم عبر مجلس الوزراء مع ان الرئيس تمام سلام كما يقول المصدر ليس في المبدإ من الشخصيات التي لا تعلم حساسية هكذا امور في لبنان، مع الاشارة الى ان احدا لم يقل صراحة هذا الكلام، لكن حقيقة الواقع كباش بين سُنة المستقبل والموارنة حول نقطة عدم القدرة على الحكم بغياب رأس الدولة اي رئيس الجمهورية اللبنانية.

الكباش الخفي المذهبي بين السنة والموارنة تصطف وراءه وفق المصدر تحالفات خفية بدورها تدعم كل وجهة نظر من وجهتي النظر المذكورتين، لذلك نسمع شخصيات من تيار المستقبل ـ اي 14 اذار ترفض تعطيل المؤسسات فيما نسمع من شخصيات مسيحية مارونية وايضا من 14 اذار ترفض عقد جلسات لمجلس الوزراء بل حتى عقد جلسات تشريعية لمجلس النواب تحت عنوان غياب رئيس الجمهورية بسبب الفراغ. واسماء هذه الشخصيات والقوى معلنة ولا تخفي مواقفها بل تعلنها بشكل واضح وصريح على الشاشات وفي الصحف، بل وفي وسائل التواصل الاجتماعي.

الحقيقة ان مختلف الفريقين يعطلون البلد يضيف المصدر لأن الجميع يعلم ان عدم انتخاب رئيس للجمهورية لم يكن لا بداية ولا نهاية في يد القوى اللبنانية بل كان بيد القوى الاقليمية والدولية والتوافقات التي تحصل في الخارج وبناء عليها يهبط اسم الرئيس الجديد على التوقيت الاقليمي والدولي، لكن المشكلة الحالية ان لا تفاهمات اقليمية او دولية حتى الآن مما يعني ان الاستحقاق الرئاسي مرشح اكثر فأكثر ليعيش مع الفراغ، وهنا السؤال اين هي مصالح اللبنانيين في فترة الفراغ التي قد تطول الى آخر السنة اذا لم تحصل تفاهمات على غرار التفاهم الذي في ليلة وضحاها جعل حكومة الرئيس تمام سلام تبصر النور ربرئاسة سلام بعد طول انتظار وبعد ان وصل سلام نفسه الى قناعة كادت تؤدي الى استقالته من التكليف له بتشكيل الحكومة.

واشار المصدر الى ان هذا الامر الذي يجري هو دليل على عدم ثقة اللبنانيين بعضهم ببعض حتى وان كانوا من الفريق السياسي الواحد. ما يؤكد نظرية ان التحالفات في لبنان دائما معرضة للاهتزار وللتغيير والتبديل.