IMLebanon

الأسلحة الأميركية مع «حزب الله» تثير بلبلة.. والجيش اللبناني ينفي كونها من مخزونه

الأسلحة الأميركية مع «حزب الله» تثير بلبلة.. والجيش اللبناني ينفي كونها من مخزونه

واشنطن تتحقق.. وجنرال متقاعد يؤكد أن أسلحة ميليشيا «الجنوبي» عادت للجيش

عكس ظهور آليات عسكرية أميركية في العرض الذي أقامه ما يسمى «حزب الله» اللبناني في منطقة القصير السورية٬ الأحد الماضي٬ مخاوف من أن يؤثر على مساعدات الولايات المتحدة الأميركية للجيش اللبناني٬ وسط أنباء عن فرضيات تتحدث عن أن تلك الآليات قد يكون الحزب حصل عليها من ترسانة الجيش اللبناني التي تعتبر بمجملها ترسانة عسكرية أميركية٬ بينما لا تمتلك قوات النظام السوري أسلحة أميركية مشابهة.

وبينما تحدث مقربون من الحزب عن أن هذه الأسلحة مصدرها آليات صادرها الحزب من ميليشيا سلحها الإسرائيليون في جنوب لبنان٬ نفى ضابط لبناني متقاعد الأمر٬ مؤكدا أن هذه الآليات أعيدت للجيش اللبناني.

وكانت صور العرض العسكري للحزب أظهرت ناقلات جند مجنزرة أميركية الصنع من طراز «M118«٬ شبيهة بتلك التي يمتلكها الجيش اللبناني. لكن الجيش اللبناني نفى أمس٬ أن تكون تلك الآليات مأخوذة من الجيش٬ إذ أكدت قيادته عبر بيان أصدرته «مديرية التوجيه»٬ أن «صور الآليات العسكرية التي يتم تناقلها عبر وسائل الإعلام ليست من مخزون الجيش وغير عائدة له».

وتحقق الولايات المتحدة في فرضية أن يكون هذا السلاح مأخوذًا من الجيش٬ كما قالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»٬ مؤكدة أنها تتحقق من كيفية حصول الحزب على تلك الآليات. وجاء ذلك بعد معلومات عن أن الخارجية والوكالات الأميركية تنظر باهتمام كبير في صحة الصور التي ظهر فيها ما يسمى «حزب الله» في القصير يستعرض آليات عسكرية من بينها ناقلات جند أميركية٬ وأن الخارجية «تؤكد أنها ستكون قلقة جًدا في حال وصول هذه الآليات إلى الحزب الذي تعتبره إرهابًيا عن طريق الجيش اللبناني أو أي طرف آخر».

وقالت إليزابيث ترودو٬ الناطقة باسم الخارجية الأميركية٬ تعليقًا على الصور٬ إن واشنطن تحقق فيها٬ وأكدت أن وقوع معداتها بأيدي الحزب سيكون مصدرا للقلق. وخلال الملخص الصحافي اليومي٬ قالت ترودو٬ ردا على سؤال حول ما ظهر في صور العرض العسكري من آليات أميركية كانت بحوزة الحزب قرب مدينة حمص السورية٬ قالت ترودو: «لقد رأيت الصور التي لم تكن واضحة كثيرا. وأريد أن أقول إننا نعمل مع الوكالات المتعددة الموجودة لدينا من أجل الحصول على مزيد من المعلومات وتوضيح ذلك». ولدى سؤالها عن الموقف الأميركي في حال اتضح أن تلك الآليات الأميركية كانت بحوزة الجيش اللبناني وصلت منه إلى ما يسمى «حزب الله»٬ ردت ترودو بالقول:

«نحن نعتبر (حزب الله) منظمة إرهابية أجنبية.. نحتاج إلى معرفة مزيد من المعلومات٬ ولكننا بالطبع سنشعر بالقلق الشديد بحال انتهت تلك المعدات بين يدي (حزب الله)».

ويتحدث مقربون من الحزب عن أن تلك المعدات العسكرية حصل عليها الحزب بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في عام 2000 .وتقدر تلك الآليات بالعشرات٬ وتتنوع بين ناقلات الجند المجنزرة٬ وشاحنات نقل الجند الأميركية الصنع٬ وآليات نقل صغيرة٬ كانت بحوزة ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» المتعاونة مع إسرائيل. كما يتحدث آخرون عن فرضية أخرى٬ تتمثل في حصول الحزب على بعض الآليات الأميركية من معاركه ضد «داعش» في ريف حمص الشرقي٬ وعبر تجار أسلحة٬ علما بأن داعش» كان قد حصل عليها من مستودعات الجيش العراقي المسلح أميركًيا لدى سيطرته على الموصل والرمادي عام 2014.

ويقول العميد المتقاعد نسيب حطيط٬ إن الحزب كان قد امتلك بعض الملالات الأميركية (ناقلات جند مدرعة) بادئ الأمر٬ من مواقع إسرائيلية أو أخرى كانت تشغلها ميليشيا«جيش لبنان الجنوبي» في الثمانينات أثناء السيطرة عليها في عمليات عسكرية٬ لافتًا إلى «صور شهيرة أظهرت مقاتلي الحزب في عام 1986 على متن آلية مجنزرة غنموها من موقع الدلافة في جنوب لبنان».

غير أن الآليات التي تم اغتنامها في معارك الثمانينات والتسعينات٬ لا يمكن أن تشكل عددا قاد ًرا على إنشاء عرض عسكري. فالكمية الكبيرة من تلك الأسلحة حصل عليها الحزب٬ وفصائل أخرى٬ من ثكنات ميليشيا «لبنان الجنوبي» في عام 2000 .ويقول حطيط لـ«الشرق الأوسط»: «في عام 1978 وإثر الاجتياح الإسرائيلي٬ انشق الرائد سعد حداد عن الجيش اللبناني٬ واحتل ثكنة (مرجعيون) في الجنوب٬ التابعة للجيش اللبناني٬ وصادر كل آليات الجيش في الثكنة٬ وأنشأ ميليشيا جيش لبنان الجنوبي التابعة لإسرائيل٬ وبعد وفاته٬ تسلمها أنطوان لحد وضم إلى الآليات أي ًضا ما حصل عليه من تجمع جزين التابع للجيش»٬ مشي ًرا إلى أن ما يسمى «حزب الله» وفصائل مقاومة أخرى «غنمت تلك الآليات وآليات أخرى كانت إسرائيل وضعتها بتصرف ميليشيا لحد٬ إثر الانسحاب الإسرائيلي». وأضاف حطيط: «إذا تتبع الأميركيون الكود الخاص بتلك الآليات٬ فإنها قد تكون خرجت من مخازنهم لصالح الجيش اللبناني قبل عام ٬1978 حيث لم يكن هناك تنظيم اسمه (حزب الله)٬ وانتقلت إلى حداد ثم لحد٬ لكن الحزب لم يحصل عليها من الجيش٬ بل من ميليشيا (الجنوبي)٬ وبالتالي٬ لا يتحمل الجيش اللبناني أي مسؤولية قانونية مترتبة٬ لأنها لم تنتقل إلى الحزب من الجيش لا كراهية ولا طواعية».

لكن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية العميد هشام جابر٬ قال إن الآليات العسكرية التي سيطرت عليها ميليشيا «لبنان الجنوبي» إثر الاجتياح الإسرائيلي٬ والعائدة للجيش اللبناني.. «أعيدت إلى الجيش اللبناني بعد عام ٬2000 وبينها مدرعات ودبابات فرنسية٬ وأخرى أميركية الصنع كان الأردن قد قدمها هبة للجيش اللبناني في عام 1966 مبادرة من الملك حسين»٬ مشي ًرا إلى أن الأسلحة التي بقيت مع ما يسمى «حزب الله».. «كانت سيارات من نوع جيب٬ تحمل مدافع 106 ملم مضادة للدروع٬ ولم تكن من ترسانة الجيش اللبناني قبل انشقاق سعد حداد».

الآليات التي تركتها ميليشيا «الجنوبي» بعد الانسحاب الإسرائيلي٬ تنقسم إلى 3 أقسام؛ الأولى تتمثل في المعدات العسكرية غير الصالحة للاستخدام٬ التي نُقلت إلى القرى والبلدات الجنوبية٬ وأبرزها نصف المجنزرات المعطلة٬ واستخدمت في مشهديات ونصب تذكارية. أما القسم الثاني٬ فكان من الأسلحة القديمة التي استخدمت في العروض العسكرية٬ بينما كانت بعض الآليات صالحة للاستخدام. وتنوعت تلك الآليات والمعدات بين الشاحنات الكبيرة وحاملات الأثقال وسيارات نقل الجنود الكبيرة والصغيرة ومجنزرات لنقل الجنود٬ بعضها كان من ترسانة الجيش اللبناني التي سيطرت عليها ميليشيا «الجنوبي»٬ وأخرى كانت القوات الإسرائيلية زودت بها تلك الميليشيا٬ وهي بالأغلب ناقلات جند وآليات أميركية. في حين كانت هناك آليات معطلة ودبابات إسرائيلية محترقة بقيت في مواقعها.

ورد حطيط٬ المقرب من الحزب٬ على كلام جابر٬ بإطلاق فرضية جديدة مفادها إمكانية انتقال الأسلحة الأميركية من الجيش العراقي إلى «داعش» إثر سيطرته على الرمادي والموصل. وفي حال كان ما يسمى «حزب الله» قد غنم أي آليات من «داعش»٬ إثر معارك ريف حمص الشرقي٬ فإنها لا ترتب أي مسؤولية على الجيش العراقي بتسليمها للحزب. وتحدث حطيط عن فرضية أن يكون الحزب حصل على آليات عسكرية من «داعش» إثر معارك ضده في تدمر وريف حمص الشرقي في القريتين ومهين٬ وتم تجميعها في منطقة القصير٬ حيث أقيم العرض العسكري٬ لافتًا إلى أن «أسلحة أميركية مثل البنادق الآلية والمدافع٬ كان (داعش) استحوذ عليها من مستودعات الجيش العراقي٬ كانت بعهدة التنظيم في معاركه٬ كما كانت بعهدة تجار سلاح في سوريا والعراق». من هنا٬ يقول حطيط إن الإدارة الأميركية تهدف إلى التحقق من الصور التي ظهرت في العرض٬ لضمان عدم وصول أي مساعدة عسكرية تقدمها واشنطن للجيش اللبناني٬ إلى يد الحزب الذي لا تريد أميركا أن يتسلم ذلك السلاح.

ومن المعروف أن الولايات المتحدة الأميركية قدمت هبات عسكرية إلى الجيش اللبناني منذ عام ٬2005 تتجاوز المليار دولار٬ وذلك بهدف مساعدته على حفظ الاستقرار و«محاربة الإرهاب»٬ بينها ما يتم استخدامه في شرق لبنان لمحاربة الإرهاب. وقال سفير لبنان الأسبق في واشنطن الدكتور رياض طبارة: «إذا ثبت انتقال تلك الأسلحة الأميركية إلى (حزب الله)٬ فإن ردة الفعل الأميركية ستكون كبيرة»٬ موض ًحا لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب «موجود على لائحة الإرهاب الأميركية٬ وبالتالي يحظر التعامل معه».