IMLebanon

الديار: العهد والمجلس النيابي امام «الفرصة الاخيرة» قبل «سقوط «الهيكل»

زمن الجوع والفقر والعذاب وعدم الطبابة وعدم دفع الأقساط ينتشر بعهد الرئيس عون
حزب الله يأخذ «مسافة» من حكومة دياب .. وثقة «بروتوكولية» في دار الفتوى 
ابراهيم ناصرالدين
قبل 24 يوما على استحقاق «اليوروبوند» في آذار، لا تبدو حكومة «الفرصة الاخيرة» وحدها في سباق مع الوقت لمحاولة تجاوز اول «حقل الغام» تواجهه بعد نيل الثقة، فالرئاسة الاولى والثانية تبدوان معنيتين ايضا بإنجاح «التقليعة» الوزارية، لان الفشل في المئة يوم الاولى تعني حكما دخول البلاد في فوضى سياسية واجتماعية وامنية، لن يكون الخروج منها يسيرا، فالخلاص يومئذ لن يكون برئيس حكومة «انقاذ»، وانما ستكون التداعيات كبيرة وخطرة لن تقف عند سقوط حكومة «مواجهة التحديات»، وستكون البلاد امام حتمية اجراء انتخابات نيابية، فيما بدأت تكبر «كرة ثلج» الدعوات لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، واذا كان البعض يرى ان العهد مهدد، فان مصادر سياسية رفيعة المستوى تعتبر ذلك مجرد «اوهام» من قبل بعض «المزايدين» الباحثين عن «عدو» لاستعادة زخم «الشارع» في ظل عدم القدرة على مواجهة حزب الله الذي بدأت تطرح الكثير من الاسئلة عن اسباب اتخاذه «مسافة» من حكومة الرئيس حسان دياب…؟

لا تسليم لشروط الصندوق!

ففي يومها الأول بعد الثقة، طلبت الحكومة رسميا من صندوق النقد الدولي مساعدة فنية لوضع خطة لتحقيق الاستقرار في ما يتعلق بأزمته المالية والاقتصادية، بما في ذلك كيفية إعادة هيكلة دينه العام. وبحسب مصادر رسمية فإن الطلب الرسمي للمساعدة الفنية تم ارساله إلى صندوق النقد الدولي وسيصل الوفد المتخصص للتعامل مع المساعدة الفنية الى بيروت قريبا». ووفقا للمعلومات، فإن المساعدة التي طلبها لبنان من صندوق النقد تقنية ولن يكون هناك قبول بأي شروط تفرض على الحكومة، وقد حرص «الثنائي الشيعي» على التأكيد على محدودية تدخل «الصندوق» والاكتفاء بالحصول على دور استشاري، لانه لا قابلية للبنان لتحمل شروطه، وقد تم التوافق مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب على ذلك…فهل يتم الالتزام بالاتفاق او تؤدي الضغوط الاميركية الى تدحرج الامور باتجاه آخر؟

هل من نتائج حاسمة؟

ولا يبدو ان النتائج ستكون حاسمة في قصر بعبد اليوم، بانتظار استشارة صندوق النقد. وبحسب مصدر وزاري، ثمة حرص للوصول الى الموازنة بين نتائج تؤدي الى عدم المس بالاحتياطي، وعدم تعريض الاستقرار النقدي والمالي لهزة جديدة. ويبدو ان الخيارات امام الحكومة ضيقة، فإما يجري الدفع، ما يعني السداد من احتياطي مصرف لبنان، وهذا سيؤثر في ملاءة المصارف وسيكون حكما من اموال اللبنانيين… ويبقى ان خيار عدم السداد دون تفاهم مع الدائنين شديد الخطورة لان الامر قد يصل الى امكان وضع اليد على ممتلكات الدولة اللبنانية في الخارج… ويبقى الخيار الاكثر ترجيحا هو التعاون مع صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي الذي عبر وفده الذي التقى رئيس الحكومة في بيروت عن «مرونة» واضحة مشروطة بالتزامات جدية مطلوبة من الحكومة…

«مفاوضات» سلامة

وفي هذا السياق، سيعقد اجتماع مالي في بعبدا اليوم قبل جلسة الحكومة ويفترض ان يطلع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المجتمعين على نتائج الاتصالات التي اجراها لاستبدال الدين لاجراء عملية «سواب» وطلب تأجيل استحقاقات كل عام 2020 الى 3 سنوات. ووفقا للمعلومات، تبدو الاجواء ايجابية حتى الان بعدما اظهرت الجهات المعنية تجاوبا مبدئيا.

«المصارف» مع «التسديد

وفيما ترأس رئيس الحكومة حسان دياب في السراي اجتماعا للجنة الوزارية الاقتصادية المالية، والتقى رئيس جمعية المصارف سليم صفير، رأت جمعية مصارف لبنان «وجوب سداد استحقاق آذار في موعده والشروع فوراً في الإجراءات المطلوبة لمعالجة ملف الدين العام بكامله، واشارت الى أن الفترة المتبقّية حتى استحقاق الدين في آذار هي فترة قصيرة جداً لا تتيح التحضير والتعامل بكفاءَة مع هذه القضية الوطنية الهامة. لذلك، فإن جمعية مصارف لبنان ترى وجوب سداد استحقاق آذار في موعده والشروع فوراً في الإجراءَات المطلوبة لمعالجة ملف الدين العام بكامله.

«الشروط الدولية»

وفيما تبقى واشنطن «الصامت» الاكبر، طالبت مجموعة الدعم الدولي من اجل لبنان «اصلاحات ملموسة وذات مصداقية وشاملة وتطبيق قراري مجلس الأمن الدولي 1701 و 1559 والقرارات الأخرى ذات الصلة، كذلك اتفاق الطائف وإعلان بعبدا التزامات لبنان التي قطعها في مؤتمرات بروكسل، باريس وروما». فيما جددت باريس، دعوتها الحكومة اللبنانية الى «التحرك سريعا من أجل تلبية تطلعات» الشعب، وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنّه «يقع حاليا على عاتق هذه الحكومة التحرك سريعا من أجل تلبية التطلعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعبّر عنها اللبنانيون منذ عدة أشهر». وذكّرت الخارجية الفرنسية بأنّ «فرنسا تبقى إلى جانب اللبنانيين، كما فعلت دوماً»، مضيفة أنّها تؤكد مجدداً «تمسكها بسيادة واستقرار وأمن لبنان الذي لا بدّ من فصله عن التوترات والأزمات الإقليمية».

اسئلة مصيرية…؟

وفيما تكافح الحكومة لنيل ثقة «الشارع»، وثقة المجتمع الدولي، فإن التحديات السياسية لا تقل شأناً عن الهم الاقتصادي، «فالمعارضة» بحلتها الجديدة قد اتخذت «صفة» العداء المسبق ناعية النتائج، وكان السؤال المركزي خلال الساعات القليلة الماضية عن سبب حضور نوابها الى المجلس وتأمين نصاب جلسة الثقة؟ فيما السؤال الاكثر إلحاحا يرتبط بموقف حزب الله الذي اعتبر رئيس كتلته النيابية محمد رعد «ان هذه الحكومة لا تشبه فريقنا السياسي، إلا انه لتسهيل مهمة التأليف ارتضينا بها، ونحن واثقون ان هناك مساحة من الرؤى القابلة للتفاهم»…فهل ثمة «غسل يدين» مسبق منها؟ ام ثمة اهداف اخرى من وراء هذا الموقف؟

ليست حكومة حزب الله…

مصادر مقربة من حزب الله تستغرب التعليقات التي تحدثت عن تغيير في موقف الحزب، وعن تراجع الدعم للحكومة من «بداية الطريق»، ورأت ان هذا الكلام قاصر عن فهم حقيقة موقف «حارة حريك» التي لم تعتبر يوما ان الحكومة هي حكومة حزب الله، الا اذا كان البعض قد كذب الكذبة وصدقها ويريد من الاخرين ان يصدقوها، ولذلك فإن ما قام به الحزب مجرد توصيف للواقع الذي يشير بوضوح الى وجود «مسافة» بينه وبين الحكومة، دون ان يكون ذلك مؤشرا سلبيا تجاهها…

خلاف في السياسات؟

واذا كان لا يمكن لأحد انكار انها حكومة «الاغلبية»، فإن حزب الله لا يريد ان يتحمل مسؤولية اي فشل لا علاقة له به، فالحكومة واقعا لا تشبه قناعات حزب الله السياسية، ومعظم الوزراء لا يتماهون مع سياسته، وعلى سبيل المثال لا تنسجم السياسات النقدية والمالية مع قناعات الحزب القائمة على ضرورة التشدد في اتخاذ اجراءات ضد المصارف، والبنك المركزي، وكذلك لا تتماهى سياستها الخارجية مع رؤى الحزب الذي يضع ضمن اولوياته ضرورة الانفتاح على دمشق، وهو امر لا يشكل اولوية لدى رئيس الحكومة.

وقد عانى الحزب كثيرا مع الرئيس حسان دياب منذ اليوم الاول لتكليفه، ولم يستطع اقناعه بتوزير حزبيين غير استفزازيين، كذلك رفض رئيس الحكومة اعادة توزير وزير الصحة الاسبق جميل جبق، على الرغم من عدم انتمائه الحزبي، ولم يتدخل الحزب مباشرة الا بعدما طلب دياب المساعدة لتذليل العقبات التي وضعها الحلفاء، ولمن خانته الذاكرة، لا بد من التذكير بأن حزب الله ذهب الى خيار تشكيل هذه الحكومة بعدما اوصدت كل الابواب امام خيارات اخرى، وكان لا بد من اخراج البلاد من حالة الفراغ بعدما استنكف الرئيس سعد الحريري عن القيام بمهامه كرئيس لحكومة تصريف الاعمال…ولذلك فان كلام رعد منسجم جدا مع قناعة الحزب ولا يوجد اي تغيير في الموقف من الحكومة التي منعت وقوع الفراغ في المؤسسات وهي تضم وزراء تكنوقراط مقبولين بمعظمهم.

أين مصلحة الحكومة؟

وفي السياق نفسه، يبقى السؤال حول المصلحة بالادعاء بأنها حكومة حزب الله، في ظل تهديد المجتمع الدولي بمعاقبتها اقتصاديا؟ ومن هنا فان موقف الحزب الذي سيسهب في شرحه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم الاحد، يساعد رئيس الحكومة في اطلالاته الخارجية المرتقبة، ولا يعرقل مساعيه في التواصل مع الخارج، وقيادة الحزب اتخذت هذا الموقف الاستباقي لسحب الذرائع من اي طرف يسعى لربط اي تعثر خارجي بعلاقة حزب الله بالحكومة.

لا تخلي عن المسؤوليات.. ولكن؟

في المقابل، لن يتخلى الحزب عن مسؤولياته بالمساعدة في انجاح الحكومة على كافة المستويات، لكنه في الوقت نفسه يطلق يدها لاتخاذ كل الاجراءات الاصلاحية الضرورية لانقاذ الوضع الاقتصادي باعتبار انها المهمة الرئيسية التي جاءت لاجلها، فالحزب أمن لها العبور الآمن في التشكيل، ونيل الثقة، ولن يتوانى عن «تفكيك» اي «الغام» قد تعترض طريقها، لكن يقع على عاتقها ان تثبت جدارتها، والاختبار الاول سيكون بعد انتهاء مدة المئة يوم التي اعطاها دياب لنفسه ولحكومته لتنفيذ المرحلة الاولى من البيان الوزاري، وعندئذ يمكن القول ان «المكتوب» يقرأ من عنوانه، وسيكون الموقف حينذاك على قدر الانجازات، وبناء على الوقائع، وسيتعامل الحزب بواقعية مع الامور ولا يريد لجمهوره ان يعاني من «الاوهام» ظنا منه ان حزب الله له «اليد الطولى» داخل الحكومة، ولذلك كان لا بد من مصارحة الجميع بحقيقة الموقف الراهن…

ماذا تريد المعارضة؟

وفي رأي تلك الاوساط، لا تختلف مسؤولية حزب الله عن حجم مسؤولية القوى السياسية كافة دون استثناء للتعاون من اجل مساعدة الحكومة على تجاوز هذه المرحلة باقل الخسائر الممكنة، ولذلك فان الخطابات «الفارغة» لبعض قوى المعارضة «المستجدة» في جلسة الثقة لا تساهم في العملية الانقاذية، ومحاولة استمالة «الشارع» لن تكون مجدية اذا غرقت «السفينة»، لكن المشكلة تبقى في ضياع هؤلاء وعدم قدرتهم على تبني استراتيجية واضحة للتعامل مع الحكومة.

«أوهام» إسقاط عون!

وفي هذا السياق، يبدو «التيه» لدى هؤلاء مفهوما في ظل «ضبابية» المشهد الدولي والاقليمي، فالسعودية «غائبة» عن السمع، وباريس تريد تقديم الدعم «المشروط»، وواشنطن «متريثة»ولا تتبنى سياسة «تصادمية»، وينحصر اهتمامها بالنفط والغاز، وحزب الله، وهذان الملفان غير مطروحين على «الطاولة» الان. وفي غياب الخيارات البديلة يبقى الخيار في هذه المرحلة «التعايش» مع الوقائع بانتظار اي متغيرات في المنطقة، ويبدو ان ملء الفراغ سيكون بالتصويب على العهد، والتيار الوطني الحر، حيث تبحث المعارضة عن «عدو» لرص الصفوف وتعبئة «الجماهير»، خصوصا ان «مخاصمة» حزب الله والتصعيد ضده مكلفان، ومن هنا يمكن فهم تصعيد النائب السابق وليد جنبلاط الذي دعا بالامس لإسقاط رئيس الجمهورية، وسيواكبه في التصعيد الرئيس الحريري في خطاب 14 شباط، حيث سيحاول تبرير التسوية وسيشرح سقوطها عبر تحميل العهد و«التيار» المسؤولية، لكنهما يعرفان مسبقا ان هذا الطرح غير واقعي، ومجرد «وهم»، الرئيس باق، وسيكمل ولايته، ويدركان ايضا ان «معراب» لن توافقهم الرأي، كما ان حزب الله لن يتخلى عن حليفه، وما يجري الان «لعب» في «الوقت الضائع»… بينما تتهم المعارضة المستجدة عهد الرئيس عون بالمسؤولية عن الجوع والفقر والعذاب وعدم الطبابة وعدم دفع الاقساط.

دياب «وثقة» المفتي…؟

في هذا الوقت وكما كان متوقعا، استقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان رئيس الحكومة حسان دياب بعدما بات رئيسا واقعيا للحكومة، ووفقا لاوساط مطلعة، كان اللقاء عاديا و طابع «بروتوكولي»، ولذلك لا يمكن الحديث هنا عن نيل «الثقة» من دار الفتوى او عدمها، لان المفتي بات امام امر واقع لا يمكن تجاهله، في ظل الوضع الصعب في البلاد، وكان رئيس الحكومة صريحا في اللقاء من خلال مقاربته للوقائع وأكد انه تسلم «كرة نار»، ولم يكن مرشح تحد لاحد، وهو في مهمة انقاذية وليس لديه اي طموح لمزاحمة احد في الطائفة السنية على اي موقع، متعهدا الحفاظ على مكانة وهيبة رئاسة الحكومة والتمسك بكامل الصلاحيات الممنوحة له في اتفاق الطائف، ولم يكن امام المفتي دريان الا ان يتمنى له التوفيق في مهمته، مشددا على بقاء دار الفتوى مفتوحا امام الجميع، مؤكدا انه ليس لديه اي موقف سلبي من شخصه. وقد أكد دياب بعد اللقاء ان دور المفتي جامع وهو صديق ونراهن على حكمته» مشددا على «ضرورة تضافر جهود المخلصين لتجاوز المرحلة الصعبة». وقال: تداولنا الشؤون المالية والاجتماعية، واتفقناعلى الاستمرار في التواصل من أجل مصلحة لبنان ولخدمة المسلمين».

} تطورات أمنية جنوبا }

وفي تطور أمني جنوبا، تصدى عناصر الجيش اللبناني لطائرة مسيرة اسرائيلية معادية خرقت الأجواء اللبنانية مقابل بلدة ميس الجبل – محلة كروم الشراقي، حيث اطلق الجيش اللبناني طلقات نارية عديدة اتجاهها دون اصابتها. وعلى الفور عادت الطائرة إلى داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة وسط انتشار أمني للجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية.