IMLebanon

نعيم قاسم اكتشف الـ«بوشار»!

شرُّ البليّة ما يُضحك وما يُبكي، يصحّ أن يُقال هذا الكلام بعد خطابٍ “خمينيٍّ” رنّان للشيخ نعيم قاسم ومن قرأ العناوين المدبّجة في تلخيص مطوّلات قاسم في حضرة وليّ النعم الإيراني، ظنّ لوهلة أن نعيم قاسم اكتشف “البوشار” عندما أعلن بكلّ وقاحة أن “الرئيس بشار الأسد سيكون رئيس سوريا”، “بشرفكن مش مهضوم نعيم قاسم”، الرجل مصاب بعقدة خطابات حسن نصرالله والحاج محمد رعد، وما زال عالقاً “في منزلة بين المنزلتيْن”!!

يكاد حزب الله يُقيم الاحتفالات ويطلق الصواريخ ابتهاجاً بـ”مسخرة الإله الفرعوني بِسّ” ـ إله المسخرة عند قدماء الفراعنة ـ الدائرة في سوريا لفرض بشار الأسد رئيساً، في استماتة إيرانيّة وروسيّة لفرض أمر واقع أعلنه نعيم قاسم نفسه في شهر نيسان الماضي عندما أعلن: “أمام الجميع الآن خياران: إما القبول بحكم الأسد أو إبقاء الأزمة مفتوحة. الخيار واضح إما التفاهم مع الرئيس الأسد للوصول إلى نتيجة، أو إبقاء الأزمة مفتوحة مع غلبة للرئيس الأسد في إدارة البلاد”!!

هذه اللغة الحادة التي يتحدّث بها نعيم قاسم هي حدّة لهجة “حزب القاتل” في سوريا، وهي لغة كشفت منذ نيسان الماضي وبوضوح الإستراتيجية التي سيتبّعها حزب قاسم لتعطيل انتخابات الرئاسة في لبنان، لا يحتاج الأمر إلا إلى تعديل بسيط في نفس النصّ: “أمام الجميع الآن خياران: إما القبول بحكم حزب الله أو “إبقاء أزمة فراغ سدّة الرئاسة مفتوحة”، نفس السياسة اتبعها حزب الله عندما نفّذ غزوة 7 أيار العام 2008، حتى ولو لم تتخذّ الحكومة آنذاك القراريْن المشؤومين، كان حزب الله سينفّذ اجتياحه لبيروت في 7 أيار، ومخطّطه لم يتغيّر منذ ذاك التاريخ، وإن تأخّر تنفيذه بقوّة السلاح ست سنوات!!

فاجأت الثورات العربيّة حزب الله فرحبَّ بداية بحكم “الإخوان المسلمين”، عملاء بريطانيا وإسرائيل وأميركا وإيران حالياً، والتي ظنّت أنّها ابتلعت العالم العربي من بوابّة حكم الإخوان لمصر، وظنّ أن الرياح مؤاتيه لمشروعه، وأنّ الفاطميين عائدون، فإذا بحزب الله يتلقّى ضربة على أمّ رأسه عندما انهار نظام الأسد وجيشه أمام الجيش الحرّ ولم يتبقَ لبشار سوى دمشق المحاصرة والتي تستعدّ للحظة السقوط، فجاء الأمر الإيراني بنزول حزب الله بكلّ قوته وكوادره إلى أرض المعركة، ومع هذا الثورة مستمرّة، وحزب الله دخل في متاهة حرب استنزاف ستُفنيه عن بكرة أبيه في سوريا، فلا خطوط إمداد خلفيّة له، وقد بدأ يفقد مخزونه العسكري البشري، ويبدو أنه ذاهب باتجاه زج الشيعة كلّهم في معركة إيران، أما الضربة الثانية التي نزلت على رأس إيران كالصاعقة فكانت بخسارتها مصر سريعاً بعدما قام بسحبها من الحنك الإيراني الرئيس المصري السادس المشير عبد الفتاح السيسي.

نعيم قاسم اكتشف “البوشار”، ولم يكتشف البارود بالطبع، والانتخابات التي دُبّرت مسرحيتها الهزليّة إيران ـ العريقة في ديموقراطيّة القمع والقتل والإرهاب والإعدام ـ كان الجميع يعرف أنها ستسفر عن ادّعاء بقاء بشار الأسد ونظامه وانتصاره على الثورة، ليس حُباً ببشار، ولكن خوفاً من تلك المقولة التي أُعلنت في إيران بأن سقوط نظام بشار الأسد يعني سقوط النظام في إيران وأن خسارة الأهواز أهون على إيران من خسارة سوريا بوابة زعزعتها لأمن واستقرار العالم العربي!!

“بشرفكن مش مهضوم” الشيخ نعيم قاسم عندما يقول: “لقد أذهلهم الإقبال على الانتخابات الرئاسية منذ أيام واليوم(…)أيها المستكبرون وأتباع المستكبرين ستجدون أنفسكم باتجاه حل سياسي يكون الرئيس بشار هو القطب في هذا الحل شئتم أم أبيتم”!! “بشرفكن” هل هناك أطرف من اختراع نعيم قاسم للوهم والكذبة وتصديقه لها هو وحزبه وأمين عام حزبه وإيران معهم، “بشرفكن” ألا تشعرون كأنكم تشاهدون تلك الماكينة التي توضع عند مداخل كلّ دور السينما وتتأملون من وراء زجاجها “فرقعة” حبّات الذرة لتتحوّل إلى “بوشار”، هكذا اكتشف نعيم قاسم أن بشار الأسد سيكون رئيس سوريا، فهل هناك إفلاس و”مسخرة” أكثر مما قاله نعيم قاسم وما يحدث في سوريا؟!

* أتوجه باعتذار إلى قرّاء “الشرق” وقرّاء هذا الهامش لغيابه قسرياً بعد وعكة ألمّت بي واستدعت بعضاً من الراحة.