IMLebanon

«أبو منظومة الاعتراض الصاروخي» في جيش العدو

 

«أبو منظومة الاعتراض الصاروخي» في جيش العدو: صواريخ حزب الله… «وتيرة جنونية» تقيّد إسرائيل

 

 

على مدى أكثر من عقد، نجح حزب الله في مفاجأة صناع القرار السياسي والأمني في تل أبيب، عبر إرساء سقوف متصاعدة في معادلة الردع التي استطاع أن يفرضها على الكيان الإسرائيلي، تحولت كل منها الى محطة مفصلية في حركة الصراع، اختلفت معها حسابات قادة العدو في ما بعدها عما قبلها.

الصدمة الجديدة التي لا تزال تداعياتها تتفاعل في الأوساط الرسمية والإعلامية والسياسية الإسرائيلية، تمثلت بتطور دقة صواريخ حزب الله الى مستويات أكثر خطورة، وهو ما أرسى سقفاً غير مسبوق في معادلات الصراع مع إسرائيل. ودفع بصحيفة جيروزاليم بوست، الى الاستعانة بمؤسس وأبي منظومة الاعتراض الصاروخي الإسرائيلي عوزي روبين كي يوضح للجمهور والنخب في الكيان الإسرائيلي منسوب الخطورة الكامنة في هذا المستجد النوعي، وهو الذي سبق أن حذَّر قبل سنوات، من أنه «في يوم، ستكون سماؤنا مزدحمة جداً. فالكميات الكبيرة من الصواريخ التي ستطلق الى هنا، حتى لو كانت جميعها تقليدية، ستخلق تهديداً غير تقليدي من نوع جديد».

استناداً الى هذا المفهوم، تناول روبين تطور دقة صواريخ حزب الله، التي لمح نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة إلى أنها تقع ضمن مسافة عشرة أمتار، وتوقف عند ما رأى أنهما البعدان الأساسيان في القدرات الصاروخية لحزب الله، «المعدل اليومي لإطلاق الصواريخ ودقتها»، كونهما يشكلان بنظره «نقطتين حرجتين» بالنسبة إلى إسرائيل.

وفي ما يتعلق بمعدل إطلاق حزب لله للصواريخ، لفت الى أن السؤال الأساسي هو «كم عدد الصواريخ التي يستطيع عدو مثل حزب الله إطلاقها يومياً على إسرائيل بالمقارنة مع عدد الصواريخ التي يمكن لإسرائيل إسقاطها عندما تتعرض لوابلٍ من الصواريخ في وقتٍ واحد». وأجرى مقارنة سريعة مع حرب عام 2006، حيث اعتبر أن حزب الله أطلق خلالها نحو 4000 صاروخ. في المقابل، قدر روبين أن معدل الإطلاق اليومي في ضوء ترسانة حزب الله وزيادة حركيتها، تتراوح بين 1000 أو 1500 صاروخ يومياً. واستناداً الى الأرقام التي قدمها الخبير الأول في إسرائيل بالصواريخ، يصبح بالإمكان القول إن حزب الله قادر ــــ من دون احتساب التطور النوعي ــــ خلال ثلاثة أيام على إطلاق ما تلقته إسرائيل خلال 33 يوماً (مدة حرب عام 2006). ورأى روبين في هذا المعدل أنها «وتيرة من شأنها أن تكون جنونية»، الأمر الذي يشير الى تقدير المفاعيل «الجنونية» لهذا المعدل لدى صناع القرار.

وأعرب مؤسس منظومة الاعتراض الصاروخي الإسرائيلي عن أمله بأن يؤدي الخيار الإسرائيلي المضاد والمركب من «الجهود الهجومية والدفاعية والإيجابية والسلبية»، الى تقليص معدل الصواريخ الى بضع مئات في اليوم الواحد. وكبقية القادة الإسرائيليين الذين يُسلِّمون بعدم إمكانية ردع حزب الله عن الرد على أي عدوان وعدم إمكانية تدمير قدراته، تابع روبين الخط التهويلي نفسه في استهداف المدنيين والبنية التحتية اللبنانية، بالقول «لا يمكن أن نكون في الملاجئ، بينما يجلسون هم لشرب القهوة في المقاهي»، متجاهلاً حقيقة أن قدرات حزب الله الصاروخية هي للرد والردع والدفاع.

بعد ذلك، انتقل مؤسس منظومة الاعتراض الصاروخي الإسرائيلي، الى مفاعيل تطور دقة صواريخ حزب الله وأثرها على قدرة إسرائيل على مواصلة القتال وتدمير منشآتها الاستراتيجية، مقراً بأن «الدقة غيّرت طبيعة السلاح الذي تواجهه إسرائيل». وهو ما يعني، استناداً الى توصيفه، بأن إسرائيل باتت أمام تطور يشير الى بداية مرحلة جديدة في معادلات الصراع ومجرياته. وأوضح هذا المعنى بالقول إن «الصاروخ البسيط هو سلاح إرهاب، إنه مثل تفجير حافلة، ومشكلة علينا التعامل معها»، (منطلقاً في هذا التوصيف بأن تل أبيب ترى في الردود الصاروخية وغير الصاروخية على اعتداءاتها بأنها إرهاب)، في حين أن «الصواريخ الموجهة تتجاوز هذا الأمر لتصبح سلاحاً حربياً».

وأسهب الخبير الصاروخي الأول في إسرائيل في شرح هذا المفهوم كما لو أنه «يُلقي محاضرة على صف (من الطلاب) حول نقطة كان عليه تعليمها قبلاً» (على حد قول محاوره)، بالقول إن «دقة بعض الصواريخ تعني، في غياب الدفاع المحكم، والذي قد يكون من الصعب جداً تحقيقه، أنه أصبح من شبه المؤكد أن حزب الله قد يضرب بعض الجوانب الأساسية للبنية التحتية في إسرائيل».

 

الصواريخ الدقيقة في حوزة حزب الله تمس بقدرة إسرائيل على مواصلة القتال

 

وأظهر روبين إقراراً صريحاً ومباشرا بأن حزب الله قادر على إصابة أي منشأة استراتيجية في إسرائيل. وتجلى ذلك بقوله إنه لا يريد تحديد المنشآت الاستراتيجية كي لا يقدّم أفكاراً لحزب الله. من هنا، اكتفى بما سبق أن أطلقه حزب الله في معادلات سابقة من خلال الحديث عن إمكانية «استهداف مطار بن غوريون، ومفاعل ديمونة النووي، ومنصات الغاز الطبيعي لإسرائيل وغيرها من البنية التحتية الحيوية المتعلقة بالحفاظ على الكهرباء والمياه والموارد الحيوية».

وتناول روبين مفاعيل امتلاك حزب الله للصواريخ الدقيقة على أصل اتخاذ تل أبيب قراراً بشن حرب على لبنان، متسائلا ــــ «بشكل صريح ومباشر» و«بهدف توضيح خطورة التهديد وإظهار قلق عميق»، بحسب وصف جيروزاليم بوست: «كيف يمكنك شن حرب من دون كهرباء؟». وأكد أن هذا التطور في قدرات حزب الله «يغير نظام تحديد أولويات الإجراءات التي يجب اتخاذها».

وبلغ روبين مرحلة الذروة في التعبير عن مستوى التهديد الذي تواجهه إسرائيل، عبر الإشارة الى أن ذلك يمس بقدرة إسرائيل على مواصلة القتال في مواجهة هذا المستوى من القدرات. ورأى في هذا السياق أن «عليك أولاً، حماية قدرتك على مواصلة القتال، التي تضم الجبهة الداخلية، وليس فقط من أجل المعنويات الوطنية». وهكذا يكون قد أكمل شرح مفهوم تحول صواريخ حزب الله بفعل تطور دقتها الى «سلاح حربي».

ووافق روبين على قرار وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، في 27 آب الماضي، على التزود للمرة الأولى بصواريخ هجومية، في مواجهة تطور قدرات حزب الله الكمية والنوعية، مبرراً ذلك بالقول إنه «إذا أصبحت قدرة سلاح جوّك محدودة، عندها يمكنك استبدالها بطرق أخرى». وأعرب عن قلقه من أنه إذا لم تقم إسرائيل بهذا التحول، فستجد نفسها متخلفة… في ضوء تغيير الديناميات المستقبلية للحرب. ويتلاقى هذا الموقف لروبين مع تحذيرات سابقة له في مناسبات مختلفة حول قدرة حزب الله على «إقفال مطاراتنا، مرافئنا، محطات الطاقة والمواقع الاستراتيجية…»، وصولاً الى أنه «أحرز تفوقاً جوياً من دون أن يكون لديه طائرات».