IMLebanon

مواجهة جديدة بين السلطة والرأي العام

 

مما لا شك فيه أن ردّ المجلس الدستوري لقانون الضرائب، زاد من الإرباك الذي تعيشه أصلاً حكومة الرئيس سعد الحريري، بحيث أن مثل هكذا قرار أعاد الأمور إلى المربّع الأول، مما سينعكس بشكل مباشر على الشارع الذي يستعد لأوسع تحرّكات مطلبية ستشمل غالبية القطاعات والمناطق. وبصرف النظر عن الإتجاهات الحكومية بالنسبة إلى تأجيل أو تعليق العمل بقانون سلسلة الرتب والرواتب، فإن مصدراً نيابياً مطّلعاً، اعتبر أن التحدّي الكبير اليوم بات في العودة إلى إقرار الموازنة مع قطع الحساب من جهة، وإدراج الزيادات الضريبية من ضمنها من جهة أخرى. لكنه كشف أن إنجاز عملية قطع الحساب دونها صعوبات، الأمر الذي سيؤدي إلى تأخيرها، أو على الأقل تأجيلها في الوقت الراهن، وأوضح أن هذا الأمر سينعكس على مشروع الموازنة برمّته، أي على الضرائب المقترحة من ضمن الموازنة لتمويل كلفة سلسلة الرتب. واعتبر المصدر النيابي نفسه، أن مجلس الوزراء، كما مجلس النواب، يتشاركان اليوم في عملية البحث عن بدائل لتمويل السلسلة، ولإعادة الجدول الضريبي بعد إلغاء المواد التي أبطلها قرار المجلس الدستوري الأخير.

وإذ اعتبر المصدر النيابي عينه، أن أمام الحكومة خيار وحيد يتمثّل بضم الإجراءات الضريبية إلى الموازنة العامة، توقّع أن تتسارع الإتصالات على محور بيت الوسط ـ عين التينة من أجل تأمين المخرج القانوني العادل للأزمة الحالية عبر مشروع قانون جديد يؤمّن تغطية كلفة السلسلة ولو بعد حين. ورفض المصدر أي حديث عن غياب الأموال، معتبراً أن الحكومة تستطيع أن تستعمل رصيدها الفائض لتغطية السلسلة، وأن تعيد النظر في الإجراءات الضريبية بحيث لا تصيب الطبقات أصحاب الدخل المحدود.

من هنا، فإن الإرباك الواسع الذي عبّرت عنه مواقف المسؤولين في الأيام القليلة الماضية، سيرسم خارطة طريق جديدة داخل السلطة لإصدار القرارات، إذ أكد المصدر النيابي نفسه، أنه بعد قرار المجلس الدستوري، قد بات على مجلس الوزراء أن يعمل لتحقيق العناوين العريضة المتعلّقة بمكافحة الفساد، وفي مقدمها ترشيد الإنفاق وضبط الهدر وتفعيل الجباية لتمويل السلسلة، وليس الإتكال على فرض ضرائب جديدة بطريقة عشوائية غير مبرمجة. وأضاف أن هذه المعادلة تنسحب أيضاً على المجلس النيابي، الذي بات أمام حتمية حسم مشروع الموازنة العامة، لأن أي تأخير في إقرار هذه الموازنة، سيقلب المعادلات السياسية في ضوء ردود الفعل العنيفة التي بدأت تظهر لدى الموظفين في القطاع العام، كما الأساتذة في القطاعين العام والخاص جراء الربط الحاصل ما بين قانون الضرائب وسلسلة الرتب والرواتب.

وفي سياق متصل، وجد المصدر النيابي نفسه، أن المجلس النيابي بات اليوم أمام عملية إعادة دراسة للقانون المطعون به من قبل المجلس الدستوري، وإعداد قانون جديد للضرائب يأخذ في عين الإعتبار ملاحظات المجلس الدستوري على القانون الذي أبطله، وبالتالي، فإن بدائل التمويل للسلسلة باتت مترابطة بأزمة قطع الحساب لإنجاز الموازنة العامة، وهو ما سيخلق مشكلة جديدة على الساحة الداخلية تؤدي إلى انقسام حاد تتواجه فيه السلطة مع الرأي العام.