IMLebanon

هذه هي المواصفات السعودية للرئيس العتيد

 

قد تكون الدعوة، الخارجة عن السياق، الموجّهة من وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل لنظيره الإيراني محمد جواد ظريف، لزيارة المملكة وتدشين الحوار الثنائي، مفاجئة بالنسبة لكثر، بفعل المطبات التي اعترت العلاقة وحالت دون التئام جرحها في الكثير من المحطات.

لكنها بالنسبة لمتتبعي هذا المسار الخفيّ، غير الظاهر للعيان، متوقعة، لا بل منتظرة، في ضوء الجهود التي يقوم بها سفير السعودية في طهران عبد الرحمن الشهري.

إذ أنّ تعيين الخبير الأمني المتخصص في معالجة قضايا الإرهاب الدولي، بداية العام الحالي، وبعد ستة أشهر من انقضاء فترة عمل سلفه، ترك انطباعاً إيجابياً لدى راصدي العلاقة الثنائية التي شهدت حالة من التوتر بسبب الأوضاع في سوريا ولبنان واليمن والبحرين… وبأنّ العاصمتين قررتا فتح صفحة جديدة.

طبعاً من المبكر الحكم على هوية هذه الصفحة. لكن الأكيد أنّ طهران والرياض تفضلان أن تكتبا عنواناً جديداً لمجلّد علاقتهما المتشعّب، من دون أن يعني، كما يقول بعض زوار العاصمة السعودية، أنّه يفترض المبالغة في تقدير مسار هذا التواصل المستجد، ولا حتى الاستخفاف بنتائجه. لا بدّ برأيهم من ترك الوقت يفعل فعله قبل الخروج بخلاصات تحدد خارطة الطريق التي ستسلكها الدولتان.

برأي هؤلاء الزوار، فإنّ الحوار المشترك الذي بدأ منذ مدة، يشمل بطبيعة الحال مناطق التماس السياسية والأمنية، حيث يعتقدون، على خلاف كثر، أن مفكّرة أولويات الرياض تبدأ بالملف العراقي ومن ثم اليمني، ومن بعدهما تأتي بقية القضايا الخلافية، من سوريا ولبنان وغيرهما.

صحيح أن هذا الحوار لم يثمر بعد نتائج ملموسة، وفق الزوار، ولكنّه وضع حجر أساس الانفتاح بين العاصمتين، يفترض أن يترجم في وقت قريب من خلال خطوات محددة تعكس هذا التقدّم.

ولهذا لا يأخذ لبنان الكثير من اهتمام الدوائر السعودية، وإن كانت مواقيت الاستحقاق الرئاسي صارت داهمة لاختيار خلف للرئيس ميشال سليمان، ولهذا تترك الرياض مسافة بينها وبين نيران الانتخابات اللبنانية. وفق أمراء السعودية، كما يرى زوارها، فإنّ مواصفات الرئيس العتيد واضحة في أذهان المعنيين بالملف اللبناني.

إنّ الاستقرار اللبناني هو هدف أساسي للسياسة السعودية في لبنان، ومن ضمن هذه المنظومة تأتي رؤيتها لسلاح “حزب الله”. إذ تعتبر أنّه من الضروري احتواء هذا السلاح ووقف انتشاره وأن يكون منسجماً مع الحالة اللبنانية بحيث لا يعرّضها للاهتزاز أو للخطر، من دون أن يعني ذلك فقدان وظيفته الإستراتيجية في مواجهة إسرائيل.

وبالتالي لا بدّ من الاعتراف بهذا السلاح، وفق الزوار، ضمن أطر مضبوطة، وإخراجه من الحياة السياسية، إلا فيما يتعلق باستراتيجية مواجهة إسرائيل.

وهكذا يشير الزوار إلى أنّ العماد ميشال عون يحاول الترويج لترشيحه على أنّه النموذجي لدفتر الشروط السعودي، من دون أن يعني ذلك أن المسؤولين السعوديين مقتنعون بوجود “كيمياء” بين دفتر المواصفات التي ينشدونها، وبين “خارطة العروض” التي يقدمها الجنرال.

ومع ذلك فإنّ الحوار لا يزال قائماً بين “الحريريين” و”العونيين”، حيث يتصرف الفريق الأول على أنه محاور هادئ فيما يقدم الفريق الثاني مرشحه على أنه نموذجي، مع العلم أنّ علاقة “التيار الأزرق” بمسيحيي “14 آذار” استراتيجية، ومن شأنها أن تكون عثرة أمام تقدم الحوار بين الرابية وبيت الوسط.

ولهذا يعتقدون أنّ الرياض ترفض استقبال أي مرشح ماروني للانتخابات الرئاسية. لا ميشال عون ولا سمير جعجع. لأنّ أي لقاء علني في هذه الظروف بالذات يعني أنّ عباءة الرضى ألقيت على كتفيّ من ستفتح له أبواب الديوان الملكي. وهكذا غلّف لقاء الوزير السابق جان عبيد بوزير الخارجية السعودية بكثير من الكتمان.

إلا أنّ ذلك لا يعني أنّ الرياض قررت السير بخيار وزير الخارجية السابق. ولكن يبدو، وفق الزوار، أن جان عبيد قد يكون نموذجاً بالنسبة للمسؤولين السعوديين ليكون رئيساً لما بعد ميشال سليمان، من دون أن تُفهم هذه النموذجية على أنّ صاحبها هو المرشح المفضل لدى السعوديين، لأنّ الرجل، وفق معظم المعنيين، يحتاج إلى غطاء مسيحي، من بكركي أو من الرابية.