IMLebanon

بعد 14 شهرًا على شغور موقع رئاسة الجمهورية

نداء البطريرك الماروني لتسمية مرشحين للرئاسة اللبنانية «مقبولين من الجميع» يقطع على عون وجعجع طريق بعبدا

بعد 14 شهرًا على شغور موقع رئاسة الجمهورية

بيروت: يوسف دياب

النداء الذي وجّهه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أمس، إلى الأفرقاء السياسيين اللبنانيين بأن يعيّن كلّ منهم مرشحًا للرئاسة «يكون تاريخه ناصعًا ومقبولاً من الآخر»، شكّل الدليل القاطع على أن رأس الكنيسة المارونية في لبنان سلّم باستحالة وصول أي من المرشحين الأساسيين إلى قصر بعبدا (مقر رئيس الجمهورية)، وهما مرشح فريق «14 آذار» رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ومرشح فريق «8 آذار» رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. ومن ثم، الإقرار بحتمية انتخاب رئيس توافقي يحظى بقبول الجميع وخارج الاصطفافات السياسية التي كانت سببا في شغور سدّة الرئاسة على مدى 14 شهرًا بالتمام والكمال.

البطريرك الراعي اغتنم افتتاح «مؤتمر مسيحيي الشرق» الذي بدأ أعماله أمس في جامعة سيدة اللويزة في زوق مصبح، بضواحي بيروت الشمالية الشرقية في جبل لبنان، ليطلق نداءً بالغ الدلالة توجه فيه إلى «كل فريق سياسي وكتلة نيابية كي يعيّن مرشحه النهائي المقبول من الجميع لرئاسة الجمهورية، وأن يكون المرشح معروفًا بتاريخه الناصع وبقدرته وحكمته على قيادة الدولة».

وأكد الراعي أنه بـ«انتخاب رئيس تعود الحياة الطبيعية إلى المؤسسات الدستورية والعامة وتجرى الإصلاحات السياسية اللازمة والإدارية، وعندها يستطيع لبنان أن يقدم إسهامه في الحلول للنزاعات في المنطقة التي لا ينتج عنها سوى المزيد من القتل والدمار والتهجير». وشدد البطريرك الماروني على أنه «ما من أحد يستطيع اقتلاع الكنيسة من هذا المشرق». وأردف «هناك من يتساءل عن مصير مسيحيي الشرق الأوسط، فالمسيحيون هم اليوم حاجة لبلدان الشرق، لأن وجودهم يرقى إلى ألفي سنة وهم أرسوا الثقافة المسيحية على أرضه، وعزّزوا الانفتاح والتنوّع وساهموا في نشأة الأحزاب وبناء الدولة وكانوا في أساس إحياء الحضارة العربية المسيحية والإسلامية وبدل السؤال عن مصير المسيحيين، ينبغي أن يتساءل العالم العربي عن مصيره من دون دور فاعل للمسيحيين فيه».

هذا الموقف لم يرَ فيه فريق النائب عون استبعادًا للأخير من المعادلة الرئاسية. إذ ذكّر عضو تكتله البرلماني «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون، بأن النائب ميشال عون «لم يطرح نفسه في أي وقت على أنه مرشح بالقوة ويريد أن يفرض نفسه على الآخرين». وتابع لـ«الشرق الأوسط» أن «المطلوب أن يتفق الجميع على الوصول إلى مخرج، لأن هناك خلافًا جوهريًا حول التعاطي مع الرئاسة، فالمسيحيون يريدون الرئيس وفق مواصفات معينة، والآخرون يريدونه بمواصفات لا تمثل الشارع المسيحي». وأضاف: «إن المواصفات التي وضعها البطريرك للمرشح الرئاسي تنطبق على العماد عون، الذي ما زال يتعاطى مع الأمور وفق حسابات تجعله مقبولاً من الجميع وليس مرفوضًا من أي فريق سياسي، والمطلوب من الآخرين أن يقتنعوا بهذه المعايير».

أما النائب السابق فارس سعيد، منسّق الأمانة العامة لقوى «14 آذار»، فكانت مقاربته لكلام البطريرك مختلفة، إذ رأى فيه تطوّرًا إيجابيًا ولافتًا. واعتبر أن «موقف البطريرك الراعي في افتتاح مؤتمر مسيحيي المشرق يأتي بعد كلامه الصريح في جبيل، الأسبوع الماضي، عندما دعا النواب المقاطعين لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية أن ينزلوا إلى المجلس النيابي وينتخبوا رئيسًا». وأوضح سعيد لـ«الشرق الأوسط»، أن «البطريرك يستخدم اليوم كل الوسائل المناسبة للدفع باتجاه انتخاب رئيس للبلاد، لكن كلامه لا يقابله أي استلطاف من قبل بعض القوى المسيحية (النائب ميشال عون مسيحيي الثامن من آذار). في السابق كان البطريرك يقول إن انتخاب الرئيس المسيحي هو شأن المسيحيين، واليوم يعتبر أن انتخاب الرئيس هو شأن وطني وهذا تطوّر إيجابي جدًا». وعمّا إذا كانت بعض المواقف الإقليمية والدولية التي توحي بإمكان الوصول إلى حلحلة رئاسية بعد الاتفاق النووي الإيراني، أوضح سعيد أن «عدم قدرة اللبنانيين على حلّ أزمة النفايات، تدل على أنهم غير قادرين على حلّ أزمة الرئاسة. ولا شكّ أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة مفتوحة على كل الاحتمالات، وأنا أقرأها بعيون أمل لا بعيون قلق».

ورأى أن «المعادلة الموجودة أمام اللبنانيين باتت أمام خيارين، إما انتخاب رئيس وإنقاذ الجمهورية، وإما الإطاحة باتفاق الطائف، ونحن في 14 آذار سنقف سدًّا منيعًا في وجه كل محاولات المس بهذه الوثيقة الدستورية وسندافع عنها، لأن اللعب بمعادلة الطائف هو لعب بمصير لبنان».