IMLebanon

8 و 14 اذار مجددا ؟  

ليس من قبيل الصدفة أن تشي المواقف من قانون الانتخاب بانقسام سياسي يستعيد بصورة غير مباشرة الاصطفاف الذي ساد في السنوات الاخيرة بين فريقي 8 و 14 اذار،بعدما ظن اللبنانيون أنه انتهى بانتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري.

من جهة يقف حزب الله رافعا شعار النسبية الكاملة على رأس تحالف يضم حركة امل والتيار الوطني الحر والحزب الديمقراطي اللبناني وعدد كبير من الحلفاء غير المعلنين مثل رئيس حكومة اللون الواحد نجيب ميقاتي التي أنتجت قانون الـ 13 دائرة مع النسبية، بالاضافة الى قوى وشخصيات محسوبة اساسا على فريق 8 اذار، ومن جهة ثانية يقف تيار المستقبل رافعا شعار القانون المختلط، أو الابقاء على الاكثري، ومعه القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وغيرهما من القوى التي شكلت العماد الاساسي لفريق 14 اذار .

يجري ذلك وسط حديث عن استعار المواجهة الاقليمية مجددا بين السعودية وايران بعد صعود دونالد ترامب الى سدة الحكم في الولايات المتحدة الاميركية، واتخاذه قرار المواجهة مع الاخيرة من بوابة الاتفاق النووي. كما يأتي بعد تحقيق المحور الايراني السوري المدعوم من روسيا تقدما ما في الازمة السورية،تمثل بالسيطرة على مدينة حلب، بالاضافة الى اعادة تموضع الموقف التركي.

المواقف اللبنانية المختلفة من صراعات المنطقة معروفة سلفا،وقد التقت مختلف القوى،في لحظة ما، على تجاوز هذا الاختلاف، وابعاد  لبنان عن النزاعات الاقليمية، وتحديدا في وقت تجمدها، سواء بالاتفاق النووي، أو مراوحة الحرب السورية عند نقطة اللاحسم.

فهل تغير الوضع اليوم دوليا واقليميا حتى ينعكس سلبا على لبنان فيعود الصراع السياسي مجددا؟

في قراءة عدد من الديبلوماسيين الاوروبيين، في صحف فرنسية خصوصا، فان الموقف الاميركي مع ترامب لم يتغير كثيرا عن السابق،فعدا عن النكسة التي تعرض لها الرئيس الاميركي الجديد في موضوع منع مواطني سبع دول اسلامية من دخول بلاده،فان الادارة الاميركية لم تبدل موقفها من الازمة السورية، وانها ليست بصدد التصعيد فلسطينيا بنقل السفارة الى تل ابيب، على الاقل مرحليا. اما بالنسبة لايران فان التهديد بالغاء الاتفاق النووي اثناء الحملة الانتخابية لترامب فتحول الى اعادة نظر، مع كثير من الصخب الاعلامي، ليس الا.

اذا التفاهم الاقليمي الذي انتج انهاء الشغور الرئاسي اللبناني لا يزال قائما، وهو لم يهتز حتى. كل ما حصل هو أن اللبنانيين امام استحقاق انتخابي جديد، وكالعادة في هكذا حالات، تغلب الحسابات السياسية لكل فريق على ما سواها.

«قانون ميقاتي» وضع في لحظة تراجع قوى 14 اذار وفي ظل وجودها خارج الحكم، باستثناء النائب وليد جنبلاط الذي وافق عليه محشورا، وقد صمم مشروع القانون ذاك من اجل تهميش من هم خارج الحكومة آنذاك، وتعزيز الحضور النيابي لمكوناتها. لذلك فمن الطبيعي ان ترفضه 14 اذار اليوم.

اللافت في النقاش الدائر حاليا، افتراق طرفي تفاهم معراب،التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، اذ ان النسبية الكاملة التي ينادي بها الرئيس عون، مضرة بالقوات، فهي تعطي الافضلية للتيار البرتقالي في معظم الدوائر ذات الاغلبية المسيحية، وكذلك في الدوائر الاخرى، من ناحية، كما تسمح النسبية الكاملة للكثير من المستقلين المسيحيين في النفاذ الى الندوة البرلمانية اذا احسنوا نسج تحالفاتهم، من ناحية ثانية.

في الواقع فان مشكلة قانون الانتخاب هي دائما مسيحية،أما لدى الطوائف الاخرى، باستثناء حالة جنبلاط الحزبية، فالمشكلة ليست كبيرة، سواء عند الثنائي الشيعي، او عند تيار المستقبل، فهي قوى تمثل طائفتين كبيرتين ذات امتداد شعبي واسع، وهي قادرة على التعامل والتكيف مع اي قانون انتخابي.