IMLebanon

«الغياب» المفتوح على المفاجآت  

  

وصول غبطة البطريرك الماروني الى قاعة الملك سلمان الجوية في ضواحي الرياض، عصر أمس، كان حدثاً في حدّ ذاته، فليست زيارته مجرّد رحلة بين الرحلات التي تكثر أو تقل من بيروت الى العاصمة السعودية، أو من هذه الى العاصمة اللبنانية.

 

فليس بالأمر البسيط أن تحطّ أهم شخصية دينية مشرقية في موطن الرسالة الإسلامية، على مقربة من الرموز العقيدية الإسلامية الأساسية التي يصعب تعدادها كلها، لكثرتها، ولقد نكتفي بالإشارة الى مكّة المكرّمة وما تعنيه لنحو مليار و400 مليون مسلم، من رموز دينية هي الأساس، وهي «القبلة».

ولكن غبطته ليس هناك سائحاً. إنه في مهمة كبيرة ومعقّدة في آن معاً. بداية يجب الإشارة الى أنّ هذه الزيارة أتت تلبية لدعوة من القيادة السعودية. ولكن ما بين توجيه الدعوة وتلبيتها طرأ على المشهد حدث بالغ الأهمية هو ما بات يُعرف محلياً وإقليمياً ودولياً بـ«قضية الحريري».

وإذا كان منطقياً، وطبيعياً، ومقرراً سلفاً، أن تشمل لقاءات الزيارة الرئيس سعد الحريري بقي السؤال يطرح ذاته: هل إن اللقاء مع رئيس الحكومة سيتناول المجاملات، ويقتصر عليها أو أنه سيدخل في لبّ  «القضية» من النواحي الآتية: أولاً  هل يتمكن الرجلان من الدخول في عمق الأسباب التي أدّت الى «غياب» الحريري عن لبنان، مقيماً في داخل منزله في الرياض الذي لم يغادره ابداً كما قال في حديثه التلفزيوني ليل أول من أمس مع الزميلة بولا يعقوبيان في برنامجها «انترفيوز» (عبر شاشة تلفزيون المستقبل)؟ ثانياً – وهل يعود غبطة البطريرك الراعي بأجوبة على الأسئلة الرئيسة التي تحاول، عبثاً، التوصل الى حل شاف وحاسم للأسباب «الموجبة» لـ«غياب» رئيس الحكومة؟ ثالثاً – هل يستوضح رأس الكنيسة المارونية رئيس الحكومة أسباب ما تضمنه كتاب الإستقالة الشهير الذي أثار لغطاً لا حدود له؟ رابعاً: هل ينقل غبطته الى الشيخ سعد الصورة الكاملة عن الوضع في لبنان مركّزاً على مبادرات الرئيس عون في هذا الصدد التي لقيت إستجابة كبيرة خصوصاً من الرئيس نبيه بري والوزير وليد جنبلاط؟

والأهم من هذا كله (على الأهمية القصوى لما تقدم) هو معرفة مدى قدرة الحريري على الحركة، ومدى قدرة لبنان على تشكيل حكومة (حريرية بالطبع) من دون حزب اللّه ، ومدى تداعيات هذا المأزق المستجد؟!.

والنقطة الأخيرة التي وردت الإشارة الضمنية اليها في حديث الشيخ سعد التلفزيوني المشار إليه أعلاه ألا تستوجب مصارحة رباعية بين عون والحريري وبري وسماحة السيد حسن نصرالله أو من ينوب عنه… وهل تعقد في المباشر أو بالوساطة؟!

إنها أسئلة محيّرة جداً، وبقدر ما تبدو بسيطة هي في الواقع غاية في الصعوبة والتعقيد!

وثمة سؤال يحتوي ما تقدم برمته: هل يعود البطريرك مع الشيخ سعد في طائرته، أو يعود الشيخ سعد بعد أيام محدودة؟ أو أن الغياب مفتوح على… المزيد من المفاجآت؟!.