IMLebanon

سنة على العهد.. و«التخبط العشوائي» يتحكم بالعديد من الملفات..؟!  

 

يكاد يكون هناك شبه اجماع بين الافرقاء السياسيين، على ان لبنان يتخبط تخبطاً عشوائياً في ادارة العديد من الملفات الأساسية الضاغطة والداهمة، وكيفية الخروج منها.. وليس لدى أصحاب القرار رؤى موحدة تخرج البلد من الظلمات الى النور، ومن البلبلة والفوضى الى الوضوح والجلاء واليقين.. وذلك على الرغم من التوافق على الخطوط العامة – العريضة في العديد من هذه الملفات، وتبقى الخلافات في «التفاصيل حيث تكمن الشياطين» ومن أبرزها ملف الانتخابات النيابية.. والكهرباء والنفايات والنازحين السوريين..

 

تتجه الأنظار اليوم الى ما ستكون عليه مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهو يطفىء الشمعة الأولى من عمر عهده الذي قد يكون من الصعب تحميله الجزء الأكبر من مسؤولية الدوران في حلقة الملفات المفرغة.. وهو يعيش لحظة بلحظة الضغوطات التي يتعرض لها لبنان، و»ليس باليد حيلة..» خصوصاً تلك الخارجية الصادرة عن الادارات الاميركية في وجه «حزب الله» وما يمكن ان تؤول اليه، وسط سيناريوات عديدة، لا تجزم ولا تنفي احتمال المواجهات العسكرية – مع الكيان الاسرائيلي..

 

يصعب، بل يستحيل الفصل بين «عهد» الرئيس عون وحكومة «استعادة الثقة» برئاسة الرئيس سعد الحريري، والدور البالغ الأهمية لمجلس النواب برئاسة الرئيس نبيه بري.. وقد كان لافتاً حضور الرؤساء الثلاثة حفل افتتاح السنة القضائية 2017 – 2018 في ساحة قصر العدل حيث كانت كلمة لرئيس الجمهورية، غير مسبوقة على هذا القدر من الجرأة وهو يسمع العالم ان «سمعة القضاء من سمعة القضاة..» على خلفية ما «تناولت الشائعات القضاء في مختلف مواقعه، متهمة إياه بالفساد وعدم الفعالية،. وبالتبعية للسلطات السياسية التي ألغت استقلاليته وفرضت على قسمٍ من القضاة ضغوطاً جعلتهم ينحرفون عن السلوك القويم، ويبتعدون عن الاداء الصحيح وينسون ان عليهم إحقاق الحق في المقاضاة بين الناس..» وهو إذ يذكر بوجوب «ان لا ننسى ان الانسان سمعة.. وأمام هذه الأوضاع التي تسود اليوم أجواء الرأي العام أصبح لزاماً علينا ان نعيد النظر في النظام الذي يرعى مؤسساتنا القضائية من خلال مقاربة جديدة بعين الاعتبار الشوائب والنواقص والثغرات في قلب النظام القضائي فنحصن بذلك استقلاليته ونزاهته ونزيد من فعاليته..».

 

بعيداً من جدوى او واقعية اقتراح «جعل السلطة القضائية سلطة منتخبة، لتصبح حكماً سلطة مستقلة مع استقلال اداري.. فنكون فصلنا فعلياً بين السلطات» التشريعية والتنفيذية والقضائية.. فإن وضع اليد على هذا الملف، على هذا النحو من الوضوح والجرأة والدقة والموضوعية عمل غير مسبوق ويعزز الثقة بأن الأمل في الاصلاح» لم ينتهِ بعد، والكل متفق على «ان العدل أساس الملك..»؟! و»ان تأتي متأخراً خير من ان لا تأتي..»؟!

 

يدرك الرئيس عون ان المسألة ليست سهلة وان هناك معترضين كثر على أي تغيير جوهري قد يطال صلب النظام القضائي كما السياسي كما الاداري والتشريعي وأي تقييد سيحصل، سيطاول عديدين ممن ليس مصلحة في ذلك، وهم كانوا ومازالوا ثمره هذا الواقع المشكو منه، وعلى مدى عقود من الزمن.

 

صحيح ان التغيير يحتاج الى وقت، لكن السوء الى أين هي إرادة التغيير هذه؟! والجميع يتخبطون تخبطاً عشوائياً في ملف الانتخابات النيابية وطريقة اجرائها، في موعدها المقرر في ايار المقبل، وملف النازحين السوريين الذي حط بثقله في الواقع اللبناني وبات على السنة وشفاه الكثير من القيادات السياسية والروحية، خصوصاً وأنه بدأ يأخذ طابعاً ديموغرافياً، ويصوّره عديدون على أنه أصبح خطراً ديموغرافياً على بيئات معينة، وتحديداً المسيحية منها..»؟! وقد أمسك رئيس الجمهورية بالخطوط العربية عبر الرسائل التي أرسل بها الى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، والامم المتحدة، والجامعة العربية.. لكن لا جواب، أقله حتى اليوم؟!.

 

لقد سبق للرئيس سعد الحريري ان حمل المسألة النازحين في زيارته الخارجية، واخرها الى قبرص.. بعدما كان وضع هذه «الأمانة» بيد القيادات الروسية بالنظر الى أهمية الدور الروسي في سوريا سيما ان الرئيس عون «لن يقف مكتوف اليدين ازاء الخطر المتنامي او يغض عنه الطرف لما قد يتركه ذلك من تداعيات قد لا تبقى محصورة في الداخل اللبناني اذا لم تعالج هذه المسألة، كما قال في مناسبات عديدة.. أبرزها ما جاء في مواقفه من الامم المتحدة وقصر الاليزيه وأمام سفراء الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في الامم المتحدة.. على رغم قناعة الجميع ان «التسوية في سوريا لم تنضج بعد وغياب معطيات حسية يمكن الرهان عليها لتحديد موعد عودة النازحين».

 

اللافت، أنه وفي ظل هذه المشهدية، الشاملة، خارجياً وداخلياً، وعلى الرغم من انشغال عديدين بالزيارات الميدانية الى مناطق غابوا عنها طويلاً، على أبواب الانتخابات النيابية المقبلة، بهدف توظفيها انتخاباً أقله للحفاظ على أوضاعهم، او تطويرها اذا أمكن وتأكيد المعنيين ان الانتخابات حاصلة، ومن يعمل لغير ذلك «فليخيط بغير هالمسلة..» فإن المراوحة ماتزال مستمرة حول مسألتين: «التسجيل المسبق» و»البطاقة البيومترية».. على رغم ان الوقت بدأ يضيق، وقد حذر وزير الداخلية نهاد المشنوق في إحدى جلسات اللجنة الوزارية المختصة من ضيق الوقت».. ومازال أمامنا إلا بضعة أيام..

 

حساب حقول العديد من الافرقاء السياسيين لا يتفق وحسابات البيادر.. واذا كانت طريقة معالجة أزمة النزوح لاتزال تدور بين خيارين: التواصل المباشر مع الحكومة السورية وبين رفض ذلك، فإن مسألة «التسجيل المسبق» و»البطاقة البيومترية» لا تقل تعقيداً، ولكل طرف حساباته..؟!