IMLebanon

هل تخلّت واشنطن عن حلفائها في «ثورة الأرز»

وماذا عن زيارة الساعات الخمس لوزير الخارجيّة الأميركي؟

قد لا يحتاج الأمر الى تفسيرات كثيرة وعميقة للبناء على تحول ما في السياسة الأميركية بدأ يحصل منذ فترة ليست ببعيدة تجاه الملف اللبناني وفي علاقة واشنطن بمكونات المجتمع السياسي اللبناني، وهذا التحول تقول مصادر متابعة للسياسة الاميركية في لبنان من شأنه ان يظهر تدريجياً في المراحل المقبلة . فثمة مؤشرات عديدة سبقت جون كيري الى العاصمة بيروت تدل على انتهاج واشنطن سياسة مختلفة تلتقي مع مصالحها في المنطقة وتتناغم مع مسار الأحداث وما يحصل في الملف الإيراني الأميركي ، وهذه المؤشرات معطوفة على شكل الزيارة الأخيرة للمسؤول البارز في الإدارة ألأميركية جون كيري تدل على تغيير واضح ولا لبس في الموقف الأميركي وفي الإدارة المختلفة للملف اللبناني.

فحتى الساعة لا تزال الزيارة الخاطفة والسريعة لوزير الخارجية الأميركي الذي قطع جولته الخارجية مع الرئيس الأميركي باراك اوباما للقاء المسؤولين اللبنانيين مدار بحث وتفتيش تضيف المصادر لدى المتقصين في خفايا ما تضمره واشنطن، كما ان الزيارة موضع تجاذب هي الأخرى في اوساط 8 و14 آذار، حيث اطلقت تسريبات كثيرة حول شكلها ومضمونها، خصوصاً وان الزائر الأميركي تقصد حصر لقاءاته الرسمية برئيسي الحكومة والمجلس النيابي والبطريرك الماروني، وعدم تعريجه على الحلفاء في «ثورة ألأرز» لكي لا تعطى الزيارة اطاراً مغايراً لما يريده الأميركيون في هذه المرحلة وقوامه كما تقول المصادر الحفاظ على الاستقرار والأمن في لبنان، والإقرار الأميركي والاعتراف بالمؤسسات وبالحكومة والمجلس النيابي، مما يعني ايضاً الرسالة الواضحة والتي لا تحتاج لفك رموزها وتتمثل بانتقال واشنطن من دعم بعض الفرقاء في الداخل اللبناني الى تقوية الدولة ودعم المؤسسات، وفي ذلك تغيير وتبدل واضح بعدما كانت زيارات المسؤولين الأميركيين في السابق تسعى الى دعم ثورة الأرز وتصب في هذه الخانة فقط، إلا ان الواضح ان الزيارة التي اشرف على ترتيبها ووضع اطرها ديفيد هيل عكست هذا التبدل الواضح والذي لا يأت من العدم بل نتيجة القراءة المختلفة للأحداث، وانعكاساً للمفاوضات الإيرانية الأميركية وتقدم المفاوضات بين ايران ومجموعة الدول الخمس مما سينعكس على الملف اللبناني في المرحلة المقبلة.

بالمؤكد ان زيارة كيري لا تشبه زيارات المسؤولين الذين سبقوه الى الربوع اللبنانية بحسب المصادر، فهو تقصد إبلاغ المسؤولين بما هو مطلوب من لبنان حالياً وتحديداً الحفاظ على الاستقرار والأمن الذي بات خط سياسي احمر لا يجب تجاوزه، ورسم خريطة طريق لها صلة ايضاً بملف النفط المزمع استخراجه والذي يفترض ان يكون آمناً باعتباره متاخماً لمناطق النفط الإسرائيلية . في حين ان الملف الرئاسي ليس وحده في اجندة الزيارة كون الانتخابات الرئاسية يتم تحضيرها في المطابخ المشتركة الإقليمية وبالتالي فان الزيارة لن تؤدي الى انتاج رئيس للجمهوية في المدى السريع والمنظور الذي حصل .

ورغم ان الزيارة التي يمكن الاستخلاص منها انها لدعم الحكومة والمجلس النيابي وللحث على ضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار وفصل الأزمة السورية عن الملف اللبناني، فان الاختلاف واضح في اوساط فريقي 8 و14 آذار في توصيفها وتفسيرها، فبالنسبة الى قوى 8 آذار هي تختلف عن زيارات الآخرين من الإدارة الأميركية والتي كانت تصب في خانة دعم حلفاء ثورة الأرز وفي تعزيز حضورهم ومناعتهم على حساب الدولة، بدون ان يتناسى الأميركيون تظهير حقدهم وانتقادهم لحزب الله وفريق 8 آذار فيكيلون لهم الاتهامات بدعم الارهاب والوقوف الى جانب النظام، وهذا ما لم يحصل في زيارة هيل وبالعكس يمكن تبيان قراءة مغايرة بطلب كيري من إيران وحزب الله وروسيا تأمين الاستقرار في سوريا، فخطاب كيري يعبر عن التناغم الأميركي الإيراني وبان واشنطن تريد رفع مستوى اهتمامها بلبنان وانها لن توقم بخطوات بمعزل عن الحوار الاميركي الإيراني.