IMLebanon

وماذا عن كارثة زاحفة؟

فاجأتنا الحكومة في جلستها الاخيرة برزمة تعيينات للمحافظين مرت كالسهم او كالمياه النازلة على رغم هبوطها على الجلسة من خارج جدول الاعمال لتبرز واقع حكومة يراد لها ان تكتسب قوة اكثر من محسوبة على اعتاب فراغ رئاسي مهرول. اكثر من ذلك عكست محاصصة المحافظين، على رغم ان احدا لا ينكر اهمية الخطوة، توزع القوى الجديد داخل الحكومة، مما يؤشر الى كسح الالغام التي كانت غالبا ما تعترض اتخاذ القرارات الاساسية، فاذا بالمفاجأة الماثلة الآن تطلع من حكومة تحكم فعلا.

لا نثير هذا البعد على سبيل التخويف من البديل الحكومي من فراغ رئاسي يكبر خطره تباعا، بل ان الامر ابسط بكثير ويتعلق بأولويات لا تحتمل تأخيرا او اهمالا. من وحي الجلسة الاخيرة تحديدا سمع اللبنانيون ان ملف هدر بمئات ملايين الدولارات اشعل سجالا في الجلسة. ولذا نسأل: هل سمع مجلس الوزراء بما يسمى كارثة الجفاف وشح المياه هذه السنة؟ وهل يدرك ان قرى لبنان تحفر الآبار الجوفية من اموال الفلاحين والفقراء الذين ضربتهم الكارثة؟
اذا كان ملف الهدر في وزارة واحدة يقدر بمئات ملايين الدولارات، واذا كان البحث جاريا عن تمويل سلسلة الرتب والرواتب بمليارات لا عد لها ولا حصر، فماذا عن قرية تجمع بشق النفس عشرات الوف الدولارات لتدرأ عنها كارثة العطش ويباس المواسم والبساتين ؟ ما بالكم بالوف القرى المهددة باليباس والهجرة فيما لا يقوى ابطال الطبقة السياسية الحديثة النعمة والقديمة سواء بسواء على مس صناديق الممنوعات ومربعات التهريب التي تكفل وحدها اعانة سائر قرى لبنان على الكارثة الزاحفة؟
انزلق لبنان الى اكبر كوارثه اطلاقا مع تحوله ارض لجوء لنحو مليون ونصف مليون سوري حتى الآن بفعل انعدام التخطيط والرؤية والحزم. وها نحن الآن على مشارف كارثة طبيعية غير مسبوقة لم تأخذ حتى الساعة مجرد وقفة ومسح للاهوال الآتية. لا نعتقد، بصراحة مطلقة، ان القروي المرتعب على رزقه وجناه وحياة عائلته يأبه كثيرا لاستحقاقاتكم او لاولوياتكم ما دامت كارثة الشح والعطش تنذره بمزيد من الافقار والبؤس بالاضافة الى تفاقم خطر الهجرة بفعل هذا الاستسلام المخيف لنكبة اللاجئين التي تهدد لبنان باجتياح ديموغرافي كياني.
انها مسألة اللبنانيين الاولى قبل محاصصات الطبقة السياسية. اساسا هذه الطبقة تنازع اشد مصائرها بؤسا وهي تقترب من اعلان تفليستها الكبرى في الاخفاق في انتخاب رئيس. افلا يخطر لها مثلا اعلان حال طوارئ لمواجهة اشد اخطار الجفاف فوق نكبة الصيف الآتي محمولا بما يزيد عن ثلث عدد اللبنانيين من اللاجئين ؟ هل تصور احد حجم ما ينتظر لبنان في عهد الفراغ من كل شيء؟