IMLebanon

الديار: أخطر أزمة نفطية منذ أزمة العام 1973 والحوثيون يُهاجمون منشآت نفطية داخل المملكة

صدّمة في أسواق النفط والمخاوف من ارتفاع كبير في أسعار المحروقات
الموازنة إلى مجلس الوزراء غدًا وغياب واضح لمكافحة الفساد
اذا كان وزير المال علي حسن خليل قدم ورقة اصلاحية في مشروع موازنة 2020 ، لكن كيف التنفيذ الى ذلك؟ وهل سيطبق هذا الامر؟ فالبلاد لا تعيش ازمة اقتصادية بل ازمة سياسية بامتياز، نتيجة اقتسام المغانم وخيرات الدولة من الكتل في الحكومة والمجلس النيابي. وبالتالي، من يحاسب من؟ فالحكومة مؤلفة من كتل هي نفسها الاقوى في المجلس النيابي وتتحكم به. وبالتالي الحكومة والمجلس هما المسؤولان عما آلت اليه امور البلاد؟ فهل يحاسب بلال العبدالله الاشتراكي الوزير اكرم شهيب الاشتراكي، وهل يحاسب انيس نصار القواتي جورج قيومجيان؟ وهل يحاسب ايوب حميد «حركة امل» الوزير علي حسن خليل؟ ومن يحاسب وزير المردة؟ وهل يحاسب ماريو عون وغيره الوزير باسيل؟ وبالتالي، البلاد امام مشكلة سياسية وليست اقتصادية، هناك لائحة رفعت بـ 5300 موظف دخلوا الدولة «رشى انتخابية» فاين اصبحت قضيتهم، واين التفتيش القضائي؟

من يضرب المحميات والمجالس في البلد، وهي ايضا رشى سياسية وتحديداً مجالس المناطق وكما تدرس الحكومة الغاء الصندوق المركزي للمهجرين فيجب ايضاً اعادة النظر بمجلس الجنوب مع اعطاء الاهتمام اللازم بانماء الجنوب من قبل الوزارات المختصة. كما المطلوب مراقبة عمل الهيئة العليا للاغاثة الى مجلس الانماء والاعمار الذي يترأسه رئيس الحكومة وغير خاضع لاي رقابة، وهو اساس الهدر والتلزيمات بالتراضي، ومن يستطيع الدخول الى هذه «المغاور». وبالتالي، من سيحاسب من، فهناك مشكلة سياسية كبرى، اين اصبح ملف الـ11 مليار دولار في عهد حكومة فؤاد السنيورة؟ وكيف صرفت الاموال؟ وكيف حولت الى الهيئة العليا للاغاثة وحرم ابناء الجنوب وجمهور المقاومة منها، وصرفت كما اراد السنيورة.

اين السلطات القضائية والمعروف كيف تتم المحاصصة بالتعيينات القضائية بمجرد اجتماع رئيس الحكومة والوزير جبران باسيل، حتى ان التعيينات في قصور العدل في المناطق تخضع للمحاصصة. وبالتالي من يضرب الفساد؟ ومن يعيد الاموال المنهوبة كما ورد في مشروع 2020 ؟ ومن يحاسب المتطاولين على المال العام؟ تم تشكيل وزارة لضرب الفساد، فماذا حققت ذلك واي ملف احيل الى القضاء والوزارة اعلنت انها مولت 292 ملفاً ولم يتم التحقيق في أي ملف؟ كيف يمكن استعادة اموال الدولة وباي طريقة:؟ والكتل النيابية المتحكمة في المجلس النيابي والحكومة تمنع اي محاسبة، فالنظام اللبناني فاسد والذي يحمي الفساد الطبقة السياسية.

الدستور اللبناني يحمي حقوق العمال والموظفين والمتقاعدين واي انتقاص من حقوقهم ضرب لهذه المكتسبات التي حفظها الدستور؟ والذي يضمن حقوق الشعب اللبناني ويضرب الفساد هو القضاء، فأين السلطة القضائية المستقلة في لبنان، واين استقلالية السلطات؟ فالسلطة السياسية تقوم على المحاصصة في كل المراكز، والسلطة السياسية تصادر كل شيء ولا تأتي الا بالمحاسيب فيما مئات الشبان يهاجرون الى بلاد الله الواسعة بحثاً عن وظيفة محترمة حرموا منها في بلادهم، فاللبناني متفوق في كل بلاد العالم الا في بلده، فلماذاَ فرض ضريبة على الاسمنت تصل الى 70% من اجل الحفاظ على 3 معامل للترابة وستصبح الان اربعة مع الترخيص لآل فتوش، ولماذا لا يتم الاستيراد وعندها تنخفض الاسعار الى 38% وهناك الكثير من الدول اعلنت استعدادها للتصدير الى لبنان، ولماذا لا يفتح السوق اللبناني ويتم السماح للبنانيين بإنشاء المعامل؟

والسؤال ايضاً، اين الهيئة الناظمة لمرفأ بيروت؟ وتكون هذه الهيئة بإشراف الدولة وتشرف هذه الهيئة على كل ما يتعلق بالمرفأ ويتم ضبط التهريب؟ ولماذا لا يتم تشكيل هيئة ناظمة لمطار بيروت الدولي ايضاً تحدد قيمة الرسوم وكيف تدخل البضائع وكيف تخرج؟ وايضاً وايضاً سد بسري الذي سيكلف الدولة ملياراً و100 مليون دولاراً فلماذا لا يتم الاستغناء عنه وشراء معمل للكهرباء للحد من العجز في خزينة الدولة، هكذا تريد الدولة الموازنة وهكذا يريد الوزير علي حسن خليل، ولكن هل يسأل هؤلاد ماذا يريد الشعب اللبناني في هذا الشهر العصيب عليه مع المدارس حيث تشهد المدارس الرسمية اقبالاً كبيراً وهجرة من المدارس الخاصة فيما المدارس الرسمية غير جاهزة لاستقبال هذا الكم من الطلاب، ماذا فعلت الحكومة للناس في هذا الشهر؟ حيث لاحظ الموظفون حسماً في رواتبهم وخصوصاً المتقاعدين. والسؤال يبقى: لماذا لا تقوم الدولة باستيراد النفط والفيول والمشتقات النفطية وهذا يدخل وفراً كبيراً على الدولة. والسبب ان المتحكمين بالشركات هم كبار السياسيين وبالتالي من اين يأتي الاصلاح، واكبر دليل على ذلك ما كشفه الموفد الفرنسي الذي تحدث كثيراً عن الفساد في ادارة امور البلد وذهب غير مرتاح لما رآه.

هل قرأت الكتل النيابية ووزراء الحكومة ورئيــس الحكومة ما صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي والذي يشمل 140 اقتصاداً واحتــل لبــنان المرتبة الـ 100 بعد خسارته اربع مراتب عن العام 2017، وهذا التقرير يحدد لائحة ترتيب الدول لناحية مؤشر القدرة التنافسية للسفر والسياحة.

ما كتبته ادارة التحرير لا علاقة للبروفسور جاسم عجاقة في هذا المقال ولا في مضمونه

————————————

مقال الزميل البروفسور جاسم عجاقة
ضربة مُوجعة تلقتها أسواق النفط بعد الهجوم الذي استهدف منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو شرق المملكة العربية السعودية وذلك في منطقتي بقيق (حيث يوجد أكبر معمل تكرير للنفط الخام في العالم) وخريص (حيث يوجد ثاني أكبر حقل نفطي في العالم). التداعيات كانت فورية مع خفض المملكة العربية السعودية إنتاجها من النفط إلى النصف تقريبًا أي ما يوازي 5.7 مليون برميل نفط يوميًا (5% من الإنتاج العالمي).

هذا النقص في العرض في سوق النفط، يُشكّل أزمة هي الأخطر منذ أزمة العام 1973 حين قام أعضاء منظمة الدول العربية المصدرة للبترول «أوبك» بإعلان حظر نفطي على الدول الغربية وبالتحديد الولايات المُتحدة الأميركية لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة في حرب 1967.

خفض الإنتاج بنسبة 5% أقلّ ما يُقال عنه إنه كارثة لأنه سيؤدّي حكمًا إلى رفع الأسعار. وهنا بيت القصيد، إذ ان سوق النفط هو سوق حساس جدًا على العرض وقد شهدنا في العام المُنصرم أن نقصًا بالكمية المعروضة بقيمة 300 ألف برميل يوميًا، رفعت سعر برميل النفط إلى حدود 79 دولارًا أميركيًا! فماذا سيكون الوضع عليه اليوم عند افتتاح الأسواق؟

بحسب صحيفة الـ «وول ستريت جورنال»، الأسلحة المُستخدمة في الهجوم لم تُحدّد بعد، والاحتمالات محصورة بصواريخ من نوع كروز (مصدرها العراق أو إيران) أو طائرات مُسيّرة. إلا أنه وباعتقادنا، فإن البوارج الأميركية الموجودة في المنطقة كما والأقمار الصناعية المولجة مهام مراقبة الملاحة كانت لتُحدد مصدرها لو كانت صورايخ من نوع كروز. الحوثيون من جهتم تبنّوا الهجوم على منشآت أرامكو، وقالوا في بيان إن «الاستهداف كان مباشرًا ودقيقًا، وجاء بعد عملية استخباراتية دقيقة ورصد مسبق وتعاون من الشرفاء».

دول عديدة أجنبية وعربية (مصر، فلسطين، الأردن، الإمارات العربية المُتحدة، البحرين، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية) ندّدت بالهجوم، ووصفته الولايات المُتحدة الأميركية بالعمل الإرهابي متهمة إيران بالوقوف وراء هذا الهجوم (كما صرّح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو) وعرضت مساعدتها على المملكة العربية السعودية للدفاع عن نفسها.

سعر برميل النفط والأمن القومي الأميركي
ما يُقارب الـ 11 مليون برميل يوميًا هو إنتاج المملكة العربية السعودية من النفط أي ما يُشكّل الـ 11% من الإنتاج العالمي، لذا تأخذ المملكة العربية السعودية بُعدًا استراتيجيًا بالنسبة إلى الدول ذات الاقتصادات المُتطوّرة وعلى رأسها الولايات المُتحدة الأميركية التي يُعتبر فيها النفط سلعة استراتيجية.

هذا الواقع يسمح للولايات المُتحدة الأميركية (أو أقلّه تُعطي نفسها الحقّ) بالتدخل في الدول التي تُنتج النفط بحكم أن النفط أصبح عنصرًا من عناصر الأمن القومي الأميركي.

ردّة الفعل الأميركية تتعلّق بردّة فعل الأسواق المالية اليوم، فارتفاع في جلسة اليوم بقيمة 15 دولار أميركي أو أكثر للبرميل الواحد سيُشكّل كارثة للاقتصاد الأميركي، الأوروبي، الياباني، الهندي، الصيني، البرازيلي… حتى أن بعض التحاليل أصبحت تتحدّث عن سعر برميل نفط بقيمة 100 دولاراً أميركياً للبرميل الواحد!!

الصعوبة أنه وفي ظل تراجع واضح للنمو الاقتصادي العالمي، أي ارتفاع في كلفة الإنتاج سيكون مُحفزًا للوقوع في حالة انكماش اقتصادي لا نعرف ما ستكون عليه الأوضاع بعدها ولا كيفية الخروج من هذا الانكماش.

البيانات التاريخية تُظهر أن مرونة أسعار النفط على المدى القصير على الصدمات في العرض هي بحدود الـ 13%. إلا أن أكثر من 50% من التغيرات في أسعار النفط مُبرّرة بالمعلومات المتوافرة في الأسواق والتي تعكس نظرة المُستثمرين إلى المُستقبل أكثر منها حقيقة الواقع. من هذا المُنطلق، فإن أسعار النفط في جلسة اليوم ستبدأ مسارها بأرقام تفوق الـ 65 دولاراً للبرميل الواحد وقد ترتفع بشكلٍ كبير إذا ما كانت تحاليل المستثمرين تشاؤمية.

السيناريوهات التشاؤمية نابعة من تصريحات المملكة العربية السعودية التي قالت إن نصف إنتاجها توقفّ. وبما أن الأسواق لا تملك معلومات كافية عن حجم الضرر الذي خلفه هذا الهجوم، لذا سنشهد مراهنات على حجم الضرر والوقت اللازم للعودة إلى الإنتاج الطبيعي. الجدير ذكره أن الهجوم استهدف أكبر مصفاة تكرير في العالم وثاني أكبر حقل نفطي في العالم وهناك خطّ أنابيب يُمرّر النفط الخام من شرق المملكة إلى مدينة ينبع على البحر الأحمر بطول 1229.54 كم ويتمتّع بقدرة نقل بقيمة 5 مليون برميل يوميًا. هذا الخطّ الذي يُعتبر حيوي اًجدًا للسوق العالمي، تمّ إنشاؤه خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي واليوم وبعد الهجوم الحوثي، لا نعرف إذا ما تمّ إلحاق أضرار به أو لا.

على كلٍ الولايات المُتحدة الأميركية تتمتّع بهامش قد يمنع أيّ ارتفاع مؤذ لاقتصادها. فالاحتياط الإستراتيجي من النفط الذي تمتلكه الولايات المُتحدة الأميركي كفيل بلجم ارتفاع سعر برميل النفط بشكلٍ مُطرد يفوق الـ 70 دولاراً أميركياً في فترة زمنية قصيرة.

الصدمة البترولية وتداعياتها الإقليمية والمحليّة
الهجوم الحوثي على منشآت أرامكو السعودية (أكبر شركة نفطية في العالم)، آتى نتاج ارتفاع التوتر في المنطقة الذي بدأ مع انسحاب الولايات المُتحدة الأميركية من الاتفاق على البرنامج النووي الإيراني وفرضها عقوبات على إيران. ويصف المُحلّلون السياسيون الحرب الدائرة في اليمن على أنها حرب بالوكالة بين المملكة العربية والسعودية وإيران.

وحديثًا صعّدت الولايات المُتحدة حصارها الاقتصادي على إيران وحزب الله والحوثيين وحركة حماس من خلال عقوبات شملت العديد من الأفراد والمؤسسات خصوصًا في لبنان.

الهجوم الأخير للحوثيين على منشآت أرامكو (إذا ما تمّ إثباته وإبعاد فرضية صواريخ الكروز)، هو ردّة فعل على الهجوم الأخير للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن لدعم النظام اليمني، كما صرّح الحوثيون. إلا أن الهجوم وبكل تأكيد قضى على كل أمل بلقاء بين ترامب وحسن روحاني نظرًا إلى أن الأميركيين يتهمون إيران بكونها وراء هذا الهجوم. وبالتالي، فإن المنطقة مُتوجّهة إلى مزيد من التوتّر. على كلّ الأحوال، هذا الهجوم الذي استهدف إحدى أهمّ المنشآت النفطية في العالم، نقل الصراع إلى مستويات جديدة.

على الصعيد اللبناني، التداعيات قد تأخذ منحىً تصاعديًا مع ردّة فعل أميركية ستتمثّل بإصدار لائحة عقوبات جديدة والتي بحسب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى دايفيد شنكر قد تشمل شخصيات مالية وسياسية لبنانية من حزب الله وحلفائه.

ضرائب الموازنة تزيد من الانقسامات
تداعيات هذا الهجوم لن تقتصر فقط على الشق السياسي بل ستشمل أيضًا الشق الإقتصادي مع ارتفاع سعر صفيحة البنزين والذي سيُعقّد أي طرح بفرض أي رسم على صفيحة البنزين في مشروع موازنة العام 2020. هذا المشروع الذي رفعه وزير المال علي حسن خليل إلى مجلس الوزراء والذي سيلتئم غدًا الثلاثاء في قصر بعبدا للبحث به، لا يحوي على أي ضرائب إضافية بما فيها الضرائب التي تمّ اقتراحها في ورقة بعبدا المالية والاقتصادية.

إلا أن الملفت، هو التقرير الذي أرفقه وزير المال بمشروع الموازنة والذي يُعتبر مطلب كل لبناني حيث طالب الوزير أن يحوي مشروع موازنة العام 2020 على عشرات النقاط «الأساسية» نذكر منها: العودة إلى القانون، وضع موازنة عامّة منطقية، الانتهاء من المسائل المُعلّقة، استرداد كل ما أخذ من الدولة بشكل يُخالف الأصول، حصّة الدولة من المداخيل، شبكات الأمان، البنى التحتية، تحفيز الإنتاج، البيئة، الأملاك العامة، جهاز الدولة، التقاعد…

وأبرز الوزير علي حسن خليل عدداً من الأرقام التي تُظهر بشكل واضح الهدر في المال العام على مثال «نفقات خدمة وتنظيفات» حيث ارتفعت الكلفة من 4.7 مليار ليرة في العام 2006 إلى 13.09 مليار ليرة في العام 2019. كذلك الأمر بالنسبة إلى التجهيزات وخصوصًا الحواسيب المحمولة ونفقات «النقل والانتقال في الخارج والوفود والمؤامرات» حيث ارتفعت من 9.4 مليار ليرة في العام 2006 إلى 15.7 مليار ليرة في العام 2019!

في الإجمال، قدّر وزير المال النفقات الجارية في موازنة العام 2020 بـ 22.697 مليار ليرة منها 9.194 مليار ليرة خدمة دين عام، مقارنة مع 19.009 مليار ليرة إيرادات، مما يعني عجزاً متوقّعاً بقيمة 5.090 مليار ليرة أو ما يوازي 5.7% من الناتج المحلّي الإجمالي. هذا الرقم المفرح ليس العجز النهائي حيث أن السلفة لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 1.500 مليار ليرة لبنانية تُعيده إلى 7.38%!!

على كل، الطموحات بخفض العجز إلى أقلّ من 7%، يعني بكل بساطة أنه يتوجب الاختيار بين رفع الضرائب (خصوصًا الضريبة على القيمة المضافة) والرسوم (خصوصًا على صفيحة البنزين) أو رفع الدعم وبالتحديد رفع تسعيرة الكهرباء. وهنا الإنقسام سيظهر واضحًا بين القوى السياسية.

الفساد المحمي بالمحصاصة
في الواقع، المحاصصة السياسية تبقى العائق الأول والأخير أمام أي موازنة «منطقية» كما وصفها وزير المال. فالفساد المحمي بهذه المحاصصة هو المسؤول الأول والأخير عن الوضع المالي والإقتصادي الذي وصلنا إليه اليوم مع عشرات المؤسسات التي تُعتبر «شفاطة» للمال العام. هذه المؤسسات التي تغيب عنها أي رقابة بما فيها رقابة ديوان المحاسبة تعيش في فلك من يحميها! وحتى إذا كانت تخضع لرقابة ديوان المحاسبة، فإن المحاصصة تمنع أي محاسبة لهذه المؤسسة أو القيمين عليها.

كيف يُمكن للقضاء أن يُحاسب المسؤولين عن المجازر اليومية التي تُرتكب بحق المال العام، والسلطة السياسية هي من تعيّنهم. القضاء القادر على المحاسبة بحاجة إلى ثلاثة شروط:

أولًا – تعيين القضاة من قبل الجهاز القضائي نفسه؛

ثانيًا – تعيين الجهاز الإدراي التابع للقضاء من قبل الجهاز القضائي؛

ثالثًا – أن يتمتّع القضاء بإسـتقلالية ماليـة تامّة.

الإصلاحات المنشودة التي وُعدنا بها عديدة، إلا أن التنفيذ يبقى محصورًا بخفض الإنفاق وزيادة الضرائب. أين محاربة الفساد الذي تُعتبر الإصلاح الأوّل الواجب القيام به؟

أين مكننة الإدارات العامّة والقضاء؟ أين الحكومة الإلكترونية؟ أين الهيئات الناظمة؟ أين قانون المناقصة العمومية الذي يمنع الهدر والفساد في المناقصات العمومية؟ أين الرقابة على المرافق العامّة التي تكشف وسائل الإعلام كل يوم الفساد الموجود فيها؟

الأرقام التي استخرجناها من موقع الجمارك ومن موقع الـ«ITC» لا تتطابق فيما بينها. هل لنا أن نعرف الأسباب؟ أليس هذا من المال العام؟ لماذا ما يتمّ استيراده وتصديره من وإلى إيطاليا لا يتطابق بين الجمارك الإيطالية واللبنانية؟

لماذا التعدّي على الأملاك البحرية والنهرية وسكك الحديد لم تتمّ معالجته حتى الساعة؟ لماذا لا يتمّ جلب مليارات الدولارات المُستحقّة للدولة لدى المواطنين؟ لماذا عجز مؤسسة كهرباء لبنان يناهز الملياري دولار أميركي وتمّ تصنيف هذا القطاع من قبل البنك الدولي بأنه علّة لبنان.

لماذا قضم حقوق العسكريين المتقاعدين؟ المجلس الدستوري اعترف بمخالفة الدستور في الضرائب والرسوم التي فرضت على العسكريين المتقاعدين، إلا أنه ونظرًا إلى «الضرر الكبير على المالية العامة» ردّ الطعن في موازنة العام 2019. أليس من مهام المجلس الدستوري النظر في دستورية القوانين فقط؟

المؤسف أنه وبدل الذهاب إلى مكامن الفساد، يعمد المسؤولون إلى فرض الضرائب ورفع الدعم عن السلع والخدمات وإلغاء المكتسبات الإجتماعية. صحيح أن هذه النقاط (أي الضرائب ورفع الدعم) هي إجراءات إصلاحية بلغة صندوق النقد الدولي، إلا أنها تفترض أيضًا عدم وجود فساد في الدولة.

باعتقادنا استعادة الأموال المنهوبة هي أمر مُستحيل في ظل غياب قضاء مُستقلّ (بحسب الشروط المنصوصة أعلاه). أيضًا محاسبة المرتكبين لجرائم بحق المال العام هي أمر غير وارد والدليل أنه لم ن أي فاسد وراء القضبان. هناك فساد ولكن ليس هناك من فاسدين!