IMLebanon

إلغاء الجيوش لمصلحة الميليشيات

 

لم تأت دعوة المسؤول في ميليشيا “حركة النجباء” العراقية، يوسف الناصري إلى حل الجيش العراقي من فراغ. فالحركة المذكورة جزء فاعل من ميليشيات “الحشد الشعبي” في العراق التي توالي في غالبيتها القيادة الإيرانية وتأتمر بأوامرها. وبالتالي، لا يمكن فصل حملة الناصري عن المشروع الإيراني الهادف إلى تجويف الدولة العراقية ووضع اليد عليها نهائياً.

 

 

لا تخفي إيران سعيها إلى إحلال الميليشيات التي تدعمها وتمولها محل جيوش الدول المجاورة، وهي نجحت في تثبيت خطوات أولى مهمة في هذا الاتجاه في العراق منذ الغزو الأميركي والقرار السيء الذكر بحل الجيش. وليس سراً أن النظرة الى مؤسسة الجيش العراقي كانت سلبية في الوسطين الشيعي والكردي، إذ تعرضت القيادات الشيعية في ظل نظام صدام حسين الى قمع زادته حدة الانتفاضات ضد النظام الديكتاتوري، وعانى الأكراد قمعاً تاريخياً تخللته مجازر وعمليات تنكيل. ولذلك كان مفهوماً أن يسود الحذر في علاقة الجانبين بالمؤسسة العسكرية. إلا أن التخلص من النظام السابق، قاد الى صيغة جديدة أعطت الشيعة مركز القيادة الأول، وحفظت للأكراد حقوقهم في حكم ذاتي وإقليم مستقل، فلماذا استمرار النظرة السلبية إلى الجيش؟

 

لماذا يواصل السياسي الشيعي العراقي موقفه السلبي السابق من جيش بلاده وهو الآن في موقع المسؤول والقائد؟ ليست المسألة في الجينات ولا في الأعراف، إنه موقف يتغذى من المفهوم الإيراني لطبيعة السلطة الجديدة ودورها في الانصياع لحاجات الامبراطورية وولي أمرها. وإيران، التي تمسك بقيادات شيعية أساسية تستميت لجعل العراق كما دول أخرى جزءاً من منطقة نفوذها، ووسيلتها إلى تحقيق ذلك هي تلك الميليشيات المنتشرة في العراق وغيره، والتي حولتها إلى فرق أمامية في حرب توسيع النفوذ والمواجهة مع أميركا.

 

تستند إيران في نظريتها إلى الانتشار المذهبي، لكنها تغطي هذه الحقيقة بحديث عن محور للمقاومة والممانعة تقوده عبر جهاز “الحرس الثوري” الذي يوزع المهام ويحدد الأولويات. وفي تصريحات قادة “الحرس” الأخيرة شروح وافية، فـ”الحشد” العراقي مهمته مواجهة النفوذ الأميركي في بلاد الرافدين وتهديد الحضور العربي فيها، وإذا ووجه بعراقيل لا بأس أن يطرح حل الجيش العراقي. ومهمة الحوثيين مواصلة إزعاج السعودية ووضع اليد على اليمن. أما “حزب الله” فستكون مهمته تدمير إسرائيل في حال الاعتداء على إيران، وهو ما صرح به قائد “الحرس” الإيراني حسين سلامي قبل أيام.

 

في القاموس الإيراني لا توجد دولة العراق بل “الحشد” الميليشياوي. ولا وجود لدولة اليمن بل للحوثي، ويغيب لبنان ودولته عند الحديث عن “حزب الله، ولا عجب أن تسود الدعوات إلى إلغاء الجيوش لمصلحة الميليشيات في زمن أقرب مما نتوقع.