IMLebanon

الديار: ديبلوماسيون غربيون يبحثون عن خيارات نصرالله.. وروسيا تتولى مهمة «التحذير»

طهران تبلغ موسكو انسحابها من «التفاهمات» حول القوات الاميركية في سوريا

كتب ابراهيم ناصرالدين

يستمر السباق مع الزمن لانقاذ ما يمكن انقاذه اقتصاديا دون «خطة انقاذية» واضحة، بعد سنوات من سياسة «فساد» اوصلت ثقة المجتمع الدولي بلبنان الى حدود «الصفر»، وفيما يستعد رئيس الحكومة سعد الحريري لاختبار جديد في شارعه الطرابلسي بعد يومين، وسط مخاوف من تراجع الاقبال على الانتخابات الفرعية،تراجع بالامس عن تشبيه الوضع اللبناني بالازمة اليونانية بعدما تلقى خلال الساعات الماضية مراجعات وانتقادات عديدة بسبب الاجواء السلبية التي تركتها تصريحاته، وعاد واعطى «جرعة امل» في مستهل جلسة الحكومة التي لم تبدأ بعد دراسة الموازنة «التقشفية» المنتظرة..لكنها باتت على «نار حامية» …

في هذا الوقت وبينما ينشغل العالم بالتطورات الاقليمية والدولية المتلاحقة التي كانت «مفاجأتها» الكبرى من السودان بالامس، فيما لا تزال الجزائر «تغلي»على وقع مرحلة انتقالية غامضة، وبانتظار «الخطوة التالية» للرئيس الاميركي دونالد ترامب لاستكمال تحويل «صفقة القرن» الى واقع بعد فوز «صديقه» بنيامين نتانياهو في الانتخابات الاسرائيلية، توقفت مصادر دبلوماسية غربية في بيروت مليا عن «تهديدات» الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وكلامه عن عدم اكتفاء محور المقاومة «بالاستنكار» فقط ازاء الهجمة الاميركية المتصاعدة، ولم تقف حركة اكثر من سفير خلال الساعات القليلة الماضية امام محاولة الحصول على «تقويم» تحليلي لما ورد في الخطاب، وانما ذهبت الى ما هو ابعد من ذلك، وجرت الاستعانة ببعض الاصدقاء الذي لعبوا دور «الوسيط» في نقل معلومات من «الصديق» الروسي الذي زاد هؤلاء «قلقا» ازاء ما قدمه من معطيات ترتبط حصرا بالساحة السورية..

موسكو «ورسائل التحذير»…

وفي هذا السياق علمت ان احد كبار المسؤولين في السفارة الروسية في بيروت نقل معلومات تجاوز فيها مرحلة التحذير من جدية الخطاب، بل نصح نظرائه الغربيين بالاخذ على محمل الجد كل «كلمة» تقصد السيد نصرالله تمريرها للمرة الثانية خلال فترة وجيزة… وكان لافتا حديثه عن ضرورة عدم قراءة المشهد على نطاق «ضيق» وانما النظر الى ما هو ابعد من خريطة المنطقة، لان السيد نصرالله عندما تحدث بالامس لم يكن يمثل حزب الله، وانما محور يمتد نفوذه من افغانستان وصولا الى شواطىء المتوسط في بيروت…

ماذا ابلغت طهران موسكو؟

ووفقا للمعلومات، تقصد المصدر الروسي تسريب معلومة على جانب كبير من الاهمية، مفادها ان القيادة الروسية في دمشق تبلغت من الايرانيين عقب الاعلان الاميركي عن تصنيف الحرس الثوري الايراني منظمة «ارهابية»، ان طهران بما تمثل من مستشارين رسميين ومجموعات «تدور في فلكها» باتت خارج اي التزامات سابقة تتعلق برسم حدود «لقواعد الاشتباك» مع القوات الاميركية الموجودة شرق نهر الفرات في سوريا، ولم تعد «القناة الروسية» التي كانت تنظم هذه العلاقة قائمة، وهذا يعني ان «المظلة السياسية» التي ترعى العلاقة «غير المباشرة» لعدم حصول احداث عرضية على الارض في ظل تداخل العمليات العسكرية لم تعد قائمة وهذا يعني ان الامور باتت هناك دون «ضوابط»..

«قواعد اللعبة»… «وحقل الارانب»؟

وعندما سئل المسؤول الروسي عن «قواعد اللعبة» مع اسرائيل على الساحة السورية وعلى طول الجبهة الشمالية، قال مستغربا « الايرانيون لم يبلغونا شيئا في هذا السياق، وهذا يدعو للقلق اكثر ما يدعو الى الاطمئنان»..!

وفي هذا الاطار، تلفت اوساط معنية بهذا الملف الى ان «سقوط التفاهمات» في سوريا يعني حكما سقوطه في العراق، وكذلك في افغانستان، وهذا يعني ان قرار الادارة الاميركية ادى الى رفع «منسوب» المخاطر في المنطقة وزاد من احتمالات تحول الجنود الاميركيين الى «ارانب في حقل الرماية»، بعدما قرر الايرانيون «ادارة ظهرهم» للاحداث التي باتت دون «كوابح»، بحيث يتحمل الاميركيون مسؤولية افعالهم..

ما هي الخطوة التالية..؟

وعندما يتحدث السيد نصرالله عن افعال لا اقوال، ويلزم نفسه علنا بتوجيه «الرسائل» فهذا يعني ان «الخطوة التالية» باتت جاهزة وتحريك «البيدق» على «رقعة الشطرنج» لم يعد يحتاج الى قرار لانه اتخذ، وانما الى «ساعة الصفر» المناسبة، وهذا لا يعني ان الخطوة المقررة ستكون محصورة بالساحة اللبنانية التي تعتبر اكثر الجبهات استقرارا وهدوءا، بفعل «الردع» القائم والتي تريد المقاومة الحفاظ عليه بل تطويره، وكذلك لا يعني ذلك ان اي تحرك مفترض سيكون محصورا بالجبهات الساخنة، لان كل المعنيين في المنطقة يدركون جيدا ان السيد نصرالله مؤثر للغاية في الكثير من «الخطوط الحمراء» المرسومة، بدءا من اليمن مرورا بالسعودية والبحرين، وصولا الى العراق وسوريا، وكذلك افغانستان، بعد نسج علاقة وطيدة مع «الفاطميين» في سوريا.. وهذا ان كان يعني شيئا فهو ان المعنيين بكلام السيد عليهم اخذ الامور على محمل الجد، ويبدو انهم كذلك..

الحريري يتراجع…؟

في غضون ذلك حاول رئيس الحكومة سعد الحريري «ضخ» مناخات ايجابية في البلاد بعد ساعات على تصريحات «تشاؤمية» عرّضته لسلسلة من الانتقادات من مسؤولين ماليين وسياسيين كبار في الدولة، بعدما شبه الوضع اللبنانية «بالكارثة» اليونانية، ووفقا لمصادر وزارية بارزة ارتكب رئيس الحكومة «هفوة» في غير مكانها وهو اراد ان «يكحلها» «فعماها»، ولذلك جرت اتصالات بعيدة عن الاضواء ذكرته بان تصريحات مماثلة تكلف القطاع الاقتصادي والمالي، ولا تساعد في استعادة ثقة الخارج بل تؤيد الشكوك حول قدرة لبنان على تجاوز الازمة، وخلال النقاشات جرى التأكيد على ان الوضع اللبناني السيئ لا يشبه ابدا الوضع في اليونان ما قبل وقوع الكارثة، واذا كان هناك من تشابه في التضخم المالي ، وعجز الموازنة، وعدم تناسب الاجور في القطاع العام مع الواقع الاقتصادي، فان ما اغرق الحكومة اليونانية كانت الديون الخارجية، فيما غالبية الديون اللبنانية هي دين عام «مضبوط» لانه داخلي ومصدره البنوك التجارية، وهذا يعني توافر الاموال مصرف لبنان والمصارف التي تملك فائضا نقديا كبيرا ما يجعله مصدر طمانينة للمجتمع الدولي الذي ينظر الى لبنان ككتلة واحدة «غير مفلسة»..

وانطلاقا من هذه المشاورات التي سبقت الجلسة الحكومية في السراي امس، لفت الحريري في مستهل الجلسة، إلى الإيجابية التي أرخاها إقرار خطة الكهرباء على الأسواق المالية والنقدية، وعلى ثقة المستثمرين في مستقبل الاقتصاد اللبناني، بصفته الإشارة الأولى على جدية الحكومة في خفض العجز في الموازنة ومكافحة الهدر في المال العام، وتنفيذ ما التزمنا به في مؤتمر «سيدر».

وقال الحريري إن أفضل قرار اتخذناه في لبنان هو القيام بإجراءات معالجة العجز والتقشف في الموازنة، قبل أن تقع الأزمة، بينما اضطرت دول أخرى إلى اجراءات اصعب وأقسى وأكثر ألما، لأنها انتظرت وقوع الأزمة قبل البدء بالمعالجة. فكلمة السر هنا هي اتخاذ الإجراءات لتفادي الأزمة، والتمكن من إدارة الخطوات بطريقة تحمي الإقتصاد والمواطنين. وأكد الرئيس الحريري: إن وضعنا في لبنان يبقى مطمئنا والثقة في اقتصادنا واستقرارنا المالي والنقدي ومستقبل النمو في بلدنا تبقى قائمة، طالما نتخذ الإجراءات اللازمة.

«نكد» سياسي..؟

وقد شهدت جلسة الحكومة نقاشات «حامية» حول البندين 9 و26 فبعد طلب وزيرة شؤون التنمية الادارية مي شدياق تفويضا من مجلس الوزراء لتأليف لجان عمل من الاختصاصيين في الوزارة، تدخل وزراء التيار الوطني الحر وتولى وزير الدفاع الياس بو صعب حملة الاعتراضات على هذا البند باعتباره يتناقض مع قرار وقف التوظيفات، وطالب بمزيد من المعلومات والجدوى من التعيين والتكاليف المترتبة، وهذا ما ادى الى تاجيل البت في هذا البند..وقد عبرت شدياق عن «استيائها» من مجريات النقاش حيال طلبها، معتبرة ما يحصل في سياق «النكايات»…فيما اكدت مصادر وزراء «التيار» ان الموضوع غير سياسي وانما يحتاج الى المزيد من الدرس، مستغربة كيف ان وزراء القوات اللبنانية لم يعترضوا هذه المرة على «توظيفات» جديدة مع العلم انهم كانوا «رأس حربة» في الجلسات السابقة؟

«عجز» الاتصالات..

ام البند رقم تسعة المتعلق بطلب وزير الاتصالات محمد شقير وقف العمل بمنح 60 دقيقة مجانية لاصحاب الخطوط الثابتة،فنال ايضا وقتا طويلا من «الجدل»، وتم تأجيل البت فيه لمزيد من الدرس «والتمحيص»، وبعدما شرح الوزير اسباب اتخاذ هذا القرار عازيا الامر الى تراجع الايرادات في القطاع نحو 200 مليون دولار العام 2018، مؤكدا ان هذه الخطوة ستحقق ارباحا تقدر بنحو 25 مليون دولار، وهي ستطال فقط «الميسورين» الذين يملكون نحو 600 خط ثابت، مؤكدا ان الفاتورة الشهرية لن ترتفع اكثر من 10 الاف ليرة.. اعترض عدد من الوزراء داخل الجلسة على هذا القرار غير المدروس والذي لا يأتي ضمن سياق متكامل للنهوض بقطاع الاتصالات الذي يحتاج الى اصلاح شامل يبدأ بوقف الهدر حيث من المتوقع ان يزداد المدخول نحو 60 مليون دولار.. عندها تدخل الرئيس الحريري وارجأ الند لمزيد من الدراسة…

الموازنة على «نار حامية»

في غضون ذلك، اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري ان اقرار خطة الكهرباء، خطوة على «الطريق الصحيح» لكنها ليست كافية، معتبرا اننا امام شهر «دقيق» للقيام بالاجراءات المطلوبة وفي مقدمها الموازنة.. اشارت اوساط وزارية مقربة من رئيس الحكومة الى ان «الموازنة «التقشفية» وضعت على «نار حامية» حيث منح وزير المال علي حسن خليل «ضوءا اخضر» للاعداد لموازنة «موجعة» لكن لا تطال الشرائح الاجتماعية المتوسطة الدخل، حيث تم الاتفاق على عدم فرض ضرائب جديدة، لكن ثمة بنوداً لا تزال محور نقاش وهي تتعلق بالتدبير رقم 3 للعسكريين، وزيادة الضرائب على المصارف، لكن لا شيء نهائياً بعد، وانما العمل يجري تحت شعار «لا بند مقدس» في الموازنة التي سيبدأ النقاش بها قريبا جدا…وستقر خلال اربعة اسابيع بحد اقصى.. تتوقع المصادر ان تعبر الموازنة دون عقبات سياسية تحت وطأة الضغط الدولي الذي يلح على شد أحزمة الانفاق وضبط الهدر واستكمال «الحرب» على الفساد..

انتخابات طرابلس

وقبل يومين من الاستحقاق الانتخابي الفرعي في طرابلس، يجهد الرئيس سعد الحريري لحث الناخبين الطرابلسيين على المشاركة فيما يعتبره «استفتاء» على حجم تيار المستقبل في المدينة، وسط شعور باللامبالاة في الشارع الطرابلسي بعد ان فقد «التيار الازرق» الزخم السياسي من خلال غياب «ورقة « التحريض المعتادة على حزب الله بعد انسحاب مرشح جمعية المشاريع طه ناجي، فضلا عن غياب «المال السياسي» عن المعركة، وغياب القناعة باعادة ترشيح ديما جمالي، فضلا عن تنامي الشعور بان كل الوعود الانمائية السابقة لم تجد طريقها الى التنفيذ.. ووسط مخاوف من عدم وصول نسبة الاقتراع الى 8 بالمئة وفق بعض الاستطلاعات، توجه رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة الى المدينة معلنا ان «عنوان المعركة «استعادة الدولة اللبنانية» والتي تتعرض للتآكل والتقاسم من قبل الأحزاب والميليشيات، فيما يتوقع ان يدخل الحريري شخصيا على خط «التحفيز» من خلال زيارة متوقعة الى المدينة في الساعات القليلة المقبلة

الرئيس اليوناني.. والنفط والنازحين..

وفي سياق متصل توافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ونظيره اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس على الدور الذي يمكن ان يلعبه كل من لبنان واليونان في اعطاء العلاقات العربية – الاوروبية زخماً ايجابياً. وأكد تعزيز التعاون بين الطرفين لمواجهة أزمة النازحين وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك. أكد خلاله الرئيس عون حق لبنان باستخراج النفط والغاز ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة، مشدداً على رفض الانضمام الى اي منتدى او آلية تعاون تشارك فيها اسرائيل، لاسيما منتدى غاز شرق المتوسط. ورحّب بلقاء القمة الثلاثي بين لبنان واليونان وقبرص، الذي ستستضيفه العاصمة القبرصية نيقوسيا، لتوطيد مختلف اوجه التعاون المشترك.

والتقى الرئيس اليوناني رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس الحكومة سعد الحريري، كما عقدت في قصر بسترس محادثات موسعة شارك فيها عن الجانب اللبناني وزيرا الخارجية والمغتربين جبران باسيل والطاقة والمياه ندى البستاني، وعن الجانب القبرصي وزيرا الخارجية القبرصي نيكوس كريستودوليديس والطاقة والتجارة والصناعة يورغوس لاكورتريبس. وركزت على موضوع النفط والاستثمارات اللبنانية في قبرص.