IMLebanon

أحمد الأسير «يعلّق» محاكمات موقوفي عبرا!

إمام «مسجد بلال» إلى «العسكريّة».. قريباً

أحمد الأسير «يعلّق» محاكمات موقوفي عبرا!

وقع خبر إلقاء القبض على أحمد الأسير، عند أهالي الموقوفين المدعى عليهم في قضيّة أحداث عبرا، كالصاعقة. صحيح أن بعضهم فرِحَ لأنّ إمام «مسجد بلال بن رباح» سابقاً سيذوق طعم العلقم الذي تذوقوه، إلا أنّهم في الوقت عينه يدركون أنّ توقيفه يعني حتماً أنّ محاكمة أبنائهم صارت في «خبر كان».

كان هؤلاء، ومعهم وكلاء الدفاع عن الموقوفين في أحداث عبرا، يعتقدون أن المحاكمات ستنجز قبل تشرين الأوّل المقبل، وذلك بعد اختتام المرافعات التي قسّمت إلى أربع جولات (أوّل ثلاث جولات مخصّصة للموقوفين والرابعة للمخلى سبيلهم)، عقدت الأولى سابقاً على أنّ تعقد الثانية غداً الثلاثاء.

وكذلك أيضاً كان رئيس المحكمة العسكريّة العميد الركن الطيّار خليل إبراهيم يؤكّد لمن يلتقيهم أنّه يعمل بكلّ ما أوتي من قوّة لاختتام الملفّ، وهذا ما ظهر جلياً من خلال تعامله مع الملّف وإسراعه في تعيين الجلسات في أيام خارج عمل «هيئة المحكمة العسكرية الدائمة» وبرغم العطلة القضائية. وهذا ما أثلج قلوب أهالي الشهداء من العسكريين، الذين حضروا جلسات الاستجواب في «العسكرية» والتقوا العميد إبراهيم، ليطمئنوا أنّ دماء أبنائهم لن تذهب هدراً.

وإلى هنا، كان كلّ شيء محسوباً، ولم يكن أحد بوارد التفكير أنّ المحاكمات لأكثر من 74 مدعى عليهم (بينهم حوالي الـ50 موقوفاً، أما الآخرون فقد تمّ إطلاق سراحهم أو أنهم فارون من وجه العدالة)، سيتمّ إرجاؤها.

وحدها النائبة بهيّة الحريري كانت تغرّد خارج السّرب، إذ تنبأت وحضّرت أهالي الموقوفين إلى أنّ المحاكمات ستأخذ وقتاً إضافياً. بالطبع، لم تربط الحريري بين التأخير وعمليّة إلقاء القبض على الأسير التي لا علم لها بها على الأغلب.

ومهما يكن من أمر، فإن الأسير سقط بعد توالي إلقاء القبض على متهمين على علاقة معه وسهّلوا تنقلاته من الشمال إلى صيدا، وأبرزهم خالد حبلص وعلاء المغربي ومروان أبو ظهر.. فيما يبقى السؤال: هل انتهت «الحالة الأسيرية» أم أنها ستبقى في ظلّ اعترافات المغربي مؤخراً أنّ «الشيخ الفار سابقاً» كان يعمل على تأليف مجموعات مسلّحة؟ وما يعزّز هذه الفرضيّة أيضاً هو تواري عدد من «الرؤوس المدبّرة» العاملين معه وأبرزهم: شقيقه أمجد الأسير وأحمد الحريري (يُعتقد أنه في تركيا) اللذان تمّ التأكد أنهما كانا المحركين الأساسيين لعملية الاعتداء على الجيش وتورّط الأوّل بإطلاق النار على الضابط الشهيد الذي كان على حاجز عبرا، بالإضافة إلى معتصم قدورة (المحاسب الذي كان يهرّب الأسير) ومحمد النقوزي (المسؤول العسكري لدى الأسير) وشهيد سليمان وفادي بيروتي وفضل شاكر الذي يُعتقد أن مسألة تسليم نفسه باتت مسألة وقت.

«العسكريّة» السلطة الوحيدة لاستجوابه

وبرغم ذلك، فإن النتيجة الأولى التي ستلقي بظلالها على قضيّة عبرا من الناحية القضائية هي تأجيل المحاكمات، وفق تأكيد مصدر قضائي رسمي يشير إلى أنّ الآلية القانونيّة تفترض أن يتمّ إرسال إشعار توقيف الأسير من الأمن العام إلى المحكمة العسكرية على اعتبار أنها من تضع يدها على ملف عبرا، موضحاً أنّ «العسكريّة» لها وحدها السلطة باستجوابه بعد الجهة التي أوقفته، لأن الأخيرة هي التي تضع يدها على قضية عبرا».

وعليه، لن يحال الأسير إلى قاضي التحقيق العسكريّ الأوّل رياض أبو غيدا الذي سبق له أن أصدر مذكرة توقيف غيابيّة بحقه، وإنّما سينفّذ العميد إبراهيم مذكرة التوقيف وجاهياً ليحقّق معه خلال الجلسات العلنيّة حول هذا الملّف، كما حصل تماماً مع الموقوفين سعد المصري وزياد «علوكي» اللذين لم يستجوبا إلا في «العسكرية» من دون أن تكون لهما إفادة استنطاقيّة.

وهذا أيضاً ما يؤكدّه النائب العام الاستئنافي القاضي سمير حمود بقوله لـ«السفير» إنّه «تمّت المباشرة بتنفيذ تعليماته بإجراء فحص الحمض النووي للأسير ومقارنتها مع والديه أو أحد افراد عائلته من اجل التأكد من هويته، على ان يحال ملفه الى الجهة القضائية المختصة التي تتابع قضية احداث عبرا، وهي المحكمة العسكرية. كما سيصار الى التأكد مما إذا كانت هناك مذكرات إلقاء قبض اخرى بحقه ليتم ضمها الى الملف».

ويلفت حمود الانتباه إلى أنّه «بعد انتهاء الامن العام من التحقيق مع الاسير سيتم تحويله الى مخابرات الجيش لإجراء تحقيقاتها الخاصة ايضاً قبل ان يحال الملف الى المحكمة العسكرية».

وإذ يرفض إعطاء أي تفاصيل أخرى حتى انتهاء التحقيق، أكّد حمود وجود موقوف آخر مع الأسير.

هذا في ملفّ عبرا، أما إذا كان لدى الأسير ملفّات أخرى، فإنه سيضمّ إلى الملفّ الذي تنظر به الجهة التي تضع يدها عليه، كملفّ المشاركة في أحداث بحنين الذي تنظر به «العسكريّة» أيضاً. في حين من المنتظر أن يحال الأسير إلى قاضي التحقيق العسكري الأوّل، في جرمَي تزوير الوثائق لتدعي عليه النيابة العامة بدعوى جديدة على حدة.

وتشير معلومات «السفير» إلى أنّه سيتمّ استدعاء كلّ الأشخاص الذين ظهروا متورطين في التحقيق الأولي (عند الأمن العام)، مثل «مركز زرع الشعر» الذي ساعد الأسير على إخفاء معالمه، والمساعدين في تزوير المستندات وأصحاب الشقق التي جرى التخفي فيها.

ولذلك، فقد قام الأمن العام بعدد من المداهمات أفضت إلى إلقاء القبض على بعض مساعديه، وأبرزهم أ. ه. المخلى سبيله في قضيّة عبرا، وكان لا يزال يعمل على نقل إمام «مسجد بلال بن رباح» السابق من مكان إلى آخر.

هل يأتي الأسير غداً؟

وعليه فإن السؤال، ماذا سيكون مصير جلسة 18 آب، المخصّصة للجزء الثاني من المرافعات ومصير المحاكمات بشكل عام؟

يشدّد مصدر قضائي رسمي على أنّه إذا حصل أن تلقّت «العسكريّة» إشعاراً بتوقيف الأسير وأحالت الملفّ إلى المرجعية المختصة، فإنّ «الشيخ الموقوف» ممكن أن يكون «نجم» جلسة الثلاثاء ليتمّ استجوابه تحت قوس المحكمة.

ويلفت الانتباه إلى أن السبب خلف تأخير المحاكمات هو كون الأسير شخصية محوريّة وهو رئيس الشبكة، بالإضافة إلى إمكانية إلقاء القبض بعد اعترافاته على عدد من المدعى عليهم ليتمّ استجوابهم داخل المحكمة، أو إمكانية إعادة استجواب عدد من الموقوفين أو المخلى سبيلهم الذين استجوبوا سابقاً، ما يأخذ وقتاً إضافياً يتعدى فترة الشهرين المنتظرة لإنهاء الملفّ.

وتوضح وكيلة عدد من موقوفي عبرا المحامية زينة المصري أن «استجواب الأسير ممكن أن يتمّ غداً إن كان قد أوكل محامٍيا عنه أو قد يتم إرجاء الجلسة إلى حين توكيل محامٍ عنه، فيما تبقى المرافعات قائمة»، مؤكدةً أنّ إفادته داخل «العسكرية» ممكن أن تؤثر سلباً أو إيجاباً في الحكم على بعض المدعى عليهم.

وتشير إلى «أننا (المحامين) سنكمل مرافعاتنا إن لم يُسَق الأسير إلى العسكرية غداً»، ولكنها لا تستبعد أن تتأخر المحاكمات بالمجمل ولا تسير وفق ما كانت عليه سابقاً، مما يضرّ ببعض الموقوفين. فإن لم يُسق الأخير في جلسة المرافعات الثانية غداً، فإنه سيُساق في الجلسة التي ستليها حكماً»، مستبعدةً أن يتمّ التوقيع على إخلاءات سبيل لموقوفين بانتظار ختم الملفّ.