IMLebanon

هل تخوّف جنبلاط من خطر “داعش” في محلّه؟

احيطت الزيارة المفاجئة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله خلال الاسبوع الماضي بالكثير من التحليل والتأويل. وهذا امر بديهي نظرا الى توقيت اللقاء وطبيعته.

مصادر تابعت اللقاء توقفت عند امرين اثنين:

الاول: ان البيان المشترك الذي اصدره الطرفان تعمد الاضاءة على خطر تنظيم داعش الداهم على البلاد ما اوحى لهذه المصادر بأن ثمة قاسما مشتركا جمع الطرفين اللذين يكادان يختلفان حيال كل الملفات والقضايا والتحولات في الاقليم وفي الداخل، خصوصا بعدما عاد جنبلاط الى العزف على موقفه المعادي بشراسة للنظام في سوريا ولانخراط “حزب الله” في الميدان السوري المشتعل.

الثاني: الكلام الذي ادلى به النائب جنبلاط اخيرا والمنطوي على نقطتين مهمتين:

– ان خطر داعش وشيك وداهم ينبغي التنبه له وهو ليس مجرد تهويل.

– ان ثمة بوناً بين توجه القيادة الحريرية وبين هوى القاعدة السنية في لبنان.

لاشك في ان ثمة من شرع في سبر غور الكلام الجنبلاطي بخصوص النقطة الثانية وربما يبادر الى ادراجها في خانة اخفاق اللقاء الاخير الذي شهدته باريس قبل فترة بين جنبلاط والرئيس سعد الحريري ولكن المصادر اياها يهمها ان تذهب بالحراك والكلام الجنبلاطي المستجد في هذه المرحلة الى أبعد من حدود ذلك لتصل الى استنتاج فحواه ان ثمة جبهة داخلية حقيقية بدأت تبلور نفسها تدريجا تحت عنوان استشعار خطر تنظيم داعش وضرورة اللجوء الى فعل ما مبكر بغية سد منافذ خطرها ومنع انزلاقها بشكل مباغت الى الداخل. وعليه تجد المصادر نفسها عند استنتاج بقيام تنام حقيقي لوعي خطر ما حذرت منه منذ زمن بعيد وذهب “حزب الله” من اجله الى سوريا وبالتالي فان هذا النفير الجنبلاطي والذي تقاطعت والتقت معه قوى وشخصيات اخرى لا سيما بعد طرد المسيحيين من الموصل في العراق يسقط في نظر المصادر اياها امرين اثنين: اولهما ان تنظيم داعش هو من اختراع النظام في سوريا وهي مقولة عاش عليها طويلا اعداء النظام في دمشق. وثانيهما ان داعش وقبلها تنظيم القاعدة ليس لهما اية اطماع او مآرب في لبنان وأنهما ليسا في وارد تجاوز حدوده.

ومهما يكن من أمر هذا الاستنتاج فان ثمة في عرف المصادر نفسها صحوة حقيقية تجاه الخطر الذي يجسده تنظيم القاعدة ولقد ادركه على سبيل المثال اهالي بلدات بقاعية متاخمة لسلسلة جبال لبنان الشرقية ولا سيما اهالي بلدتي راس بعلبك والقاع ويونين فحملوا بوضوح ما يملكونه من اسلحة وبدأوا قبل فترة عمليات حراسة وسهر دائمين وأدركته قبل ذلك بكثير الاجهزة الامنية الرسمية فكا ان بدأت تدابير وخطوات وقائية واستباقية تمثلت عمليا بضبط وملاحقة العديد من الخلايا والمجموعات ومنها مثالا خلية فندق دي روي في محلة الروشة ومن ثم ملاحقتها لمنذر الحسن المتهم بتزويد عناصر هذه الخلايا الاحزمة الناسفة والاعتدة وقد فضل المذكور تفجير نفسه على الاستسلام للاجهزة الامنية التي لاحقته طويلا قبل ان تحاصره في احد الابنية في طرابلس في حين ان ثمة من يقول ان الرجل لم يُعط فرصة للاستسلام فماتت بموته متشظيا اسرار ومعلومات مهمة. وكذلك لم يعد مفاجئا القول ان إلقاء مخابرات الجيش القبض على احد ابرز رموز التشدد في طرابلس الشيخ حسام الصباغ هو جزء من حملة متعددة الابعاد هدفها قطع الطريق على اي حراك محتمل في طرابلس والشمال عموما في حال ظهور اية اخطار خصوصا بعد معلومات سرت لاحقا ومفادها ان الصباغ استدرج الى خارج معقله في احد الاحياء الشعبية في طرابلس بعدما كان على علاقة تنسيق وتواصل يومية مع اجهزة امنية رسمية تحت عنوان اعتباره صلة اتصال مع مجموعات مسلحة طرابلسية.

ووفق المعلومات نفسها فان القاء القبض على الصباغ وقبله أطالة امد اعتقال بعض قادة المحاور في عاصمة الشمال انما هو انفاذ خفي وهادئ لتوجهات وأوامر مهمة منسقة بين اجهزة الداخل واجهزة خارجية وتحديدا غربية زودت الاجهزة الداخلية العديد من المعلومات والوقائع الموثقة التي منعت المجموعات الارهابية السورية من تنفيذ امر عمليات اوكل اليها سواء في الداخل او في نطاق عملها في سلسلة جبال لبنان الشرقية المتداخلة مع منطقة القلمون السورية حيث تخوض وحدات من “حزب الله” مواجهات شرسة مع مجموعات ارهابية متعددة الانتماء بغية درء خطر هذه المجموعات التي ذكر انها كانت على وشك التمدد نحو بلدات لبنان في البقاع الشمالي في منتصف شهر تموز الماضي فسارع الحزب الى القيام بهجمات استباقية مكلفة له لكن الحزب يعتقد انها حققت هدفها المنشود ودفعت الحزب الى المضي قدما في تنفيذ قراره المتخذ سابقا وهو تطهير تلك المناطق الحدودية القصية من تلك المجموعات مهما كان الثمن. ولقد صار معلوما ان الاجهزة الغربية في تنسيقها المنظم والدقيق مع الجهات المعنية في الداخل اللبناني انما تنفذ توجهات صارمة من عواصمها عنوانها العريض الحفاظ على الاستقرار والامان في لبنان والحؤول دون تكرار تجارب شبيهة بتلك التي حصلت في وسط العراق في الاونة الاخيرة وقبلها في مناطق في الساحة السورية او على الاقل الحؤول دون تحقيق طموحات عصفت في رؤوس البعض في لبنان بعد المكاسب السريعة التي حققها تنظيم داعش في وسط العراق وفي مناطق في اطراف سوريا. ومهما يكن من امر فان ثمة دوائر في بيروت تتحدث عن ان لبنان قد نجا فعلا من مفاجأة سلبية كانت ستحصل ولكن ثمة من لا يزال يعمل ليمنع حصول اية مفاجآت لان الخطر لا يزال متربصا وواردا ويبدو ان جنبلاط في مقدم الذين ما برحوا يخشون وينبهون