IMLebanon

هكذا سيحافظ زعيم «المستقبل» على «ختمه»

حتى الآن، يحتفظ «بابا نويل» بكيس «المليار دولار». لا تزال «الهدية» في جيب سعد الحريري بانتظار وضع الآلية القانونية اللازمة، التي تتيح للمؤسسات الأمنية والعسكرية الاستفادة من الهبة التي قدمتها السعودية وكلفت «الشيخ» بالإشراف على توزيعها على الجيش وبقية الأجهزة الأمنية.

هذه ليست المرة الأولى التي «يدلل» فيها الديوان الملكي السعودي، الحكومة اللبنانية، من خلال فتح «حنفية الدراهم»، وقطعاً لن تكون الأخيرة. ولكن لـ«شيك المليار دولار»، نكهته الخاصة وجدول ضربه الخاص.

لا يمكن فصل الهبة المقدمة على «طبق ملكيّ» عن عودة سعد الحريري إلى بيروت بعد غياب استمر أكثر من ثلاث سنوات. هو بنفسه اختار لهذه العودة عنواناً محدداً، ربطه رباطاً وثيقاً بالمكرمة السعودية، حيث أكّد فور بلوغه أعتاب السرايا الحكومية في بيروت أنّ عودته أتت «بعد الهبة السعودية التي يجب ان نرى كيف ننفذها ونترجمها دعما للجيش والقوى الأمنية والعسكرية».

فمحاربة الإرهاب من خلال تعزيز «الدفاعات الأمنية» ليست الهدف الوحيد الذي حمل «الشيخ سعد» على متن «طائرة المليار دولار» إلى وطنه الأم. يسعى الرجل أيضاً إلى تقوية مكانته بين أبناء طائفته وحلفائه، ولملمة «بيته» المتشظي، والإمساك بفريقه بيد حديدية.

طبعاً، يحتاج الأمر لأن يُبقي على «ختمه المالي» على «شيك المليار» في جيبه، كي لا يكون مجرد «ساعي بريد» حمل الأمانة من دون أن يتمكن من استثمارها في السياسة.

ولهذا تعددت السيناريوهات حول الآلية القانونية التي ستحكم هذه الهبة وكيفية صرفها على شراء الأسلحة والعتاد، وغيرها من الطلبات التي ستوردها المؤسسات الأمنية ضمن لائحة احتياجاتها. بمعنى أوضح: هل ستوضع الهبة في حساب خاص في مصرف لبنان على أن تتولى السلطة التنفيذية الإشراف والموافقة على عقود الشراء لهذه الاحتياجات والموافقة عليها الواحد تلو الآخر؟

بتعبير آخر، هل سيتخلى سعد الحريري عن «توقيعه المالي» في الإشراف على توزيع المليار؟ أم سيحتفظ بدوره كمعبر إلزامي لا يمكن تجاوزه في أي اتفاق يتيح للمؤسسات الأمنية تعزيز قدراتها التسلّحية؟

الأكيد أنّ الخيارين لا يتشابهان في المضمون، وإن كانا يتساويان في السماح بالوصول إلى الطاحون الذي سيمنح المؤسسات الأمنية بعض التعزيزات اللوجستية.

أول الإجراءات القانونية المفترض احترامها في مثل هذه الحالات، هو تذييل الهبة بموافقة مجلس الوزراء عليها، لتكون شرعية.. وهذا ما سيحصل خلال جلسة مجلس الوزراء المقبلة حيث سيصار إلى قبول الهبة، في وقت يتردد فيه أنّ الحكومة ستوافق عليها على أساس أنها هبة عينية، وليس هبة مالية.

مع العلم أنّ أحد المطلعين يؤكد أنّه لا يجوز قانوناً أن تقبل الحكومة أي هبة إن لم تكن مرفقة بكل التوضيحات التي تشرح مواصفاتها، لأنه لا يمكن للسلطة التنفيذية أن تذيّل توقيعها على هدية غير محددة على طريقة «سمك بالبحر»، وإلا من الأفضل أن تقبل بها كهبة مالية واضحة القيمة كما الجهة المانحة.

في موازاة ذلك، كان وزير الداخلية نهاد المشنوق حاسماً بأنّ المليار دولار سيخرج قريباً من جيب سعد الحريري ليوضع في حساب خاص في مصرف لبنان، ليصار إلى التصرف به وفق ما تقتضيه حاجة المؤسسات الأمنية، حيث تؤكد أوساط وزارية أنّه ستتم «حماية» الحساب المصرفي بواسطة عملية تدقيق تواكب صرف الاعتمادات وفقاً للوائح الطلبات.

ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ رئيس الحكومة السابق سينسحب طوعاً عن المسرح المالي ليسلّم الدفة إلى الحكومة كي تتولى صرف الاعتمادات من الحساب الخاص بالهبة. إذ يتردد في الأوساط الوزارية أنّ الصيغة التي ستعتمد لصرف المليار ستقوم على أساس وضع المؤسسات العسكرية والأمنية لوائحها الخاصة بالاحتياجات التي تطمح إلى تأمينها، وذلك بالتنسيق مع الوزراء المعنيين، أي وزيريّ الداخلية والدفاع، مع العلم أنّ معظم هذه اللوائح جاهزة.

ويفترض أن تكون الخطوة الثانية، تسليم هذه اللوائح إلى الحريري الذي سيتولى شراء هذه الأسلحة والعتاد، وقد يكون بعضها مستعجلاً ومتوفراً لدى الدول والشركات المتخصصة بهذا النوع من العتاد والأسلحة، وسيتمّ توفيره في وقت قريب، فيما يتطلب بعضها الآخر وقتاً أطول لتأمينها.

ومن هنا يصبح الفارق شاسعاً بين قبولها كهبة عينية أو مالية، ذلك لأن الأخيرة تترك الصلاحية بيد السلطة التنفيذية التي تتولى الإشراف عملياً على المفاوضات مع الشركات أو الهيئات المعنية بالعتاد والسلاح العسكري، وتتولى التوقيع على الاتفاقات، وبالتالي صرف الاعتمادات.

في حين أنّ قبول المكرمة على شكل هبة عينية يعني تكريس سعد الحريري «أمين صندوق» المليار الدولار.. وهنا أهمية الخطوة.