IMLebanon

الديار: الأسد في العراق قريبا… وملف «التطبيع» اللبناني مع دمشق يوضع على «نار حامية»

 

«تحالفات اقليمية» تتبلور و«الضغوط» الأميركية تضع الحكومة أمام خيارات صعبة

«تهدئة» سياسية تعيد «تعويم» مجلس الوزراء… وملف الكهرباء والتعيينات الخميس

كتب ابراهيم ناصر الدين

 

لا «مواجهة» سياسية «مفتوحة» في البلاد والحكومة غير مهددة «بالسقوط»، هذا ما خلصت اليه تطورات الساعات القليلة الماضية بين أركان التسوية الرئاسية، وقد نجحت الاتصالات البعيدة عن «الاضواء» بين اطراف «النزاع» والتي سبقها تدخل عدد من الوسطاء «المجربين» الى تخفيض حدة التوتر، وافضى ذلك الى قرار بانعقاد جلسة للحكومة الخميس المقبل، سيجري توزيع جدول اعمالها اليوم وهي تتضمن ملف الكهرباء وتعيينات المجلس العسكري… ووفقا لأوساط وزارية مطلعة، فان ما حصل من تصعيد منذ اكثر من اسبوع لا ينذر بفتح ازمة تهدد مصير الحكومة او حتى بتعطيلها، وانما كان عبارة عن رفع «سقوف» التفاوض بين طرفي التفاهم، لتعزيز اوراق «التفاوض» على ملفات اساسية منها التعيينات العسكرية وغيرها من القضايا واهمها ملف الكهرباء… وفي السياق نفسه تشير اوساط مطلعة الى ان «الصراخ العالي» من قبل طرفي النزاع لن يوقف المعركة ضد الفساد، فيما سيواصل حزب الله فتح الملفات «المشبوهة»، ولن يقف مكتوف الايدي امام «السمسرات» او «الخطوط الحمراء» الطائفية…

 

«العواصف الاقليمية»… والخسائر اللبنانية؟

 

في هذا الوقت، تتخوف مصادر ديبلوماسية في بيروت من عدم تمكن لبنان من مواجهة «العواصف» الاقليمية والدولية الداهمة على وقع تنافس اقتصادي وسياسي وامني يرسم معالم المنطقة، فعشية زيارة وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو الى بيروت، تتسارع التطورات الاقليمية الضاغطة على الواقع اللبناني المطالب بحسم الكثير من المواقف «المتذبذبة» حيال التحالفات التي تتبلور على خلفية نتائج الحرب في سوريا، ولا يبدو ان سياسة «اللعب» على «الحبلين» ستكون متاحة في الفترة المقبلة، تقول تلك الاوساط، فالحكومة اللبنانية مضطرة للبحث في حسم الموقف حيال الاستحقاقات الخارجية كي لا تضطر لاحقا الى دفع «الفواتير» سياسيا واقتصاديا، فبعد محاصرة «الموارد الغازية» اللبنانية المفترضة، باتفاقية استجرار الغاز من اسرائيل الى اوروبا عبر البحر من خلال تفاهم ضم مصر، وقبرص، واليونان، وايطاليا، يجد لبنان نفسه امام «مطرقة» تفعيل الاتصالات مع روسيا وايران والجانب السوري لتأمين تصدير وارداته برا لتعويض «نكسة» خروجه من التفاهم البحري لوجود اسرائيل فيه، و«سندان» الضغوط الاميركية والخليجية التي نبهت رئيس الحكومة من الاقدام على «دعسة ناقصة» في هذا الاطار، وقد ابلغ بذلك على نحو مباشر «وفج» خلال زيارته الاخيرة الى السعودية، وسيعيد هذا الكلام بومبيو على مسامع المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته المرتقبة الى لبنان، يبدو « فريق رئيس الحكومة ومعه القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي «مستسلمين» «للتحذيرات» الاميركية والخليجية التي «تكربج» اي تحرك جدي للانفتاح على العاصمة السورية للبحث في ملفي النزوح والتعاون الاقتصادي، ومن جهة اخرى يرى الفريق السياسي الذي يمثله حزب الله وحلفائه ان لبنان يضيع الوقت والفرص لحل ازماته اذا ما بقي «اسير» الرغبات الخارجية، وهذا ربما سيكون من أخطر الملفات السياسية المطروحة في البلاد في المرحلة المقبلة… وبحسب تلك الاوساط فان هذا الملف سيوضع على «نار حامية» من قبل حلفاء دمشق، وسيكون موازيا لمعركة الفساد…

 

الاسد في العراق قريبا…؟

 

وفي هذا الاطار، تكشف تلك الاوساط عن خروج اردني عن «النص» الاميركي حيث تتم بلورة اساليب تعاون مجدية مع الجانب السوري لتعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها، فيما يخطو العراق باتجاه تعميق علاقاته مع النظام السوري على نحو متسارع، ووفقا للمعلومات بعد الزيارة الناجحة للرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني الى العراق، يجري حاليا وضع اللمسات الاخيرة على زيارة رسمية مرتقبة للرئيس السوري بشار الاسد الى بغداد، حيث يعمل مستشار الامن الوطني فالح الفياض على خط ترتيب جدول اعمالها مع الجانب السوري… وترفض تلك الاوساط الحديث عن موعد محدد للزيارة، ولكنها تحدثت عن ارتفاع منسوب الضغوط الاميركية على الدولة العراقية لمنعها…

 

وفي سياق التمهيد لهذا الحدث السياسي، استضافت دمشق محادثات ثلاثية حضرها كبار المسؤولين العسكريين في إيران والعراق، شارك فيها رئيسا أركان القوات العراقية والإيرانية ووزير الدفاع السوري علي أيوب. عبر رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول ركن عثمان الغانمي عن أمله في فتح المعبر الحدودي مع سوريا خلال الأيام المقبلة وذلك بعد لقائه بنظيريه السوري والإيراني في دمشق… وقال الغانمي في مؤتمر صحفي مع نظرائه: «سنشهد في الأيام المقبلة فتح المنفذ الحدودي بين سوريا والعراق» واستئناف الزيارات والتجارة بين البلدين… ويبقى السؤال برأي تلك الأوساط، اين لبنان من هذه التحولات؟ وكيف سيتعامل مع نفاد مرحلة التسامح الاقليمية والدولية مع حالة «الميوعة» السياسية السائدة في البلاد؟

 

«توقيت» مشبوه ومريب…!؟

 

وفي توقيت يرتبط حكما بتقديم «اوراق اعتماد» لوزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو وجه رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل سؤالاً الى الحكومة اللبنانية في موضوع الأنفاق في جنوب لبنان… وسأل الجميل الحكومة بعد انكشاف موضوع الأنفاق عمّا إذا كانت التحقيقات اللازمة قد أجريت لمعرفة الجهة التي تجاوزت السلطات اللبنانية والشرعية اللبنانية الممثلة بالجيش اللبناني والقوى الأمنية وقامت بحفر الأنفاق وعن موقف الحكومة منها والإجراءات المنوي اتخاذها لجهة إقفال الأنفاق ومنع اعادة استخدامها، طالباً إجابة خطية على السؤال ضمن مهلة خمسة عشر يوماً عملاً بالنظام الداخلي لمجلس النواب… وقد تساءلت أوساط نيابية مطلعة عن الاسباب الكامنة وراء الحرص المفاجىء عند الجميل لاثارة ملف طوي بعد فشل اسرائيل في الضغط على المقاومة، فأين المصلحة الوطنية في اعادة «نفض الغبار» عن هذه القضية؟ واذا كان يظن البعض ان هذا التصرف سيقوي موقفه عند الاميركيين، فهو مخطىء، لان الاستثمار في هذا الملف لن يفيده، وهو «دعسة ناقصة» في توقيت «مريب».. .

 

خفض منسوب التوتر…

 

في هذا الوقت، نجحت الاتصالات السياسية في خفض منسوب التصعيد السياسي في البلاد، ووفقا لمصادر سياسية مطلعة، فان ما حصل لم يكن يستهدف هز التفاهمات الحكومية او اسقاط الحكومة وانما كان مجرد خطاب سياسي «لرفع الصوت» في مواجهة الوتيرة البطيئة في عمل الحكومة، والتماهي مع «التلكؤ» الدولي في اعادة النازحين السوريين، ومحاولة البعض وضع «حصانات طائفية» لمنع مكافحة الفساد، وقد وصلت «الرسالة» والامر انتهى عند هذا الحد… الامر كله كان مجرد «سوء فهم» وليس سوء تفاهم، ولن يحصل اي تأزم جدي في العلاقة بين اطراف «التسوية»… ولذلك فان الرئيس الحريري لم يكن مستهدف بل المجتمع الدولي الذي لم يعد بالامكان التعامل معه بهدوء ولا بد من اجراءات سريعة وفورية لاعادة النازحين بأي طريقة آمنة.

 

من يتحمل مسؤولية «التعطيل»؟

 

في المقابل، تشير اوساط رئيس الحكومة الى ان «التصعيد» الكلامي كان مفاجئا في نبرته، وتحميل رئيس الحكومة مسؤولية «البطء» او تعطيل العمل الحكومي غير دقيق بل «مجحف»، لان جدول اعمال مجلس الوزراء يجري التوافق عليه وهو حصيلة ما يطالب به الوزراء، اما الشق السياسي فيتم التفاهم عليه بين الجميع وتحميل المسؤولية لطرف واحد مناف للمنطق، ولا يستقيم مع حقيقة حصول تشاور مستمر بين «الافرقاء»… اما مسألة النزوح السوري فمن الظلم تحميل رئيس الحكومة مسؤولية تأخير عودتهم، وبحسب تلك الاوساط، عندما قبل الحريري تعيين صالح الغريب وزيرا لشؤون النازحين اعطى اشارة واضحة الى رغبته في ان تحل هذه القضية بعيدا عن «احراجه»، لكن ايا من حلفاء سوريا لم يستطع حل هذه الازمة، والان ثمة من يريد من رئيس الحكومة «التطبيع» مع النظام السوري، دون حل هذا الملف الشائك، وهذا الامر يخالف التفاهمات السابقة التي سبقت تشكيل الحكومة، ولن يقبل الحريري به…

 

جنبلاط على «خط النزوح»…؟

 

وفيما تكشف مصادر أمنية ان نحو 168 الف نازحاً سورياً من اصل مليون ونصف مليون مسجلين رسميا عادوا الى بلادهم منذ كانون الاول 2017 ، إما افراديا او عبر العودة المنظمة التي اطلقها الامن العام اللبناني في ايار 2018 . استقبل رئيس مجلس الوزراء في السراي، المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش وناقش معه مؤتمر بروكسيل -3 والرسالة التي اكد عليها بضرورة تأمين العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين الى بلادهم وفقا للقوانين الدولية وباحترام كامل لها والتعاطي مع هذا الموضوع من منطلق انساني. وعلى خط النازحين ايضا، اشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى ان «عودة النازحين السوريين لن تتحقق طالما ان النظام السوري يرفضها». واعتبر في حديث على هامش المؤتمر الذي عقده الحزب بعنوان «لبنان والنازحون من سوريا: الحقوق والهواجس وديبلوماسية العودة»، ان «هناك خوفا لدى هؤلاء»، سائلاً «من سيؤمن العودة الآمنة لهم كي لا يعودوا ويُعذبوا ويُقتلوا»، مضيفاً «نؤيد المبادرة الروسية ولكن عليها ان تعطي ضمانات». تابع جنبلاط: «نتمنى ان يبقى هذا الملف بعيداً من الوزارات المعنية كي يؤمَن الحد الادنى لهم من العيش الكريم في التعليم وغير التعليم».