IMLebanon

الاتفاق على آلية انتخاب رئيس للجمهورية يُنهي الخلاف على آلية عمل الحكومة

تساءل نائب سابق: من منا يصدق أن معظم رؤساء جمهورية لبنان صنعوا في الخارج باستثناء رئيس واحد هو سليمان فرنجيه، وكذلك عدد من الحكومات، كي يصدق دعوة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الى عدم انتظار المتغيرات في المنطقة بما فيها المفاوضات حول الملف النووي الايراني والتقارب السعودي – الايراني والحل في سوريا، مع ان السيد نصرالله نفسه يعلم، كما يعلم سواه، ان معظم رؤساء جمهورية لبنان جاء بهم الخارج ولا سيما الوصاية السورية، وكذلك الحكومات، حتى ان حكومة الرئيس تمام سلام لم تكن لتشكل لو لم يحصل تفاهم ايراني – سعودي جعل كلا من قوى 8 و14 آذار تقدم تنازلات متبادلة.

لقد أراد السيد نصرالله ان يرفع مسؤولية استمرار الشغور الرئاسي عن ايران ويضعها على اللبنانيين، وتحديدا على المسيحيين، في حين ان الواقع هو خلاف ذلك. فكما ان سوريا بحكم وصايتها على لبنان استطاعت ان تأتي بأكثرية نيابية بعد كل انتخاب مؤيدة لاستمرار وصايتها، وتنتخب من تريد رئيسا للجمهورية، وتأتي بمن تريد رئيسا لمجلس النواب ورئيسا للحكومة وكذلك الوزراء، فإن ايران التي لم تستطع ان تحصل على هذه الاكثرية ليكون لها ما تريد في لبنان مثل سوريا لأن قوى 14 آذار هي التي حصلت على هذه الاكثرية في انتخابات 2005 وانتخابات 2009، قررت عندئذ اعتماد سياسة التعطيل او الفراغ. فاضطرت قوى 14 آذار تفاديا لذلك الى الموافقة على تشكيل حكومات يكون لأقلية قوى 8 آذار فيها الثلث المعطل كونه يظل اقل ضررا من الفراغ والتعطيل، وان تحضر مؤتمر الدوحة للخروج من أزمات انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة واجراء انتخابات نيابية، بعدما فرضت أحداث 7 أيار الشهيرة عقد ذاك المؤتمر. ولأن ايران وحلفاءها في لبنان لم يستطيعوا ايصال من يريدون الى قصر بعبدا، عمدوا الى تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية بجعل نواب كتلة “حزب الله” ونواب كتلة العماد ميشال عون يتغيبون عن حضور كل جلسة مخصصة للانتخاب ومن دون عذر شرعي، بحيث ان ما كانت تفرضه سوريا بالاكثرية التي كانت تمتلكها في مجلس النواب، قررت ايران فرضه بالتعطيل والفراغ.

لذلك، يمكن القول إن من يعطل انتخاب رئيس للجمهورية هي إيران من خلال حلفائها في لبنان ولا سيما نواب “حزب الله” ونواب العماد عون، وهي لن تسهل اجراءها إلا بعد أن تعرف حجم نفوذها في المنطقة. والرئاسة الأولى في لبنان هي ورقة ضاغطة في يدها تضاف الى أوراق أخرى في اليمن والبحرين والعراق وسوريا، ومن خلالها تستطيع أن تفتح أبواب السلام في المنطقة أو أبواب الحرب على اختلاف أشكالها.

وهذا ما جعل الرئيس نبيه بري يقول قبل أشهر: “الآن تولد السياسة من إيران”.

إن الاستمرار في تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية هو استمرار في تنفيذ خطة الفراغ الشامل الذي يهدد لبنان بخطر لا خروج منه الا باتفاق الجميع على وضع نظام جديد له ودستور جديد، وهو ما يفسر معنى الدعوة الى عقد مؤتمر تأسيسي ومحاولة ربط مصير لبنان بمخططات ايران في المنطقة. وها ان شبح هذا الفراغ يلوح في جعل مجلس النواب لا يشرّع الا للضرورة مع إثارة خلاف حول معايير الضرورة، وها ان هذا الشبح يقترب الآن من الحكومة ليعطل عمل مجلس الوزراء بإثارة خلاف حول الاكثرية المطلوبة لإقرار المشاريع المعروضة عليه، أهي الاكثرية العادية للمشاريع العادية، ام اكثرية الثلثين للمشاريع غير العادية، او يبقى الاجماع هو الذي يفرض ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية فيكون كل وزير رئيسا بحيث يتحول مجلس الوزراء مجلسا رئاسيا لا نظام له. ويكون المستفيدون من هذا الوضع الشاذ من يعملون على استمرار الشغور الرئاسي وعلى إبقاء أبواب الفراغ الشامل مفتوحة وعلى رأسهم إيران.

ويختم النائب العتيق بالقول إنه لو كان لا يزال للمنطق مكان في لبنان لما حصل ما يحصل، إذ كيف يجوز لحكومة تألفت لسد الشغور الرئاسي وعليها ان تسهل اجراء انتخابات رئاسية لا ان تحل محل الرئيس الى اجل غير معروف، لا تكون متضامنة في موقفها من هذه الانتخابات، ولا يكون بين اعضائها من يقاطع الجلسات لتعطيل انتخاب الرئيس، خصوصا انه من دون اجراء هذا الانتخاب سيبقى “الميثاق الوطني” مختلا والمؤسسات لا تعمل بصورة طبيعية ومصالح الوطن والمواطن مهددة بالضرر؟ فإذا لم يكن داخل الحكومة إجماع على مواضيع معينة فالضرورة القصوى تقضي بأن يكون إجماع فيها على انتخاب رئيس وإلا تحولت “حكومة الضرورة” حكومة إلحاق الضرر الكبير بلبنان باستدراج الفراغ الشامل والقاتل اليه. كذلك لا حل الا بالاتفاق على آلية انتخاب الرئيس لإنهاء الخلاف حول آلية عمل الحكومة، وإلا كان لكل موضوع مشكلة لا حل لها.