IMLebanon

جنبلاط تنازل والتيار لا يتنازل عن العدل واجتماع عون الحريري يقرر

جنبلاط تنازل والتيار لا يتنازل عن العدل واجتماع عون الحريري يقرر

توتر في الشارع المسيحي بين القوات والعونيين والجيش على الحياد

 

يتوتر الشارع المسيحي يوماً بعد يوم بين انصار التيار الوطني الحر برئاسة الوزير جبران باسيل، وطبعاً تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية، وانصار حزب القوات اللبنانية برئاسة الدكتور سمير جعجع، ويظهر التوتر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الذي بلغ ذروته في النعوت واستعمال الكلام البذيء ووصف قيادات التيار والقوات بأبشع الاوصاف، كما ان مقابلة الوزير باسيل التلفزيونية اشعلت ناراً قوية. وجاء رد ستريدا جعجع عنيفاً قوياً على باسيل واصفة اياه بالحسد والكره والحقد والكراهية. وما كان بيان النائبة ستريدا جعجع يصدر لولا موافقة الدكتور سمير جعجع، بل ما زال الدكتور يريد الحفاظ على عدم التصادم شخصياً مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لذلك صدر البيان باسم النائبة ستريدا جعجع رداً على الوزير جبران باسيل.

 

من يتجول في البترون والكورة وجبيل وجونية وكسروان والمتن الشمالي والاشرفية بات يرى تماماً تجمعات لشباب من انصار التيار الوطني الحر وتجمعات من انصار حزب القوات اللبنانية وهم يملأون بعد الساعة الخامسة مساء الطرقات والساحات والشوارع. ويبدو ان العيون أصبحت حمراء بينهما وان الاصطدام بين انصار التيار وبين انصار القوات قد يحصل بين لحظة وأخرى، انما بشكل محدود مبدئياً لان لا سلاح بين ايدي الطرفين ولان الجيش اللبناني يقف على الحياد تماماً، بل سيفرض الامن بالقوة اذا حصلت مشاكل. اما بعد اقتراح السيد بيار رفول، وهو احد اهم كوادر التيار الوطني الحر، وزيراً للدفاع، فان قائد الجيش العماد جوزيف عون قال اثناء اجتماع مع كبار الضباط ان الجيش اللبناني سيكون على الحياد وانه سواء كان المواطنون من انصار التيار الوطني الحر ام من انصار حزب القوات اللبنانية فالجيش اللبناني سيفرض الامن بالقوة ويحفظ السلم الداخلي. وان اقتراح السيد بيار رفول، وهو حزبي قيادي ومن أعضاء ذوي المناصب العليا في التيار الوطني الحر، لن يغير شيئاً في طريقة إدارة قائد الجيش اللبناني المؤلف من 77 الف ضابط ورتيب وجندي، وان أوامر وزير الدفاع لن تكون الا إدارية وبريدية حتى لو وصل وتم تعيين السيد بيار رفول وزيرا للدفاع، لان كل العمليات العسكرية ستبقى بيد قائد الجيش ونائب رئيس الأركان للجيش بشأن العمليات الحربية وفي يد نواب رؤساء الأركان وفي اطار المجلس العسكري المؤلف من كل الطوائف. لكن الامر الأول والأخير سيعود لقائد الجيش الذي نقل ضباط امس في وزارة الدفاع عنه انه لن يسمح لأي طرف بالتعدي على السلم الأهلي وضرب الامن في لبنان بل لدى الجيش اللبناني القوة الكافية لضرب أي محاولة لضرب السلم الأهلي والتعايش الوطني في لبنان، وان اي أوامر يتم إعطاؤها من قبل أي جهة لقائد الجيش العماد جوزيف عون تجعل الجيش منحازاً لجهة ما سيرفضها قائد الجيش ولن ينفذها بل سيمارس سلطته كقائد فعلي للجيش اللبناني، وانه لا يتلقى أوامر من وزير الدفاع بل يتلقى أوامر من مجلس الوزراء مجتمعاً بقرار خطي يتم رفعه من قبل وزير الدفاع، ويتم ابلاغ قائد الجيش بهذا القرار الخطي حيث سيدعو قائد الجيش المجلس العسكري الذي يضم رئيس الأركان من الطائفة الدرزية وكافة الأعضاء من الطائفة الشيعية والسنية والمارونية عبر طائفة قائد الجيش، وان المجلس العسكري وان كان أعضاؤه من كل طوائف لبنان الا انه هو المجلس برئاسة قائد الجيش اللبناني شخصياً الذي يقرر فقط عمليات الجيش اللبناني، واذا وصل أي امر خطي من مجلس الوزراء لا يرتكز على مهمة الجيش اللبناني الفعلية فإن قائد الجيش سيعترض على التنفيذ ولن ينفذ الا المهمات الوطنية وهما امران: الدفاع عن لبنان وسيادته في وجه العدو الإسرائيلي والثاني حفظ السلم الاهلي ومنع أي حزب سواء كان حاكماً او من خارج الحكم من التدخل في شؤون العمليات وإدارة حركة الجيش اللبناني على كامل الأراضي اللبنانية، وبالتالي فالنقطة الثانية هي حفظ السلم الاهلي في لبنان دون أي انحياز طائفي او مذهبي.

 

اجتماع بين رئيس الجمهورية والحكومة الثلاثاء

 

في هذا الوقت يتوقع المتابعون ان يحصل اجتماع يوم الثلاثاء على الأرجح وبأقصى حد الأربعاء بين رئيس الجمهورية والرئيس سعد الحريري. وبالنسبة للعقدة الدرزية، تم حلها عبر تقديم الزعيم الكبير وليد بيك جنبلاط تنازلاً عن الحصول على 3 وزراء له من الطائفة الدرزية وقبوله وزيرين من الطائفة الدرزية مع وزير تسوية، لكنه يخص وليد جنبلاط الى حد كبير وهو نبيل البستاني رئيس بلدية الدبية. واما بالنسبة الى حزب الله، فالامور محسومة حيث سينال حزب الله وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة ثالثة هي وزارة مجلس النواب. اما بالنسبة لحركة امل فالرئيس بري لا تهمه بقية الوزرات، فالاساس عنده امساك الدكتور علي حسن خليل بوزارة المالية وضبط الاموال ومنع هدرها وضرب الفساد في الصفقات والزام كل وزارة عند تقديمها فواتير بمصاريفها او مشاريعها بأن تكون ضمن الأصول المالية ومراقبة ديوان المحاسبة واذا حصلت مخالفة تحويلها الى النيابة العامة المالية. وفي كل الأحوال، تبقى توجيهات الرئيس بري الى وزير المالية الدكتور علي حسن خليل بأن لا يوقع أي مرسوم لا تتم فيه الأصول القانونية المالية ولا يمر في وزارة المال بل يبقى مجمداً الى حين التسوية كما حصل في قانون ترقية الضباط لدورة عام 1994 حيث لم يوقع وزير المال على الترقيات الى ان تم وضع تسوية وفقاً لتوجيهات الرئيس بري حيث تم دمج الدورات ببعضها وفق الاصول المالية، وعندئذ وقع وزير المالية. ويومذاك حصلت ضغوطات على الرئيس بري ليطلب من وزير المالية التوقيع على مرسوم على اقدمية ضباط 1994، ولم يقبل الرئيس بري بأي شكل من الاشكال توقيع الوزير الى ان تمت التسوية وفق الأصول المالية والقانونية.

 

حل عقدة التمثيل الدرزي بقرار من جنبلاط

 

ومع زوال عقدة التمثيل الدرزي بتقديم وليد بيك جنبلاط تنازلاً في هذا المجال والقبول بوزيرين درزيين في الوزارة رغم قول السيد هشام ناصر الدين ان وليد بيك قدم التنازل ورغم ان نتائج الانتخابات اعطته حق التمثيل بثلاثة وزراء دروز، لكن من اجل البلد وتأليف الحكومة تنازل عن الوزير الثالث الدرزي من اجل التضحية وتأليف الحكومة. وبالنسبة لتمثيل حصة رئيس الجمهورية وتمثيل التيار الوطني الحر بـ 11 وزيراً فلم يوافق الرئيس سعد الحريري على هذا الامر. وبالنتيجة تمت التسوية ان يكون عدد وزراء التيار ورئيس الجمهورية 10 وزراء فقط وليس 11 وزيراً كان يعاند الوزير باسيل الحصول على 11 وزيراً ثم تراجع الى حصة 10 وزراء فقط.

 

ما هو دور حزب الله بشأن تأليف الحكومة؟

 

حزب الله وضع كافة الأطراف انه في شهر تشرين الثاني في اجواء انه قد تحصل حرب في الخليج وحتى في المنطقة كلها. أضافة الى ذلك، لم بعد يسمح سماحة السيد حسن نصر الله ببقاء لبنان دون حكومة فوضع حزب الله كل ضغطه على كافة الأطراف، وادى ذلك الى تنازلات هامة من كل الأطراف، وأعطت أجواء إيجابية حتى ان الرئيس سعد الحريري قال ان التشكيل قد يحصل خلال 10 أيام.

 

واضطلع حزب الله بدور كبير في انزال حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من 11 وزيراً الى 10 وزراء واقنعهم بهذا الحل، أي حصولهم على 10 وزراء فقط وليس 11.

 

العقدة الحقيقية

 

العقدة الحقيقية هي بين حزب التيار الوطني الحر الذي يرأسه الوزير جبران باسيل وحزب القوات اللبنانية برئاسة الدكتور سمير جعجع، والخلاف هو على وزارة العدل، فالقوات اللبنانية عندما اجتمعت مع التيار الوطني الحر في معراب أظهرت نتائج الانتخابات النيابية ان حزب القوات اللبنانية نال 156 الف صوت مسيحي بينما نال التيار 155 الف. ويومذاك تم الاتفاق بين المرشح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية والدكتور سمير جعجع على تقاسم عدد الوزراء في الحكومة بالنصف وبخاصة ان القوات حصلت على الف صوت زائد ووافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يومذاك على هذا الاتفاق، أي مناصفة عدد وزراء التيار الوطني الحر مع وزراء القوات اللبنانية.

 

ثم حصلت المشاكل والخلافات داحل مجلس الوزراء بشأن استئجار بواخر الكهرباء واعترض عليها وزراء القوات اللبنانية بقوة في وجه وزراء التيار بخاصة صفقة استئجار باخرتين كهرباء بقيمة مليار و800 مليون دولار من تركيا وعارضها وزراء القوات اللبنانية. لكن نتيجة تدخل الدكتور سمير جعجع قاموا بالتصويت على الموافقة وبخاصة ان الباخرتين قيمة صفقتهما هي حوالى ملياري دولار، وفعلياً هي مليار و800 مليون دولار، أي انقص بـ 200 مليون دولار. وقام الدكتور جعجع بتلك الخطوة مسايرة لرئيس الجمهورية داخل مجلس الوزراء كيلا يقع الخلاف الكبير بين وزراء التيار ووزراء القوات اللبنانية. وبعد الانتخابات، جاء تأليف الحكومة، فتنصل التيار الوطني الحر من اتفاق مناصفة عدد الوزراء. واعلن ذلك الوزير جبران باسيل وشكل ذلك صدمة للدكتور سمير جعجع الذي لم ينس ان رئيس الجمهورية مد يده ووضع يده بيد الدكتور سمير جعجع وقال له اسمعني يا سمير انت تدعمني برئاسة الجمهورية وانا واياك سنكون شركاء، وان عدد وزراء القوات اللبنانية ووزراء التيار الوطني الحر سيكون مناصفة، أي كل حزب يأخذ العدد نفسه بالنصف، أي اذا كان عدد الوزراء 10 وزراء يكون 5 للتيار و5 للقوات. وبعد البدء بتأليف الحكومة، انقلبت الآية وبات هناك شروط من الوزير جبران باسيل وهي عدم إعطاء القوات اللبنانية نيابة الرئيس، واذا تم اعطاؤهم 4 وزراء فيكون منهم وزيرا دولة. اما القوات اللبنانية التي طالبت بوزارة سيادية على أساس ان التيار والرئيس عون يحصلان على وزارتين سياديتين من اصل 4 وزارات وهي وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، فطالبت بوزارة سيادية، وكان الرفض التام لها. فانتقلت القوات اللبنانية للمطالبة بالحصول على وزارة العدل رغم انها كانت تقبل وزارة التربية. لكن جاء رفض رئيس الجمهورية رفضاً قاطعاً بتغيير الوزير سليم جريصاتي من وزارة العدل أيا يكن الثمن ومهما حصل من خلاف بين حزب القوات وحزب التيار.

 

الاشتراكي يريد وزارة التربية

 

أما الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط الذي نال في الحكومة الحالية وزارة التربية وكان الوزير مروان حمادة وزير التربية، فتقررت عودته اليها او عودة من يقرر تعيينه جنبلاط. فيبدو انه وقع الخيار على القاضي النزيه والشفاف عباس الحلبي ليكون وزير التربية، عندئذ لم يبق من وزارة وازنة لحزب له 15 نائباً هو حزب القوات اللبنانية الا ان يطالب بوزارة العدل ما دام ان التيار ورئيس الجمهورية نالا 8 وزارات. وجاءت الصدمة الكبرى برفض رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل القبول بتغيير الوزير سليم جريصاتي من وزارة العدل شخصياً وعدم قبول أي وزير حتى من التيار الوطني الحر وزيراً للعدل بديلاً عن الوزير سليم جريصاتي. فكان رفضاً مطلقاً بأن تتولى القوات وزارة العدل، وفي هذه الحالة لم تعد هنالك وزارت وازنة فاجتمع الدكتور سمير جعجع مع الرئيس سعد الحريري وقال ان حزب القوات لديه 15 نائباً مسيحياً ونال اعلى نسبة من أصوات المسيحيين وهي 156 الف صوت اكثر من الف صوت مسيحي من كامل قوة التيار. وما دام انه لم يعد هنالك أي وزارة وزانة، فإن القوات ترضى بوزارة العدل. فكتب في صيغته الرئيس سعد الحريري إعطاء وزارة العدل لحزب القوات، لكن عندما قام الرئيس المكلف بزيارة رئيس الجمهورية وطرح تغيير وزير العدل، انتفض رئيس الجمهورية وقال هذا غير ممكن ستبقى وزارة العدل في يد التيار ولا يمكن حتى تغيير اسم الشخص فوزير العدل سيبقى الوزير سليم جريصاتي، فلم يستطع الرئيس سعد الحريري شرح انه لم يعد هنالك من وزارة وسطية مقبولة لها بعض الوزن والسلطة الفعلية لان رئيس الجمهورية رفض رفضاً قاطعاً تمثيل القوات اللبنانية بوزارة العدل، مع العلم ان حزب القوات اللبنانية تمثل بوزيرين في وزارة العدل هما الوزير إبراهيم نجار ثم الوزير شارل رزق المستقل لكنه القريب من الدكتور سمير جعجع، مع ان الرئيس اميل لحود كان يحسب ان الوزير شارل رزق محسوب عليه لكن الشعور المسيحي كان يجعله قريباً من القوات اللبنانية.

 

الرئيس يرفض اعطاء العدل للقوات

 

غير ان هذه المرة مرفوض كلياً ان تكون وزارة العدل للقوات اللبنانية، ويوم الثلاثاء او الأربعاء القادم سيجتمع الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية، وسيكون البحث امراً واحدا وهو إعطاء وزارة العدل للقوات اللبنانية كي تتمثل عبر 15 نائباً لديها بوزارة مقبولة. لكن منذ الان معروف ان اعطاء القوات اللبنانية وزارة العدل مرفوض كلياً، لذلك اجتماع الرئيس الحريري ورئيس الجمهورية سيكون اجتماعاً فاشلاً والعقدة المسيحية هي العقدة الحقيقية في وقت يتوتر الشارع بين انصار التيار الوطني الحر وانصار حزب القوات اللبنانية. لكن كل ذلك لن يفيد لان وزارة العدل ستكون من نصيب رئيس الجمهورية إضافة الى وزارتين سياديتين الخارجية والدفاع. وبالتالي لن تحصل القوات اللبنانية على وزارة وازنة او مقبولة، ولن يتم السماح لها بتولي وزارة العدل، وبالتالي سيعود الرئيس الحريري الى مكتبه في السراي ومنها الى بيت الوسط، وقد يذيع لاحقاً بياناُ بانه قرر اعتزال تأليف الحكومة.

 

وعندئذ لن يكون هنالك تأليف حكومة في المستقبل القريب بل البعيد جداً، وان موجة التفاؤل التي ظهرت غابت كلياً او ستغيب بعد اجتماع رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف سعد الحريري.

 

فريق المحتوى والتنسيق برئاسة شارل أيوب