IMLebanon

ولادة الحكومة بين عُقد داخلية وخارجية…. وفريق «14 آذار» يحذّر

مخاوف من دخول لبنان في فوضى سياسية إذا تأخر تشكيلها

 

بدأت العُقد الخارجية لتشكيل الحكومة اللبنانية تظهر بشكل أوضح، خصوصاً تلك المرتبطة بفرض تطبيع العلاقات مع النظام السوري كشرطٍ مسبق لتسهيل ولادة الحكومة، وهو ما كشف جانباً منه، أول من أمس، الرئيس المكلّف سعد الحريري، الذي جزم بأن «فرض أي شرط للتطبيع مع الأسد، يعني أن الحكومة لن تتشكّل»، فيما عبّر أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله عن وجهة نظر الفريق الإيراني – السوري، عندما دعا الحريري إلى عدم إلزام نفسه بمواقف مسبقة من سوريا قد يتراجع عنها، ونصحه بترقّب ما سيحصل في إدلب في الأيام المقبلة.

 

ورغم وضوح معالم العُقد الخارجية، لا يقلل تيّار «المستقبل» من صعوبة العوامل الداخلية التي تعيق تشكيل الحكومة، عبر رفع سقوف الحصص ونوعية الحقائب، وأشار عضو المكتب السياسي في «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، إلى أن «الأطراف المحلية تسعى للحصول على واقع مؤثر»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التيار الوطني الحر يسعى للحصول على 11 وزيراً، ليقول لقد استعدت حقوق المسيحيين وسأكون أنا الآمر الناهي في لبنان، وتحاول (القوات اللبنانية) نيل خمسة وزراء مع حقيبة سيادية ليكون وضعها أفضل من السابق، فيما يسعى الحزب التقدمي الاشتراكي إلى الاحتفاظ بالحقائب الدرزية الثلاث، وكذلك تيّار (المستقبل) الذي يصرّ على إثبات قوته وفاعليته داخل الحكومة».

 

ورأى علوش أن «هناك عُقداً إقليمية متصلة بالنظام السوري، إذ يبدو أن بعض السياسيين اللبنانيين لديهم فواتير يحاولون تسديدها لبشار الأسد، مثل فريق «8 آذار» وتوابعه، وجزء من التيار الوطني الحرّ، وهذا الفريق يتقاسم ملفاً أسود مع النظام السوري والأخير قادر على أن يبتزّه». ورأى أن «تداعيات عدم تشكيل الحكومة يتحمّل مسؤوليتها من يبتزّ اللبنانيين، بفتح علاقة جديدة مع الأسد، من خارج التفاهمات الدولية، ومن دون أن يضمن حماية لبنان من إجرام نظام الأسد».

 

ويبدو أن سياسة «النأي بالنفس» التي اعتمدها لبنان عنواناً أساسياً للتسوية الرئاسية، باتت خاضعة لقواعد وتفسيرات جديدة، يقول مصطفى علوش: «فريق إيران يعتبر أن (النأي بالنفس) كان في مرحلة الحرب، وهو يعتقد أن المحور الإيراني انتصر ويجب التعامل مع هذه المستجدات»، لافتاً إلى أن هذا الفريق «يتجاهل أن الذي انتصر في سوريا هو الروسي كما الأميركي الذي يحتل ربع سوريا، والكلمة الآن للرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) الوصي على نظام الأسد، الذي أمر قوات النظام بحماية حدود إسرائيل، وأبعد الإيراني 85 كيلومتراً عن الجولان».

 

ويتخوّف الفريق اللبناني المعادي للنظام السوري، من أدوار أمنية قد يعود الأخير للعبها في لبنان، ورأى مصدر نيابي في قوى «14 آذار»، أن «هناك أسباباً موجبة تحول دون بناء علاقات سياسية مع نظام الأسد».

 

إلى ذلك رأى قيادي في «القوات اللبنانية»، أن «العُقد الأبرز التي تعيق تشكيل الحكومة لا تزال داخلية». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن تحذيرات الحريري من التطبيع مع النظام السوري «جاءت رداً على سؤال يتعلّق بإمكانية تضمين البيان الوزاري تطبيع العلاقة من سوريا». وأكد القيادي الذي رفض ذكر اسمه أن الحريري «وجّه رسالة قوية ووضع خطوطاً حمراء وتحذيراً مسبقاً لكل القوى السياسية، بأن تلتزم حدودها وتعود إلى تطبيق سياسة النأي بالنفس»، لافتاً إلى أن الحريري «لوّح برفع البطاقة الحمراء، أيْ استقالة الحكومة، في وجه من يحاول إحياء العلاقات اللبنانية السورية». ولفت إلى أن «نصر الله لم يقل: نحن نريد التطبيع مع سوريا، بل قال: لا تستعجلوا اتخاذ المواقف وانتظروا التطورات». وأضاف: «لو قال نصر الله: نريد التطبيع مع النظام السوري، كنّا دخلنا في اشتباك سياسي». ورأى أن «الأمور لا تزال في نفس المربع الذي يَحول دون تشكيل الحكومة، وعالقة عند عُقد جبران باسيل الذي يحاول جاهداً استهداف حقّ (القوات اللبنانية) والحزب الاشتراكي في التمثيل داخل الحكومة».

 

وتربط «القوات اللبنانية» مصير الاستقرار بالتزام سياسة النأي بالنفس، وألا يتحوّل عهد ميشال عون طرفاً في صراع التطبيع مع نظام الأسد». ودعا القيادي القواتي إلى «ترقّب التطورات في الأيام المقبلة»، معتبراً أن «تأخير الحكومة سينعكس سلباً على (العهد)». وتابع: «إذا أراد (العهد) ربط الحكومة بالتطبيع مع سوريا، سيؤدي ذلك إلى تفجير الوضع اللبناني، والإطاحة بالاستقرار السياسي»، معتبراً أن «نفوذ النظام السوري مرتبط بنفوذ (حزب الله) في لبنان، ولولا وجود الحزب لما كان لهذا النظام أي تأثير، خصوصاً أن نظام الأسد يعاني أزمة وجودية داخل سوريا».

 

وكان أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، قد ردّ على الحريري، ونصحه بـ«عدم اتخاذ مواقف مسبقة من العلاقة مع النظام السوري كي لا يضطر إلى التراجع عنها»، ودعا إلى «ترقب التطورات على معبر نصيب ومعركة إدلب، وكيف سيتجه الوضع في سوريا واليمن وغيرها». وسرعان ما ردّ عليه وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي، قائلاً: «التطبيع مع نظام دمشق هو حلم إبليس في الجنة».