IMLebanon

الديار: «تهيب» فرنسي وراء تريث أديب… هل نجح «الثنائي» في افشال «الانقلاب»؟

ساعات حاسمة حكوميا وتراجع الرئيس المكلف عن مقاربته يسهل «الولادة»
الجيش يضرب الإرهاب وتحذير من «خلايا نائمة»… «قنبلة كورونية» في رومية 

ابراهيم ناصرالدين

 

اعاد الجيش بشهدائه الاربعة توجيه البوصلة الداخلية الى مكامن خطر الارهاب الذي يعيد تنظيم نفسه على الساحة اللبنانية «بصمت»، بتوجيهات خارجية تريد اعادة توتير الداخل اللبناني على ايقاع التطورات المتلاحقة في المنطقة، ولولا تضحية «الشبان» الشجعان الذين سقطوا في بلدة كفتون، لكانت «المباغتة» الارهابية ستكون مدوية بعدما ترجح التقديرات ان المجموعة كانت مكلفة عملية تستهدف احداث ضربة قاسية للسلم الاهلي في البلاد، ومع الانجاز المحقق امنيا في الساعات القليلة الماضية، يمكن القول ان واحدة من الخلايا الارهابية باتت «خارج الخدمة»، ولكن ما ينتظرنا يبدو على درجة كبيرة من الخطورة وسط الانهيار الاقتصادي، والفراغ السياسي، الذي تسعى اكثر من دولة لاستغلاله داخليا…

في هذه الاثناء، ومع مواصلة تحليق عداد الاصابات «بكورونا»، وسط مخاوف من «قنبلة» صحية تطل برأسها من سجن رومية، لم تولد حكومة مصطفى اديب «الفرنسية»، وسط تضارب في المعلومات حول تطورات الشأن الحكومي ومصير المبادرة الفرنسية، لكن رهان البعض على «الوقت» لحشر «الثنائي الشيعي» ومعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، عبر تقديم مسوّدة الحكومة العتيدة لم يحصل بالامس، في مؤشر على «تهيب» الجهات الخارجية، وفي مقدمها فرنسا، والاطراف الداخلية التي تدير التفاوض من خلف «الستار»، من الاقدام على «دعسة ناقصة» تفقد حظوظ نجاح المبادرة الفرنسية، وتدخل البلاد في «مجهول» لا احد يمكنه تحمل كلفته، خصوصا ان المواجهة مع «الثنائي الشيعي» مكلفة جداً ولا يمكن تحملها، خصوصا بعدما وصلت «الرسالة» بوضوح من قبل «الثنائي» الى كل من يعنيهم الامر في الداخل والخارج، بأن ما لم يؤخذ في حرب تموز بالقوة العسكرية، لن يعطى بالقوة الناعمة في «زمن» العقوبات الاميركية، واذا ما اراد الفرنسيون النجاح على الساحة اللبنانية فعليهم الدخول من «الباب» وليس من «النافذة»، واذا كانت الحكومة العتيدة لتنفيذ الاصلاحات، فما معنى اذا استهداف مكون اساسي لا يزال يملك فائضا من القوة، يجعله لاعبا مقررا في لبنان والاقليم؟ وما لم تقدر عليه اسرائيل ومن ورائها اميركا لن تستطيع فرنسا تحقيقه عبر تدفيع «الثنائي» ثمنا سياسيا يتناقض مع الوقائع اللبنانية والاقليمية… فهل ستفتح هذه المعطيات «ثغرة» تسمح بولادة الحكومة العتيدة؟ هذا ما تتوقعه مصادر مطلعة فيما تبقى اخرى حذرة وتدعو الى التريث قبل الحديث عن انفراج؟

سقوط الرهانات…

فبعد ساعات من التهويل حيال اتجاه الرئيس المكلف مصطفى اديب لتقديم مسوّدة الحكومة الى رئيس الجمهورية ميشال عون خلال زيارته امس قصر بعبدا، خرج بعد اللقاء الذي دام 45 دقيقة معلنا ان الجلسة كانت لمزيد من التشاور. ووفقا للمعلومات، ثمة قناعة بدأت تتولد لدى القوى الدافعة للتشكيل، بأن ولادة حكومة تحد او مواجهة، لن يكتب لها النجاح، وموقف «الثنائي الشيعي» بعدم المشاركة في الحكومة، حمل تحذيرا واضحا باحتمال عدم تجاوزها امتحان «الثقة» في البرلمان، واذا تشكلت ستكون عاجزة، والرهان على ان رئيس الجمهورية بات ملتزماً بالتوقيع على التشكيلة الحكومية التي سيقدّمها اديب، بعد التزام جبران باسيل بالمبادرة الفرنسية، آخذاً مسافة من الثنائي الشيعي، لم يعد رهاناً في مكانه، ولذلك سيسعى اديب الى التوصل الى صيغة وسطية في شأن حقيبة المال التي يتمسك بها «الثنائي»، واذا لم تنجح المحاولة فإنه سيضطر الى «الاعتكاف» وتحميل المعرقلين النتائج السلبية امام اللبنانيين والخارج.

تغيير جوهري في مقاربة اديب؟

في المقابل، ووسط تتضارب في المعلومات حول مسار التطور الحكومي، علمت «الديار» ان تغييرا جوهريا سيطرأ على مقاربة اديب الحكومية من خلال تشغيل محركاته للتواصل مع مكونات الاغلبية النيابية، وبعد اتصاله بالنائب جبران باسيل، سيحصل التواصل مع «الثنائي الشيعي» للتعاون في ايصال الحكومة الى «بر الامان» وعلى قاعدة تثبيت وزارة المال للشيعة، على ان يتولى رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالتنسيق مع حزب الله، تقديم لائحة تضم 3اسماء للحقيبة يختار منها اديب، مع الانفتاح على تقديم اسماء جديدة ما لم يتم التوافق على تلك الاسماء، ومن المتوقع ان تتبلور هذه الصيغة في الساعات القليلة المقبلة، بعدما اقتنعت باريس بصعوبة تجاوز «العقدة» الشيعية، وباتت اكثر مرونة في هامش الوقت مع تمديد مهلة التشكيل عدة ايام.

وقد لخصت اوساط سياسية بارزة في «الثنائي الشيعي» ما حصل خلال الساعات الماضية، بأنه فشل للانقلاب على المقاومة، وتأكيد ان التهويل والتهديد لا «ينفع»، والتعاون هو الطريق الصحيح لانقاذ البلاد من ازمتها الاقتصادية الخانقة بعيدا في الحسابات السياسية الضيقة ومحاولات استغلال الفرص لاضعاف مكون اساسي في البلد.

تشدد «الثنائي» في المداورة

وتشير اوساط «الثنائي» الى ان حركة امل وحزب الله يعملان على انجاح المبادرة الفرنسية ومستعدان للتعاون والتسهيل، لكن ما يقوم به الاخرون هو افشال للمبادرة، واذا كانوا صادقين في دعمهم لهذه المبادرة ويريدون انجاحها، فما عليهم الا مراعاة التوازنات السياسية وعدم تجاوز مكون اساسي في البلد، واذا كان ثمة من يريد المداورة فلتكن المداورة شاملة في كل المواقع ومن دون استثناء، فلا الدستور ولا الطائف ينصّان على تحديد مواقع معينة لأي طائفة، لا على مستوى الرئاسات الثلاث، ولا على مستوى اي من وظائف الفئة الاولى الادارية والامنية والقضائية.وفي هذا الاطار، ساد الارتياح بالامس في عين التينة بعدما تجنب اديب حمل تشكيلة حكومية غير متفق عليها الى بعبدا ، ما يعني ان كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري فعل فعله…

هل يسحب «الغطاء السني»؟

من جهتها، ترفض مصادر «المستقبل» تحميل الرئيس سعد الحريري مسؤولية التشدد في مواجهة «الثنائي الشيعي»، وتلفت الى ان رؤساء الحكومات السابقين تلقفوا المبادرة الفرنسية وتعاملوا بإيجابية معها، ومصطفى اديب ليس محسوباً عليهم، وهم لم يضعوا اي شرط انطلاقا من دقة المرحلة، وانطلاقا من هنا يؤيد الحريري معادلة خروج كل القوى الموجودة في السلطة من الحكم لفترة قصيرة. ووفقا لتلك الاوساط، في حال سقطت المبادرة الفرنسية، فإن الغطاء السني الذي منح للرئيس اديب لن يمنح لاي شخصية اخرى.

باريس تدخل على «الخط»

وبانتظار الترجمة العملية لهذه الخلاصة الواقعية للتطورات، وبانتظار تجاوز «شياطين» التفاصيل، دخلت باريس علنا على خط التشكيل ودعت القوى السياسية اللبنانية التي ايدت تشكيل حكومة سريعاً الى ترجمة هذا التعهّد إلى أفعال من دون تأخير، وأشارت الخارجية الفرنسية الى ان الرئيس ماكرون دعا قادة الأحزاب الذين التقاهم في قصر الصنوبر الى الالتزام بما تعهدوا به أمامه من تسهيل لولادة الحكومة، وقد صدر الموقف الفرنسي بعدما تراجع اديب عن حمل مسودة رسمية للحكومة الى بعبدا، اختار «التريث» بالاستناد الى المهلة «الماكرونية»، وحلّت محلها جولة مشاورات رئاسية اضافية مع رؤساء الكتل النيابية، والسؤال يبقى لماذا تولى الرئيس عون مهمة يجب ان تكون من مهام الرئيس المكلف؟ ولماذا «يكبل» اديب نفسه بقواعد غير مسبوقة تجعله اسيرا لمواقف واجراءات لن تؤدي الا لبقائه رئيسا مكلفا عاجزا عن التشكيل؟

هل من «صيغة جاهزة»؟

وفي وقت باشر رئيس الجمهورية بعد ظهر امس مشاورات مع رؤساء الكتل النيابية تنتهي اليوم حول التطورات الحكومية لتقريب وجهات النظر، تضاربت المعلومات حول قيام الرئيس المكلف بتقديم صيغة حكومية، غير رسمية، ففيما اشارت بعض المصادر انه لم يجر الحديث عن اي صيغة، اشارت مصادر سياسية مطلعة الى ان اديب اطلع عون على تصور غير رسمي لحكومة من 14 وزيرا، وابلغه ان المشكلة الرئيسية تكمن في حقيبة المال، وعندما ساله رئيس الجمهورية عن عدم قيامه بالتواصل مع «الثنائي الشيعي» لتذليل هذه العقبة، لم يقدم اديب اي جواب واضح متحدثا عن مقاربة جديدة يريد ان يكرسها في تشكيل حكومته، عندها ابلغه رئيس الجمهورية انه سيتولى بنفسه القيام بجولة استشارات نيابية، ناصحا اياه بتغيير مقاربته لانتاج حكومة قادرة على تنفيذ الاصلاحات.

عون يطرح 3 اسئلة؟

وفي هذا السياق، اكدت اوساط نيابية ان رئيس الجمهورية طرح 3 اسئلة على رؤساء الكتل الذين استقبلهم في بعبدا امس، وتمحورت حول رأيهم في المداورة في الحقائب، وعدد الوزراء طارحا عليهم صيغة الـ14 وزيرا، والسؤال الثالث عن موافقتهم ان يسمي رئيس الحكومة عنهم الوزراء المحسوبين عليهم سياسيا، وقد كانت حصيلة اليوم الاول من المشاورات واضحة، وعدا ممثل كتلة المستقبل النائب سمير الجسر، ثمة اجماع لدى من التقاهم عون على رفض المداورة والتمسك بحقهم بتسمية الوزراء، كما فضلوا حكومة موسعة يكون فيها لكل وزير حقيبة، وذلك للحفاظ على اعلى مستوى من الانتاجية، وقد استقبل الرئيس عون النائب فريد الخازن ممثلا «التكتل الوطني»، رئيس «الكتلة القومية الاجتماعية» النائب أسعد حردان، النائب فيصل كرامي ممثلا «اللقاء التشاوري»، رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل، النائب سمير الجسر ممثلا كتلة «المستقبل»، وفيما يقاطع نواب اللقاء الديموقراطي، والجمهورية القوية، الاستشارات، من المقرر ان يلتقي الرئيس عون اليوم من يمثل كتلة الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير. وفي السياق رفع رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان من سقف المطالب وغرد عبر حسابه على «تويتر»: قائلا إذا اعتمد مبدأ المداورة في توزيع الحقائب إضافة إلى معيار الكفاءة كما يدّعون، فيصبح بديهياً إعطاء الدروز حقيبة سيادية وفقاً للمعايير المطروحة». وتابع: «وهنا على الأشباح المولجين بالتأليف استدراك الأمر. وبالمناسبة لن نعترف بأعراف تبقي طائفة الموحدين المؤسسة للكيان خارج الحقائب السيادية».

ملاحقة الارهاب

في هذا الوقت، عاد الملف الامني الى الواجهة من جديد بعدما سقط 4 شهداء للجيش خلال عملية امنية في منطقة البداوي مرتبطة بجريمة بلدة كفتون التي وقعت في 21 آب الفائت، فبعد أكثر من أسبوع على توقيف إرهابي أظهرت التحقيقات أنه على صلة بالجريمة، طاردت وحدة من المخابرات خلية إرهابية في منطقة البداوي متورطة بالجريمة وخلال مداهمة ليلية لشقة المشتبه بهم، باغت الارهابيون عناصر الدورية باطلاق النار ورمي قنبلة يدوية ادت الى استشهاد 4 وقد تمكن الجيش في وقت لاحق من قتل الارهابي خالد التلاوي، الرأس المدبر للخلية التي كانت قد اعتدت على عناصر مخابرات الجيش في بلدة كفرحبو – الضنية، خلال محاولته الفرار مع ثلاثة عناصر كانوا معه في اتجاه الضنية، وإثر عدم امتثالهم لأوامر حاجز الجيش عند مدخل بلدة عشاش – قضاء زغرتا، ارداه عناصر الحاجز بعد محاولته اطلاق النار عليهم، فيما فر من كان معه في السيارة وتعمل الجهات المختصة على ملاحقتهم.

«الخلايا النائمة»؟

ووفقا لمصادر مطلعة، فان عمل هذه الخلية ليس منفصلا عن معلومات لدى الاجهزة الامنية تشير الى وجود تحركات مريبة في اكثر من منطقة لخلايا «نائمة» تعمل بايعاز خارجي لضرب الاستقرار الامني في البلاد، وما حصل في البداوي لن يكون عملية «يتيمة» بل هي سلسلة من عمليات ممنهجة ستقوم بها الاجهزة الامنية المختلفة في سياق عمليات امنية استباقية لمنع هؤلاء من اعادة «عقارب الساعة الى الوراء»، ولن يكون هناك اي تهاون في هذه المعركة خصوصا ان لدى المعنيين خيوط مهمة تشير الى تورط جهات اقليمية تسعى الى تنفيذ اجنداتها على الساحة اللبنانية من خلال عمليات تخريب ممنهجة.

تفجير المرفأ

وفي جديد تحقيقات المرفأ، استمع المحقق العدلي القاضي فادي صوان الى وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم بصفتها شاهدة، ويستكمل صوان تحقيقاته اليوم ويستمع الى إفادة وزير الأشغال العامة والنقل السابق يوسف فنيانوس. وفي سياق متصل وقع رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب مرسوم اعفاء عبدالحفيظ القيسي من مهامه ووضعه بتصرف رئاسة مجلس الوزراء.

«قنبلة» سجن رومية

وفيما اعلنت وزارة الصحة تسجيل 5 حالات وفاة و547 إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال الـ24 ساعة الماضية، حذر نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف من «قنبلة» داخل سجن رومية، بعد تسجيل أولى الإصابات بفيروس كورونا،بعدما اعلنت قوى الأمن الداخلي تسجيل 22 إصابة داخل السجن، 13 منها في صفوف السجناء والتسعة الباقون من عناصر الأمن. وقال خلف إن «الفيروس داخل سجن رومية أشبه بقنبلة إنسانية لا أحد يستطيع أن يحملها»، في وقت يأوي السجن نحو أربعة آلاف سجين، أي أكثر بنحو ثلاث مرات من قدرته الاستيعابية، ودعا خلف الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ «تدابير فورية» على غرار «فصل السجناء الذين تظهر عليهم العوارض عن الآخرين»، وشدد خلف على أهمية تخفيف الاكتظاظ في السجن عبر خطوات عدة، «أكثرها سرعة وفعالية هو القضاء، الذي عليه بكل ما أوتي من وسائل قضائية وقانونية وحقوقية أن يسمح بتطبيق القوانين ويطبق اخلاءات السبيل، ما عدا الجرائم الشائنة الكبيرة والارهاب،كما دعا خلف وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري-كلود نجم إلى أن تحمل طلب إصدار عفو خاص في حالات محددة كالحالات المرضية مثلاً أو من انتهت محكوميتهم إلى رئيس الجمهورية ميشال عون «الذي يملك صلاحية إصدار العفو الخاص» وهو ما من شأنه أن «يخفّف من حدة الاكتظاظ بشكل سريع، وقد نفذ عشرات من أهالي سجناء رومية امس اعتصاماً أمام قصر العدل في بيروت، طالبوا خلاله بإصدار قانون العفو العام عن أبنائهم، معربين عن تخوفهم من تفشي الفيروس في السجون.

تجدر الاشارة الى ان دول العالم سجلت ارتفاعا كبيرا في أعداد الإصابات بكورونا خلال الـ24 ساعة الماضية لا سيما في الدول العربية، أوروبا والولايات المتحدة الاميركية، ما ينذر بموجة انتشار ثانية على الأبواب، ورغم كل الجهود المبذولة من أجل التوصل الى لقاح آمن، نهاية الوباء «لن تأتي بسرعة»، وفق ما قال مدير الطوارىء الصحية في منظمة الصحة العالمية، مايكل راين.