IMLebanon

الديار: الحريري يتعهد مواجهة «فيتو» القطاع المصرفي : المصارف عندي..!

سقوط «مناورة» الرواتب.. وعلاقة حزب الله «الاشتراكي» الى «الجمود در»

كتب ابراهيم ناصرالدين

منحت عطلة الجمعة العظيمة وعيد الفصح، القوى السياسية «المتورطة» في «مناورات» الاجراءات «التقشفية» المؤلمة، التي اثارت ردود فعل «عنيفة» لدى الرأي العام اللبناني، استراحة «محارب» لبضعة ايام سيتخللها بعد عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من زيارته الخاصة الى السعودية اجتماع ثان في «بيت الوسط» لجوجلة مفاعيل الجولة الاولى من المحادثات التي عقدت الاحد الماضي، وفيما ينتظر رئيس الحكومة ردودا «مكتوبة» على اقتراحاته المالية لخفض عجز الموازنة، علم ان الحريري الذي لم يفصح عن الجزء الخاص في خطته والمرتبط بمساهمة المصارف في «العملية الانقاذية»، تحدث بصراحة «وثقة» امام المجتمعين، وقال بوضوحش» قموا بما عليكم، ووافقوا على الخطة «التقشفية» والمصارف «عندي» انا اتكفل بها… وفيما لا تزال جمعية المصارف مصرة على «فيتوات» معينة غير قابلة للنقاش، في مقابل «ثقة» رئيس الحكومة، تقوم القوى السياسية المختلفة في بلورة موقفها من عرض رئيس الحكومة «الواقع» تحت ضغط شروط «سيدر»، لم ينته حزب الله بعد من بلورة صيغته النهائية، ووفقا للمعلومات تعمل لجنة خاصة برئاسة وزير الشباب والرياضة محمد فنيش على بلورة الموقف النهائي الذي سيعلن خطوطه العريضة السيد حسن نصرالله الاثنين المقبل، بانتظار اكتمال «الصورة النهائية» مع العلم ان مصادر الحزب تبدو حاسمة لجهة رفض اي مساس بالحقوق المكتسبة للطبقة المتوسطة والفقيرة.. وفي سياق متصل عادت العلاقة بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي الى مرحلة «الجمود» بانتظار خطوة من «المختارة» نحو «حارة حريك»…

الحريري… والمصارف

ووفقا لاوساط وزارية مطلعة، فان الاجتماعات البعيدة عن الاضواء بحثا عن موارد اضافية او خيارات عصر نفقات خلصت الى نتيجة مفادها ضرورة الابتعاد عن المس برواتب الموظفين في القطاع العام وكذلك المؤسسة العسكرية، ولفتت في هذا السياق الى ان رئيس الحكومة سعد الحريري يعمل ضمن استراتيجية واضحة عنوانها تخفيض حجم القطاع العام «المتضخم» الذي بات يضم نحو 340 الف موظف، لكنه اصطدم بواقع عدم القدرة على التغيير السريع للواقع الحالي، ويحاول اقناع الدول المانحة في «سيدر» والتي تضغط لتحجيم هذا القطاع، بان الامر يحتاج الى وقت ليس بقصير، والا فان البلاد ستنفجر من «الداخل»… وفي هذا الاطار يعمل بالتنسيق مع القوى السياسية المشاركة في الحكومة لتمرير قرارات «موجعة» ولكن لا تؤدي الى «الانفجار»..

وفي هذا السياق، تحدثت اوساط مطلعة على اجتماع «بيت الوسط» الذي ضم ممثلين عن التيار الوطني الحر، وحزب الله، والحزب الاشتراكي، والقوات اللبنانية، ووزير المال، ان الرئيس الحريري بدا واثقا من تعاون المصارف في المشاركة بالخطة الانقاذية، واوحى انه على اتصال بجمعية المصارف للتوصل الى اتفاق حول مساهماتها، مؤكدا ان هذا الموضوع «عنده»، وسيعلن عن نتائجه بعد الاتفاق في الحكومة على «الخطة المالية» لتخفيف عجز الموازنة.. وفي هذا الاطار اشارت مصادر اقتصادية بارزة الى ان جمعية المصارف ما تزال ترفض حتى الان الاكتتاب بسندات خزينة بالليرة اللبنانية بفائدة «صفر»، ولكنها منفتحة على تخفيض فوائد الديون مع ربط ذلك بجدية «الحزمة» الاصلاحية من قبل الحكومة.. وفي هذا الاطار فان الدور المرتقب للمصارف في مشروع قانون موازنة 2019 لتخفيف العجز وتراكم الدين العام، مشروط بتقليص الإنفاق، وتحفيز الإنتاج الوطني، وتصويب توزيع المداخيل من دون تعديل جذري في بنية الاقتصاد والمداخيل»، في المقابل سيتحمل القطاع المصرفي حكما جزءاً من هذه «التضحيات» وذلك عبر خفض نسبة الفوائد على الدين العام، والنقاش الدائر الان حول النسبة والتي تتأرجح بين 1 في المئة حيث يمكن التوفير على الدولة اللبنانية بين 700 و900مليون دولار سنوياً، او 2 في المئة حيث يقارب التوفير سقف الملياري دولار.. وثمة اقتراحات اخرى تتم دراستها ومنها اكتتاب المصارف بسندات خزينة بفائدة «صفر».. فيما لم تجر اي مقاربة جدية حتى الان لرفع الضريبة على ارباح المصارف، وهو اقتراح لم تقبل جمعية المصارف مقاربته حتى الان بحجة اضعاف قدرتها على الاستمرار في جذب الودائع.

«سقوط المناورة»

ومن هنا جاءت «المناورة» «التقشفية» التي «ماتت» في «مهدها»، بعدما تبين ان ردود الفعل ستكون «كارثية» وتعرض الامن السياسي والاجتماعي في البلاد الى الانهيار، ومن هنا تقول تلك الاوساط، ليس صحيحا ان ما حكي عنه من مقترحات لتخفيض الرواتب كان مجرد «تسريبات» اعلامية، بل كان «بالون اختبار» لم يرتق الى مستوى القرار، لكنه سقط «بالضربة القاضية» بعدما تبرأ منه الجميع، ومن هنا يمكن فهم رد فعل الـ «ثلاثي» المتهم «بالتحريض» على «المس» برواتب القطاع العام، والحقوق المكتسبة للعسكريين الى «الخروج» عن «الصمت» بعدما باتوا في دائرة الاتهام، وقد تقاطعت كل من مصادر رئيس الحكومة سعد الحريري، ووزير المال علي حسن خليل، ووزيرالخارجية جبران باسيل، على خلاصة موحدة «لاستيعاب» «العاصفة» التي هبت في وجه الاقتراحات المتداولة، وعاد الجميع الى «المربع الاول» من خلال التاكيد على «مسلمات» اساسها عدم المس لا بالطبقة الفقيرة والمتوسطة، على ان تطال التخفيضات المقترحة الرواتب «الكبيرة» والمتضخمة، ومنع قبض أكثر من راتب من الدولة، وتخفيف ِالإنفاق على السفر وغيره، إضافة إلى وقف التقاعد المبكر في بعض القطاعات، ووقف التوظيف نهائياً، وتوزيع «تخمة» الموظفين الموجودين على الإدارات والوزارات التي تحتاج إليهم، ووقف بدعة وجود الموازنات الملحقة، التي لا معنى لها، طالما أن هناك موازنة عامة…وقد جزمت مصادر وزارة المال ان الموازنة لن تتضمن اي تخفيضات على الرواتب بنسبة خمسة عشر بالمئة..

«صمت» حزب الله».. وخطة جنبلاط

في هذا الوقت رسم رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عبر «تويتر» الخطوط العامة لخطة حزبه الاصلاحية وقال انه «لا مفر من إعادة النظر في بعض التقديمات غير المنطقية في الاسلاك العسكرية وبعض القطاعات المدنية. وافضل طريقة هي في مصارحة الرأي العام مع الالغاء الكامل لامتيازات الوزراء والنواب والجميع. إن الحزب الاشتراكي سيقدم مجدداً مشروعه كما يدعو المصارف الى المساهمة في خفض العجز».

في هذا الوقت يواصل حزب الله «صمته» ازاء مجمل الطروحات التي يجري التداول بها، وقد فسرت مصادره هذا الامر بوجود دراسة معمقة ومستمرة للمقترحات «الاصلاحية» التي تقدم بها رئيس الحكومة سعد الحريري، واللجنة التي يتراسها الوزير محمد فنيش تواصل اجتماعاتها لاصدار موقف متكامل حيال كل ما يطرح، مع التاكيد ان الحزب يصر على ان تكون اي «خطة» شاملة وغير مجزئة وتكون ضمن استراتيجية واضحة لا تطال ذوي الدخل المحدود والطبقات الفقيرة، ومن حيث المبدأ فان موقف الحزب معروف في رفض اي ضرائب جديدة، او تخفيض للاجور، مع التأكيد على ان ثمة اجوراً «خيالية» لبعض كبار الموظفين يجب النظر فيها، والان يجري نقاش معمق وسيصدر بعدها موقف واضح من الحزب، ومن غير المستبعد ان يرسم الامين العام السيد حسن نصرالله خطوطها العامة في كلمته يوم الاثنين المقبل، بانتظار الانتهاء من تفاصيلها..

تأجيل الى ما بعد الاعياد..؟

في هذا الوقت اكدت اوساط مطلعة، ان الاجتماع المالي الذي كان من المفترض انعقاده في القصر الجمهوري هذا الاسبوع تم ارجاؤه الى ما بعد الاعياد نظرا لوجود حاكم المصرف المركزي رياض سلامة خارج البلاد ولارتباط العديد ممن يفترض حضورهم بمواعيد مسبقة.واشارت الى ان هذا الاجتماع دوري وشبه شهري وهو ايضا غير الورشة المالية التي يتم التحضير لانعقادها بعد الانتهاء من مناقشة الموازنة في مجلس الوزراء واحالتها الى المجلس النيابي… وتضيف المصادر ان الاجتماع كان يفترض ان يبحث في الوضع النقدي في البلاد وما تبلغه لبنان الاسبوع الماضي من ارتفاع في اسعار مبيع سندات (اليوروبوند) اثر اقرار مجلس الوزراء خطة الكهرباء اضافة الى ما تتضمنه الموازنة من توجهات حول الوضع المالي للعام الجاري 2019، وتداعيات التأخر في اقرار الموازنة على سمعة لبنان اضافة الى الخطة الاصلاحية التي طلب مؤتمر «سيدر» التزامها وتنفيذها ومدى قدرة لبنان على ذلك.

«جرعة» من «الاوكسيجين»..

وفي خطوة متقدمة يمكن ان تعزز مناخ الثقة بلبنان وتمنح الوضع الاقتصادي جرعة من «الاوكسيجين»أعلن وزير المال علي حسن خليل أن لبنان يحضر لإصدار سندات دولية بقيمة 2.5 مليار إلى ثلاثة مليارات دولار في 20 أيار المقبل لتمويل الحاجات الدولة… وقال خليل انه «سيتم إصدار جديد بدأ التحضير له مع المصارف العالمية والمحلية في 20 أيار المقبل وهو إصدار قيمته بين مليارين ونصف مليار إلى ثلاثة مليارات دولار». وأضاف: «الإصدار عادي وفق المخطط ووفق استراتيجية الدين العام المحددة بيننا وبين المصرف المركزي وانطلاقا من الحاجات الفعلية للدولة»… وفيما ملف آخر مرتبط بالموازنة اكد خليل ان لن يتم المس بالتدبير «رقم3» الخاص بالعسكريين ملمحا الى وجود تفاهم مع المؤسسة العسكرية لوقف التطويع لمدة 3 سنوات..

عون يستعجل الموازنة

وبعد ساعات على اعلان المدير العام للامن العام عباس ابراهيم ان رئيس الجمهورية ميشال عون لن يرضى باي تخفيضات مالية تطال رواتب العسكريين حضر الشأن المالي في قصر بعبدا امس، حيث اكد رئيس الجمهورية اصراره على ان يكون هناك مشروع موازنة في اقرب فرصة، معتبرا «ان كل الافكار التي يتم تداولها هي مجرد افكار لا تلزم احدا، والواجب يقتضي ان يتم طرح مشروع موازنة واضح المعالم ومتضمنا الاصلاحات المرجوة، على طاولة مجلس الوزراء، فيصار الى نقاشها ضمن المؤسسات الدستورية سواء في الحكومة او في المجلس النيابي. وعندها يبدي كل طرف رأيه بكل شفافية بها، فيتم اتخاذ القرارات لمصلحة لبنان وماليته العامة، من خلال مكافحة الهدر وضبط العجز عبر خطة عامّة تعبّر عنها هذه الموازنة». ورأى الرئيس عون، حسب ما نقل عنه رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب ابراهيم كنعان ان «بغياب هذا المشروع والنقاش داخل المؤسسات الدستورية، فإننا لا زلنا بعيدين عن المطلوب». وكان عون استمع من كنعان الى نتائج زيارته الى واشنطن واللقاءات مع عدد من المسؤولين الاميركيين والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

«حارة حريك» بانتظار «المختارة»..

وفي سياق متصل بالتوتر المستجد بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي، علم من اوساط معنية بالملف ان «الجمود» عاد ليسود العلاقة بين الجانبين، بعد محاولات حثيثة «لرأب الصدع»، بمبادرة من الوزير السابق غازي العريضي الذي تواصل مع المعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، مبلغا اياه ان الامور «مش مستاهلة» ويمكن تجاوز هذه «الخضة» بمجرد تقديم توضيحات من قبل الوزير وائل ابوفاعور حيال قراره وقف الترخيص المعطى من قبل الوزير حسين الحاج حسن لمعمل الاسمنت في عين دارة، وقد تجاوب خليل مع الاقتراح، وسمع كلاما واضحا حيال استعداد وزير الصناعة لتقديم شروحات وافية حيال خلفية قراره الذي «لا يستهدف» حزب الله…

ووفقا لتلك الاوساط، تحدث ابوفاعور عن «حل» جاهز لديه مبديا استعداده للقاء خليل لعرضه، وجاء الرد ايجابيا من قبل حزب الله…لكن «المفاجئة» جاءت من «المختارة» حيث ابلغ النائب السابق وليد جنبلاط الوزير ابو فاعور رفضه بان يقوم باتمام هذا اللقاء، معتبرا ان حزب الله معني بان يبادر بالزيارة التي كانت مقررة مسبقا، وتم الغائها بعد القرار الاخير لوزير الصناعة..

زيارة خليل غير واردة..؟

وقد تلقى الحزب التقدمي الاشتراكي كلاما واضحا من الحزب مفاده ان زيارة خليل في هذه الظروف «غير واردة» لان «حارة حريك» سبق وطلبت بالعودة عن هذا القرار الذي قصد من الغاءه الاساءة الى حزب الله من خلال الايحاء ان وراء موافقة الحاج حسن على المشروع هو»صفقة» مشبوهة مع آل فتوش، مع العلم ان القرار الخاص بانشاء المصنع صدق عليه في مجلس الوزراء بعدما استوفى كل الشروط القانونية والبيئية المطلوبة، ولم يكن لدى وزير الصناعة السابق اي سبب لرفضه، والان جاء قرار ابوفاعور ليوحي بان ثمة شيء «مريب» في الملف، وهو يقوم بتصحيحه، متجاوزا كل الاصول في العلاقة «المستقرة» مع حزب الله، مع العلم ان «القنوات» مفتوحة، وكان التواصل قبل اتخاذ القرار يغني عن هذه «الازمة المفتعلة» التي يعرف الجميع ان خلفيتها «شخصية» بين جنبلاط وآل فتوش الذين رفضوا الشراكة مع رئيس الحزب الاشتراكي كما رفضوا «التهريب» المقنع لاسمنت سبلين… وامام هذه الوقائع تشير تلك الاوساط الى ان العلاقة الان «مجمدة» بانتظار «الخطوة التالية» من المختارة..؟