IMLebanon

الحريري يفشل في استثمار «الضغط» الفرنسي لتليين موقف حزب الله

 

 

كتب ابراهيم ناصرالدين

 

تراجع التوتر على الحدود الجنوبية بعدما نجح «صمت» حزب الله في «تعطيل» التصعيد الاسرائيلي المفتعل، اما حكوميا فبات واضحاً للجميع بعد سقوط محاولات تصغير الحكومة وتوسيعها ان لا حل الا بتنازل رئيس الجمهورية ميشال عون عن وزير من حصته لمصلحة سنّة «اللقاء التشاوري»، وقبول الرئيس الحريري تمثيلهم في حكومته، وموافقة هؤلاء النواب على اختيار شخصية يسمونها من خارجهم، وكل هذا لم يحصل حتى الان، ما يجعل «التفاؤل» المتبادل بين بيروت ولندن غير مستند الى اي وقائع ملموسة، لان ما رشح من كافة الاطراف يفيد بتمسكها بمواقفها، خصوصا ان «حركة» بعبدا في الايام القليلة الماضية كانت دون «بركة»، وسط معلومات عن «صراع» «اجنحة» في محيط الرئيس ادى الى افراغ مبادرته من اي مضمون جدي بفعل «انتصار» الخط الذي يمثله وزير الخارجية جبران باسيل المتمسك حتى الان «بالثلث المعطل»… فيما اخفق الرئيس المكلف سعد الحريري في الحصول على دعم فرنسي للتأثير بطهران «لتليين» موقف حزب الله.

 

وفي هذا السياق، تؤكد اوساط نيابية مطلعة على تفاصيل الاتصالات المرتبطة بتذليل عقبة «سنة 8 آذار، ان من التقوا رئيس الجمهورية ميشال عون لم يسمعوا اي «جملة» «مفيدة» حول ما اشيع عن مبادرة رئاسية لحل الازمة، وفي معلومات جديدة عن «كواليس» هذه اللقاءات فقد كان عون «مستاء» جداً من رفض الرئيس المكلف سعد الحريري توسيع الحكومة الى 32 وزيرا، مستغربا عدم تجاوبه مع هذا الاقتراح، دون ان يقدم بديلا واضحا حيال كيفية الخروج من «المأزق» الراهن… وعلى نحو مخالف للتوقعات سمع من التقوا الرئيس مطلبا مباشرا منه لمساعدته على حل «العقدة» المتبقية، وكان مستسلما لفكرة رفض الحريري لكل الطروحات التي قدمت له، وطلب من حزب الله مساعدته على ايجاد مخرج للازمة، وهو طلب كرره على مسامع «اللقاء التشاوري» الذي خرج اعضاؤه من الاجتماع، وهم غير مدركين لماذا عقد اللقاء اصلا، وهو امر ينطبق على كل من التقوا الرئيس، ولم تكن لديهم اجابات واضحة حول الاسباب الحقيقية التي تقف وراء اقدامه على «استدعاء» الجميع الى بعبدا.

 

لماذا عقدت «المشاورات» في بعبدا؟

 

ووفقا لتلك الاوساط، فان المتداول في هذا السياق روايتان، الاولى تتعلق بوصول «ورقة» «الرسالة» الرئاسية الى المجلس النيابي الى «حائط مسدود»، بعد تحذير رئيس المجلس النيابي نبيه بري من مخاطرها السلبية على البلاد في ظل انقسامات مذهبية متوقعة ستؤدي الى زيادة عمق الازمة الراهنة، فكانت النصيحة بغض النظر عنها لأنه سيضطر في نهاية المطاف الى «تجاهلها» في حال غياب المكون السني عن البرلمان… ومن هنا اتخذ الرئيس عون قرارا بتنفيذ انسحاب «تكتيكي» وطوى صفحة «الرسالة» وكان البديل عنها فتح ابواب القصر امام لقاءات مع الاطراف المعنية بالازمة الحكومية، دون وجود اي مبادرة جدية بين يديه…

 

خلاف حول «رؤية» باسيل !

 

اما الرواية الثانية، فلها علاقة وثيقة بما اسمته تلك الاوساط «صراع الاجنحة» داخل «القصر» وفي محيط رئيس الجمهورية، ووفقا لمعلوماتها الموثوق بها، حاولت كريمة الرئيس ميراي التي تشغل منصبا استشاريا في القصر، وبدعم من النائب شامل روكز «الالتفاف» على خيارات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل «التفاوضية» في المسألة الحكومية وحاولا دفع الرئيس الى تولي زمام هذا الملف بنفسه لاعتقادهما ان ما يقوم به وزير الخارجية من «مناورات» حكومية لا يصب في مصلحة العهد ويؤخر انطلاقة مسار الاصلاح والتغيير في البلاد في ظل حالة الجمود القائمة، وكانا قد صارحا الرئيس على نحو منفرد بضرورة تطبيق «شعار» «بي الكل» على نحو عملي من خلال احتضان مطالب «اللقاء التشاوري» السني ومنحهم وزيراً من الحصة الرئاسية، وعدم الاستمرار في خوض معركة «الثلث المعطل» في الحكومة، لان هذه المواجهة غير مفهومة في ظل «التسوية» القائمة من جهة مع الرئيس الحريري، ومن جهة اخرى مع حزب الله، وهما شريكان اساسيان في الحكومة، وفي كافة الاحوال يشكل وزراء «العهد» «بيضة القبان» في مجلس الوزراء، فما الحاجة لهذه المعركة في ظل عهد الرئيس القوي الذي يعتبر كل الوزراء من حصته…؟

 

عون يحسم «النقاش» ..؟

 

ووفقا لتلك الاوساط، لم يتأثر رئيس الجمهورية بتلك الاراء، وظل متمسكا «برؤية» الوزير باسيل الذي «يدير الامور على نحو جيد ويعرف ما الذي يفعله»، كما ابلغ عون المعترضين، لكنه قرر «امتصاص» حركة الاعتراضات المتنامية من خلال استعادة «قيادة» دفة الاتصالات في «الوقت الضائع» حيث كان وزير الخارجية يتحضر للسفر الى لندن لحضور المؤتمر الاقتصادي الى جانب الحريري، ولكن هذا الحراك لم يخرج عن اطار «استراتيجية» باسيل في الملف الحكومي، لذلك لم يكن لدى الرئيس ما يقدمه من مقترحات، وجاء التحرك خاليا من اي افكار جديدة او «خطة عمل» تتناقض مع اصرار وزير الخارجية على عدم تنازل الرئاسة الاولى عن «الثلث المعطل»، وهو امر لا تزال الرئاسة الاولى مقتنعة به، في ظل اصرار رئيس التيار الوطني الحر على التأكيد ان الوقت لم يحن بعد للتخلي عن هذه الورقة»، وامكانية «المناورة» ما تزال متاحة في ظل حاجة الرئيس الحريري الملحة للعودة الى السراي الكبير، ولذلك لا داعي للاستعجال.

 

باسيل لا يزال «الاقوى»…

 

وفي هذا السياق، يعتبر وزير الخارجية المعترضين على «استراتيجيته» في التفاوض «قاصرين» عن فهم طبيعة العمل السياسي في البلاد ولا يرون ابعاد الامور ولا يفرقون بين الامور «التكتيكية» والاستراتيجية، وهو وجه «رسالة» واضحة لهذا «الجناح» من لندن، من خلال الاعلان انه يجري محادثات مع الرئيس الحريري بتكليف من الرئيس عون، واعلانه عبر وسائل اعلام «التيار» انه متمسك «بالثلث المعطل» باعتباره حقاً مكتسباً للرئيس وفريقه السياسي… وهكذا تعتبر تلك الاوساط ان ما حصل خلال الايام القليلة الماضية جولة جديدة من «الكباش» حول كيفية ادارة الامور حول الرئيس، ومرة جديدة اثبت باسيل انه لا يزال الاقوى في هذه «الدائرة»…

 

تفاؤل في غير مكانه

 

في غضون ذلك، اكدت اوساط وزارية متابعة لزيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى لندن، ان كلامه عن وصول تشكيل الحكومة الى «المئة متر» الاخيرة قبل الولادة صحيح، ولكن توقعاته بقطع هذه المسافة قبل نهاية العام، لا تبدو واقعية، لكنه كان ملزما بضخ الايجابية، والامل خلال زيارته اللندنية، وهو يعرف جيدا ان اي اختراق جدي لم يتحقق في بيروت كما خلال محادثاته مع الوزير جبران باسيل على هامش المؤتمر الاقتصادي.

 

ولا ترتبط هذه الاجواء» الملبدة» بالمعطيات الداخلية فقط، بل بوصول الرئيس المكلف الخارجية الى «حائط مسدود» بعدما راهن على زيارته الاوروبية لمحاولة احداث اختراق في موقف حزب الله من تشكيل الحكومة، وقد اشارت المعلومات الى انه كان ينتظر الحصول على موعد مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد انتهاء زيارته الى لندن، لكن هذا اللقاء لا يزال معلقا بانتظار حسم «الايليزيه» لمسألة الموعد الذي يتزامن مع نهاية الاسبوع في ظل توقعات بتحركات جديدة «للسترات الصفراء» السبت والنقابات العمالية اليوم الجمعة، وهذا ما يجعل هذا اللقاء معلقا على تطورات الساعات القليلة المقبلة…

 

جواب فرنسي سلبي…

 

ووفقا للمعلومات، يريد الحريري القيام بزيارة لساعات الى باريس قبل عودته الى بيروت المتوقعة نهاية الاسبوع، فهو يرغب في وضع المسؤولين الفرنسيين في اجواء منتدى الاعمال والاستثمار اللبناني- البريطاني الذي انعقد في لندن، للتأكيد على التزامات الحكومة اللبنانية بتنفيذ اصلاحات مؤتمر «سيدر». اما السبب الاخر للزيارة فيتعلق برغبة الحريري في استخدام «خط الاتصال» المباشر بين باريس وطهران لمحاولة «زحزحة» الموقف الايراني ودفعه نحو موقف ايجابي في مسألة الحكومة، في ظل اعتقاد الحريري بوجود دور يمكن ان يؤدي الفرنسيون بصفتهم يشكلون الان «الضامن الاقوى» لإبقاء الاتفاق النووي على «قيد الحياة» بعد انسحاب الاميركيين منه وفرضهم عقوبات على طهران، وثمة من نصحه بتجديد طلبه الى الرئيس الفرنسي التدخل مع الايرانيين علّ الامر يثمر تليينا لموقف حزب الله.

 

وسواء تمت الزيارة او لم تتم، تؤكد تلك الاوساط ان الحريري تبلغ من الرئاسة الفرنسية في الساعات القليلة الماضية ان الرئيس ايمانويل ماكرون سبق وحاول قبل مدة غير قصيرة فتح «نقاش» من الايرانيين حيال الازمة السياسية في لبنان، وكان الجواب واضحا وحاسما انهم لا يتدخلون لا من قريب او بعيد بالازمة الحالية، وذهبوا الى ابعد من ذلك من خلال التأكيد انهم غير مطلعين على تفاصيل العقد السياسية التي تعيق تأليف الحكومة والذي يعتبرونه شأناً لبنانياً خالصاً، في ظل اقرارهم على نحو واضح ان لا تشابه او تشابك بين ما يحصل في العراق مثلا او في اليمن وبين «التأزم» السياسي في بيروت… وفي هذا السياق ادرك الرئيس الحريري ان لا شيء لدى الفرنسيين ليقدموه على هذا المستوى، خصوصا ان باريس لا تزال مقتنعة بأن مصلحة حزب الله تكمن في الاسراع بتشكيل الحكومة خصوصا بعد التوتر السائد على الحدود الجنوبية، وهو امر سبق وابلغه السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه لرئيس الحكومة قبل سفره.

 

وفي سياق آخر، تبلغ الحريري من الفرنسيين رفضهم لتعديل مهمة قوات اليونيفيل في جنوب لبنان، وتشير تلك الاوساط الى ان باريس شددت على وجود ضغوط اسرائيلية في هذا الاتجاه، وحثت الرئيس المكلف على المضي قدما في تأليف الحكومة لمواجهة التحديات المستجدة على الحدود، لان المطلوب من لبنان موقف رسمي واضح بالالتزام بالقرا ر 1701، وكذلك عقد «طاولة» حوار للبحث في الاستراتيجية الدفاعية.

 

باسيل لم يقدم جديدا في لندن

 

في هذا الوقت، عاد وزير الخارجية جبران باسيل إلى بيروت صباح امس وأكدّت مصادر تكتل لبنان القوي أنه ناقش مع الرئيس المكلّف وبتنسيق مع رئيس الجمهورية سلسلة مقترحات من أجل تضييق مساحة الخلافات في عملية تشكيل الحكومة وسحب ذرائع التعطيل.

 

أما مصادر «بيت الوسط» فأكدت ان «اللقاء مع باسيل كان جيدا وجرى تقويم مشترك للمرحلة الماضية وتوافق على استمرار التواصل بعد العودة الى بيروت». واشارت المعلومات الى «ان اللقاء لم يأتِ بجديد وكانت جولة مصارحة وطرح لكلّ ما آلت إليه الأمور» وأفيد ان لا جديد تحقق في لندن بشأن الملف الحكومي باستثناء تأكيد الحريري البقاء على موقفه برفض التنازل من حصّته وتوزير النواب السنة وكذلك جدد رفضه لتوسيع الحكومة الى 32 وزيرا.

 

ماذا عن الخروقات الاسرائيلية؟

 

وكان الرئيس الحريري قد أكد من لندن اننا «في الامتار الاخيرة قبل التشكيل»، فيما اكد رئيس الجمهورية انه يسعى جاهدا لوضع حد للاختلافات بين الاطراف السياسيين حول الحكومة من خلال لقاءات مع المعنيين، على ان اتخذ بعدها القرار المناسب». وقال الحريري في لقاء حواري «منذ أيار لم أوفر جهدا لتشكيل الحكومة وتأمين تمثيل عادل فيها ولبنان لا يستطيع الاستمرار من دون حكومة ونأمل أن تتشكل قريبا». واشار الى «ان همّي الأساسي هو السير بقرارات مؤتمر «سيدر» ونحن في المئة متر الأخيرة لتشكيل الحكومة وهي قد تتشكل قبل نهاية العام او مطلع السنة الجديدة»، مضيفا «بعد الانتخابات الأخيرة تغيّرت المعادلة داخل البرلمان ويجب أن نأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار وعقدة التشكيل داخلية وليست اقليمية ويبقى عائق واحد وأعتقد أنه سيحل»… لكنه اكد ان ما يطلب منه من تنازل في بيروت ليس في مصلحة البلاد..! وفي موقف لافت يشكل «رسالة» طمأنة الى حزب الله، سأل الحريري «كم حرباً شنت إسرائيل ضد لبنان؟ هل أضعف ذلك «حزب الله»؟ المسألة هي مسألة إقليمية وإيرانية ولمعالجتها يجب أن نجلس إلى الطاولة ولكن نتنياهو لا يريد السلام» وأعلن ان يجب تطبيق القرار 1701 بحذافيره ومسألة الأنفاق يعالجها الجيش اللبناني ويجب محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها واضاف: القرار 1701 يجب أن يطبق من الجانبين وسمعتم عن الأنفاق ولكن هل سمعتم عن الخروقات الإسرائيلية لأرضنا واجوائنا ومياهنا؟ هل هذا عادل؟

 

عون: ننتظر «اليونيفل»

 

وفي السياق نفسه، أكد الرئيس عون امام منسقة الامم المتحدة في لبنان برنيل دالير كارديل، ان لبنان ينتظر التقارير الميدانية التي تعدها قيادة القوات الدولية في الجنوب حول الانفاق قبالة الحدود الجنوبية، للتأكد ما اذا كانت تجاوزت «الخط الازرق»، مؤكدا ان لبنان يتابع هذه المسألة بعناية لئلا تستغلها اسرائيل لضرب الاستقرار الذي يعيشه الجنوب. وجدد عون التأكيد على التزام لبنان احترام القرار 1701 بحرفيته، في وقت تواصل اسرائيل انتهاك السيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا بمعدل 150 خرقا كل شهر.