IMLebanon

الديار: الملفّ الرئاسي مكانك راوح… زيارة مُرتقبة لـبرّي الى السعودية

 

 بعد انتهاء الجلسات مع الوفد القضائي الأوروبي… سلامة: الأوطان لا تُـبنى على الأكاذيب

 صيرفة تخطّى الـ«80 ألفاً» وصفيحة البنزين وصلت الى مليوني ليرة

 

إحتلّت قضية التحقيقات مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المشهد الإعلامي مع ما لهذا الحدث من رمزية، إذ إنها المرّة الأولى التي يتمّ فيها الاستماع من قبل القضاء لحاكم مصرف مركزي. وتشير المعلومات المتوافرة إلى أنه وعلى مدى جلستين (الخميس والجمّعة)، أجاب سلامة عن مئتي سؤال تمّ طرحها من قبل الوفد الأوروبي عبر قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، كما عرض ملفات ومستندات لتدعيم أجوبته. وبحسب هذه المعلومات، فإن المستندات التي أظهرها سلامة مختلفة عن تلك الموجودة في الملف وتلك التي تمّ التداول فيها بالإعلام، مما يوحي بأن عملية تزوير حصلت في هذه المستندات بهدف إدانته.

 

وتُضيف المعلومات أن الأسئلة التي طرحها الوفد الأوروبي انحصرت بشركة «فوري» وعلاقة سلامة بهذه الشركة، وفي ما إذا كان هناك تضارب مصالح بين منصب سلامة وشركة فوري المملوكة من قبل رجا سلامة (شقيق الحاكم). وبالتالي وعلى عكس ما تمّ ترويجه في الإعلام، لم تتطرّق هذه الأسئلة إلى موضوع الهندسات المالية والودائع.

 

وتعليقًا على هذا الموضوع، قال مصدر مطّلع أن بعض القوى عمدت إلى تسريب معلومات إلى الإعلام عن أن التحقيق مع سلامة من قبل الوفود الأوروبية سيؤدي إلى معرفة مصير الودائع والفجوة المالية، في حين أن التحقيق مع سلامة لم يتطرّق إلى هذه المواضيع. وهو ما اعتبره المصدر «عملية غشّ للرأي العام» من قبل هذه القوى. وأضاف المصدر أن هناك فجوة مالية تقارب الثمانين مليار دولار أميركي في الحسابات. وكان سلامة قد صرّح في مقابلة تلفزيونية أن وزارة الطاقة والمياه استنزفت أكثر من 24 مليار دولار أميركي منذ العام 2010 (من دون الفوائد). ألا يجدّر بالتحقيقات أن تتناول هذا الشقّ؟

 

المعلومات المتوافرة أشارت أيضًا إلى أن سلامة الذي كان صلبًا وواثقا بنفسه أمام المحققين متسلّحًا بمستندات لإثبات أجوبته، تحفّظ عن وجود القاضية هيلانة اسكندر باعتبارها خصماً له، وهي تدخّلت بالدعوى اللبنانية ضدّه. وفي البيان الذي أصدره عقب انتهاء جلسة أمس، قال فيه انه حضر الجلسة التي دعا إليها قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا دون رفقة المحامي، نظرًا إلى أن حضوره الجلسة كان كشاهد وليس كمتّهم. وأضاف سلامة أنه حضر إلى الجلسة «احترامًا منه للقانون وللقضاة». وأكّد سلامة في بيانه أنه بين بالوثائق والكشوفات «أن المبالغ الدائنة المدونة في حساب المقاصة المفتوح لدى مصرف لبنان والذي حُوِّلَت منه عمولات إلى شركة فوري، كانت قد سُدّدت من أطراف اخرى ولم يدخل إلى هذا الحساب أي مال من مصرف لبنان ولم يكن هذا الحساب مكشوفاً في أي لحظة». وأضاف سلامة أنه يتبيّن من هذه الكشوفات أن حسابه الشخصي في مصرف لبنان غير مرتبط بالحسابات التي تودع فيها الأموال العائدة إلى المصرف ولم تحوّل إلى حسابه أموال من مصرف لبنان، بل من حسابه الشخصي.

 

والأهم في البيان قوله إنه لمس وعلى مدى سنتين سوء نيّة وتعطشاً للادّعاء عليّه، وذلك من خلال «حملة إعلامية مستمرّة تبنتها بعض الوسائل الإعلامية، والتجمعات المدنية منها أوجدت غب الطلب لتقديم إخبارات في الداخل وفي الخارج، وذلك للضغط على القضاء والمزايدة عليه». واتهم «مدنيون وصحافيون ومحامون بفبركة وقائع» بمواكبة «بعض السياسيين من أجل الشعبوية»، وذلك بهدف حمايتهم من «الشبهات والاتهامات والتغاضي عن ماضيهم أو يعطيهم عذراً لإخفاقاتهم في مواجهة وحل الأزمة، ناسين أن الأوطان لا تبنى على الأكاذيب».

 

من جهته وفي حديث لقناة «الحدث»، قال قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا أنَّ «حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أجاب عن كل أسئلة المحققين الأوروبيين». وأضاف «لم أسأل القاضية الفرنسية عن موعد انتهاء التحقيق وإصدار الحكم في قضية سلامة»، مُذكّرًا بأن «رئيسة هيئة القضايا بوزارة العدل حضرت التحقيق مع سلامة كمدعية». وختم بالقول إنه «من المرجح أن يعود المحققون الأوروبيون للاستماع لشقيق رياض سلامة ومساعدته الشهر المقبل».

 

إلى هذا، تتركزالأسئلة أكثر حول مرحلة الفراغ في حاكمية المصرف المركزي في شهر حزيران المقبل، أي بعد ثلاثة أشهر، والتي ومن دون التوافق على رئيس جمهورية وتشكيل حكومة، ستكون مرحلة صعبة جدًا. في هذا السياق، يقول مرجع مصرفي سابق، ان مصرف لبنان بحاجة إلى حاكم أصيل ولا يمكن أن يكون بالإنابة أو حارسا قضائيا، فالخبرة والمصداقية هنا هما أمران ضروريان. وأضاف لا إمكان لإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل انتهاء ولايته إلا في حال تمّت إدانته وهو أمر مستبعد نظرًا للتطورات بعد جلستي الاستماع إليه من قبل الوفود الأوروبية. وفي هذا الإطار، يقول خبير اقتصادي مخضّرم ان مرحلة فراغ في المصرف المركزي ستكون فوضوية بامتياز، حيث سيكون الإطار مناسبًا لتفلّت غير مسبوق بسعر الصرف قد يتخطّى كل ما يتوقّعه الخبراء.

 

إلى هذا، يراوح الملّف الرئاسي مكانه مع الانقسام العمودي بين المكونات السياسية والتي قد تطول نتيجة الشرذمة المتنامية. ويشير مصدر سياسي مطّلع الى أن الكرة الان هي بيدّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي حيث من المتوقّع أن يزور المملكة العربية السعودية في غضون عشرة أيام، وذلك في محاولة لإقناع المسؤولين السعوديين بالقبول بسليمان فرنجية كرئيس للجمهورية. ويتوقّع المصدر أن ترفض السلطات السعودية طرح الرئيس برّي نظرًا إلى أن موقفها المبدئي الذي عبّر عنه السفير السعودي وليد البخاري في زيارته الأخيرة إلى الرئيس برّي، والذي قال فيه أن المملكة لا تتدخّل بالأسماء فاللبنانيين أحرار في اختيار رئيسهم، إلا أن مشاركتها في دعم لبنان ماليًا يتعلّق باختيار رئيس لا ينتمي إلى أي طرف ولا يشكلّ مرشّح تحدّ. هذا الواقع استبقه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي قال «… لا تراهنوا على الخارج من أجل أن ننجز استحقاقات الداخل. الاستحقاق الداخلي ننجزه نحن كشعب يعرف ما يريد وقادر على أن يحقق الإنجازات». وأضاف رعد: «لقد أعلنا دعمنا لمرشح نرى فيه الأهلية المناسبة في هذه المرحلة لرئاسة الجمهورية وما تفترضه هذه الرئاسة في هذه المرحلة من مواصفات ومهام قادر على أدائها، ومستعد للملمة ما يمكن لملمته داخل البلاد، والتعاون مع من يمكن أن يتعاون من أصدقاء خارج البلاد من أجل أن ننهض مجدداً بالوضع العام الذي أُنهك على كل المستويات في هذا البلد».

 

إقتصاديًا الوضع يذهب نحو التردّي المستمر. فسعر دولار السوق السوداء وصل إلى 108 الاف ليرة لبنانية، وهو ما أرخى بثقله على أسعار السلع والبضائع، وعلى رأسها المحروقات التي وصل سعر صفيحة البنزين فيها إلى مليوني ليرة! مليوني ليرة ولم يتحرّك الشارع! المحروقات – المُتحرّك الأول في الأسعار – لم يكن الوحيد، فأسعار كل السلع والبضائع في المتاجر والمحال إرتفعت بشكل جنوني من دون أن يكون هناك أي تدخّل من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة التي تركت التجّار يسعّرون على هواهم.

 

ارتفاع سعر دولار السوق السوداء، انعكس على سعر منصة صيرفة الذي ارتفع إلى 80200 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وهو ما سينعكس على كلفة الخدمات العامة، وعلى رأسها الكهرباء التي يتمّ تسعيرها على سعر منصة صيرفة زائدا 20%، والاتصالات التي تسعّر على سعر منصّة صيرفة، والدولار الجمركي الذي من المتوقّع بحسب معلومات خاصة بجريدة «الديار»، سيتمّ رفعه أوائل الشهر المقبل إلى سعر منصة صيرفة، وهو ما يعني ارتفاعًا جديدًا في الأسعار.

 

ويبقى السؤال عن كيفية تحمّل المواطن هذا الحمل الكبير؟ يقول خبير اقتصادي أن هناك فعليًا 40% من الشعب اللبناني محرومين بشكل كامل، وهي فئة تعيش على الإعانات والمساعدات وعلى منصة صيرفة. وهناك فئة توازي الخمسين في المئة تعيش من تحاويل من الخارج أو من أجور بالدولار، وهي فئة بدأت تئن نظرًا إلى تسارع ارتفاع أسعار السلع والبضائع. أما العشرة في المئة الباقية، فهي عبارة عن عائلات غنية في الأساس بالإضافة إلى فئة اغتنت من مآسي الشعب اللبناني (صرافون وتجّار بالدرجة الأولى)، وهذه الفئة لا تهتم بالواقع الاقتصادي نظرًا إلى قدرتها المالية.

 

على الصعيد المصرفي، من المتوقّع أن ترفع المصارف إضرابها إبتداءً من الأسبوع المُقبل. وتُشير المعلومات إلى أن محادثات ثلاثية بين المصارف – والمصرف المركزي – ورئيس الحكومة من جهة، ومحادثات ثنائية بين رئيس الحكومة والقضاء لإيجاد مخرج للأزمة يسمح للمصارف بإعادة فتح أبوابها وذلك بهدف السماح للمصرف المركزي بالتدخل في السوق للجم سعر الدولار المتفلّت.