IMLebanon

الديار: يومٌ طويل من إذلال اللبنانيين ينتهي باعلان الاقفال التام: «المشهد» قاتمٌ

 

اتهاماتُ عون للحريري «بالكذب» تضرب مساعي ترميم الثقة حكومياً

اردوغان يصارح الرئيس المكلف برغبة تركيا «ملء» الفراغ السعودي!

إبراهيم ناصر الدين

 

بعد اشهر من التخبط، وسوء الادارة، والفشل الرسمي والمجتمعي، اعلنت حالة الطوارىء الصحية في البلاد دون اي ضمانات جدية بالخروج من «عنق الزجاجة» بعد عشرة ايام من الاقفال، وحظر التجول الذي تعتريه الكثير من الثغرات الايلة الى افشاله، واذا كان الرهان هذه المرة على دخول الجيش على «خط» تنفيذ قرارات مجلس الدفاع الاعلى، فان مشاهد اذلال اللبنانيين بالامس على مداخل السوبرماركت كفيلة وحدها بتقديم صورة قاتمة عما ينتظرنا في الايام والاسابيع المقبلة، في ظل انسداد الافق السياسي. ولم يكن ينقص التعثر الحكومي سوى التسريب الصوتي لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي وصف فيه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري «بالكذاب»، لتعود الامور تحت «الصفر» حكوميا، فيما المخاطر الاسرائيلية تزداد يوميا مع الاستنفار غير المسبوق الذي ترجم خرقا متواصلا للاجواء اللبنانية، اما التدخلات التركية على الساحة اللبنانية فلم تعد مجرد تكهنات بعدما اعاد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عروضه لملء الفراغ السعودي على مسامع الحريري خلال زيـارته الاخـيرة الى اسطنبول.

 

ثغرات «الاقفال»؟

 

فيما اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 3095 اصابة كورونا جديدة وتسجيل 23 حالة وفاة.واعلان منظمة الصحة العالمية انه رغم توفر لقاحات كورونا لن تحدث «مناعة القطيع» في 2021 أعلن المجلس الأعلى للدفاع حال الطوارئ الصحية ابتداء من يوم الخميس 14 كانون الثاني حتى 25 من الشهر الحالي قابلة للتمديد وفق النتائج المحققة،ويشمل الاقفال المصارف والادارات الرسمية وسيكون لـ10 ايام قابلة للتجديد لكن المطار لن يقفل في شكل نهائي وستتوقف الرحلات من عدد من المدن التي تسبب الوافدون منها بالنسب الاعلى من الاصابات، ومنها بالمبدأ 5: القاهرة وبغداد واسطنبول واديس ابابا واضنة. سيمنع التجول بشكل كامل طوال فترة الاقفال العام وسيستثنى الإعلام وكذلك الجسم الطبي والصيدليات والافران. وافيد ان السوبرماركت ستفتح لخدمات الـديليفري،كما ستفتح مصانع المواد الغذائية والادوية والامصال. وافيد انه يمكن للمواطن أن يخرج الى الافران والصيدليات للتبضع على أن يظهر الفاتورة اذا اوقفه حاجز لقوى الامن.واذا كانت المصارف ستقفل ولكن عليها تامين الاموال في «الاي تي ام»، ويبقى السؤال كيف سيكون هناك حظر تجول، ويسمح للمواطن بالتوجه لسحب الاموال؟ او للذهاب الى الافران؟ ولا جواب عند المسؤولين؟

 

اذلال وتخبط !

 

اما خدمة السوبرماركت والميني ماركت فهي فقط للدليفري… وقبل ساعات من صدور القرار، وفي مشهد ذل جديد،اصطف اللبنانيون بالطّوابير أمام السوبرماركت ومحال بيع المواد الغذائيّة فيما فرغت رفوف السوبرماركت من المواد الغذائية والخبز وسط الاقبال الكثيف عليها.

 

وفي دلالة على التخبط والتباين الحكومي ،أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن عدم حضوره جلسة اللجنة الوزارية الخاصة بـ«كورونا» لاعتراضه على القرار الذي اتّخذ من قبل اللجنة قبل الأعياد. وطالب بأخذ قرارات اللجنة العلمية في وزارة الصحة على محمل الجدّ بسبب مقاربتها للواقع بشكل دقيق للوصول إلى بر الأمان والحد من انتشار جائحة كورونا. ولاحقا، اعلن دياب انه لن يرضى باتخاذ القرار من دون حضور حسن وبالتالي حضر الاخير إلى السراي!

 

وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد دعا في مستهل اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الى «اعلان حالة طوارىء صحية في البلاد» لمواجهة تمدد وباء كورونا وقال ان: «المأساة التي نراها على ابواب المستشفيات تتطلب اجراءات جذرية حتى نتمكن من تخفيف التبعات الكارثية لتفشي الوباء».

 

بدوره وزع رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب في مستهل الاجتماع المسؤولية على الدولة وعلى الشعب وقال: «بكل أسف، نحن أمام واقع صحي مخيف، وباء كورونا أفلت من السيطرة على ضبطه بسبب عناد الناس وتمردهم على الإجراءات التي اتخذناها لحماية اللبنانيين. أيضا، فلنعترف أن فرض تطبيق الإجراءات لم يكن بمستوى حجم الخطر.. مؤكدا ان المطلوب من الأجهزة العسكرية والأمنية التشدد في تطبيقها لأن عدم تطبيقها يعني حصول انهيار صحي شامل».

 

اللقاحات في موعدها؟

 

وفي الشأن الصحي ايضا، قال رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي بعد اجتماع افتراضي للجنة انه «تم الاتفاق على التعاون مع وزارة الصحة لاقرار قانون سريع للحصول على اللقاحات في الوقت المحدد، أسوة بكل دول العالم». أضاف: «فايزر» و«موديرنا» حصلتا على استخدام طارئ وموقت لأن الأمر يحتاج الى مراقبة كل شخص تلقى اللقاح، وذلك كي لا يتم رفع دعاوى في حقهما، ونحن في لبنان ليس لدينا هذا القانون. وأكدت لنا شركة «فايزر» أن إذا أقر القانون فستسلمنا اللقاح قبل الوقت المحدد مع وزير الصحة». من جهته اكد مدير مستشفى الحريري فراس أبيض، أنّ «وضع كورونا في البلد ليس جيداً خصوصاً خلال الأسبوع الفائت، والقدرة الإستيعابية للمستشفيات أستنزفت». وقال أبيض «نتوقع ضغطًا أكبر بالأيام والأسابيع المقبلة والسلالة الجديدة سريعة الانتشار، ويمكن أن تزيد من عدد الإصابات اذا لم نتدارك الموضوع». وأشار إلى أنّه هناك «أكثر من 100 مصاب بكورونا إحتاج الدخول إلى العناية الفائقة الأسبوع الماضي».

 

تبادل اتهامات بالكذب!

 

حكوميا، انهارت احتمالات حصول خروق في المسار الحكومي المتعثر، بعد خروج ازمة الثقة بين بعبدا وبيت الوسط الى العلن، لينهار جدار «الكذب» المتعمد بين الطرفين لاسابيع طويلة، فبعد ساعات على السقف المرتفع لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، جاء التسريب الصوتي للرئيس ميشال عون الذي اتهم فيه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري «بالكذب»، ليزيد الامور تعقيدا، خصوصا ان الرئيس اشار الى ان الحريري لم يقـدم له اي تشكيلة يعتد بها، متوقعا ان لا يكون هناك حكومة قريبا. وقد هاجم عون الحريري دون ان يسميه ردا على سؤال رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب قبيل المجلس الاعلى للدفاع عن تاليف الحكومة الجديدة،قال عون: «لا تأليف والحريري يقول إنه أعطاني ورقة لكنه يكذب ويقوم بتصاريح كاذبة»، وتابع: «ليك هـلّأ قديش غاب وليك حظهم اللبنانيين وهلّأ راح على تركيا».

 

وفيما تحدثت مصادر بعبدا عن تسريب مجتزا لكلام الرئيس رد رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري عبر «تويتر» بكلام «من الكتاب المقدس ـ سفر الحكمة: «إِنَّ الْحِكْمَةَ لاَ تَلِجُ النَّفْسَ السَّاعِيَةَ بَالْمَكْرِ، وَلاَ تَحِلُّ فِي الْجَسَدِ الْمُسْتَرَقِّ لِلْخَطِيَّةِ لأَنَّ رُوحَ التَّأْدِيبِ الْقُدُّوسَ يَهْرُبُ مِنَ الْغِشِّ، وَيَتَحَوَّلُ عَنِ الأَفْكَارِ السَّفِيهَةِ، وَيَنْهَزِمُ إِذَا حَضَرَ الإِثْمُ».

 

من جهته، غرّد الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري عبر «تويتر»، قائلاً: «تويتر فخامة الرئيس يكذب فخامة الرئيس». وأرفق تغريدته بهاشتاغ «للكذب عنوان عون وجبران».

 

«تحت الصفر»

 

وهكذا يمكن القول، ان المساعي لاعادة احياء التواصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري الذي انقطع بينهما قبيل حلول عطلة الأعياد، تبخرت، والامور عادت الى ما تحت «الصفر»… وبحسب اوساط سياسية مطلعة،لا وجود لاي تحرك فرنسي قريب، بانتظار الظروف الدولية او الاميركية المناسبة، وفي هذا الوقت يستعد الحريري للتصعيد بعدما تجاوز الفريق الاخر ما يعتبر «الخط الاحمر» السياسي والادبي، وهو سيخوض معركته مع بعبدا دون «قفازات» من الان وصاعدا!

 

وساطة الحريري

 

واذا كانت الاسباب الشخصية لم تغب عن زيارة رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري الى اسطنبول، الا ان لقائه العلني مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لم يكن بعيدا عن السياسية، وبحسب اوساط سياسية مطلعة، فان اصرار الاتراك على الاعلان عن الزيارة، كان بعكس رغبة الرئيس المكلف الذي كان يطمح الى بقائها بعيدا عن الاعلام الا اذا حققت اهدافها الاساسية، حيث قدم الحريري نفسه «وسيطا» يمكن الاعتماد عليه في ترطيب العلاقات بين الامارات ومصر والدولة التركية، وهو امر لم توافق عليه، ولم ترفضه ابوظبي والقاهرة، وانما جرى التعامل معه على طريقة «اذهب والقلب داعيلك»، حيث لا تمانع الدولتان من اي عملية «جس نبض» لاستعادة الحرارة لهذه العلاقات، «وورقة» الحريري اذا ما احترقت ليست بالامر السيء او الجيد.

 

طموحات اردوغان

 

لكن الحريري قوبل «ببرودة» واضحة من قبل الرئيس التركي الذي اوحى له بطريقة دبلوماسية بان الامور تحتـاج الى قنوات دبلوماسية اكثر فعالية، وهي قائمة الان، وفي المقابل عاد اردوغان الى طرح قدمه مستشاره ابراهيم قالون للحريري قبل نحو شهر، وكشفت عنه «الديار» حينها، بتفعيل التعاون على الساحة اللبنانية فـي ظل غياب الدعم السعودي، لكن الرئيس المكلف لم يستطيع تقديم اي وعد في هذا السياق، وهو يدرك ان عودة العلاقات التركية الخليجية ـ المصرية لم تنضج على نحو كامل بعد، وكانت اجوبته عمومية دون الالتزام باي تعهد، بعد ان ابدى الرئيس التركي رغبة بلاده في المشاركة في إعادة المرفا والمنطقة المحيطة. وتامل تلك الاوساط، بان لا تكون هناك ارتدادت سلبية على الحريري بعد هذا التذبذب موقفه السياسي خصوصا ان ثمة اموراً عالقة بشان شــركة «تركتيليكوم» التي كان يملك الحصة الأكبر فيها عبر «أوجيه تيليكوم»، وبعدما قررت الحكومة التركية استرداد الشركة بعد تعثرها، حجزت احتياطياً ولمدة عامين، على أموال الرئيس الحريري في المصارف التركية، من أجل دفع ديون لجهات تركية وهو يعمل على استعادتها!

 

وتجدر الاشارة الى ان دعم تركيا للإخوان المسلمين، تبقى في مقدمة المسائل الخلافية، وعمل على حل هذا الخلاف على نفس الطريقة التي جرى فيها حل هذه المسالة مع قطر التي تستضيف هي الأخرى على غرار تركيا قيادات وعناصر من تنظيم الإخوان المسلمين، ويبدو ان القطريين سوف يكون لهم الدور المحوري في تامين المصالحات الخليجية مع تركيا لا سيما عقب تصريح وزير الخارجية القطري الذي أعرب فيه عن استعداد بلاده للعب هذا الدور.

 

لماذا الاستنفار الاسرائيلي؟

 

وبينما تتخبط البلاد بازمتها الصحية، لم يغادر الطـيران الاسرائيلي الاجواء على نحو كثيف، ووصل بالامس الى نسب عالية للغاية مقارنة بالأشهر السابقة، فما هي اسباب هذا التكثيف لاختراق السيادة اللبنانية؟وفقا لاوساط مطلعة، لا تبدو التحركات الاسرائيلية هجومية خصوصا على الحدود اللبنانية، لكن الاسرائيليين رفعوا في الأسابيع الأخيرة من مستوى الاستعداد على خلفية التقدير بأن حزب الله وطهران يعملان على التحضير لاستهداف مواقع إسرائيلية وأميركية كانتقام مشترك على اغتيال الجنرال قاسم سليماني، ورئيس المشروع النووي الإيراني محسن فخري زادة في نهاية تشرين الثاني.

 

وهذه المخاوف، عبرت عنها صحيفة «هارتس» بالامس من خلال التاكيد ان اسرائيل تستعد لاحتمال حصول هجـوم من سوريا والعراق وحتى من اليمن. ولا يستبعد ايضا من حصول هجوم عبر الحدود الشمالية، ولهذا تم رفـع «درجة من اليقظة» على طول الحدود اللبنانية. كما يستعد جهاز الأمن لعدة سيناريوهات، منها إطلاق صواريخ، وإطلاق صواريخ بالستية بعيدة المدى، واستخدام طائرات بدون طيار، وصواريخ كروز أو محاولة لاغتيال شخصيات إسرائيلية أو المس بممثليات إسرائيلية في الخارج.

 

وفي هذا السياق، يفترض الاسرائيليون أن الحساب الايراني ما يزال مفتوحاً وأن عملية الانتقام آتية، في الوقت الذي ستعثر فيه طهران على فرصة مناسبة لذلك. ولذلك لوحظ في الأسابيع الأخيرة أيضاً نشاط استثنائي لطائرات قتالية في المنطقة الجنوبية والشمالية، وترتفع احتمالات حصول تهديد مباشر للحركة البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر.وامام هذا الاستنفار الاسرائيلي المتصاعد، يبقى الحذر مطلوباً في ظل حسابات خاطئة قد تدفع المنطقة ثمنه.

 

تحقيقات المرفأ

 

في هذا الوقت، ردت محكمة التمييز الجزائية، طلب وقف السير بتحقيقات إنفجار مرفأ بيروت، وأعادت الملف الى المحقق العدلي القاضي فادي صوان من دون البت بطلب نقل الدعوى المقدم من الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر، للارتياب المشروع، الى حين إستكمال التبليغات، ما يعني أن القاضي صوان يستطيع معاودة جلسات التحقيق. ولم تستكمل هيئة المحكمة كل طلبات التبليغ التي تقارب 150 طلبا موزعة على أفرقاء الدعوى بين مدعى عليهم ومدعين، على أن تصدر قرارها فور استكمال التبليغات.