IMLebanon

3 أسابيع في أميركا

قلّما اتخذت أي زيارة رسمية من قيادي كبير في دولة الى دولة أخرى ما تتخذه زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الى الولايات المتحدة الأميركية من أهمية قصوى تكاد تكون غير مسبوقة… خصوصاً أنّ اللقاءات التي يعقدها الرجل لا تقتصر على سيّد البيت الابيض الرئيس دونالد ترامب على أهمية هذا اللقاء، إنما ستشمل المسؤولين الكبار في الإدارة الأميركية وفي المجلسين (الشيوخ والنواب) وكذلك قادة الرأي وكبار رجال المال والأعمال والمستثمرين.

 

والأسابيع الثلاثة التي سيمضيها الأمير الشاب في الولايات المتحدة الأميركية لن تكون وقفاً على واشنطن ونيويورك إنما ستشمل بالتأكيد مجموعة من المدن والولايات الأخرى، وهو سيلتقي كبار المسؤولين الماليين في نيويورك ويلتقي “غوغل” و”آبل” وكبريات شركات التكنولوجيا، وأيضاً شركة “لوكهيد مارتن” لتصنيع السلاح.

وبالتالي فهي ليست زيارة سياحية، إنما هي زيارة عمل متواصل ومرهق، ولكنه هادف الى إعادة الشباب الى العلاقة القديمة القائمة بين البلدين، كما قال ولي العهد أمس، والتي ترقى الى ثمانية عقود من الصداقة الثابتة والتعاون المتواصل.

وبقدر ما يلفت في الزيارة المواضيع والقضايا الإقليمية والدولية الحسّاسة التي كانت مدار بحث بين سيّد البيت الابيض والأمير الآتي من المملكة على صهوة جواد اسمه التغيير والحداثة والإعتدال، بقدر ما أثار الإعجاب وهو يتحدث الانكليزية بطلاقة وأصول، أمّا الملفات التي كانت وستكون (طوال الزيارة) مدار بحث واهتمام، فيمكن إدراجها في الآتي:

* أوّلاً- الاستثمار: فقد قال ولي العهد السعودي إننا نعمل على خطة لاستثمار 200 مليار دولار بين البلدين، وعُلم، في هذا السياق، أنّ هذا الاستثمار سيتمثل في مجالات عديدة بينها ما يتعلق بالبنى التحتية الاميركية بما فيها الجسور وسواها على قاعدة B.O.T.

* ثانياً- الإرهاب والأمن: فقد أكد الزعيمان أنّ العمل المشترك بينهما يتم “بشكل جدّي” لوقف تمويل الإرهاب من أي جهة جاء هذا التمويل، وقد اتفقا على “إنهاء العلاقة بين أي دولة في العالم وبين الإرهاب”.

* ثالثاً- النووي الايراني: هذا الملف استأثر بقسط من المباحثات في البيت الابيض، وقد حرص ترامب على عدم الكشف عن التفاصيل مكتفياً بالقول إنّ هذا الموضوع “سيحسم”.

* الملف السوري: في ما تسرّب من معلومات أنّ البلدين سيعملان على إنهاء الحرب في سوريا، كل من جهة قدراته وإمكاناته ودوره ونفوذه (…).

* الملف اليمني: لجهة ضرورة تسريع إنهاء الأحداث في اليمن.

واللافت أنّ الوجه الذي تكشف للأميركيين من الأمير محمد بن سلمان هو وجه المثقف، عميق الاطلاع، صاحب الكلام “الموزون” الذي يملك من المعلومات الكثير الكثير، والتي يجيد استخدامها في الوقت المناسب، وفي الموقع المناسب كما قال أحد كبار المعلقين في التلفزة الاميركية.

إنها زيارة تدشّن عهداً جديداً في مسار العلاقة القديمة، عهد من الندّية والمصالح المتبادلة… زعيم عربي شاب يصادق وليس على حساب المبادئ والقِيَم، ملتزم بالحل لأزمة الشرق الأوسط وإحلال السلام كمدخل لوقف اللهيب في هذه المنطقة المشتعلة.

عوني الكعكي