IMLebanon

يوم سوري واحد

في يوم واحد، اعلن الممثل الخاص المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الاخضر الابرهيمي استقالته، واتهم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس خلال وجوده في واشنطن النظام السوري باستخدام الاسلحة الكيميائية مرة أخرى، كما التقى الرئيس باراك أوباما للمرة الاولى رئيس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” أحمد الجربا. ثلاثة تطورات سورية تظهر بشكل نافر مدى اخفاق المجتمع الدولي، بمن فيه الذين يسمون أنفسهم “اصدقاء الشعب السوري” في حل أسوأ نزاع وأكبر مأساة انسانية في القرن الجديد. وتزامنت هذه التطورات، بعيد استعادة النظام معظم مدينة حمص اثر تحويله اياها انقاضاً واطلالاً، وبعد قرار الرئيس السوري بشار الاسد اعادة انتخاب نفسه رئيساً لولاية ثالثة، في خطوة كانت الاسفين الأخير في نعش “عملية جنيف”.
استقالة الابرهيمي، المعروف بصبره الاسطوري، تعكس يأسه من احياء المفاوضات في أي وقت قريب، او في اي وقت. الابرهيمي كان ينتقد النظام والمعارضة أحياناً، الا انه ألقى اللوم على النظام لاخفاق آخر جولات المفاوضات، وانتقد مسرحية الانتخابات الرئاسية كدليل آخر على رغبة النظام في نسف المفاوضات. وعدم تعيين خليفة للابرهيمي بحد ذاته اعتراف مدوّ بان الحرب مستمرة لوقت طويل. وسوف ينضم الابرهيمي الى سلفه كوفي انان، كآخر ضحية سياسية لنظام الاسد.
واتهام فابيوس للنظام باستخدام غاز الكلور ضد المدنيين، بعد بروز ادلة كثيرة وتأكيدات من اكثر من مصدر، هو مؤشر آخر لكون الحل السياسي الذي يؤمن به ويدعو اليه النظام في دمشق، هو الحل العسكري. ويقول المسؤولون في واشنطن ان النظام في سباق سريع مع موعد الانتخابات في 3 حزيران المقبل، وانه يعمل على تصعيد الهجمات العسكرية على حلب لتركيعها، لأنه يريد ان يقول للعالم، من خلال تصوير المواطنين وهم يدلون بأصواتهم في دمشق وحمص وحلب واللاذقية وغيرها من المدن الرئيسية انه استعاد السيطرة على اهم التجمعات السكنية في البلاد، وإن عملية اعادة البناء ستبدأ فور الانتخابات. صلف المسؤولين وصل الى مرحلة الحديث عن احياء السياحة، وكأن الاطلال والانقاض سوف تكون المعالم السياحية الجديدة في “سوريا الاسد” كما يتشدقون.
قدم رئيس الائتلاف الوطني أحمد الجربا ووفده المعارض في واشنطن طرحا واقعيا لمطالب المعارضة لـ”تحييد” سلاح الجو السوري الذي يروع المدنيين ببراميله المتفجرة. واذا قرر أوباما الاستمرار في موقفه الرافض لتزويد المعارضة صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف،وهو أمر غير مستبعد، عندها يكون قد انزل بسوريا، مرة اخرى، عقوبة مواصلة الانزلاق الى جحيم حرب لا احد يرى أفقاً سياسياً لها، ولا يتعامل معها “الرأي العام” العالمي بقلق كبير كما فعل خلال حرب البوسنة في التسعينات من القرن الماضي.