IMLebanon

«الثلث الضامن» في الحكومة العتيدة يقسم السياسيين الموارنة في لقاء بكركي

«الثلث الضامن» في الحكومة العتيدة يقسم السياسيين الموارنة في لقاء بكركي
جبران باسيل دافع عنه و«القوات» و«المردة» طالبا بتفعيل حكومة تصريف الأعمال

تحول النقاش حول «الثلث الضامن» في الحكومة العتيدة، إلى مادة للنقاش الذي احتدم في لقاء بكركي، الذي جمع أمس رؤساء الكتل النيابية والنواب الموارنة. وأكد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، أن المطالبة بـ«الثلث الضامن» تنطلق من «الخطر على الثقافة والهوية والمؤسسات والمصير»، وعارضه نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» جورج عدوان، ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية اللذان أشارا إلى أنه لا خطر على الهوية والمصير، وتقوية المؤسسات هي الضامن لذلك، مطالبين بتشكيل الحكومة و«ليتحمل كل طرف مسؤولياته» وإلا الذهاب إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال لوضع خطة إنقاذية للبلاد.
وكان مقر البطريركية المارونية في بكركي استضاف أمس لقاءً جمع الزعماء الموارنة ورؤساء الأحزاب بدعوة من البطريرك بشارة الراعي، أكدوا خلاله تمسكهم بهوية لبنان الذي نشأ من التلاقي الحضاري والإنساني بين المسيحيين والمسلمين، مشددين على أن «ليس لأحد أن يصنع للبنان هوية مغايرة لحقيقته».
وشدد القادة الموارنة على وجوب تطبيق الدستور ورفض تحويل أي استباحة له إلى عرف جديد، واعتبار المؤسسات الدستورية الإطار الوحيد لمناقشة الأزمات السياسية وحلِّها، ورفض كل الأساليب التي تهدّد بالانقلاب على الدولة أو السطو على قرارها، داعين إلى الإسراع في تشكيل الحكومة، والتعاون مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اللذين أناط بهما الدستور تأليفها.
وشهد اللقاء نقاشات واسعة، انقسم الأطراف فيها إلى رأيين أساسيين حول وضع المسيحيين، والعثرات التي حالت دون تشكيل الحكومة، أولهما يمثله باسيل الذي بدا مصراً على حصول «التيار الوطني الحر» على الثلث الضامن في الحكومة العتيدة، والآخر «القوات اللبنانية» و«المردة» بشكل أساسي اللذين يجدان أن المخرج في حال الفشل في تأليف الحكومة، يتمثل في تفعيل حكومة تصريف الأعمال، كما أصر «المردة» على السير في حكومة من (3 عشرات)، في حين دعا حزب «الكتائب» إلى تشكيل حكومة مصغرة من اختصاصيين. وقالت مصادر شاركت في اللقاء لـ«الشرق الأوسط»: إن الجلسات «لم تشهد سجالاً حاداً، بقدر ما كانت نقاشات بدا فيها باسيل يغرد خارج سرب المجتمعين».
وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن باسيل قال: إن الثلث الذي يطالب به فريقه في الحكومة العتيدة «ينطلق من أن الثقافة والهوية والمؤسسات والمصير بخطر»، وقال: إن الثلث الضامن «يقوي البلد والمؤسسات والرئيس»، وهو موقف عارضه عدوان وفرنجية. وقالت المصادر: أكد عدوان أن الحضور إلى بكركي كان للتأكيد على ثوابت بكركي والتمسك بها، واعتبر أن الدفاع عنها هو السبيل الوحيد لحماية الدولة والمؤسسات وتقوية الجميع.
ولفتت المصادر إلى أن فرنجية رد على باسيل بالقول: إن الثلث الضامن سيستخدم ضد «القوات» و«المردة»، وشدد على أن الصيغة ليست بخطر، مؤكداً أنه «حين تكون الصيغة بخطر، جميعنا سندافع عنها». وأكد فرنجية، أن دعم المؤسسات سيمثل دعماً للرئيس و«حين يتعرض مصيرنا للخطر، لن نكون في حاجة إلى ثلث معطل، ولا ثلث ضامن في الحكومة؛ لأن هذه الأمور لو كانت مطروحة، فإننا جميعاً سنتصدى لها».
وقالت المصادر: إن فرنجية رد أيضاً على كلام النائب زياد أسود عن المخاوف من مؤتمر تأسيسي ومن مخططات للمثالثة، رافضاً تخويف المسيحيين بالمثالثة وتعديل الدستور والمؤتمر التأسيسي المزعوم، قائلاً: «ليس صحيحاً أن الأمور بالويل كما تقولون، هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة». وشدد على أن «المسيحيين يشكلون نصف الحكومة، وعند التعرض لأي خطر سنكون في صف واحد لحماية الصيغة والميثاقية والهوية والثقافة؛ لأننا جميعاً لا نقبل المساس بها».
وتوقف فرنجية عند مسألة الحكومة، قائلاً لفريق «التيار الوطني الحر»: «لم نأتِ إلى هنا لدعم الثلث المعطل لرئيس الجمهورية… والحكومة «بتمشي إذا بيتخلى التيار عن اسم واحد»، وقال للمجتمعين، بحسب المصادر: «لا تراهنوا على أن الأطراف الأخرى لا تستطيع الانتظار فتقوم بتقديم تنازلات عن مطالبها. فـ(حزب الله) يستطيع أن ينتظر طويلاً». وقال فرنجية، بحسب ما نقلت المصادر: «يجب أن تتشكل الحكومة. وفي حال التعذر، يجب تفعيل حكومة تصريف الأعمال؛ لأن البلد لا يتحمل أكثر، وتضع خطة إنقاذية للوضع».
وأشارت المصادر إلى أن «المردة» و«القوات» يلتقيان على الموقف نفسه في موضوع تفعيل الحكومة الحالية، في وقت اقترح النائب نعمت افرام، وهو عضو في تكتل «لينان القوي» الذي يرأسه باسيل، تشكيل حكومة تكنوقراط، لكن «باسيل رفضها؛ لأن الأطراف السياسية ستسمي الوزراء، فلماذا لا نشكلها حكومة موسعة إذن؟» كما قال باسيل.
وقالت المصادر: إن البطريرك الراعي استمع للنقاش واستوضح بعض النقاط، لكنه اكتفى بكلمته التي قالها في مستهل اللقاء الذي غاب عنه بشكل أساسي النائبة ستريدا جعجع، والنائب جان عبيد.
وكان الراعي أكد في مستهل اللقاء، أن الاجتماع «هو لأجل لبنان وكل اللبنانيين، وليس في نيتهم التباحث بأمور خاصة بهم من دون سواهم». واعتبر أن «من أسباب الأزمة السياسية عدم تطبيق (الطائف) والدستور لأكثر من سبب، وقد أدخلت أعراف وممارسات مخالفة لهما، لافتاً إلى أن الشعب يعبّر عن وجعه في المظاهرات، وبدأ يفقد الثقة بالدولة وحكامها، وخصوصاً الشباب الذين لا يجدون وظيفة، فيتوجه إلى أوطان أخرى. إنها خسارة جسيمة لا تعوض».
ورأى الراعي أن الوحدة اللبنانية مهددة اليوم، مؤكداً أنهم يريدون يقظة وطنية موحدة ينطلقون منها وبها لحماية الجمهورية، داعياً إلى التفكير معاً في الدور المطلوب منهم كمسؤولين اليوم. وأبدى الراعي مخاوفه حيال ما يطرح عن تغيير في النظام والهوية ومؤتمر تأسيسي ومثالثة في الحكم، آسفاً للتراجع إلى الوراء بعد تحقيق إنجازات.

– البيان الختامي
وأكد لقاء بكركي، أن «لبنان المجتمع والدولة نشأ من التلاقي الحضاري والإنساني العميق بين المسيحيين والمسلمين من أبنائه، وذلك منذ تلاقي هاتين الديانتين على أرضه»، لافتاً إلى أن «هوية لبنان التاريخية هذه، التي تعكس كيانه الروحي العميق، هي التي طبعت دستوره، وليس لأحد أن يصنع للبنان هوية جديدة مغايرة لحقيقته».
وأكد البيان الختامي للقاء «رفض كل ما من شأنه المس بتوازن المؤسسات الدستورية وصلاحيات كل منها، وفي مقدمها رئاسة الجمهورية، بما هي رئاسة للدولة ورمز لوحدة الوطن؛ لأن احترام الصلاحيات المنوطة بمسؤولي الدولة والتعاون المتكافئ بين السلطات الثلاث يحمي الدستور ويخدم مصلحة الوطن والناس، ويعزز مناعة الدولة وهيبتها».
وشدد البيان على «وجوب تطبيق الدستور نصاً وروحاً، ورفض تحويل أي استباحة له إلى عرف جديد واعتبار المؤسسات الدستورية الإطار الوحيد لمناقشة الأزمات السياسية وحلها ورفض جميع الأساليب التي تهدد بالانقلاب على الدولة أو السطو على قرارها».
ولفت إلى أن «حضور المسيحيين في لبنان ودورهم الفاعل فيه، ومحافظتهم على الأرض وعلى الحرية هي شروط لاستمرار (لبنان الرسالة) نموذجاً للتعددية والتنوع والحرية والديمقراطية».
ودعا البيان إلى «الإسراع في تشكيل حكومة وفق الدستور وآلياته تكون منتجة وتشكل حافزاً للمجتمع الدولي لمساندة لبنان. والتعاون مع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف اللذين أناط بهما الدستور عملية التأليف حتى لا يبقى لبنان عرضة للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية».