IMLebanon

هل تتقدم ملفات المنطقة على «النووي» في الأولويات الإيرانية؟

 

مع وجود مسعى دولي لانتخاب رئيس للجمهورية، هناك اهتمام لمعرفة الموقف الإيراني من الاستحقاق وانعكاساته، وأولويات إيران في هذه المرحلة.

مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على العلاقات اللبنانية الإيرانية، تؤكد أن موقف طهران من الاستحقاق يتمثل في ثلاثة معطيات هي:

– إن إيران تترك التعامل مع الملف اللبناني الأبرز وهو الاستحقاق الرئاسي لحلفائها في لبنان، وهي الأطراف التي تمثلها في بيروت أي «حزب الله» و«حركة أمل»، وهي تعتبر أنها لا ترغب في التدخل في الموضوع، وليس لها أي دور مباشر على الساحة اللبنانية.

– يهم طهران أن ينتخب اللبنانيون عبر نوابهم شخصية ليست ضد محور المقاومة.

– يهم إيران استمرار الاستقرار اللبناني.

– وفي الإطار الأوسع، إن إيران يهمها بشكل أساسي التفاوض مع الغرب، وهي تشير الى أن أجواء ذلك إيجابية، وهذه المفاوضات تسير على خطين: الأول، المحور السياسي مع دول «الخمسة زائد واحد»، والثاني المحور التقني، وهو مسار التفاوض مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وإيران تلتزم بالاتفاقية مع الدول التي وقّعتها في 16 تشرين الثاني، وهي تعمل معها حالياً للتوصل الى صياغة نهائية لاتفاق أخير. وتركز محاور هذه الصياغة على معملي أراك، وفوردو، ثم على البرنامج السلمي وحدوده العسكرية المحتملة.

وقد أثارت فرنسا في التفاوض الأخير موضوع الصواريخ البالستية واستفسرت حول ما يمكن أن يحمل منها الرؤوس النووية، وما إذا كانت هناك وسائل إيصال مشمولة بقرارات مجلس الأمن، وما إذا كان البرنامج النووي قابلاً للعسكرة. لذلك، تعمل إيران لإزالة كل الذرائع من أمام الدول الغربية عبر إثبات كل النيات الحسنة حيالها، وحيال الوكالة تقنياً تجنباً لتذرع الدول بأي رغبة بالعسكرة، بحيث تلتزم بالاتفاق الأولي، عبر إزالة أكبر عدد من النقاط تقنياً، من أجل أن ينعكس الأمر إيجاباً على التفاوض.

إلا أن إيران تعتبر التفاوض الحاصل على النووي غير أساسي بالنسبة الى استراتيجيتها. إنما الأساسي بالنسبة إليها هو حل المواضيع الإقليمية، مثال على ذلك إيجاد حل لمسألة لبنان، وسوريا، والعلاقة مع الخليج وأفغانستان، والعراق وفلسطين. إيران تعتبر أن الغرب يفاوضها حول برنامجها النووي بهدف «جرجرتها» لكي لا تؤدي دوراً وازناً في المنطقة. وطهران تعتبر أن الملف الإقليمي أساسي وتريد أن يُصار الى التفرغ له. وفي الوقت نفسه تريد الانتهاء من النووي لأن وضعها الاقتصادي غير سهل، وأن ما أزيل من عقوبات بموجب الاتفاق الأولي مع الدول لا يمثل إلا ما بين 2 في المئة و3 في المئة من الناتج القومي الإيراني. وبالتالي، إن ما رُفع من عقوبات وانعكاساته، لم يحرّك الاقتصاد الإيراني. وكما يقول معظم السفراء الغربيون في إيران إن ما تمّ رفعه من عقوبات كان بمثابة وضع الزيت في المحرك ليس أكثر.

ولطالما كانت الدول الكبرى ترفض بحث الملفات الإقليمية بالتزامن مع بحث النووي مع إيران. لكن جميع من تولوا التفاوض من مسؤولين إيرانيين مع الوكالة سابقاً كانوا يريدون بحث كل الملفات مع النووي، لكن طهران عادت أخيراً واقتنعت بضرورة فصل الملفات عن النووي، لكسب مزيد من النقاط الايجابية التي يمكن للغرب أن يسجلها لها.

المسؤولون الإيرانيون يعتبرون وفقاً للمصادر، أنه ما من شك في أن إيران ستزداد قوة ليصبح دورها محورياً أكثر بعد إزالة كل العقوبات عنها مقابل تخليها عن البرنامج النووي. وهذه النقطة بالذات محور قلق خليجي، لا سيما وأن إيران أساساً من الدول المستقرة في المنطقة، وأن العقوبات خدمتها لتتطور ذاتياً، كما أن «الانتصارات» التي تحققها في سوريا تساعدها، وهذا أيضاً محور قلق خليجي، والملفان في صلب المحادثات الأميركية الخليجية الدائرة علناً وبعيداً عن الأضواء. وتشير المصادر، الى أن إيران ستسعى بعد إزالة العقوبات الى فتح علاقات مع الغرب.

وطهران متيقّنة أن المملكة العربية السعودية لها دور مهم في المنطقة. إنما إيران بدورها تريد أن تؤدي دورها الأساسي فيها. الخليج تهمه الضمانات الأمنية الأميركية، وأن لا تسعى إيران مجدداً الى امتلاك السلاح النووي، وأن سباق التسلح لا يفيد أي طرف.

الآن الأنظار متجهة الى ما سيكون عليه الحوار السعودي الإيراني كونه يتزامن مع المفاوضات الدولية مع إيران والطلب اليها إبداء دور ايجابي في قضايا المنطقة. وقضايا المنطقة تبدو أنها ما زالت عالقة في انتظار التفاهمات الكبرى.