IMLebanon

هدية جنبلاط لنصرالله اختصرت الرحلة من المختارة الى الحارة

هدية جنبلاط لنصرالله اختصرت الرحلة من المختارة الى الحارة ابو تيمور قلق من «الدواعش» والسيد طمأنه «بيضة القبان» اعادت تموضعها بين 8 و14 مستثنية الرابية

لم يحجب الحراك المستجد محليا، القلق المتنامي من الاتجاه الذي ستسلكه الازمة السياسية، وسط الغموض الذي يتخبّط فيه المشهد الداخلي، الذي عززته رحلة النائب وليد جنبلاط الى الضاحية، بعد انقطاع السنوات الثلاث، ولقائه السيد حسن نصرالله، وحرصه كما تقول مصادر مقربة من جنبلاط على الاتصال بالرئيس الحريري لمعايدته واطلاعه على اجواء اللقاء. حركتان قد لا تؤديان بالضرورة إلى انتخاب رئيس في الثاني عشر من آب، لكنهما تسهمان في خلق دينامية لبنانية مطلوبة، تكسر دوامة التعطيل، اذا ما عرفنا ان الحركة الجنبلاطية تلقى قبولا مبدئيا وان متفاوتا، من مختلف الأفرقاء المعنيين، حتى لدى «حزب الله»، الذي بدأ يستمع للطروحات الرئاسية البديلة، تاركا للرئيس نبيه بري ابتداع الصيغ.

من هنا تصويب بوصلة التحرك على حد قول المصادر باتجاه مواقع القرار المؤثرة في الرئاسة والنيابة، والتركيز على ضرورة وضع حد للشغور الرئاسي وتمديد ولاية البرلمان، حيث يدور النقاش راهنا حول المدة، في ضوء تعثر انجاز الاستحقاق النيابي بسبب الوضعين الامني والدستوري، حاصدا اجماعا على ضرورة تقديم ملف الرئاسة على ما عداه وهو ما عكسه عمليا البيان المشترك الصادر عن حزب الله والاشتراكي.

تحرك انطلق، بحسب المصادر، من توجس بيكها مما قد تحمله الايام القادمة من تداعيات سلبية للتطورات الاقليمية الدراماتيكية على الوضع الداخلي اللبناني،في ظل التحليلات الكثيرة والمؤشرات المتزايدة والمتشائمة على الصعيدين المحلي والإقليمي، وضرورة عدم الانجرار وراء أي لعبة سياسية يراد من خلالها إقحام اللبنانيين في صراعات جديدة، قد يكون في مقدمتها فتح قنوات الاتصال بين الحزب والمستقبل.

اوساط سياسية مطلعة لم تستبعد أن يكون حراك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي منسقا مع رئيس تيار المستقبل، في اطار انضاج «طبخة ما»، متوقعة تؤخر انجاز الاستحقاق الرئاسي حتى تشرين الاول المقبل، لافتة إلى أن نصرالله أبلغ جنبلاط بتمسكه بترشيح العماد ميشال عون في المرحلة الحالية، مستبعدة إمكانية نجاح الحراك المستجد المنطلق من أسسٍ غير ثابتة قوامها دعوات متكررة لن تلقى صدى في حال لم يكن هناك مستجدات حقيقية، وعليه فأن المعطيات ستبقى على حالها في الشهرين المقبلين على ان تتحرك الامور في تشرين.

مصادر واكبت الاجتماع بين السيد نصرالله وجنبلاط اقرت بأنه لم يحمل جديداً على صعيد جهود إنهاء الشغور الرئاسي، بل انه انهمك في قراءة الصورة الأشمل للوضع اللبناني، من زاوية التعقيدات التي طرأت على الوضع الإقليمي الذي يتحكم بمصير الرئاسة، مشيرة الى ان الهمّ الاقليمي شكل محور الاجتماع الذي شارك فيه «البيك» لاول مرة وحده بحضور مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا، حيث ابدى جنبلاط تخوفه من تنامي «الداعشية» التي نتيجتها تقسيم جديد في المنطقة وتداعيات ذلك على لبنان، متفقا ونصرالله على تفعيل عمل مجلس الوزراء وعدم تعطيل دوره وتسهيل مهمة الرئيس تمام سلام، وتأمين التغطية السياسية الضرورية لتحرك الاجهزة الأمنية من أجل الحفاظ على الاستقرار والحؤول دون تمكين أي طرف خارجي أو محلي من الاستفادة من مناخ الفراغ الرئاسي، ومحاولة اللعب بالوضع الامني. فالأمن والإستقرار عنوانان أساسيان وأولويان، دون اغفال الملفات العالقة كسلسلة الرتب والرواتب ورواتب موظفي القطاع العام. الا ان «المفاوضات» لم تصل حدّ البحث عن مرشح توافقي بحسب المصادر، اذ لم يتمكن جنبلاط من الحصول على تعهد من نصرالله بسحب ترشيح العماد عون في المرحلة الحالية، بسبب حسابات مرتبطة بالقراءة المحلية والاقليمية للحزب، مقابل التأكيد على انه من غير الوارد ممارسة اي ضغوط على اي طرف سياسي داخلي لفرض العماد عون رئيساً، كاشفة ان الامين العام اكد عزمه اجراء سلسلة من اللقاءات في الايام المقبلة ستشكل مفاجئة سياسية، علم انها ستشمل قيادات في الثامن من آذار وعلى رأسها الرئيسان بري وعون، كذلك التحرك باتجاه البطريرك الراعي.

تبعاً لذلك، تتخوف المصادر ان تكون المرحلة المقبلة محفوفة بصعوبات اضافية خلافاً لبعض الانطباعات التي أشاعها لقاء نصرالله وجنبلاط خصوصاً لجهة ما قيل عن امكان تمرير التمديد بسهولة لمجلس النواب، ذلك أن الأمور تبدو في حاجة الى مزيد من توسيع «دائرة» المشاورات والاتصالات بين جميع الفرقاء لبلوغ مرحلة لم تبدأ عملياً بعد ولا يبدو ان اللقاء الثنائي شهد مفاتحة لها. وتعتقد المصادر تبعاً لذلك ان لقاء تحسين العلاقات وصيانتها بين نصرالله وجنبلاط قد يكون عزز دور الاخير، لكنه لم يقدم اي وصفة مثبتة بعد للخروج من حال المراوحة والانسداد السياسي بما يعني ان لا تبديل إقليمياً ايضاً بعد يملي على حزب الله الانتقال الى المرحلة الثانية من الأزمة الرئاسية.

في أي حال، تعتبرالمصادر نفسها ان الأسبوعين الأولين من آب، فسحة اختبار اساسية ستظهر فيها طبيعة الاتجاهات التي ستبلورها مواقف القوى الداخلية من استحقاقيْ الأزمة الرئاسية والانتخابات النيابية ولن يكون ممكناً قبل ذلك التكهن باي اتجاه، علماً ان الخشية من مزيد من الغرق في التعقيدات لا يمكن إسقاطها، اقله وفق المعطيات الماثلة والمتراكمة حتى إشعار آخر.

المشاورات الجدية والعملية في شأن رئاسة الجمهورية مؤجلة، تضيف المصادر، والأجواء المحلية والاقليمية والدولية لا توحي بأن ثمة حلا ممكنا لمسألة الشغور الرئاسي. بل ان ثمة مشكلة أخرى تضرب هيبة المؤسسات بدأت تظهر إلى العلن بالتمديد لمجلس النواب. وسط ذلك تحرك جنبلاط مستعيدا دور «بيضة القبان» و«حلال المشاكل» بين المستقبل وحزب الله و«همزة الوصل» بين بري والسنيورة و«صمام الأمان» بين السنة والشيعة، ملتقيا اللواء جميل السيد ليرضي سوريا، معيدا مد الجسور مع الكتائب والقوات، مرسلا إشارات التطمين والتشجيع للعماد جان قهوجي.

في زيارته الى الضاحية تأبط وليد جنبـلاط كتاب A Line in the Sand للكاتب الانكليزي جيمس بار الذي يتحدث عن حقبة صناعة اتفـاقية سايكس ـ بيكو، هدية للسيد، في رسالة تحمل في طياتها الكثير من المعاني، هو الذي اشتهر في حسن اختيار الكتاب المناسب للشخص المناسب.